مسرحية «البيت» نموذج حي لكواليس العائلة اللبنانية

مشهد من المسرحية
مشهد من المسرحية
TT

مسرحية «البيت» نموذج حي لكواليس العائلة اللبنانية

مشهد من المسرحية
مشهد من المسرحية

لطالما شكلت حكايات الصراعات بين أولاد العائلة الواحدة حول الإرث الذي يتركه لهم الأهل مشكلات أساسية ساهمت في تفكك البيت اللبناني.
وعادة ما يشكل الإرث المادي من عقارات ومنازل ومبالغ مالية المحور الرئيسي الذي تدور حوله مواجهات حادة بين أفراد العائلة الواحدة تؤدي إلى انقسامات حادة، وأحياناً إلى قطيعة أبدية فيما بينهم.
ولكن في مسرحية «البيت» للمخرجة كارولين حاتم تتساقط الأقنعة، الواحد تلو الآخر، عن وجوه أبطال شخصياتها الثلاث؛ لتكشف عن إرث آخر، يترنح الأولاد تحت ثقله. ألا وهو التقاليد.
«هي مسرحية اجتماعية سيكولوجية تتلون بمواقف فكاهية تتناول الصراعات التي تدور في كنف العائلة اللبنانية، ولا سيما لدى أفرادها من النساء، والمطلوب منهن دائماً الخضوع والطاعة؛ لأن التقاليد عليهن تفرض ذلك» توضح المخرجة كارولين حاتم في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، فهذا العمل الذي جال في مختلف المناطق اللبنانية ناقلاً وجهة نظر كاتبة النص أرزة خضر، وعمق طرح موضوع شائك في المجتمع اللبناني، يتابع عروضه على مسرح بيريت في الجامعة اليسوعية في الأشرفية حتى 17 من الشهر الحالي.
وتحكي المسرحية قصّة عائلة مؤلفة من أختين وأخ يجسد أدوارهم كل من يارا أبو حيدر وجيسي خليل وطارق يعقوب، فيجتمعون بعد وفاة والدتهم التي تركت لهم بيتًا قديمًا يساوي أكثر من مليوني دولار.
الشقيق متزوج والشقيقتان عازبتان، الصغرى تركت منزل العائلة، والكبرى ظلت تقليدية تعيش مع والدتها ولم تعترض على حياتها التقليدية، جالسة في البيت تطيع العائلة والمجتمع. وتدور أحداث المسرحية ناقلة المواجهة المعقدة بين 3 أبناء يتناقشون حول مصير هذا البيت. ولتتحول إلى مواجهة بين مصائرهم المتنافرة. فناديا متمسكة بالماضي والعادات وريم متمرّدة ونبيل الابن الوحيد مسالم يكره المشكلات.
«هناك محاولات تجري بين الإخوة لإيجاد حل يرضيهم جميعهم، فنشاهد تنازلات خجولة يقدمها بعضهم لبعض، وأزمات حادة تحدث بينهم؛ ليشكل البيت اللبناني واجهة لتفاصيل حياة يتذكرونها. فهي تحمل أحيانا المرارة من جراء أداء والدتهم المتسلطة، وأحيانا أخرى السخرية حول ردود فعلهم المتفاوتة تجاهه، ما أدى باثنين منهم إلى الهروب من المنزل». تقول كارولين حاتم، التي يعد «البيت» أول عمل مسرحي إخراجي لها، بينما هي متخصصة في الرقص.
«أنا شخصيا ضد بيع بيت قديم، ولكن ما نتابعه في المسرحية هو انفجار أحاسيس ومشاعر وضغوطات عاشتها شخصيات المسرحية لتخبرنا عن الثقل الذي يطبعهم به هذا البيت» تتابع في سياق حديثها، وتضيف: «العمل يضعنا أمام صراع تقليدي عادة ما نعيشه بين العقل والعاطفة. ومن زوايا مختلفة تلامسنا مواقف الأبناء الثلاثة؛ لأن طبيعة وتصرفات كل واحد منهم قد تطالنا بطريقة أو بأخرى، فنعيش معهم تجربة حمل إرث التقاليد وتمردنا تجاهها مرات كثيرة، إضافة إلى أبعاد عدة تحملها المسرحية في طياتها».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».