أيام قرطاج السينمائية تسدل الستار بعد دورة ناجحة

3 تونسية و3 لبنانية قادت النتائج والجوائز في المهرجان

التونسي أحمد حفيان يتسلم جائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم «فتوى» (أ.ف.ب)
التونسي أحمد حفيان يتسلم جائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم «فتوى» (أ.ف.ب)
TT

أيام قرطاج السينمائية تسدل الستار بعد دورة ناجحة

التونسي أحمد حفيان يتسلم جائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم «فتوى» (أ.ف.ب)
التونسي أحمد حفيان يتسلم جائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم «فتوى» (أ.ف.ب)

اختتم مهرجان قرطاج السينمائي دورة هذا العام من المهرجان بحفلة توزيع جوائز توقعنا مسبقاً غالبيتها، فقد فاز «فتوى» للتونسي محمود بن محمود بالتانيت الذهبي (الجائزة الأولى كأفضل فيلم روائي طويل)، وفاز «يوم الدين» للمصري أبو بكر شوقي بالتانيت الفضي، وتلاه الفيلم اللبناني «مسافرو الحرب» لجود سعيد بالتانيت البرونزي.
الفيلم الأخير فاز أيضاً بجائزة أفضل تصوير (لوائل عز الدين) وبجائزة الجمهور التي تمّت بتعداد إحصاء الذين صوّتوا لكل أفلام المسابقة.
باقي الجوائز احتوت على ذكر للممثل التونسي أحمد حفيان عن فيلم «فتوى»، وفيلم «في عينيا» لنجيب بلقاضي الذي خرج بلا أي تتويج أو ذكر. والتقطت الكاميرا التلفزيونية التي نقلت وقائع الحفل على محطة «الوطنية 1» لقطة للمخرج وهو مندهش عندما نودي على المخرج محمود بن محمود ليستلم جائزة أفضل فيلم وربما كان له الحق في ذلك، فالكثير من الحضور فضّل «في عينيا» على «فتوى» متوقعاً أن تسفر المنافسة بين هذين الفيلمين التونسيين عن فوز فيلم بلقاضي.
لكن لجنة التحكيم التي تقودها الناقدة الأميركية ديبرا يونغ، والتي تألّفت من المخرج التونسي رضا الباهي والممثلة اللبنانية ديامند أبو عبود والمخرجة الفلسطينية مي المصري وسينمائيين آخرين من موزمبيق (ليسيو أزيفيدو) وغينيا (ميمونة ندياي) والسنغال (بَتي الرسون)، وجدت أن موضوع فيلم محمود بن محمود «فتوى» يتعاطى وقضية جوهرية في حياة الإنسان التونسي اليوم وهي قضية الإرهاب. والمخرج بن محمود عالجها من زاوية الأب الذي عاد إلى تونس (من فرنسا) ليبحث في لماذا وكيف مات ابنه الشاب وليكتشف أنه مات قتلاً من قِبل رفاقه في إحدى تلك الجماعات التكفيرية.
موضوع «في عينيا» كان أيضاً، عن علاقة الأب والابن، لكن الموضوع كان بعيداً جداً عن تلك المسألة الشاغلة المجتمع التونسي اليوم، فهي مسألة فردية حول أب يعود (أيضاً) من فرنسا ليحل معضلة ابنه الصغير الذي يعاني من مرض التوحد الذي يجعله ولداً غير قابل لقدرة أحد على التعامل معه وضبط سلوكه المتوتر.
تفضيل فيلم «فتوى» على فيلم «في عينيا» ربما كان - في جانب آخر منه - ثمرة غير مباشرة لصراع سينمائي بين الجديد والقديم. بن محمود (في السبعين من عمره) ونجيب بلقاضي في قرابة الأربعين. الأول ينتمي إلى السينما الكلاسيكية الممنهجة والثاني إلى سينما الجيل التالي. وهو الجيل نفسه الذي ينتمي إليه المخرج التونسي الثالث الذي شارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة وهو محمد بن عطية.
وتدور قصة «ولدي» حول رجل وزوجته لديهما ولد شاب يختفي من حياتهما فجأة. بعد البحث عنه يصلهما خبر بأنه انضم إلى جماعة من المجاهدين في سوريا. يقرر الأب اللحاق به لكنه لن يصل إلى أبعد من الحدود التركية ويعود.
المشكلة هنا هي أن الجمهور التونسي كان شاهد قبل سنة ونصف فيلماً بالموضوع ذاته هو «زهرة حلب» لكن عوض الرجل الذي يبحث عن ابنه هي امرأة. وبدل أن يعود الأول من دون اكتمال البحث تستمر بطلة «زهرة حلب» (هند صبري) في بحثها وصولاً إلى مدينة حلب.
الصراع بين القديم والجديد في السينما التونسية له علاقة بالمهرجان ذاته ولو من جانب آخر. هناك فريق ربطته مصالح مشتركة فألّف مجموعة تعمل لصالحها وهذه تولت إدارة المهرجان التونسي لثلاث دورات متواصلة قبل أن يتسلم السينمائي المخضرم أيضاً نجيب بن عياد القيادة. هذا ما يوعز بخط غير واضح المعالم يفصل بين جيلين من السينمائيين التوانسة لعب دوره في السابق عندما عزل الجيل السابق و- تخمينياً - لعب دوره في الكيفية التي ذهبت فيها جوائز المهرجان بالنسبة للأعمال التونسية.
إذا ما كان الإرهاب والموضوع السوري تردد في «فتوى» و«ولدي» فهو كان محور فيلم جود سعيد «مسافرو الحرب». لا يسعى سعيد لتقديم شخصيات مع النظام وأخرى ضد النظام، لكنه يطرح موضوع ارتدادات الوضع الحالي وتأثيره على الشعب الأعزل واللاجئ الذي لم يعد له سوى الحلم الذي يراوده بسوريا جديدة.
هذا الموقف الجاهز لم يمنع «مسافرو الحرب» من الفوز ثلاث مرّات، بينما فاز «فتوى» بجائزتين هما أفضل فيلم وأفضل ممثل (كما تقدّم).
فعدا «فتوى» فاز «إخوان» لمريم جوبار بالتانيت الذهبي كأفضل فيلم قصير وفاز بالجائزة البرونزية في المسابقة ذاتها «استرا» لنضال قيقة وهو أيضاً فيلم تونسي. إلى ذلك، ولم تتخلف السينما اللبنانية عن اللحاق بالسينما التونسية لناحية كم الجوائز، فما بعد «مسافرو الحرب» فاز فيلم «طرس، رحلة الصعود إلى المرئي» لغسان حلواني بالتانيت البرونزي في مسابقة الفيلم الوثائقي الطويل (وهو أيضاً يدور عن المحنة السورية ولاجئيها). وفي مسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة فازت نيكولا خوري بالجائزة الأولى عن فيلمها «أصداء».
وخرجت السينما المصرية بجائزتين مهمتين في إطار السينما الوثائقية الطويلة. الأولى ذهبية منحت لفيلم «أمل» لمحمد صيام والثانية الفضية عن «تأتون من بعيد» لأمل رمسيس. الفوز الثالث للسينما المصرية تمثل في فيلم أبو بكر شوقي «يوم الدين» الذي نال فضية مسابقة الفيلم الروائي الطويل.
ولم تحظ الأفلام الأفريقية بكثير من التأييد، حيث إن جميع الأفلام الروائية الأولى ذهبت إلى أفلام عربية («فتوى» و«يوم الدين» و«مسافرو الحرب»)، وكذلك فيلمين في خانة الأفلام الروائية القصيرة هما «إخوان» و«استرا» التونسيين، بينما نال الفيلم الآتي من دولة بنين، وعنوانه «بيت لالو» الجائزة الفضية في هذا المضمار.
في قسم الأفلام الوثائقية القصيرة، وبعد أن حقق «أصداء لنيكولا خوري الجائزة الذهبية، قطف الفيلم الفلسطيني «أمضيت على عريضة» لمهدي فليفل التانيت الفضي بينما ذهب التانيت البرونزي إلى «كيدوغو» للسنغالي مامادو خماغي التانيت البرونزي.
أعلى ما وصل إليه الفيلم الأفريقي تمثل بجائزتين للفيلم الكيني «رفيقي» هما جائزة أفضل ممثلة (نالتها سامنتا موكاسيا) وجائزة أفضل موسيقى وجائزة لفيلم «سوبا مودو»، وهو جائزة أفضل سيناريو، والفيلم من إنتاج كينيا أيضاً.
من وراء الغرفة المغلقة للجنة تحكيم الأفلام الروائية (الطويلة والقصيرة) فإن خلافاً في الآراء تمحور حول إذا ما كان «يوم الدين» هو الأحق بالجائزة الأولى (كما رأت رئيسة لجنة التحكيم) أو «فتوى» كما رأى معظم الباقين. هذا طبيعي، إن حدث، بل ولا بد له أن يحدث.
ما هو ثابت أن دورة جديدة حفلت بأعمال عربية أقوى من حليفتها الأفريقية (في العام الماضي نالت السينما الأفريقية جوائز أولى) وأن بعض سبب تميّزها يعود إلى اختيارات مخرجيها من أساليب وأشكال التعبير، بالإضافة إلى طروحاتها التي دارت حول الحاضر وما يحفل به من مشاغل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».