ملتقى أبوظبي الاستراتيجي: التحالف السعودي الإماراتي يشكل نواة لنظام عربي جديد

TT

ملتقى أبوظبي الاستراتيجي: التحالف السعودي الإماراتي يشكل نواة لنظام عربي جديد

أظهرت مخرجات ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الخامس أن التحالف السعودي الإماراتي المدعوم خليجيا وعربيا يشكل نواة لنظام عربي جديد، في الوقت الذي أكدت فيه المخرجات أن الولايات المتحدة ستظل القوة الرئيسية الأولى في العالم.
ودعا الملتقى الذي اختتم أعماله أمس في العاصمة الإماراتية أبوظبي إلى ضرورة التعامل بـ«عقلانية» في مواجهة إيران، حيث اعتبرت المخرجات سياسات «طهران» تشكل تحديا استراتيجيا لأمن المنطقة.
واستعرضت الدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات طبيعة ميزان القوى الدولية في الإقليم، حيث أشارت إلى أن التحديات الاستراتيجية والدفاعية والتقنية ستشكل عائقا لاستعادة روسيا دورها في نظام عالمي ثنائي القطبية، لافتة إلى أن أوروبا ستظل قوة رئيسية تتهددها الانقسامات وأزمات الهوية والهجرة.
وحول القوة الصينية قالت الدكتورة الكتبي إن مخرجات الملتقى أظهرت أن «بكين» ستظل حبيسة الإقليم ولن تقوى على بسط سيطرتها عليه، لكنه أشار إلى أن دور الهند الإقليمي والدولي سيتنامى بسبب النمو الاقتصادي والتقدم التقني.
وتابعت: «سياسة الإمارات لمكافحة التطرّف واستئصاله تشكل ضمانة لبناء القوة الإماراتية»، كما أكدت أن التحالف السعودي الإماراتي وحيوية الدبلوماسية الإماراتية والاقتصاد الإماراتي عوامل أساسية لتمكين الإمارات وبناء قوتها.
وأشار الملتقى في مخرجاته إلى أن صفقة القرن ستمثل بداية لترتيبات أمنية وسياسية في الشرق الأوسط من شأنها إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وبناء سوريا جديدة وعراق مستقر، معتبرا أن الأزمة اليمنية ناضجة للحل، وأن الحرب في سوريا شارفت على الانتهاء.
وناقش المنتدى على مدار يومين بمشاركة أكثر من 500 من صناع القرار وخبراء تحليل السياسات الدولية والإقليمية والمحلية، كما بحثت جلسات المؤتمر قضايا كثيرة حيث ناقشت جلسات اليوم الأول توزيع خريطة القوة في العالم مثل النموذج الإماراتي في بناء القوة، وإغراء القوة في السياسات الأميركية تحت إدارة الرئيس دونالد ترمب، وطموح القوة لدى روسيا، ومسعى أوروبا في البحث عن القوة والعودة للعب دور قيادي مؤثر، وصعود القوة الهندية، وحدود القوة الصينية وسبل استخراج القوة الكامنة للقارة الأفريقية.
فيما تضمنت جلسات اليوم الثاني صفقة القرن وتفكيك شفرتها بعيدا عن التهويل فيها والتقليل منها في محاولة لفهم إعادة صياغة الشرق الأوسط الجديد، والتحديات التي تواجه العالم العربي داخليا وإقليما مثل الحرب في سوريا والوضع في اليمن وليبيا، وحالة سوق الطاقة المضطرب في ظل التحولات الجيواقتصادية الدولية، والتقييم الحقيقي للقوة التركية المتخيلة، وخرافة القوة الإيرانية ووهم القوة لدى قطر.
وقالت الدكتورة ابتسام الكتبي إن انعقاد الملتقى في دورته الخامسة هذا العام أتى لبحث الركيزة الأساسية في السياسة الدولية، والمتمثلة بالقوة بما في ذلك تفاعلاتها وتحولاتها وتبايناتها بهدف تطوير فهم وتفسير أفضل للسياسة الدولية.
وقال السفير دينيس روس المستشار في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى خلال الجلسة التي خصصت لمناقشة «صفقة القرن وإعادة صياغة الشرق الأوسط»، إنه من الخطأ الحكم على هذه الصفقة قبل كشفها، ويجب أن تقدم خطيا إلى القادة العرب المعنيين بمحاولة الوصول إلى سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأن تلبي مطلب الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة فأي حل لا يرتكز على حل الدولتين لن يقبله الفلسطينيون.
من جهته أكد عمرو موسى الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية أن القضية الفلسطينية لا تزال حية لدى الشعوب والدول العربية، مشددا على أنه من دون حل القضية الفلسطينية لا يمكن حل مشكلات الشرق الأوسط، داعيا في الوقت نفسه إلى إحياء المبادرة العربية للسلام لعام 2002.
كما بحث خبراء في ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الخامس كيفية تغلغل الطاقة في المشهد الجيوسياسي وكيف أنها أصبحت تشكل عنصرا أساسيا للقوة، وقال الدكتور هاني فندقلي نائب رئيس «مجموعة كلينتون» إن إنتاج أميركا للطاقة وصل إلى 5 ملايين برميل وهذا جعل أميركا تستقل في مجال الطاقة.
وأضاف أن صناعة النفط الإيراني تواجه الكثير من المشكلات المرتبطة بالاستهلاك المحلي للطاقة ما يضع تحديا على مزيد من الاكتشاف، وهذا يحد من قدرة إيران على مزيد من الإنتاج، بينما قال إدوارد لوس محرر صحيفة «فاينانشيال تايمز» في الولايات المتحدة إن الانسحاب الأميركي التدريجي من الشرق الأوسط كان في أحد أسبابه استقلالها في مجال الطاقة، فيما ازداد تدخل الروس والصينيون في الشرق الأوسط ولا يمكن ألا يكون هناك رد فعل أميركي ضد ذلك.
وعن قطاع الطاقة المتجددة قال الدكتور مارات تيرتيروف المنسق الرئيسي في «أمانة ميثاق الطاقة» إن الطاقة المتجددة لا تزال صناعة وليدة تتحكم بها الحكومات، وفي أوروبا فإن التحدي في هذا الإطار يتعلق بمنظومات الدعم المحفزة لإنتاج الطاقة البديلة.
وفي الجلسة التي خصصها الملتقى لمناقشة نهاية خرافة القوة الإيرانية أوضح الدكتور محسن ميلاني المدير التنفيذي لمركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية في جامعة جنوب فلوريدا أن إيران تواجه ثلاث مشكلات داخلية الأولى هي اقتصادية، وجزء من هذه المشكلة يرتبط بالعقوبات الأميركية، لكن الجزء الأكبر منه يرتبط بالفساد والهدر والمشكلة الثانية تتعلق بعامل الديموغرافيا، فعدد السكان الكبير في إيران يخلق تحديات في التنمية، فضلا عن أن الشعب الإيراني متعلم، ويوجد جزء كبير منه يعارض أفكار النظام وسياساته والمشكلة الثالثة هي الغموض بخصوص خليفة «المرشد».
ويرى ميلاني أن السياسة الإقليمية لإيران لا تعد مستدامة، فهي توسع كثيرا من نفوذها وطموحاتها، إلا أنها لا تستطيع أن تتحمل التكلفة الاقتصادية لهذا التمدد، وهي تقترب من حافة الهاوية، فهي موجودة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وهذا الوجود يستنزفها اقتصاديا، وخصوصا إثر فرض حزمتي العقوبات الأميركية.
وأوضح الدكتور سلطان النعيمي عضو هيئة التدريس في جامعة أبوظبي أن النظام الإيراني يعاني من إشكالية تراجع الشرعية الداخلية، واشتداد القبضة الأمنية، واحتضار الاقتصاد الإيراني ليس بسبب العقوبات بل أيضا بسبب الفساد الداخلي وسوء الإدارة، ويعتقد أن النظام الإيراني لن يغير سياساته الإقليمية، لأن هذه السياسات تحقق له الاستمرار، ويستمر النظام في طهران بتهديد أمن دول المنطقة.



خالد بن سلمان يبحث مع مسؤولين أميركيين الشراكة والمستجدات

الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع السعودي (واس)
الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع السعودي (واس)
TT

خالد بن سلمان يبحث مع مسؤولين أميركيين الشراكة والمستجدات

الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع السعودي (واس)
الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع السعودي (واس)

التقى الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع السعودي، بمقر البيت الأبيض في واشنطن، ماركو روبيو وزير الخارجية مستشار الأمن القومي الأميركي المكلف، وبيت هيغسيث وزير الحرب، وستيف ويتكوف المبعوث الخاص للشرق الأوسط.

وجرى خلال اللقاء استعراض العلاقات السعودية - الأميركية، وأوجه الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وبحث المستجدات الإقليمية والدولية، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، والجهود المبذولة تجاهها.

حضر اللقاء من الجانب السعودي، الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان السفيرة لدى الولايات المتحدة، والدكتور مساعد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني، وهشام بن سيف مستشار وزير الدفاع لشؤون الاستخبارات. بينما حضر اللقاء من الجانب الأميركي عدد من كبار المسؤولين.


السعودية تؤكد على مواقفها الداعمة لجهود إرساء الأمن في المنطقة والعالم

الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي مترئساً جلسة مجلس الوزراء (واس)
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي مترئساً جلسة مجلس الوزراء (واس)
TT

السعودية تؤكد على مواقفها الداعمة لجهود إرساء الأمن في المنطقة والعالم

الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي مترئساً جلسة مجلس الوزراء (واس)
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي مترئساً جلسة مجلس الوزراء (واس)

جدد مجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء، التأكيد على مواقف المملكة الدائمة والداعمة للجهود الرامية إلى إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وذلك خلال استعراض المجلس في الجلسة التي عقدت برئاسة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في الرياض، تطورات الأحداث الراهنة ومستجداتها الإقليمية والدولية.

وأطلع ولي العهد السعودي، في مستهل الجلسة، مجلس الوزراء على نتائج استقباله السلطان إبراهيم بن إسكندر ملك ماليزيا، وفحوى المباحثات الرسمية بين الجانبين لتطوير وتعزيز آفاق التعاون الثنائي في مختلف المجالات.

وأوضح الدكتور عصام بن سعد وزير الدولة عضو مجلس الوزراء لشؤون مجلس الشورى وزير الإعلام بالنيابة، عقب الجلسة، أن مجلس الوزراء تطرّق إلى ما تقدِّم الدولة بجميع أجهزتها المعنية، من عناية واهتمام بشؤون الحج والعمرة والزيارة، منوهاً بما حملته كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، خلال أعمال «مؤتمر ومعرض الحج 1447هـ» في نسخته الخامسة؛ من تأكيدٍ أن المملكة مواصلةٌ جهودها في خدمة الحرمين الشريفين، والعناية بقاصديهما، والحرص على استمرار تطوير الخدمات التي تقدم للحجاج والمعتمرين والارتقاء بها، بما يمكنهم من أداء المناسك بيسر وطمأنينة.

وأشاد المجلس بتنظيم «دارة الملك عبد العزيز» ملتقى «تاريخ الحج والحرمين الشريفين»، الذي يقام أول مرة؛ لإبراز جهود المملكة وقيادتها منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز «طيب الله ثراه» في خدمة الحرمين الشريفين. ووصف المجلس ما تحقق للسعودية في تصدرها دول إقليم شرق المتوسط وشمال أفريقيا بـ16 مدينة صحية معتمدة من منظمة الصحة العالمية؛ بأنه تجسيدٌ للالتزام بجعل صحة الإنسان محور التنمية وترسيخ مبدأ الوقاية، بما يواكب مستهدفات برنامجي جودة الحياة وتحول القطاع الصحي المنبثقين من (رؤية المملكة 2030).

وأشار مجلس الوزراء إلى ما تمثل دورة ألعاب التضامن الإسلامي السادسة التي تستضيفها المملكة، ويشارك فيها 3 آلاف من الرياضيين يمثلون 57 دولة، من التأكيد على أن الرياضة تسهم في تعزيز قِيمَ الأخوة الإسلامية، والتواصل والالتقاء على السلام والمحبة وروح التنافس الشريف.

المجلس وصف تصدر السعودية بـ16 مدينة صحية معتمدة من منظمة الصحة العالمية بأنه تجسيدٌ للالتزام بجعل صحة الإنسان محور التنمية (واس)

ونوّه المجلس بما شهد «ملتقى بيبان 2025» الذي أقيم بالرياض، من توقيع اتفاقيات وإطلاقات بقيمة تجاوزت 38 مليار ريال لدعم ريادة الأعمال وتعزيز نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة.

وعدّ ما تضمن التقرير الصادر عن البنك الدولي من نتائج حول تحسين جودة التعليم في السعودية من خلال التقويم والقياس، والبرامج الوطنية التي تنفذها هيئة تقويم التعليم والتدريب؛ انعكاساً لما تولي الدولة من اهتمام بجودة التعليم لكونه ركيزة أساسية لتنمية القدرات البشرية ودعم النمو الاقتصادي المستدام.

واطّلع مجلس الوزراء على الموضوعات المدرجة على جدول أعماله، من بينها موضوعات اشترك مجلس الشورى في دراستها، كما اطّلع على ما انـتهى إليه كل من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ومجلس الشؤون السياسية والأمنية، واللجنة العامة لمجلس الوزراء، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء.

وأصدر المجلس، عدداً من القرارات، تضمنت تفويض وزير الثقافة - أو من ينيبه - بالتباحث مع مؤسسة التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع (ألف)، في شأن إنشاء مكتب إقليمي للمؤسسة في مدينة الرياض، والتوقيع عليه، والتباحث مع الجانب النيجيري في شأن مشروع مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الثقافي بين وزارة الثقافة السعودية ووزارة الفنون والثقافة والسياحة والاقتصاد الإبداعي في نيجيريا، والتوقيع عليه.

كذلك فوض المجلس، وزير التعليم - أو من ينيبه - بالتباحث مع الجانب البحريني في شأن مشروع مذكرة تعاون علمي وتعليمي بين وزارة التعليم في السعودية ووزارة التربية والتعليم في البحرين، والتوقيع عليه.

ووافق المجلس، على مذكرة تفاهم بين حكومة السعودية والحكومة السورية للتعاون في مجال الطاقة. وعلى ميثاق تأسيس المنظمة العالمية للمياه. وعلى اتفاق بين حكومة السعودية والمجلس الأولمبي الآسيوي واللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية.

نوه المجلس بما حملته كلمة خادم الحرمين الشريفين خلال أعمال «مؤتمر ومعرض الحج» من تأكيدٍ أن المملكة مواصلةٌ جهودها في خدمة الحرمين الشريفين (واس)

كما وافق المجلس، على مذكرة تفاهم للتعاون القضائي بين وزارة العدل في السعودية ووزارة العدل في الولايات المتحدة الأميركية. وعلى مذكرة تفاهم بين وزارة الاقتصاد والتخطيط في السعودية ووزارة الاقتصاد والتجارة والأعمال في إسبانيا للتعاون في المجال الاقتصادي، وعلى مذكرة تفاهم بين المعهد الوطني لأبحاث الصحة بالسعودية والمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية التابع للمعاهد الوطنية للصحة - وزارة الصحة والخدمات الإنسانية بالولايات المتحدة.

وأقر المجلس، الموافقة على نظام حماية المؤشرات الجغرافية وعلى إنشاء محميتين بحريتين. وعلى ترقيات بالمرتبتين (الخامسة عشرة) و(الرابعة عشرة) ووظيفة (وزير مفوض).

كما اطّلع مجلس الوزراء على عدد من الموضوعات العامة المدرجة على جدول أعماله، من بينها تقارير سنوية لوزارتي: (العدل، والنقل والخدمات اللوجيستية)، والهيئة العامة للعقار، والهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية، والهيئة العامة للغذاء والدواء، والهيئة السعودية للملكية الفكرية، والرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومؤسسة البريد السعودي، وصندوق البيئة، وقد اتخذ المجلس ما يلزم حيال تلك الموضوعات.


«ملتقى تاريخ الحج» يُبرز تطور الرحلة الإيمانية على مر العصور

الأمير فيصل بن سلمان يتحدث خلال افتتاح أعمال «مؤتمر ومعرض الحج» بنسخته الخامسة في جدة (واس)
الأمير فيصل بن سلمان يتحدث خلال افتتاح أعمال «مؤتمر ومعرض الحج» بنسخته الخامسة في جدة (واس)
TT

«ملتقى تاريخ الحج» يُبرز تطور الرحلة الإيمانية على مر العصور

الأمير فيصل بن سلمان يتحدث خلال افتتاح أعمال «مؤتمر ومعرض الحج» بنسخته الخامسة في جدة (واس)
الأمير فيصل بن سلمان يتحدث خلال افتتاح أعمال «مؤتمر ومعرض الحج» بنسخته الخامسة في جدة (واس)

أطلقت «دارة الملك عبد العزيز»، الاثنين، فعاليات «ملتقى تاريخ الحج والحرمين الشريفين»؛ لإبراز الجهود التاريخية والتنظيمية للسعودية في خدمة الحرمين، وتوثيق التحولات المعمارية والفنية التي شهدتها المشاعر المقدسة، واستخدام أحدث الأساليب لدراسة التاريخ بالاستفادة من الوسائط الرقمية.

جاء إطلاق الملتقى خلال ثاني أيام «مؤتمر ومعرض الحج» في نسخته الخامسة التي تستضيفها قاعة «سوبر دوم» بمدينة جدة، بتنظيم من وزارة الحج والعمرة وبرنامج «خدمة ضيوف الرحمن»، أحد برامج تحقيق «رؤية السعودية 2030»، وسط مشاركة واسعة من جهات حكومية وخاصة سعودية ودولية، وأكاديميين وباحثين وممثلي مكاتب شؤون الحجاج من مختلف دول العالم.

وقال الأمير فيصل بن سلمان، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس إدارة الدارة، إن الحج يُمثِّل مسيرة إيمانية ممتدة عبر التاريخ الإنساني، تُجسِّد رحلة الإنسان نحو التوحيد منذ أقدم العصور، مشيراً إلى أن الناس توجهوا إلى البيت الحرام على اختلاف معتقداتهم ومقاصدهم، ليبقى الحج شاهداً على وحدة المقصد وقداسة المكان.

وأكد في كلمة له، خلال حفل افتتاح «مؤتمر ومعرض الحج»، أن الدولة السعودية منذ تأسيسها الأول ظلت متمسكة بنهجٍ راسخ في حماية قوافل الحج وتأمينها، وإكرام ضيوف الرحمن والعناية بهم، وعدّت خدمتهم أمانة دينية ومسؤولية وطنية تتوارثها الأجيال.

وزراء وعلماء خلال تدشين فعاليات ملتقى «تاريخ الحج والحرمين» في جدة (واس)

وأضاف الأمير فيصل بن سلمان: «إن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن -طيب الله ثراه- أعلن في المؤتمر الإسلامي بمكة المكرمة عام 1344هـ أن أمن الحجاج وتنظيم شؤونهم من ثوابت الدولة، لتبدأ مرحلة جديدة من الرعاية والتطوير تواصلت في عهد أبنائه الملوك حتى بلغت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان أرقى مستوياتها تنظيماً وخدمةً وتكاملاً».

وشهدت فعاليات افتتاح الملتقى تدشين معرض «100 عام من العناية بالحرمين الشريفين»، حيث تجوَّل الأمير فيصل بن سلمان في أروقته التي تقدم تجربة بصرية توثّق رحلة العناية بالحرمين الشريفين وخدمة ضيوف الرحمن على مدى قرن من الزمن، مستعرضةً الجهود التاريخية والمشروعات التطويرية التي شكّلت معالم خدمة الحج والعمرة في مختلف العصور السعودية.

من جهته، أوضح الدكتور محمد العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامي عضو اللجنة الإشرافية العليا على مشروع «تاريخ الحج والحرمين»، أن القراءة التاريخية للحج تكشف تعدد مراحله وتنوع ظروفه، مما استدعى من الدارة توثيقه بمنهج علمي رصين يجمع بين الاستقراء والتحليل والموضوعية.

ولفت في كلمته خلال افتتاح الملتقى إلى أن هذا المشروع الموسوعي يُجسِّد الدور الريادي للسعودية في خدمة الإسلام والمسلمين، واستعراض جهودها المباركة في رعاية الحرمين الشريفين وتيسير أداء الشعائر.

الدكتور محمد العيسى خلال كلمته في افتتاح ملتقى «تاريخ الحج والحرمين» بمدينة جدة (واس)

وأبان الدكتور العيسى أن هذا العمل التوثيقي الشامل يأتي في امتداد العناية الكبرى التي توليها القيادة السعودية لخدمة ضيوف الرحمن، في ظل ما يشهده هذا العهد الميمون من نهضة حضارية وتكامل خدمي غير مسبوق.

بدوره، نوَّه الدكتور توفيق الربيعة، وزير الحج والعمرة السعودي، بما تحقق في منظومة الحج من تطور كبير في الإدارة والتنظيم والخدمات، مشيراً إلى أهمية توظيف الدراسات التاريخية والتقنيات الحديثة في دعم صناعة القرار، وتطوير مستقبل الحج والعمرة، وتعزيز جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.

ويسعى الملتقى الذي يقام تحت شعار «الحج والحرمين الشريفين... التاريخ، الثقافة، العمارة - نحو توثيق معرفي ورقمي مستدام»، إلى دعم البحث العلمي المتخصص في هذا المجال، وتحويل مخرجاته إلى محتوى يخدم مجالات التعليم والإعلام.

ويسهم المشروع في إبراز التطور التاريخي لرحلة أداء هذه الشعيرة، وفي سياق العناية الكبيرة التي توليها السعودية بتوثيق وتأريخ الحج وخدمة الحرمين الشريفين، باعتبارهما من أعظم شعائر الإسلام، وأبرز الرموز الحضارية في تاريخه، حيث تبرز أهمية الملتقى بوصف الحج ركيزة من ركائز الهوية الإسلامية، ومظهراً من مظاهر الوحدة والارتباط بين المسلمين.

الدكتور توفيق الربيعة وزير الحج والعمرة السعودي خلال كلمته في افتتاح الملتقى (واس)

ويُناقش الملتقى على مدى 3 أيام الفرص التي تتيحها التقنيات الحديثة في توثيق وتقديم تجربة الحج والحرمين الشريفين بوسائط رقمية تفاعلية، تعزز من الوعي الحضاري والثقافي لدى المجتمع، وتدعم الجهود الأكاديمية والمتحفية والإعلامية ذات الصلة.

ويشارك في أكثر من 10 جلسات حوارية متخصصة نحو 50 متحدثاً من المؤرخين والباحثين والمتخصصين في مجالات التاريخ والعمارة والثقافة والإعلام والتقنيات الرقمية، ليشكل الملتقى حدثاً علمياً وثقافياً فريداً من نوعه.

وتشمل أعمال الملتقى 5 محاور رئيسة، تتناول جهود تنظيم الحج والعمرة وخدمة ضيوف الرحمن، وتطور أساليب إدارة الحشود والنقل والرعاية الصحية، إضافة إلى التحول الرقمي في التوثيق والإرشاد.

كما يرصد ما ورد عن الحج والحرمين في المدونات التاريخية وكتابات الرحالة، ويستعرض الطرز المعمارية والهوية البصرية في المخطوطات والخرائط التاريخية، إلى جانب حضور الحج في الذاكرة الثقافية والأدبية، ودور التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في التوثيق التاريخي.

وتُنظم الدارة هذا الملتقى ضمن مشروع «تاريخ الحج والحرمين» ليكون منصة وطنية وعالمية لتوثيق الشعيرة، وتعزيز الصورة الحضارية للبلاد، بما يواكب مستهدفات «رؤية 2030» في مجالي الثقافة والسياحة، عبر محتوى علمي ورقمي تفاعلي يبرز العمق التاريخي، ويمكن الاستفادة منه في التعليم والإعلام.