اتصالات مفتوحة بين باسيل و«حزب الله» لتسهيل الحكومة... وعون يتمسك برئيس وزراء «قوي»

«سنة 8 آذار» يصرون على توزير أحدهم ونصر الله يجدد اليوم دعم مطلبهم

TT

اتصالات مفتوحة بين باسيل و«حزب الله» لتسهيل الحكومة... وعون يتمسك برئيس وزراء «قوي»

يشهد الملف الحكومي منذ نحو 3 أيام حراكاً، وإن كان خجولاً، باتجاه مسعى لحل آخر عقدة اعترضت ولادة الحكومة، التي تكمن بإصرار «حزب الله» على توزير أحد حلفائه من النواب السنة. واستكمل النواب السنة الـ6 المقربون من «الحزب»، أمس، جولتهم التي استهلوها من دار الفتوى أول من أمس (الخميس)، فالتقوا رئيس الجمهورية ميشال عون، وأكدوا أمامه تمسكهم بمطلبهم بتمثيل أحدهم في الحكومة ورفضهم اختيار شخصية سنّية وسطية من خارج التكتل النيابي الذي شكلوه وحمل اسم «اللقاء التشاوري».
ويمهد التشدد الذي عبّر عنه النواب الستة لموقف مماثل من أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، الذي ينتظر أن يلقي كلمة اليوم في مهرجان «يوم الشهيد». إذ أكدت مصادر مطلعة على موقف «الحزب» أن «الأمين العام سيجدد دعمه لمطلب (سنة 8 آذار) ليس فقط وفاء منه لوقوفهم إلى جانبه في الكثير من المحطات السابقة، بل لأن توزير أحدهم من الحصة السنّية يشكل مكسباً استراتيجياً بالنسبة لـ(حزب الله)». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «طالما النواب الستة متمسكون بتوزير أحدهم، فـ(الحزب) يدعمهم بمطلبهم حتى ولو طالت عملية التشكيل أشهراً أو سنة».
وأكد النواب السنة المستقلون بعد لقائهم الرئيس عون، أمس، أن الحل الأول والأخير لأزمة تمثيلهم بالحكومة هو اختيار شخصية منهم لتوزيرها. وقال النائب عبد الرحيم مراد لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس عون لم يطرح عليهم خلال اللقاء أن يتم تمثيلهم بشخصية سنّية من خارج «اللقاء التشاوري»، لافتاً إلى أنه كان مستمعاً جيداً ومتفهماً. وأضاف: «أبلغناه أننا نراهن عليه، وبأننا لن نرضى باستبعادنا أو بتمثيلنا بشخصية من خارج تكتلنا».
وفي خضم هذا الجو الملبد، برز الحديث عن مساع يبذلها رئيس «التيار الوطني الحر» ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في محاولة لتحقيق خرق في جدار الأزمة.
وأكدت مصادر مقربة منه أنه لم يتوقف عن القيام بالمبادرات، قائلة: «صحيح أن العقدة ليست لدينا، لكننا في النهاية لا يمكن أن نكون مجرد متفرجين، لذلك نحاول تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، لذلك أظهر الوزير باسيل حرصاً على استمزاج الآراء واقتراح الأفكار». وأوضحت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مسألة الأسماء التي قد تشكل حلاً وسطياً تبقى عند الطرفين المعنيين».
وشددت المصادر على أن الوزير باسيل يتواصل مع الحريري: «كما أن الاتصال مع (حزب الله) بأعلى درجاته، بعكس ما يروج له البعض»، واعتبرت أن «النواب الـ6 المستقلين أصحاب العلاقة يجب أن يساهموا بإيجاد حل للعقدة من خلال اقتراحهم فكرة ما».
وأضافت المصادر: «بالنهاية ما يسعى إليه الرئيس عون الانتقال من معادلة رئيس الجمهورية القوي إلى الدولة القوية التي لا يمكن أن تقوم إلا برئيس حكومة قوي أيضاً، فتفاهم الأقوياء هو الذي يُنتج دولة قوية».
وأعادت «العقدة السنية» مؤخراً إحياء طرح حزب «القوات» إحياء حكومة تصريف الأعمال في حال طال أمد تشكيل الحكومة الجديدة. ولعل تبني المطارنة الموارنة هذا الطرح مؤخراً جعله محوراً للنقاش، وإن بعيداً عن الأضواء. وأشارت مصادر «قواتية» لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بعد استيلاد عقدة جديدة، بات موضوع عقد اجتماعات (ضرورة) للحكومة في عهدة الرئيس الحريري، وإن كنا نؤكد أن أي قرار في هذا المجال يتوجب أن يخضع لتوافق عام تماماً، كما يحصل لعقد جلسات تشريع (الضرورة)، على أن يقترن ذلك بوضع جدول أعمال توافقي ومحدد يركز على الأسباب الموجبة، وبالتحديد إنقاذ الوضع الاقتصادي واتخاذ تدابير سريعة لمواجهة الحالة الراهنة».
إلا أن ما تعتبره «القوات» أسباباً موجبة لعقد اجتماعات لحكومة تصريف الأعمال، لا ينسجم مع أحكام الدستور، كما يؤكد رئيس منظمة «جوستيسيا» الحقوقية الدكتور بول مرقص، الذي يشير إلى أن حكومة تصريف الأعمال بعد «اتفاق الطائف» أصبحت تصرف الأعمال بالمعنى الضيق، ولا يحق لها الاجتماع إلا في ظروف استثنائية جداً لا تحتمل التأجيل، كوقوع زلزال أو حرب أو فيضانات كبرى، أي بإطار معطيات قاهرة جداً. ويشدد مرقص في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أنه وفي السياق العادي للأمور، وإذا كان التأخير في تشكيل الحكومة، كما هو حاصل اليوم، نتيجة خلاف بين الفرقاء على الحصص والحقائب، فذلك لا شك لا يبرر اجتماع الحكومة. ويضيف: «قبل (اتفاق الطائف) سواء في ستينات القرن الماضي أو في السبعينات كانت حكومة تصريف الأعمال تجتمع لإقرار موازنة، أو لزيادة كثير القضاة، لكن دستور ما بعد الطائف أصبح واضحاً تماماً إلا إذا كنا نريد اعتماد شريعة ما على ضفاف الدستور، فعندها يصبح كل شيء مباحاً».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.