ملتقى أبوظبي الاستراتيجي: التحالف السعودي الإماراتي يشكل نواة لنظام عربي جديد

TT

ملتقى أبوظبي الاستراتيجي: التحالف السعودي الإماراتي يشكل نواة لنظام عربي جديد

أظهرت مخرجات ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الخامس أن التحالف السعودي الإماراتي المدعوم خليجيا وعربيا يشكل نواة لنظام عربي جديد، في الوقت الذي أكدت فيه المخرجات أن الولايات المتحدة ستظل القوة الرئيسية الأولى في العالم.
ودعا الملتقى الذي اختتم أعماله أمس في العاصمة الإماراتية أبوظبي إلى ضرورة التعامل بـ«عقلانية» في مواجهة إيران، حيث اعتبرت المخرجات سياسات «طهران» تشكل تحديا استراتيجيا لأمن المنطقة.
واستعرضت الدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات طبيعة ميزان القوى الدولية في الإقليم، حيث أشارت إلى أن التحديات الاستراتيجية والدفاعية والتقنية ستشكل عائقا لاستعادة روسيا دورها في نظام عالمي ثنائي القطبية، لافتة إلى أن أوروبا ستظل قوة رئيسية تتهددها الانقسامات وأزمات الهوية والهجرة.
وحول القوة الصينية قالت الدكتورة الكتبي إن مخرجات الملتقى أظهرت أن «بكين» ستظل حبيسة الإقليم ولن تقوى على بسط سيطرتها عليه، لكنه أشار إلى أن دور الهند الإقليمي والدولي سيتنامى بسبب النمو الاقتصادي والتقدم التقني.
وتابعت: «سياسة الإمارات لمكافحة التطرّف واستئصاله تشكل ضمانة لبناء القوة الإماراتية»، كما أكدت أن التحالف السعودي الإماراتي وحيوية الدبلوماسية الإماراتية والاقتصاد الإماراتي عوامل أساسية لتمكين الإمارات وبناء قوتها.
وأشار الملتقى في مخرجاته إلى أن صفقة القرن ستمثل بداية لترتيبات أمنية وسياسية في الشرق الأوسط من شأنها إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وبناء سوريا جديدة وعراق مستقر، معتبرا أن الأزمة اليمنية ناضجة للحل، وأن الحرب في سوريا شارفت على الانتهاء.
وناقش المنتدى على مدار يومين بمشاركة أكثر من 500 من صناع القرار وخبراء تحليل السياسات الدولية والإقليمية والمحلية، كما بحثت جلسات المؤتمر قضايا كثيرة حيث ناقشت جلسات اليوم الأول توزيع خريطة القوة في العالم مثل النموذج الإماراتي في بناء القوة، وإغراء القوة في السياسات الأميركية تحت إدارة الرئيس دونالد ترمب، وطموح القوة لدى روسيا، ومسعى أوروبا في البحث عن القوة والعودة للعب دور قيادي مؤثر، وصعود القوة الهندية، وحدود القوة الصينية وسبل استخراج القوة الكامنة للقارة الأفريقية.
فيما تضمنت جلسات اليوم الثاني صفقة القرن وتفكيك شفرتها بعيدا عن التهويل فيها والتقليل منها في محاولة لفهم إعادة صياغة الشرق الأوسط الجديد، والتحديات التي تواجه العالم العربي داخليا وإقليما مثل الحرب في سوريا والوضع في اليمن وليبيا، وحالة سوق الطاقة المضطرب في ظل التحولات الجيواقتصادية الدولية، والتقييم الحقيقي للقوة التركية المتخيلة، وخرافة القوة الإيرانية ووهم القوة لدى قطر.
وقالت الدكتورة ابتسام الكتبي إن انعقاد الملتقى في دورته الخامسة هذا العام أتى لبحث الركيزة الأساسية في السياسة الدولية، والمتمثلة بالقوة بما في ذلك تفاعلاتها وتحولاتها وتبايناتها بهدف تطوير فهم وتفسير أفضل للسياسة الدولية.
وقال السفير دينيس روس المستشار في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى خلال الجلسة التي خصصت لمناقشة «صفقة القرن وإعادة صياغة الشرق الأوسط»، إنه من الخطأ الحكم على هذه الصفقة قبل كشفها، ويجب أن تقدم خطيا إلى القادة العرب المعنيين بمحاولة الوصول إلى سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأن تلبي مطلب الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة فأي حل لا يرتكز على حل الدولتين لن يقبله الفلسطينيون.
من جهته أكد عمرو موسى الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية أن القضية الفلسطينية لا تزال حية لدى الشعوب والدول العربية، مشددا على أنه من دون حل القضية الفلسطينية لا يمكن حل مشكلات الشرق الأوسط، داعيا في الوقت نفسه إلى إحياء المبادرة العربية للسلام لعام 2002.
كما بحث خبراء في ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الخامس كيفية تغلغل الطاقة في المشهد الجيوسياسي وكيف أنها أصبحت تشكل عنصرا أساسيا للقوة، وقال الدكتور هاني فندقلي نائب رئيس «مجموعة كلينتون» إن إنتاج أميركا للطاقة وصل إلى 5 ملايين برميل وهذا جعل أميركا تستقل في مجال الطاقة.
وأضاف أن صناعة النفط الإيراني تواجه الكثير من المشكلات المرتبطة بالاستهلاك المحلي للطاقة ما يضع تحديا على مزيد من الاكتشاف، وهذا يحد من قدرة إيران على مزيد من الإنتاج، بينما قال إدوارد لوس محرر صحيفة «فاينانشيال تايمز» في الولايات المتحدة إن الانسحاب الأميركي التدريجي من الشرق الأوسط كان في أحد أسبابه استقلالها في مجال الطاقة، فيما ازداد تدخل الروس والصينيون في الشرق الأوسط ولا يمكن ألا يكون هناك رد فعل أميركي ضد ذلك.
وعن قطاع الطاقة المتجددة قال الدكتور مارات تيرتيروف المنسق الرئيسي في «أمانة ميثاق الطاقة» إن الطاقة المتجددة لا تزال صناعة وليدة تتحكم بها الحكومات، وفي أوروبا فإن التحدي في هذا الإطار يتعلق بمنظومات الدعم المحفزة لإنتاج الطاقة البديلة.
وفي الجلسة التي خصصها الملتقى لمناقشة نهاية خرافة القوة الإيرانية أوضح الدكتور محسن ميلاني المدير التنفيذي لمركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية في جامعة جنوب فلوريدا أن إيران تواجه ثلاث مشكلات داخلية الأولى هي اقتصادية، وجزء من هذه المشكلة يرتبط بالعقوبات الأميركية، لكن الجزء الأكبر منه يرتبط بالفساد والهدر والمشكلة الثانية تتعلق بعامل الديموغرافيا، فعدد السكان الكبير في إيران يخلق تحديات في التنمية، فضلا عن أن الشعب الإيراني متعلم، ويوجد جزء كبير منه يعارض أفكار النظام وسياساته والمشكلة الثالثة هي الغموض بخصوص خليفة «المرشد».
ويرى ميلاني أن السياسة الإقليمية لإيران لا تعد مستدامة، فهي توسع كثيرا من نفوذها وطموحاتها، إلا أنها لا تستطيع أن تتحمل التكلفة الاقتصادية لهذا التمدد، وهي تقترب من حافة الهاوية، فهي موجودة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وهذا الوجود يستنزفها اقتصاديا، وخصوصا إثر فرض حزمتي العقوبات الأميركية.
وأوضح الدكتور سلطان النعيمي عضو هيئة التدريس في جامعة أبوظبي أن النظام الإيراني يعاني من إشكالية تراجع الشرعية الداخلية، واشتداد القبضة الأمنية، واحتضار الاقتصاد الإيراني ليس بسبب العقوبات بل أيضا بسبب الفساد الداخلي وسوء الإدارة، ويعتقد أن النظام الإيراني لن يغير سياساته الإقليمية، لأن هذه السياسات تحقق له الاستمرار، ويستمر النظام في طهران بتهديد أمن دول المنطقة.



السعودية تفتح باب التطوع بأكثر من عشرين تخصصاً طبيا لدعم سوريا

وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)
وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)
TT

السعودية تفتح باب التطوع بأكثر من عشرين تخصصاً طبيا لدعم سوريا

وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)
وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)

أعلن مركز الملك سلمان للإغاثة عن فتح باب التطوع بالخبرات الطبية السعودية المتخصصة لدعم القطاع الصحي في سوريا وتلبية احتياجاته العاجلة في أكثر من 20 تخصصاً، وذلك من خلال برنامج «أمل» التطوعي السعودي المَعْنيّ بسد احتياجات القطاع الصحي لدى الدول المتضررة.

ودعا المركز عموم المتخصصين الراغبين في التطوع بخبراتهم إلى التسجيل في برنامج «أمل»، الذي يستمر عاماً كاملاً لدعم القطاع الصحي السوري الذي تَضَرَّرَ جراء الأحداث، وتقديم الخدمات الطارئة والطبية للمحتاجين في مختلف التخصصات، للتخفيف من معاناة الشعب السوري من خلال مساهمة المتطوعين في البرنامج.

جولة الوفد السعودي للاطلاع على الواقع الصحي والوقوف على الاحتياجات اللازمة في سوريا (سانا‬⁩)

وقال الدكتور سامر الجطيلي، المتحدث باسم المركز، إن منصة التطوع الخارجي التي أطلقها المركز، تتيح فرصة التسجيل في عدد من التخصصات الطبية الملحّة لدعم القطاع الصحي في عدد من المدن السورية، لا سيما خلال الفترة الحالية من الأزمة الإنسانية التي تمر بها سوريا.

وأشار الجطيلي في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن قائمة التخصصات المطلوبة حُدِّدت بعد التواصل مع الجهات الصحية المسؤولة في سوريا، مؤكداً أن البرنامج يهدف لإتاحة الفرصة للمتطوعين السعوديين في القطاع الصحي لتلبية حاجة القطاع الصحي السوري في كل مناطق البلاد. ونوه الجطيلي بجهود الكوادر الصحية السعودية التي تطوعت بخبراتها وعطائها من خلال البرنامج، وأضاف: «لقد سجل المتطوعون السعوديون في القطاع الصحي حضوراً دولياً مميّزاً، من خلال كثير من الأحداث التي بادروا فيها بتقديم العون والمساعدة للإنسان في مناطق جغرافية مختلفة، وكان لهم أثر طيب في نحو 57 دولة حول العالم، وأَجْرَوْا فيها أكثر من 200 ألف عملية في مختلف التخصصات».

وأشار الجطيلي إلى أن الخبرة التي راكمها البرنامج ستسهم في مدّ يد العون إلى الجانب السوري الذي يعاني من صعوبات خلال هذه المرحلة، وفي إنقاذ حياة كثير من السوريين من خلال أشكال متعددة من الرعاية الطبية التي سيقدمها البرنامج في الفترة المقبلة.

وفد سعودي يبحث مع القائم بأعمال وزارة الصحة السورية سبل تعزيز العمل الإنساني والطبي في سوريا (سانا‬⁩)

وتضم‏ تخصصات الكوادر التطوعية المطلوبة للانضمام «جراحة الأطفال، وجراحة التجميل، وجراحة النساء والولادة، وجراحة عامة، وطب الطوارئ، والدعم النفسي، وجراحة العظام، وطب الأمراض الباطنية، وجراحات القلب المفتوح والقسطرة، وأمراض الكلى، والطب العام، والصدرية، وطب الأطفال، والتخدير، والتمريض، وطب الأسرة، والعلاج الطبيعي، والنطق والتخاطب، والأطراف الصناعية، وزراعة القوقعة، وعدداً آخر من التخصصات الطبية المتعددة».

وقال مركز الملك سلمان للإغاثة إن برنامج «أمل» «يُدَشَّن بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، واستشعاراً لدور السعودية الخيري والإنساني والريادي تجاه المجتمعات المتضررة في شتى أنحاء العالم»، مؤكداً في البيان المنشور على صفحة التسجيل، الدور المؤثر لتقديم الخدمات الطارئة والطبية في رفع المعاناة عن الإنسان، وعيش حياة كريمة، وذلك بمشاركة متطوعين من الكوادر السعودية المميزة.

وبينما يستمر الجسران الجوي والبري اللذان أطلقتهما السعودية بوصول الطائرة الإغاثية السادسة، ونحو 60 شاحنة محمَّلة بأكثر من 541 طناً من المساعدات، زار وفد سعودي من قسم التطوع في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الأحد، عدداً من المشافي والمراكز الطبية السورية، في جولة ميدانية للاطلاع على تفاصيل الواقع الصحي، والوقوف على الاحتياجات اللازمة والطارئة للقطاع.

وجاءت الجولة الميدانية للوقوف على حالة القطاع الصحي في سوريا، وتلمُّس احتياجاته من الكوادر والمؤن الدوائية، عقب اجتماع وفد من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مع مسؤولين من وزارة الصحة السورية في دمشق، تناولا فيه الاحتياجات الطبية العاجلة والمُلحة للمستشفيات السورية.

60 شاحنة محملة بأكثر من 541 طناً من المساعدات الغذائية والطبية والإيوائية عَبَرَت معبر جابر الحدودي إلى سوريا (مركز الملك سلمان)

وعلى صعيد الجسرين الجوي والبري السعوديين، ​وصلت، الأحد، الطائرة الإغاثية السعودية السادسة التي يسيِّرها «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، إلى مطار دمشق، وتحمل على متنها مساعدات غذائية وطبية وإيوائية؛ للإسهام في تخفيف آثار الأوضاع الصعبة التي يمر بها الشعب السوري حالياً.

كما عَبَرَت، صباح الأحد، أولى طلائع الجسر البري الإغاثي السعودي إلى معبر جابر الأردني للعبور منه نحو سوريا؛ حيث وصلت 60 شاحنة محملة بأكثر من 541 طناً من المساعدات الغذائية والطبية والإيوائية، وهي أولى طلائع الجسر البري السعودي لإغاثة الشعب السوري.

وقال الدكتور سامر الجطيلي، المتحدث باسم المركز، إن الجسر البري سيدعم الجهود في سبيل إيصال المساعدات لجميع الأراضي السورية؛ إذ يحوي كميات كبيرة وضخمة من المواد الغذائية والصحية والإيوائية، تُنْقَلُ بعد وصولها إلى دمشق إلى جميع المناطق الأخرى المحتاجة. وأضاف الجطيلي أن جسر المساعدات البري إلى دمشق يتضمن معدات طبية ثقيلة لا يمكن نقلها عن طريق الجو؛ مثل: أجهزة الرنين المغناطيسي، والأشعة السينية والمقطعية.