كشف برلماني يمني رفيع عن حِراك يجري على الأرض لعقد أولى جلسات مجلس النواب اليمني، في إحدى المدن التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية، بعد أن تعطل عقده في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. وذكر البرلماني الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه حتى يتم الانتهاء من الترتيبات النهائية، أن تواصلاً يجري الآن مع أعضاء المجلس الموجودين في عدد من الدول العربية والمناطق المحرَّرة للتنسيق.
وقال المصدر: «لن يكون هناك جدول أعمال للجلسة الأولى لمجلس النواب»، وستكون بمثابة تحديد مواعيد لعقد الجلسات، تمهيداً لمناقشة الحكومة الشرعية في عدد من الملفات الرئيسية، ومنها برنامج الحكومة وموازنتها المالية في الجلسات المقبلة.
وسيسبق حضور الأعضاء عقد اجتماع خلال اليومين المقبلين يجمع رؤساء الكتل مع نائب رئيس مجلس النواب. وقال المصدر إن ما يسمى المجلس السياسي التابع للانقلابيين هدد في اجتماع عقد في صنعاء، أول من أمس، ما تبقى من أعضاء مجلس النواب اليمني، البالغ عددهم قرابة 30 عضواً بتفجير منازلهم، في حال حاولوا الفرار من المدينة باتجاه المواقع التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، إضافة للتعامل بقوة مع ذويهم وأبنائهم الموجودين في صنعاء.
وزاد المصدر أن الميليشيات فرضت على مَن تبقى من أعضاء في المناطق التي تسيطر عليها حضور جلسات مخالفة للدستور واللائحة، رغم أن هؤلاء الأعضاء ليس لديهم قناعة في حضور مثل هذه الجلسات، إلا أن عملية التهديد والوعيد بسجن أو خطف ذويهم دفعتهم للحضور.
وتعمل الحكومة اليمنية، وفقاً للمصدر، على سحب وإخراج جميع الأعضاء من صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها، كما نجحت في وقت سابق من إخراج كثير من الأعضاء، لافتاً إلى أن عدم وجودهم خلال الفترة المحددة لعقد الجلسة لن يعيق المجلس عن عقد جلساته بعد اكتمال النصاب القانوني بحضور الأعضاء من جميع الأحزاب.
وكان من المقرَّر أن تُعقَد أولى جلسات مجلس النواب في العاصمة المؤقتة للبلاد عدن في مطلع فبراير (شباط) الماضي، بعد أن نجحت الحكومة في استقطاب الشريحة الكبرى من ممثلي حزب «المؤتمر الشعبي»، في أعقاب مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ليكتمل بذلك مع باقي الأحزاب النصاب القانوني لعقد الجلسة.
من جهته، أكد مفضل غالب، النائب اليمني صحة المعلومات التي ذكرها المصدر الأول. وقال غالب لـ«الشرق الأوسط»: «بالفعل، فإن عقد مجلس النواب أصبح وشيكاً، وسيكون خلال فترة قريبة جداً، وهناك تنسيق وترتيبات تجري في هذا الشأن»، موضحاً أن عدد الأعضاء الموجودين خارج نطاق سيطرة الميليشيات الانقلابية يغطي النصاب، ويزيد عن ذلك في حال دعت الحاجة.
وعن وضع الأعضاء في صنعاء، قال غالب: «هناك تركيز كبير عليهم وتشديد الحراسة على الشخصيات البارزة منهم، وأصبحت عملية المراقبة في الأيام الماضية على مدار 24 ساعة، وعملوا على تغيير مرافقيهم وسائقيهم الخاصين في محاولة لمنعهم من التواصل أو التحرك بشكل طبيعي»، موضحاً أن «العدد المتبقي في صنعاء أقل من سدس المجلس».
وأرجع غالب أسباب تهديد الميليشيات للأعضاء، لعدة عوامل، منها ما يجري الآن في الحديدة من تقدُّم للجيش، وباقي الجبهات، ومنها صعدة التي تشهد تراجعاً وانسحاباً كبيراً للميليشيات الانقلابية، وتشعر الميليشيات الانقلابية بضيق الخناق عليها أكثر فأكثر، لذا فهم حريصون أن يظل لهم شيء من الصوت السياسي باسم مجلس النواب لإخراج صورة مغلوطة للعالم الخارجي، كما أنهم لا يريدون أن تصبح قاعة المجلس في صنعاء فارغة، خصوصاً أن عدداً من الأعضاء تمكنوا من الخروج من المدينة خلال الأيام الماضية، وانضموا للحكومة الشرعية، وهذا يسبب لهم إزعاجاً كبيراً.
إلى ذلك، أفادت مصادر حزبية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن الميليشيات الحوثية أخذت تضغط بشدة على النواب الموالين لها والموجودين في مناطق سيطرتها، من أجل تمرير قانون يفرض التجنيد الإجباري.
وأفادت مصادر في حزب «المؤتمر الشعبي العام» بأن الجماعة تمارس ضغوطاً كبيرة على قيادات الحزب الخاضعين لها في صنعاء، خصوصاً أعضاء البرلمان المتبقين تحت إمرتها، من أجل تمرير قانون للطوارئ يتيح للجماعة فرض التجنيد الإجباري بالقوة على خريجي الثانوية العامة بعد أن استنفدت الجماعة جميع وسائلها لحشد المجندين طوعياً.
وذكرت المصادر أن رئيس مجلس حكم الميليشيات مهدي المشاط استدعى أمس القيادي في حزب المؤتمر ورئيس البرلمان الخاضع للجماعة يحيى الراعي، وشدد عليه من أجل الإسراع بإقرار عدد من القوانين التي كانت الجماعة قدمتها لتمريرها من قبل النواب في صنعاء، ومن ضمنها قانون للطوارئ يتيح التجنيد الإجباري.
ولم تكشف المصادر عن ردة فعل الراعي وبقية قيادات الحزب إزاء الطلب الحوثي، إلا أنها رجَّحت أن هذا الأمر سيلاقي ممانعة منهم لجهة اقتناعهم بأن تترك مسألة التجنيد للإرادة الطوعية في صفوف الميليشيات، خصوصاً أنهم يدركون أن إصدار قانون للتجنيد الإجباري سيؤدي إلى انفجار مجتمعي واسع في وجه الانقلابيين.
وبحسب المصادر الحزبية نفسها، كرر المشاط توجيه الانتقادات اللاذعة للراعي ولقيادات حزب «المؤتمر»، لجهة أنهم متقاعسون عن حشد المقاتلين، إلى جانب اتهامه للراعي بالتقصير في التواصل مع البرلمانات الدولية لجهة خلق رأي دولي عام يبدي تعاطفه مع الحكم الانقلابي للميليشيات.
إلى ذلك، استنفرت الجماعة الانقلابية في الأيام الماضية، آلتها الإعلامية والمنظمات المحلية الموالية لها على وقع التقدم الكبير لقوات الجيش اليمني لتحرير الحديدة، من أجل إصدار البيانات التي تتباكى فيها الجماعة على تدهور الأوضاع الإنسانية جراء المعارك الدائرة.
وألزمت الجماعة الحوثية جميع الجهات الحكومية الخاضعة لها والمكونات القبلية والأحزاب على إصدار بيانات للتنديد بتقدم الجيش اليمني، لدرجة أنها ألزمت جمعية مرضى السرطان وصندوق رعاية المعاقين على إصدار بيانات مماثلة.
اجتماعات للتنسيق تسبق أولى جلسات البرلمان اليمني
اجتماعات للتنسيق تسبق أولى جلسات البرلمان اليمني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة