المشاهير يهجرون منازلهم في كاليفورنيا هرباً من حريق الغابات

{رياح الشيطان» تؤجج ألسنة اللهب التي تجتاح المنطقة

جانب من آثار الحريق في جنوب ولاية كاليفورنيا (أ.ب)
جانب من آثار الحريق في جنوب ولاية كاليفورنيا (أ.ب)
TT

المشاهير يهجرون منازلهم في كاليفورنيا هرباً من حريق الغابات

جانب من آثار الحريق في جنوب ولاية كاليفورنيا (أ.ب)
جانب من آثار الحريق في جنوب ولاية كاليفورنيا (أ.ب)

تجتذب مدينتا ماليبو وكالاباساس في ولاية كاليفورنيا النجوم من أمثال باربرا سترايسند وتوم هانكس وبريتني سبيرز للسكن بحثاً عن إطلالة على المحيط والابتعاد عن الضجيج، إلا أن حريق الغابات المستعر الذي اجتاح المنطقة دفع الكثير من المشاهير لترك منازلهم هناك. وقال مسؤولون إن رياحاً شديدة الحرارة والجفاف يطلق عليها اسم رياح «الشيطان» بدأت في الهبوب أمس الأحد في جنوب ولاية كاليفورنيا الأميركية الذي تجتاحه حرائق الغابات التي تسببت حتى الآن في سقوط 25 قتيلاً على الأقل مما أجج ألسنة اللهب، حسب «رويترز».
وكانت نجمة تلفزيون الواقع كيم كارداشيان ونجمة البوب ليدي غاغا من بين الآلاف الذين فروا من منازلهم جراء الحريق.
وأخلت كارداشيان منزلها هي وزوجها كاني وست يوم الخميس وكتبت على «تويتر» يوم الجمعة تقول: «علمت أن النيران وصلت إلى منزلنا... ولكن تم احتواؤها بشكل أفضل الآن وتوقفت». وصدرت يوم الجمعة تعليمات إلزامية بإخلاء ماليبو، التي يقطنها 12 ألف شخص وتمتد على مساحة 43.5 كيلومتر على ساحل المحيط الهادي في جنوب كاليفورنيا وحتى جبال سانتا مونيكا، بالكامل مع اندلاع حريق وولزي أثناء الليل.
وقال حساب مدينة ماليبو على «تويتر» إن الحريق خرج عن السيطرة. أما النجمة شير، التي قالت إنها تعيش في ماليبو منذ عام 1972، فكتبت على «تويتر» إن حريق الغابات اقترب من منزلها ولكنها لم تكن فيه.
وأضافت: «منازل الأصدقاء احترقت. لا أحتمل فكرة ألا تكون هناك ماليبو». وبثت ليدي غاغا تسجيلاً مصوراً على حسابها على «انستغرام» يفيد بأنها أخلت منزلها في ماليبو يوم الجمعة ويعرض لقطات لدخان أسود متصاعد.
وقال المخرج السينمائي جييرمو ديل تورو على «تويتر» إنه هجر منزله (بليك هاوس) الذي يضم مجموعة تذكارية من مقتنيات أفلام الرعب والخيال.
وكتب ديل تورو مخرج فيلم (ذا شيب أوف ووتر) الفائز بجائزة أوسكار أفضل فيلم هذا العام «ربما يكون بليك هاوس والمجموعة في خطر، لكن نعمة الحياة هي الباقية».
وتضم منطقة ماليبو أيضا العشرات من مواقع تصوير الأفلام ومن بينها وسترن تاون في باراماونت رانش، حيث تم تصوير مسلسل الخيال العلمي «العالم الغربي» (وست وورلد) حيث قالت السلطات عبر «تويتر» إن الحريق دمر الموقع.
وطلبت النجمة أليسا ميلانو، وهي من أبرز الناشطات في حركة «#مي تو» ضد التحرش الجنسي، المساعدة لإخراج جيادها الخمسة من المنطقة، وقالت: «أخذت أبنائي وكلابي وجهاز الكومبيوتر وحذاء من ماركة دوك مارتنز».
إلى ذلك، قال خبير الأرصاد الجوية مارك تشينارد من مركز التنبؤ بالطقس في كوليدج بارك ماريلاند: «الوضع يسوء... سنشهد رياحا تصل سرعتها إلى 40 ميلا في الساعة مع هبات بسرعة تتراوح بين 60 و70 ميلا في الساعة».
وتهب رياح سانتا آنا أو «رياح الشيطان» على منطقة لوس أنجليس التي يستعر فيها حريق (وولزي) منذ يوم الخميس في مقاطعة فينتورا متسببا في مقتل شخصين على الأقل.
وأشار تشينارد إلى أن كتل الهواء التي تهب في أنحاء الصحراء الغربية الأميركية نحو الساحل ستأتي برياح قوية تستمر حتى غد الثلاثاء.
وقال: «الأمر لا يحمل إلا أنباء سيئة». ومن المتوقع أن تهب رياح سرعتها 40 ميلا في الساعة عند منحدرات تلال سييرا نيفادا في شمال كاليفورنيا قرب سكرامنتو التي تسبب فيها حريق كامب فاير في مقتل 23 شخصا على الأقل. وأتى حريق كامب فاير على أكثر من 6700 منزل ومتجر في باراديس كما أن عدد القتلى المرتفع والمرشح للزيادة يجعله أحد أسوأ حرائق الغابات.
وقالت الشرطة إن جثثا كثيرة من تلك التي عثر عليها الأسبوع الماضي كانت في سيارات محترقة أو بالقرب منها. ووصلت النيران إلى باراديس بسرعة أجبرت الكثيرين على ترك سياراتهم والنجاة بأرواحهم عبر الطريق الوحيد في البلدة الجبلية.
ووردت بلاغات تفيد بأن 35 شخصا مفقودون، كما أصيب ثلاثة من أفراد فرق الإطفاء. ولم يتضح على الفور ما إذا كان أي من المفقودين بين القتلى الذين تم العثور عليهم.
وكان حريق كامب فاير قد أتى على أكثر من 100 ألف فدان على أطراف غابة بلوماس الوطنية. وتمكنت فرق الإطفاء من وضع خطوط للاحتواء حول نحو 20 في المائة من الحريق.
وعلى بعد 800 كيلومتر إلى الجنوب، استعر حريق وولزي على السفوح فوق ماليبو بشدة خلال الليل، بعد أن تضاعفت المساحة التي ينتشر فيها من مساء الجمعة وحتى اليوم الأحد مما شكل تهديداً على ألوف المنازل بعد صدور أوامر إجلاء إلزامية لربع مليون شخص في المدينة وأحياء في مقاطعتي لوس أنجليس وفانتورا.
وقال مسؤولون إن الحريق دمر 177 منزلا على الأقل ومنشآت أخرى فيما لم يستكمل بعد إحصاء المنشآت المتضررة. وأتى الحريق على أكثر من 83 ألف فدان بحلول مساء أمس السبت.
وقال داريل أوسبي مسؤول الإطفاء في مقاطعة لوس أنجليس: «يواجه رجال الإطفاء بعض الظروف القاسية الصعبة التي قالوا إنهم لم يشهدوا مثلها في حياتهم قط».
وكتب الرئيس الأميركي دونالد ترمب تغريدة صباح أمس الأحد خلال زيارته لفرنسا قال فيها: «يمكننا أن نوقف الدمار المتواصل باستمرار في كاليفورنيا من خلال إدارة غابات ملائمة. تحلوا بالذكاء!».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».