حزن يختلط بالفرح لدى وصول الرهائن المحرّرين إلى السويداء

رجل يحمل فتاة من السويداء بعد تحريرها من «داعش» (أ.ب)
رجل يحمل فتاة من السويداء بعد تحريرها من «داعش» (أ.ب)
TT

حزن يختلط بالفرح لدى وصول الرهائن المحرّرين إلى السويداء

رجل يحمل فتاة من السويداء بعد تحريرها من «داعش» (أ.ب)
رجل يحمل فتاة من السويداء بعد تحريرها من «داعش» (أ.ب)

وصل المختطفون الدروز الذين حرّرهم الجيش السوري من أيدي تنظيم داعش ليل الخميس - الجمعة إلى محافظة السويداء في جنوب البلاد حيث تبيّن أنّ عددهم هو 17 شخصاً وليس 19 كما أفيد سابقاً، وأنّ ثلاثة رهائن آخرين قتلوا قبيل تحريرهم، وفق ما أفاد مصدر محلي لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتمكّنت قوات النظام الخميس من تحرير الرهائن الدروز من نساء وأطفال بعد نحو ثلاثة أشهر ونصف على خطفهم من قبل التنظيم الذي أعدم عدداً منهم خلال احتجازهم، وفق ما أعلن الإعلام السوري الرسمي، مشيراً إلى أنّ عدد المحرّرين 19.
والجمعة قال مدير شبكة السويداء 24 المحليّة للأنباء نور رضوان: «وصل 17 مخطوفاً بعدما كنا ننتظر عشرين بين امرأة وطفل، ليتبيّن لنا أنّ (داعش) أعدم سيّدة مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول)».
وقتل طفلان آخران، وفق ما نقلت السويداء 24 عن سيّدة محرّرة، أثناء محاولتهما الهرب من شاحنة احتجزهما التنظيم فيها، خلال اشتباكات اندلعت مع عناصر الجيش السوري.
وأحدهما في السابعة من عمره والثاني يبلغ 13 عاماً، وفق رضوان الذي أشار إلى أنّ جثّتي الطفلين نقلتا إلى مشفى السويداء الوطني.
من جهته، أكّد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل سيدة وطفلين من المخطوفين، موضحاً أنّه «من غير المعروف ما إذا كان تم إعدامهم أو قتلوا جراء عمليات القصف».
وشنّ التنظيم المتطرّف في 25 يوليو (تموز) سلسلة هجمات متزامنة على مدينة السويداء وريفها الشرقي، أسفرت عن مقتل أكثر من 260 شخصاً، في اعتداء هو الأكثر دموية الذي يستهدف الأقليّة الدرزية منذ بداية النزاع في سوريا. وخطف التنظيم وقتها نحو 30 مواطناً درزياً من نساء وأطفال.
ومنذ خطفه الرهائن، أبلغ التنظيم أهالي المختطفين بإعدام شاب جامعي (19 عاماً) وشابة في الخامسة والعشرين من العمر ووفاة سيّدة مسنة (65 عاماً) جراء مشكلات صحية. ولم يتبنَ تنظيم داعش عبر حساباته على تطبيق «تلغرام» عمليات الخطف ولا الإعدام، لكنّ ممثّلين عن عائلات المخطوفين تلقّوا صوراً ومقاطع فيديو عبر هواتفهم الخلوية، قال مختطفون في عدد منها إنّهم لدى التنظيم، فيما وثّق بعضها الآخر عمليات الإعدام. وفي 20 أكتوبر الماضي، أفرج التنظيم عن ستة من الرهائن، هم امرأتان وأربعة أطفال، بموجب اتفاق نصّ على إفراج الحكومة السورية عن معتقلات لديها مقرّبات من التنظيم.
وتولّت روسيا بالتنسيق مع الحكومة السورية، منذ أشهر، التفاوض مع التنظيم الجهادي. كما شكّلت عائلات المخطوفين مع ممثلين للمرجعيات الدينية وفداً محليّاً للتفاوض. وفيما تحدّث الإعلام السوري الرسمي عن أنّ تحرير باقي المختطفين تمّ في إطار عملية عسكرية، قالت مصادر أخرى إنّ عملية الإفراج عنهم أتت استكمالاً للاتفاق السابق برعاية روسيا.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس:«3 من مختطفي ومختطفات السويداء هم طفلان اثنان ومواطنة فارقوا الحياة، قبيل عملية تسليم المختطفين والمختطفات للنظام السوري في بادية السخنة الشرقية، حيث لا يزال جثمان السيدة مفقوداً إلى الآن، فيما جلب جثمانا الطفلين، ليرتفع إلى 6 هم طفلان وفتى و3 مواطنات، عدد المختطفين الذين فارقوا الحياة وأعدموا على أيدي التنظيم وخلال فترة الاحتجاز، التي بدأت في يوليو». وأكدت مصادر لـ«المرصد» أن «الاستياء يختلط بفرح سكان محافظة السويداء لعودة المختطفين، ويأتي هذا الاستياء على خلفية مفارقة 6 مختطفين للحياة وسط عدم اكتراث النظام ومحاولة الترويج لـ(انتصار) عبر الترويج لعملية عسكرية أفرجت عن المختطفين».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.