جمال الغيطاني: ليت جمال عبد الناصر قرأ نجيب محفوظ لتجنب الكثير من الأخطاء

قال لـ {الشرق الأوسط} إن مصطلح الربيع العربي مصطلح مشبوه وملعوب به

جمال الغيطاني
جمال الغيطاني
TT

جمال الغيطاني: ليت جمال عبد الناصر قرأ نجيب محفوظ لتجنب الكثير من الأخطاء

جمال الغيطاني
جمال الغيطاني

عرف جمال الغيطاني بمشروعه الروائي الجريء الذي استلهم فيه التراث المصري ليخلق عالما روائيا معاصرا يعد اليوم من أكثر التجارب الروائية نضجا في المنطقة العربية. وبالإضافة إلى جهده الروائي، عمل الغيطاني في الصحافة الأدبية، إذ ترأس تحرير جريدة «أخبار الأدب» على مدار 17 سنة، ونجحت الجريدة في التحول إلى منبر ثقافي، مصريا وعربيا. ولكن هذا الانغمار في الحياة الإبداعية يمنع صاحب «أوراق شاب عاش منذ ألف عام»، و«الزيني بركات»، و«دفاتر التكوين» بأجزائه الثلاثة، وغيرها كثير، من المساهمة في الحياة السياسية والعامة، كما نرى في هذا الحوار معه، الذي يتناول شؤونا سياسية وظواهر وقضايا ثقافية كثيرة:
* لنبدأ من المشهد الحالي.. كيف تراه؟
- أنا متفائل بحذر، والحذر لإدراكي وجود إصرار دولي بمساندة عناصر محلية داخلية على إسقاط الدولة. وأنا لا أتكلم عن تغيير نظام، فلأول مرة في تاريخ مصر الحديث، وربما القديم أيضا، نتعرض لعملية إسقاط دولة، وليس تغيير نظام، فالأنظمة تأتي وتذهب، ومثال على ذلك ثورة يوليو (تموز) التي أسقطت نظاما، لكنها لم تدمر أجهزة الدولة، بل إن جمال عبد الناصر قام بإجراءات لتقوية الدولة، لكن في ثورة يناير (كانون الثاني) مرت أحداث تكشفت حقيقتها في ما بعد، واتضح أن هناك تلاعبا في اتجاه هدم الدولة والشعب هو الذي قام بحماية الدولة. وكي نفهم ما نحن فيه الآن لا بد أن نستعرض الأمر من لحظة ثورة يناير التي شهدت خروجا حقيقيا للناس، لكن دخل على الخط عناصر مريبة لم تكن ظاهرة، وبعضهم ما زال مستمرا حتى الآن، كما أنه في الفترة السابقة على ثورة يناير مباشرة عادت وجوه من الخارج وظهرت فجأة، وكان أشهرهم محمد البرادعي، واتضح في ما بعد أنهم مرتبطون بخيوط لا تنتهي في مصر، وهذه الوجوه ما زالت مستمرة إلى الآن تحت اسم الليبرالية والديمقراطية، ومنهم أيضا الإخوان الذين ظهروا في ميدان التحرير، وفى موقعة الجمل، وفى الجمعة التي أطلق عليها «جمعة قندهار»، التي رفعوا فيها أعلام «القاعدة» السوداء انتهاء بتولي مرسى، ثم سقوط الإخوان في ثورة جديدة لا نستطيع أبدا أن نقول إن فيها عناصر مريبة، فقد قامت لظروف خاصة عندما اكتشف الشعب أنه يجرى جرفه لمنطقة بعيدة، فكانت ثورة شعب حقيقية انضم فيها الجيش إلى الناس، وأثبتت أن للشعب المصري دوره وكلمته للقضاء على مخطط كوني برعاية الولايات المتحدة، ولكن ما أراه الآن هو استمرار محاولات الإيقاع بالدولة المصرية، وأن الروح المصرية التي لمسناها في 30 يونيو (حزيران) تقل تدريجيا وتتضاءل، وهذا ما أخشاه، لكن في الوقت نفسه هناك ما يطمئن ويتمثل في أن وعي الشعب المصري أعلى من بعض النخبة ممن يتاجرون بالشعارات الليبرالية والقومية.
* هل ترى هذه التوابع من أثر الربيع العربي؟
- هذه الكلمة لا أستريح لها فهي مصطلح مشبوه وملعوب به، كما أنها عبارة لم تخرج منا، والمسألة بدأت في تونس بينما كان الهدف مصريا على أساس أنها رمانة الميزان في المنطقة.
* إلى أي مدى ترى أهمية انخراط الأديب في الواقع السياسي؟ وكيف يوائم بين ذلك وبين متطلبات الكتابة الإبداعية، ومنها حاجته للاختلاء بنفسه؟
- الأديب لا يمكن أن ينفصل عن الواقع السياسي. وكان تشرشل في الحرب العالمية الثانية يدعو الأدباء إلى اجتماعاته ليستمع إليهم، لأن قراءة الأدب والاستماع إلى أصوات الأدباء يفيد في استشراف المستقبل. ولو كان عبد الناصر قرأ روايات نجيب محفوظ لكان حذرا من حدوث ما حدث في النكسة، فالأديب يرى بعين شاملة ورؤية بانورامية أوسع، أما السياسي فيركز على التفاصيل فقط. وأنا منذ بداياتي لا أنفصل عن الواقع وأعمالي تمزج بين الخيال والواقع في خطين متوازيين.
* لكنّ هناك كثيرا من أعمالك ومنها دفاتر التدوين تميل للانغماس أكثر في الذات.
- هناك أحداث وظروف تدفع الإنسان للانغماس في الذات وقد عشت هذه التجربة مع تقدمي في العمر رغبة في حماية نفسي، وإعادة لبناء الحياة بأقصى سرعة من خلال الذاكرة لإدراكي معنى قصر العمر والفناء. وكانت مرحلة دفاتر التدوين بأجزائها تنتمي إلى هذه الحالة.
* كيف تقيّم إبداعات ثورة يناير؟ وهل تتناسب مع ضخامة الأحداث؟
- بالعكس هناك حالة من الكتابة لم تكن موجودة في عصر الستينات الشهير بالزخم الإبداعي. لا شك أن فترة الستينات كان هناك إنتاج ضخم من الإبداعات المتنوعة في مختلف المجالات رغم حالة القمع التي كانت موجودة، ومع ذلك فأنا أرى أن هناك كتابات كثيرة، وأكثر من ذلك الوقت، ولكنها تحتاج لمن يقيمها، بمعنى أن الحركة الإبداعية تسير على قدم واحدة.
* أي أن هناك قصورا في النقد؟
- نعم، فلا توجد حركة نقدية ذات مصداقية، وتعتمد حركة الإبداع على الذائقة، هناك متغيرات عصرية تتمثل في أن الشباب الجديد ينشرون على الإنترنت رواية مثلا، ويكون لها جمهور من الشباب، ثم يشترون الكتاب عندما ينشر، ولو قرأنا أرقام التوزيع لوجدنا الرواية رقم واحد على حساب الكتب السياسية والتاريخية، بينما تراجع الشعر تماما وصار في المؤخرة على الرغم من الازدهار الشديد لحركة الشعر العامي في فترة التسعينات لدرجة أننا لم نكن نستطيع متابعة حركته بسبب غزارة الإنتاج وقتها في الشعر وأيضا في القصة القصيرة.
وهناك كم من المواهب كبير جدا، والأمر يتوقف على مهارة الأجهزة الثقافية في أن تخدم هؤلاء المبدعين، لكنني للأسف ألاحظ أن الأجهزة الثقافية لا تزال تعمل وفق منطق «اللي معايا واللي ضدي»، بل إن المسؤول الثقافي يحكّم ذائقته الخاصة وأهواءه الأدبية، فيقاوم وجود البعض لمجرد أنه غير معجب به مثلا! والمفروض أن تتحول وزارة الثقافة إلى داعم للثقافة وليس منتجا لها، ولذلك أدار الشباب لها ظهورهم، والدليل على كلامي أن نتاجات أحسن المبدعين الشباب لم تخرج من الأجهزة التابعة للوزارة وإنما خرجوا من دور نشر خاصة مثل ميريت، هناك ظواهر إبداعية شبابية جديدة تحتاج إلى رؤية بعين مختلفة ولا بد من تشجيعهم.
* هل أنت راض عن الاتجاهات الجديدة في الكتابة الروائية؟
- بحكم عملي الطويل في أخبار الأدب واكتشافي للأجيال الجديدة من الأدباء، فإنني أرى أن هناك ثورة قوية في الكتابة بعد 25 يناير على أيدي كتاب شباب يحتاجون إلى من يرعاهم ويهتم بهم.
* بمناسبة الحديث عن إبداعات الشباب، ما رأيك في ظاهرة انتشار كتابات بلغة سوقية وقد تتضمن شتائم أو خروجا عن الآداب العامة؟
- بداية أنا ضد أي منع أو مصادرة للإبداع وضد أي تدخل رقابي على الكتابة، فالأدب ينقي نفسه بنفسه. وحتى ونحن في اجتماع المجلس الأعلى للثقافة اشتكى بعض الزملاء من الألفاظ الخارجة التي وردت في بعض مسلسلات رمضان هذا العام، فقلت لهم بشدة وحزم إن الذي يريد الاعتراض فليكتب مقالا، ولكن لا نتخذ أي إجراء وإلا فكأن المجلس جاء ليمارس دورا رقابيا! الكتابة الجيدة هي التي تبقى، وكلما ارتفع سقف الحرية وجدنا قيمة أكبر.
* ما تفسيرك لهذا التراجع في الشعر لصالح الرواية؟
- ربما لأن الشاعر بشكل عام إذا لم يجد مردودا إيجابيا لا يستمر وكل فرد لديه قدرة محدودة على المقاومة والإصرار، على عكس جيلنا الذي كان يقاوم ويصر حتى يصل إلى درجة أنه في الثمانينات، وكان الرأس قد امتلأ شيبا، كانوا لا يزالون يطلقون علينا «الأدباء الشبان»، كان مصطلحا يتضمن تيمة وليس مجرد وصف حتى توليت صحيفة «أخبار الأدب» في صحيفة الأخبار، وكنت أول يساري يتولاها، فقمت بتغيير هذا النهج.. مع جريدة «أخبار الأدب» اختلفت المسألة تماما.
* كيف تنظر إلى تجربتك في هذه الجريدة؟
- على مدار 17 سنة نجحت مع زملائي في خلق منبر ثقافي في فترة تراجع ثقافي لمصر عوض غيابها في العالم العربي، فأصبحت «أخبار الأدب» موجودة في العالم العربي من المغرب حتى اليمن ودول الخليج. ومن واقع خبرتي بالعمل الثقافي، فإن أي مطبوعة ثقافية تتجاهل الثقافة العربية ككل يكون محكوما عليها بالفشل.
إلى جانب التغطية الصحافية للنص الجيد فلا يوجد اسم في مصر والعالم العربي إلا ومر على أخبار الأدب طبعا مع وجود العمالقة العرب الكبار مثل أدونيس وعبد الوهاب البياتي أو محمود درويش أو سعدي يوسف.
* هل تعتقد أن تجارب الصحف الثقافية المتخصصة الأخرى التي ظهرت في العالم العربي نجحت أم أن النجاح قلما يحالف الصحف الثقافية في منطقتنا العربية؟
- هناك تجارب ناجحة مثل مجلة «الآداب» التي أسسها الراحل سهيل إدريس في لبنان، وكذلك فترة وجود رجاء النقاش في «الدوحة»، أيضا هناك مجلة «العربي» الكويتية وهي مجلة ثقافية عامة، وإن كانت ضعفت إلى حد ما. وهنا أود الإشارة إلى الدور الكويتي الثقافي الكبير سيما قبل الغزو العراقي، فالكويتيون هم الذين احتضنوا سلسلة المسرح العالمي عندما أوقفتها مصر في عهد السادات، وفي هذا الإطار يجدر بنا الحديث عن الدور الثقافي السعودي. ونحن في أخبار الأدب كنا نهتم كثيرا بالأدب السعودي ونشرنا للكثير من الكتاب السعوديين، فالنص الجيد يجد من يدافع عنه في أي مكان.
* ما رأيك في ظاهرة الكتاب الذين يهبطون علينا من الخارج لمجرد حصولهم على جائزة ويحققون الشهرة والانتشار على أثر ذلك؟
- للأسف الشديد سياسة «الأكثر مبيعا» التي تبنتها إحدى كبريات الدور في مصر أساءت للإبداع، بل أراها سياسة مدمرة وأتصور أنها ليست بريئة. فلا يمكن أن يقيم المبدع بحسب ما باع من كتابه وليس بسبب جودته، وللأسف الشديد أن إحدى تلك الروايات وصلت إلى جائزة البوكر. وهنا أود الإشارة إلى شيء أن جائزة البوكر فكرة جميلة جدا لكنها أحدثت خللا في الحياة الأدبية العربية، فمن المعروف أن البوكر في إنجلترا تقدم الأدب الجديد بينما نجد أن أول من حصل عليها في المنطقة العربية هو الكاتب بهاء طاهر، وهو كاتب كبير، ثم تلاه كاتب صغير، فليس هناك ثبات في هذه المسألة، أيضا تتبنى البوكر ترجمة العمل إلى اللغات الأجنبية وتدفع المقابل، وهو ما يخلق تقليدا يضر الكاتب الجيد الذي لم يفز بالبوكر ولا يمتلك مالا يدفعه لترجمة أعماله؛ مما يخلق أجواء منافسة غير عادلة. وأنا أذكر أن نجيب محفوظ في فترة الخمسينات لم يكن يطبع أكثر من ألفي نسخة على مدار عامين وفي نفس ذلك الوقت ظهر كاتب يدعى عزيز أرماني باع رواية في ربع مليون نسخة، وكانت تحمل عنوانا مثيرا وغلافا مثيرا أيضا، ورغم هذا البيع لم يعتبره أحد أديبا. وحتى الآن أرى أن أفضل جائزة هي التي قدمتها الإمارات وهي جائزة سلطان العويس، لأنها أنزه جائزة عربية في الأدب، فلا يمكن إيجاد ملاحظة واحدة على اختياراتها في أي سنة، لأن معاييرها صارمة، وهناك جائزة أخرى لم تدخل مجال الأدب، لأنها في العلم، وهي جائزة الملك فيصل، وكنت أتمنى أن تدخل مجال الأدب أيضا لأهميتها ونزاهتها. ولكن هناك جوائز بدأت عملاقة مثل جائزة الشيخ زايد وأدعو القائمين عليها إلى حمايتها بما يتناسب مع اسم الرجل الذي تحمله، وبشكل عام أعترف أن منطقة الخليج أصبحت مؤثرا ثقافيا مهما جدا في العالم العربي، وأنا أحيي هذا الجهد.
* من واقع تجربتك العملية هل يفيد العمل الصحافي الأديب أم يضره؟
- الصحافة مهنة خطرة على الأدب، ولكن إذا نجح الأديب في توظيفها لصالح الأدب، فإنها يمكن أن تفيده بشرط أن يضع الأديب حدودا للصحافة. ولو تسألينني عن أكثر فترة استفدت فيها من الصحافة، لقلت لك إنها كانت خلال عملي كمراسل حربي، لأنها تجربة نادرة وثرية، وكانت فرصة مهمة جدا لي كأديب، كانت فترة الحرب تلك من أفضل اللحظات التي عشتها في حياتي رغم مخاطرها ومتاعبها كمراسل موجود في قلب النار.
* رغم ذلك لم تكتب كثيرا بما يتناسب مع معايشتك لتلك التجربة؟
- بالفعل لم أكتب كثيرا عن هذه الفترة بسبب صدمتي من توابع القرارات التي اتخذها السادات بعد حرب أكتوبر (تشرين الأول)، وعندما كتبت «حكايات الغريب» مثلا كانت مرثية للحرب.
* كنت أقرب الناس للأديب نجيب محفوظ، ماذا تذكر عن تلك الفترة؟ وكيف أثرت عليك كمبدع وإنسان؟
- في الكتابة أنا مختلف عن نجيب محفوظ، وعلاقتي بنجيب محفوظ أساسها بعدها الإنساني وانبهاري به كروائي كبير، نجيب محفوظ قامة أدبية كبيرة ولكني أتحداك أن تجدي كتبه كلها الآن، للأسف! لقد انبهرت به ككاتب قبل أن أعرفه وتعرفت عليه وعمري 14 سنة، فكانت علاقتي به علاقة ابن بأبيه لدرجة أن أسراري كانت معه. كانت لديه نظرة كونية عميقة.
* ربما كان ذلك لدراسته الفلسفة؟
- هناك كثير من الأدباء درسوا الفلسفة لكنهم لم يصبحوا أدباء كبارا! نجيب كان لديه هذه النظرة الكونية بدافع همومه الأساسية. ما لم تكن هناك هموم داخلية في تركيبة الأديب فلن يكتب أشياء لها قيمة، الهم الأساسي الذي شغل نجيب محفوظ هو فكرة الأصل ونجدها في مختلف أعماله، ومنها «الثلاثية» و«أولاد حارتنا» و«الحرافيش»، كلها دارت عن المصدر أو الأصل، وهو الأب والذي جاء واقعيا في شخصية السيد أحمد عبد الجواد في الثلاثية، وجاء رمزيا في شخصية الجبلاوي في «أولاد حارتنا»، ومرة أسطوريا في شخصية عاشور الناجي في «الحرافيش»، فهو مهموم بشجرة الإنسانية وإلى أين تتجه.
* أيضا حديث «الصباح والمساء» كانت نموذجا لهذا النهج في أعمال نجيب محفوظ؟
- هذه الرواية مذهلة معماريا، وعندما قدمت للتلفزيون كتبها محسن زايد بشكل رائع وكان أحسن من يكتب السيناريوهات.
* قلت إنه لا بد للكاتب من هموم تشغله كي يبدع، فما هي هموم جمال الغيطاني التي تدفعه للكتابة؟
- منذ بدايتي وأنا مهموم بعنصر الزمان وهو اختزال للزمن ويعكس بوجهه الآخر عنصر المكان، ويرجع ذلك لحرصي الشديد على التمسك بحياة تضيع مني، خصوصا مع تقدم العمر.



رحيل أحمد أبو دهمان سفير الأدب السعودي في البلاط الفرانكفوني

الروائي السعودي أحمد أبو دهمان
الروائي السعودي أحمد أبو دهمان
TT

رحيل أحمد أبو دهمان سفير الأدب السعودي في البلاط الفرانكفوني

الروائي السعودي أحمد أبو دهمان
الروائي السعودي أحمد أبو دهمان

غيّب الموت، مساء الأحد، الكاتب والروائي السعودي المقيم في باريس، أحمد أبو دهمان، عن 76 عاماً، وهو أول كاتب سعودي يؤلف رواية باللغة الفرنسية هي رواية «الحزام» الصادرة عام 2000 عن دار «غاليمار»، التي حققت شهرةً واسعةً وطُبعت 7 طبعات، وتُرجمت إلى 8 لغات، وتمّ نقلها إلى العربية ونشرتها دار «الساقي».

الأمير بدر بن فرحان وزير الثقافة السعودي يهدي وزيرة الثقافة الفرنسية رواية «الحزام» (أرشيف)

اعترافاً بقيمة هذه الرواية، أهدى الأمير بدر بن فرحان وزير الثقافة السعودي في شهر يونيو (حزيران) 2023، ريما عبد المالك، وزيرة الثقافة الفرنسية، رواية «الحزام» للكاتب السعودي أحمد أبو دهمان.

ولد أحمد أبو دهمان في قرية آل خلف في محافظة سراة عبيدة في منطقة عسير، جنوب المملكة، وبعد أن أكمل دراسته الابتدائية في قريته، انتقل إلى أبها لإكمال المرحلة الثانوية، ثم التحق بمعهد تدريب المعلمين بالرياض، وعاد إلى قريته بعد تخرجه ليعمل معلماً مدة ثلاث سنوات. بعدها أكمل تعليمه الجامعي بجامعة الملك سعود بالرياض وتخرج من قسم اللغة العربية بدرجة ممتاز، ثم أصبح معيداً في الجامعة نفسها، وفي عام 1979 التحق بجامعة السوربون في فرنسا وحصل على درجة الماجستير.

غلاف رواية «الحزام»

كتب في الصحافة السعودية، وكان له عمود في صفحة الرأي بجريدة «الرياض» بعنوان «كلام الليل»، وشغل مدير مكتب مؤسسة «اليمامة» الصحافية في باريس، والرئيس التنفيذي لمؤسسة «الحزام للاستشارات الإعلامية»، ومقرها في الرياض.

وفي ندوة أقيمت له، تحدث عن روايته «الحزام»، فقال إنها لا تمثل سيرةً ذاتيةً، «ولكني كتبتها لأروي عن بلادي لابنتي ولزوجتي. فنحن ننتمي لبلد متعدد وفيه تنوع ثقافي».


سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية

سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية
TT

سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية

سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية

حين نشر الناقد البريطاني ويليام إمبسون William Empson كتابه المرجعي في النقد الأدبي سبعة أنماط من الغموض Seven Types of Ambiguity عام 1930، كان في الرابعة والعشرين من عمره؛ لكنّه مع ذلك وضع واحداً من أكثر الكتب تأثيراً في النقد الأدبي الحديث. لم يكن إمبسون يتعامل مع الغموض بوصفه عيباً في التعبير بل بعدّه قلب الشعر النابض. رأى أنّ اللغة حين تبلغ أقصى درجاتها الفنية لا توضّح بقدر ما تلمّح، ولا تفسّر بقدر ما تُثير، وأنّ الجمال يكمن في المسافة بين ما يُقال وما يمكن أن يُقال. من هنا جاءت فكرته الجريئة: يمكن تصنيفُ الغموض ذاته في سبعة أنماط، تتدرّج من البسيط إلى المركّب، ومن الغموض اللغوي إلى الغموض الوجودي. جعل إمبسون من الغموض (أو التعقيد بلغة الأدب التقنية) متعة جمالية في ذاته؛ فالقصيدة عنده ليست معادلة لغوية تقود إلى استجابة موحّدة لدى القرّاء بل كائن متعدد الطبقات، وكلُّ قراءة تكشف عن جانب من نسيج ذلك الكائن.

منذ أن قرأتُ كتاب إمبسون لم أُبْطِل التفكير بالكيفية التي نستلهم بها أفكاره وننقلها من الشعر إلى الرواية: اذا كان للغموض الشعري أنماطُهُ السبعة؛ فلماذا لا تكون للمتعة الروائية أيضاً أنماطُها؟ لماذا نظنُّ أنّ مُتعة القراءة حالةٌ واحدة موحّدة في وقتٍ تدلُّنا فيه خبرتُنا على أنّ هذه المتعة طيفٌ واسعٌ من تجارب التلقّي والانفعالات الشخصية؟

لا بأس من مثال تطبيقي حقيقي. أفكّرُ كثيراً في روايات عديدة من أمثال رواية قوس قزح الجاذبية Gravity’s Rainbow التي كتبها الروائي الأميركي توماس بينتشون Thomas Pynchon. هذه الرواية تدور وقائعها في أواخر الحرب العالمية الثانية، وتستكشف موضوعات معقدة مثل جنون العظمة والفساد والتقنية، وتركّز على تصميم صواريخ V-2 الألمانية وتأثيرها. الرواية مشبعة بالغموض؛ لكنّه غموض إبداعي من درجة رفيعة يبدأ من عنوان الرواية ذاتها حيث إنّ مسار الصاروخ يشبه قوس قزح. هذه الرواية غير مترجمة إلى العربية، وكثيراً ما تساءلت: لماذا الإحجامُ عن ترجمتها؟ هل يستشعر المترجمون أنّها تفتقرُ إلى المتعة المفترضة في القراءة الروائية؟ سيكون تعسّفاً خطيراً أن نفترض متعة جمعية في هذه الرواية كما يحصل مثلاً مع روايات دوستويفسكي؛ لكن مع هذا سيجد قليلون ربما متعة عظيمة فيها. سيقودنا الحدسُ إلى أنّ تلك القلّة المخصوصة هي لقرّاء لهم شيء من معرفة بالرياضيات والفيزياء وتواريخ الحروب وتداخلات السلطة وضغوطها. لا يمكن في النهاية التصريحُ بمتعة شاملة مطلقة للعمل الروائي. هذا مدخل يوضّحُ التمايز الحتمي بين أنماط المتعة الروائية بين القرّاء.

*****

منطلقةً من كتاب إمبسون أعلاه، سأحاولُ الإشارة إلى سبعة أنماط من المتعة الروائية، لا بوصفها تصنيفاً نهائياً بل بوصفها خريطة أولى في جغرافيا اللذة السردية.

أولى المتع السردية هي متعة الانغماس. إنّها المتعة الأولى التي يتذوقها القارئ منذ طفولته، حين يفتح كتاباً ويجد نفسه فجأة في مكان آخر.

إنها متعة الغياب الطوعي عن الواقع: أن نذوب في العالم الروائي حتى ننسى أننا نقرأ. في هذه اللحظات لا نكون خارج النص بل داخله، نعيش مع شخصياته ونتنفس هواءه. نقرأ موبي ديك فنشعر برائحة البحر، أو آنا كارينينا فنرتجف أمام قطارها القادم. الانغماس هو نوع من الحلم الواعي، تجربة بين الخيال والوجود، فيها يتحوّل القارئ من متلقٍ إلى مشارك. إنها متعة لا تبحث عن المعنى بقدر ما تبحث عن الإقامة المؤقتة في عالم آخر، موازٍ، بحثاً عن ذلك النسيان الجميل الذي يُعيد إلينا براءة الخيال.

المتعة الثانية هي متعة التركيب. في هذا النمط، القارئ لا يستسلم للنص بل يتحدّاه. إنه القارئ الذي يتعامل مع الرواية كما يتعامل عالم الآثار مع نقش قديم: يحلّلُهُ، يربط بين أجزائه، يبحث عن رموزه ومفاتيحه. هنا تتحوّل اللذة إلى فعل فكري، إلى شغف ببنية السرد لا بوقائعه فقط. روايات مثل اسم الوردة لأومبرتو إيكو، أو قوس قزح الجاذبية لتوماس بينتشون تُجسّد هذا النمط: أعمال تُبنى كإنشاءات فكرية رفيعة يشارك القارئ في رسم خريطتها. المتعة هنا لا تأتي من الحكاية بل من الذكاء البنائي، ومِنْ شعور القارئ أنه شريك في صناعة المعنى، لا مستهلك له فحسب.

النمط الثالث من المتعة الروائية هو متعة الاعتراف. ليست كل الروايات مرآة للعالم؛ فبعضها مرآة للذات. حين نقرأ عملاً مثل الغريب لألبير كامو أو البحث عن الزمن المفقود لبروست، فإننا لا نبحث عن حكاية بقدر ما نبحث عن أنفسنا. الرواية هنا مساحة اعتراف مؤجلة، نرى فيها ما لا نجرؤ على قوله في الحياة اليومية. القارئ في هذا النمط يجد لذّته في التعرّف إلى ذاته عبر الآخر. كل سطر يذكّره بجراحه الصغيرة، وكلُّ شخصية تعيد إليه ظلّه المفقود. إنها المتعة التي تولد من الحميمية، ومن الإحساس بأن النصّ يعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا.

النمط الرابع هو متعة اللغة. في هذا النمط تتراجع الحكاية إلى الخلف وتتقدّم اللغة إلى المقدمة. هنا لا تتجسّدُ المتعة في (ماذا يحدث؟) بل في (كيف يُقال؟). الكاتب لا يسرد فقط بل يعزف بالكلمات. يحوّل الجمل إلى موسيقى. المتعة هنا جمالية خالصة، متعة الإصغاء إلى اللغة وهي تُعيدُ اكتشاف نفسها، وحيث تصبح القراءة نوعاً من الإصغاء اللذيذ لصوت داخلي يحدّثك من غير وسيط.

النمط الخامس هو متعة القلق. ليست كل المتع الروائية مقترنة بطمأنينة راسخة. أحياناً يهبنا الأدب لذة مقلقة كمن ينظر في مرآة تكشف له عما لا يريد أن يراه. روايات مثل 1984 لجورج أورويل أو الطاعون لكامو تمنحنا هذا النمط: متعة القلق المفضي إلى المواجهة، لا الهروب. القلق هنا ليس سلبياً بل لحظة وعي. إنه الارتجاف الجميل أمام الحقيقة، والمتعة التي تنبع من الخطر المعرفي حينما يفتح النص باباً نحو المجهول الأخلاقي أو السياسي أو الوجودي. إنها المتعة التي تُشبه المأساة الإغريقية: الألم الذي يطهّر؛ لأنّ القارئ يخرج منها أكثر معرفة وإن كان أقل راحة.

النمط السادس هو متعة الدهشة. كل قارئ يحمل في داخله توقاً إلى الدهشة، إلى تلك اللحظة التي تتجاوز فيها الرواية كل توقّع. الدهشة ليست مجرد مفاجأة في الحبكة بل توافقٌ خفيٌّ بين ما لم نتوقّعه وما يبدو، رغم ذلك، منطقياً إلى حد الجمال. حين نقرأ رواية المسخ لكافكا ونجد إنساناً يستيقظ ليجد نفسه حشرة، أو ندلف أجواء رواية مائة عام من العزلة لماركيز فنرى الواقع يمتزج بالسحر، ندرك أننا أمام متعة من نوع نادر: متعة أن يُعاد ترتيب العالم في وعينا. الدهشة هي لحظة تولد فيها لغةٌ جديدةٌ للحياة، تجعل القارئ يشعر أنه يرى العالم الذي طال عهده به بعيون جديدة.

النمط السابع هو متعة الغياب. هذه هي المتعة الوحيدة التي لا تحدث في أثناء القراءة بل بعدها. تتحقق هذه المتعة حين نغلق الكتاب، ونكتشف أن شيئاً منه ما زال يعمل فينا بصمت. إنها المتعة التي تنبع من النقص، من الإحساس بأنّ الرواية لم تُغلق العالم بل فتحته على احتمالاته. روايات كثيرة تعيش فينا بهذه الطريقة، وعندما نغادرها في المحطّة الأخيرة، فكلها تترك فينا شيئاً ناقصاً، فراغاً صغيراً يواصل التمدّد فينا ويترك بصمة شاخصة في ذاكرتنا. الغياب هو ذروة المتعة الناضجة: حين نكتشف أنّ القراءة ليست لحظة بل أثر طويل الأمد، وأنّ النص العظيم لا يُقرأ مرة واحدة بل يسكن الذاكرة كوشم لا فكاك من مفاعيله المستقبلية.

*****

ما أودُّ التأكيد عليه أن ليست المتعة الروائية واحدة؛ بل هي مُتعٌ عديدة تتخالف شكلاً وآلية مع تبدّل القارئ والزمن والمزاج. في العادة المتواترة يجد القارئ الشاب لذّته في الانغماس، والمفكّر يجدها في التركيب، والمكلومُ في الاعتراف، والعاشق للجمال في اللغة، والمتوتّر في القلق، والمغامرُ في الدهشة، والحكيم في الغياب. إنها ليست طبقات متنافسة بل مستويات متداخلة. قد نبدأ بالانغماس وننتهي بالغياب، أو نمرّ من بوّابة الدهشة إلى القلق ثم نعود إلى الاعتراف. الرواية الحقيقية لا تُشبِعُنا من الخارج؛ بل تُوقظ فينا القارئ من الداخل. وحين ندرك ذلك نفهم أنّ إمبسون كان محقاً: الجمال يكمن في التعدّد، في الغموض، في أن تكون التجربة الأدبية قابلة لأن تُقرأ بسبعة أنماط على الأقل.

إذا كان الغموض في الشعر هو تعدّد المعنى؛ فإنّ المتعة في الرواية هي تعدّد سبل التلقي. كلاهما دعوة غير مقيّدة للحرية؛ حرية الكاتب في أن يكتب، وحرية القارئ في أن يجد لذّته الخاصة، لا تلك التي أعدّها له المؤلف.

أعظمُ خواص الرواية الحقيقية هي أنها تمنحنا هذا الحق الجميل: أنْ يحبّها كلٌّ منّا بطريقته ووسائله ومقاربته الفكرية الخاصة.


الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»

الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»
TT

الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»

الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»

يتناول كتاب «إدراك العالم... الصور النمطية المتبادلة بين الأنا والآخر» للدكتور زهير توفيق، التصورات المتبادلة بين العرب المسلمين والآخرين في العصور الحديثة والوسطى، لا سيما الشرق الفارسي والغرب الكنسي. وقد صدر الكتاب عن «الآن ناشرون وموزعون» بالأردن في 420 صفحة.

يقول المؤلف في المقدمة معرِّفاً بالكتاب: «يُمثِّل هذا الكتاب دراسة استقصائية تاريخية وتحليلية لجدل الأنا والآخر، من خلال رصد التصورات المُتبادَلة بين العرب المسلمين والآخرين في العصور الوسطى والحديثة، كون العرب المسلمين مثَّلوا ذاتاً لتعيين الآخر، وتخيُّله على المستوى الديني والإثني والسياسي؛ خاصةً الفرس والأسود واليهودي والمسيحي، بفرعيه اللاتيني والبيزنطي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كونهم موضوعاً للآخرين؛ أي صورتهم في المخيال الفارسي الشرقي (الشعوبية) والغربي الأوروبي؛ الرومي البيزنطي واللاتيني في القرون الوسطى، وتحولات تلك الصورة في أوروبا العصور الحديثة».

ويرى المؤلف في المقدمة أن نظرة كلا الطرفين للآخر هي ثابتة، فلم «يخرج لا الشرق العربي الإسلامي، ولا الآخر في الشرق والغرب قديماً وحديثاً، عن مُسلَّماته وطرائق تفكيره في فَهْمِ الآخر، فقد بقيت ثوابتُه الحضارية والدينية والإثنية سُلطةً مرجعيةً في فهم الذات والآخر، وتمييز الأنا عن الآخرين من فُرسٍ ويهود وبيزنطيين ولاتين، ومهما تغيَّرت الصورة وتحوَّلت لأسباب داخلية وخارجية، فإن الثابت البنيوي فيها هو الآخرية وعُمق الغيرية؛ أي تصعيد الخلاف والاختلاف، فالذات هي المركز الذي تدور حوله الأطراف، والأفضل والمعيار الأمثل، والآخر أو الآخرون مجرد أطراف، هوامش وبرابرة وكفاراً ومنحرفين، ولا يستحقون أكثر مما تمنحه لهم الذات المتعالية».

ويأتي المدخل التمهيدي للكتاب مستشهداً بالعلاقة بين الأنا والآخر (الشرق والغرب)، على اعتبار أن الشرق حين يُذكر يتبادر إلى الذهن الشرق المسلم على وجه الخصوص، والغرب يُراد به الغرب الأوروبي بالأساس قديماً وحديثاً.

يقول: «تفترض قراءتنا للموضوع استمرار الصور النمطية للعرب والمسلمين، وهي الصور التي تشكَّلت في العصور الوسطى، ودخلت معجم الغرب بشكل نهائي كما هو في الاستشراق السياسي والأنثروبولوجي الحديث (الواعي لذاته) الذي نشأ في نهاية القرن الثامن عشر مع حملة نابليون بونابرت على المشرق العربي سنة 1798م».

وعن وضوح رغائب الغرب من الشرق (المسلم)، يقول: «لم ولن يتلطّف الغرب مع الشرق إلا إذا تواطَأ معه على ذاته، وتماهى في خطاب الغرب ومسيرته ورطانته من خلال نُخبةٍ فكرية وسياسية وكيلة، نجح الغرب في خَلْقِها ورفعها إلى سدَّة السُّلطة، واستمدت مشروعيتها ومرجعية وجودها مِن دعمه المطلق على جميع المستويات، ومقابِل ذاك الدعم سوَّقت خطابه في ثقافتها العالمة والشعبية على حدٍّ سواء، وهذا دليل نجاح الغرب في اختراق الشرق الذي وصل إلى طاعة الوكلاء، وامتثالية التابعين».

ويفصِّل المؤلف القول حول أعلام الغرب البارزين الذين تبنوا أفكاراً تنويرية، ومنهم جيبون: «يبدو جيبون منسجماً مع التنوير، ويقدم رؤية مستقلة نقدية خاصة لأحكام الغرب المتحاملة والسلبية عن الإسلام حتى ذلك الوقت، ففي عرضه لأخلاق العرب ودياناتهم قبل الإسلام يقول: (غير أنه في الدولة العربية، وهي أكثر بساطة [من الرومان واليونان] فإن الأمة حرة لأن كل فرد من أبنائها يستنكف أن يُطأطئ الرأس في خضوع وذلة لإرادة سيد ما، ولقد حصَّن العربي نفسه بفضائل صارمة من الشجاعة والصبر والاعتدال، ودفعه حبه للاستقلال إلى ممارسة عادة ضبط النفس، وحفظته خشية العار من أن يذل بالخوف من الألم والخطر والموت، وإن رجاحة عقل العربي وضبط نفسه واضحان في مظهره الخارجي)».