أثاث «الكانيه» في مصر... ذوق أوروبي بأيادٍ محلية

تعتمد تطويع الخيزران... والعاملون بها يسمونها «صنعة نظر»

العم نبيل رجب أحد صناع الأثاث المصريين بطريقة «الكانيه»
العم نبيل رجب أحد صناع الأثاث المصريين بطريقة «الكانيه»
TT

أثاث «الكانيه» في مصر... ذوق أوروبي بأيادٍ محلية

العم نبيل رجب أحد صناع الأثاث المصريين بطريقة «الكانيه»
العم نبيل رجب أحد صناع الأثاث المصريين بطريقة «الكانيه»

ارتبط الأثاث الأوروبي على مرّ السّنين بمظاهر الرّقيّ والفخامة والتمتع بالكلاسيكية اللافتة، ومن أكثر ملامحه عراقة فن «الكانيه» الذي نقلته دول أوروبية من دول آسيوية، حيث صُنع في الهند في وقت مبكر من القرن الثاني الميلادي، وهو فن يدوي يعتمد على الإبداع بأعواد الخيزران النحيلة، في تكوين أشكال زخرفية رقيقة على الأثاث الخشبي، تتّخذ في الغالب الشّكل السّداسي أو «خلية النحل».
ومنذ سنوات طويلة عرفت المنطقة العربية فن «الكانيه» أو الخيزران، فكان بعض البيوت العربية يتزين بالأثاث المنسوج من هذه الحرفة اليدوية، والمصنوع من الأخشاب العريقة، وتنسقه مع قطع أثاث أخرى ذات طابع أوروبي أو شرقي، كأنّه احتفاء بالفن وتمازج الثقافات.
ولاقي «الكانيه» في مصر حفاوة بالغة منذ سنوات طويلة، وبرع الحرفي المصري عبر إدخال أشكال وأحجام مختلفة في تطويره بأنامله السحرية، التي تحول معها الخيزران إلى قطع من الذوق الرفيع والتراث، تحقق للمقتني الإحساس بالراحة والأناقة معاً. في ورشته الموجودة بالقرب من أحد المساجد القديمة في حي الناصرية بالقاهرة، التقت «الشرق الأوسط»، أحد شيوخ المهنة، العم نبيل رجب، الذي تجاوز عمره السبعين عاماً، ويكاد يروي كل ركن بمحل عمله الكثير من أسرار الحرفة وحكاياتها، فلطالما كان شاهداً على ما أبدعته يده من حِرفيات خيزرانية، منذ أن تعلمها في طفولته على يد أبيه، فهي، على حد وصفه: «إرث ثقافي جميل متوارث عن الآباء والأجداد».
وعلى الرغم من تخرجه في كلية الحقوق جامعة القاهرة، وعمله في مطلع شبابه في مهنة أخرى، فإنه سرعان ما عاد إلى حرفة أجداده، وبقي حتى الآن يعمل في المكان نفسه، الذي تفوح منه رائحة التراث والزمن الجميل، يبدع ويضيف إلى الحرفة لمساته وخلاصة تجربته، التي دفعت (اليونيسكو) حين أرادت أن توثق للحرفة عبر إصدار كتيب مصور باللغتين العربية والإنجليزية أن تستعين به، ليكشف الكثير عن مشغولاته الخيزرانية». ويطيب للعم نبيل وصف حرفته مثل أبيه بـ«صنعة نظر»، ويوضح قائلاً: «في حرفتنا العين هي التي تقيس، وتحدّد المسافات، وتكتشف الأخطاء، ذلك أنّها حرفة تتطلّب العمل اليدوي في كل مراحلها، إضافة إلى اليقظة والدّقة البالغة، لا سيما أنّ (الخام) أو عيدان نبات البامبو التي تأتي لنا من دول شرق آسيا، تكون خفيفة الوزن ونحيلة للغاية، لا يتجاوز سمكها 2.5 مللم».
ويضيف: «تبدأ مراحل العمل بتحديد مسافات متساوية تماماً على قطعة الخشب، باستخدام (برجل) نصنعه خصيصاً لذلك الغرض، ثم يتم عمل الفراغات الضيقة المطلوبة، بحيث يتساوى تماماً الجانب الأيمن مع الجانب الأيسر، والأمامي مع الخلفي، وتكون متسلسلة حتى الوصول إلى نهاية القطعة الخشبية المستخدمة».
عندما تزور ورشة العم نبيل، يبهرك إتقانه الشّديد للعمل، على الرّغم من صعوبته، حيث يضم 6 مراحل من نسج الفراغات أو «حياكتها» إذا جاز التعبير، وذلك بغرز متماثلة من خامة الخيزران. الأكثر من ذلك أنّ الغرز التي يقوم بها عبارة عن «فتلة مقلوبة»، بحيث تكون الحلية من الخارج، ويكون الوجه من الداخل.
وقبل كل غرزة يملأ العم نبيل الفراغ بالغراء للتثبيت، وبعدها يضع مسمار، لتصبح القطعة الخشبية كالحصيرة الثابتة المشدودة، التي يمكن التحكم فيها.
وتكون الخطوة الأخيرة في فن «الكانيه» بغرزة «التبييت» التي يمر بها عم نبيل على كل الغرز، لتحقّق المتانة لقطعة الأثاث، ولا تسمح بخروج فتلة من مكانها في قطعة الأثاث، وهو ما يفسر لنا لماذا يعيش الأثاث «الكانيه» عشرات السنوات، إضافة إلى الخامة نفسها التي تقاوم الزّمن بكل مؤثراته. ويصف العم نبيل الحرفي المصري بأنّ «إيديه تتلف في حرير، فهو بارع إلى حد أن الكثير من المصريين، ومنهم تلامذة لي سافروا منذ سنوات طويلة للعمل بـ(الكانيه) في إيطاليا، وفرنسا، وحققوا نجاحاً كبيراً، لكنّني مثل آخرين رفضت الهجرة، لا أستطيع أن أعيش بعيداً عن بلدي، لكنّي أقوم بإعادة الشباب لقطع أثاث فرنسية وإنجليزية قديمة، تأتي لي لإصلاحها، وتكون متوارثة عبر الأجيال لدى أسر مصرية، فتلقى إشادة كبيرة من أصحابها، الذين يؤكدون أنّني أعدتها إلى شكلها الذي رأوه في ألبومات صور العائلة».
ويلفت: «عملت على تطوير الحرفة، فقدمت بعض الأشكال الجديدة، مثل شكل (الستارة) و(قرص الشمس)». وعن نصائحه التي يقدمها للرّاغبين في اقتناء قطعة «كانيه» مميزة، قال: «قبل أي شيء ينبغي أن يفرق المقتني بين هذه الحرفة، وحرفة أخرى تُعرف باسم أثاث البامبو، وهو الأثاث الذي يوضع في التراس والحدائق، وتكون شرائح البامبو فيه أكثر ثقلاً وسمكاً، لتتحمل الشّمس والرّطوبة، وهو أثاث لا يناسب الداخل، والبعض لا يزال يخلط بينهما».
وتابع قائلاً: «بشكل عام، كلما كانت الفراغات في (الكانيه) ضيّقة، أعطت شكلاً جمالياً رائعاً، وكان الأثاث أكثر قيمة ومتانة، وأعلى سعراً، كما أنّه من الضروري عند اختيار قطعة الأثاث نفسها أن تكون قد جُلبت من نجار ماهر، لكيلا تكون بها أخطاء في التصنيع، تنعكس على جودة الغرز في ما بعد، وعلى الرّغم من أنّه يمكن عمل (الكانيه) على أنواع مختلفة من الأخشاب مثل الأبيض أو حتى DMF السميك، فإنّه يبقى الأثاث من الخشب الزان هو الأفضل، لأنّه أكثر تحملاً، وأكثر قدرة على إبراز روعة هذا الفن».
وأوضح: «على العميل أن يختار ما بين قطع الديكور من (الكانيه) الممتزجة فيه طبقات من البلاستيك، و(الكانيه) الخالص، أي الذي يقتصر على استخدام شرائح نبات البامبو، والأخير أكثر جمالاً ومتانة وأغلى سعراً».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.