«كارفن» الفرنسية في أيادٍ صينية

محاولات إنقاذ كثيرة لم تنجح في إعادة البريق إلى دار «كارفن» الفرنسية، الأمر الذي أدى إلى إعلانها الإفلاس. وبعد مزايدات وعروض تمكنت مجموعة «أيسيكل فاشون غروب» الصينية من شرائها وسط آمال كبيرة أن تضخ فيها دما جديدا.
ويبدو واضحا أن مجموعة «أيسيكل» الصينية تطمح إلى التوسع على مستوى العالم، بالاعتماد على بيت أزياء أوروبي له مصداقية تاريخية ومكانة مهمة. وتمثل «كارفن» ثالث أكبر استثمار دولي لها لحد الآن، حيث كانت البداية في عام 2013 بافتتاح «أيسيكل» مركزا للتصميم في باريس، على أساس أن تفتتح أول متجر عالمي أيضا في عاصمة النور، خلال خريف عام 2019.
ويرى بعض المراقبين في الصين أن نتائج هذه الصفقة ستكون إيجابية لكلا الطرفين، خصوصا وأن تفاصيل عملية الاستحواذ على «كارفن» مختلفة وواعدة. إضافة إلى هذا فإن «أيسيكل» تفهم سوق الصين جيدا من نواحي التصنيع والتشغيل فيه، الأمر الذي سيفيد «كارفن» على المدى البعيد.
الجدير بالذكر أن علامة «أيسيكل»، التي لا تتمتع بشهرة كبيرة خارج الصين، وتُعرف داخل الصين باسم «زي هي»، قد تأسست على أيدي كل من شوزينغ يي وشاونا تاو عام 1997، وكانت داعمة رائدة للأزياء المستدامة في البلاد لأكثر من عقدين. وتحقق عائدات تفوق 1.6 مليار رنمينبي، أي ما يعادل نحو 231 مليون دولار سنوياً، من خلال شبكة متاجرها البالغ عددها مائتين في الصين، وعمليات التجارة الإلكترونية. لكن يبقى السؤال بالنسبة لبعض المتابعين هو مدى استعداد شركة صينية، أو بالأحرى قدرتها على إدارة دار أزياء فرنسية، وهو ما ستجيب عليه الأشهر والأعوام المقبلة.
والملاحظ أن هناك تقليداً في الصين حاليا لإبرام صفقات مماثلة. فالشركات الصينية تحاول زيادة إنتاجها ومبيعاتها من خلال تنفيذ عمليات استحواذ في الخارج، حيث اشترت مجموعة «فوسون» الحصة الأكبر من دار «لانفان»، بينما تمتلك مجموعة شركات النسيج «روي غروب» كلاً من «بالي»، و«أكواسكوتوم» و«جيفز أند هوكز». قوتهم تكمن في عدد المستهلكين الصينيين، الذين يُمثلون، بحسب تقديرات مجموعة «بوسطن كونسالتينغ غروب»، 32 في المائة من حجم السوق العالمية للسلع الفاخرة، ومن المتوقع أن تزداد تلك النسبة وتصل إلى 40 في المائة بحلول 2024. وتوضح بيانات من «ماكنزي أند كامبني» أن يتراوح نمو العائدات في قطاع السلع الفاخرة في الصين بين 15 و20 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي.
هناك عامل كبير آخر مؤثر في الأمر هو حثّ الحكومة الصينية لرؤساء الشركات على دفع الاقتصاد الصيني باتجاه نموذج استهلاكي بعيداً عن قاعدة التصنيع التقليدية. فهذه تواصل تراجعها وتزداد ضعفاً بسبب المنافسين الآخرين في آسيا، الذين يصنعون بتكلفة أقل مع ارتفاع الأجور. كما لا ننسى الضغط الناتج عن الصراع التجاري بين الصين والولايات المتحدة الأميركية
- إضاءة على «كارفن»:
تأسست على يد كارمن دو تومازو، التي اشتهرت كمدام كارفن، انطلقت من فكرة بسيطة هي تقديم أزياء أنيقة ومعقولة تخاطب كل النساء، خصوصا ذوات القامات القصيرة والأحجام الناعمة، كونها كانت بطول لا يتعدى الخمسة أقدام وإنش واحد وتعاني في الوصول إلى أزياء أنيقة. في بداية شبابها، انتبهت أنها لم تكن المرأة الصغيرة الحجم الوحيدة وبأن مثيلاتها كثيرات، وهذا يعني أن هناك ثغرة في السوق، يمكنها أن تملأها بسهولة. وهكذا بدأت في أواخر الأربعينات تضيف تفاصيل مبتكرة على تصاميم ناعمة بنكهة باريسية قوية. وفي الخمسينات بدأت تعرض ضمن البرنامج الرسمي للـ«هوت كوتير» في باريس. عيبها أنها لم تخترق السوق الأميركية التي كانت أهم سوق للموضة في تلك الفترة، وأنها ظلت وفية لأسلوبها غير عابئة بتغير الزمن. كان من البديهي أن تتراجع، الأمر الذي استدعى الاستعانة بالمصمم إدوارد عاشور، الذي نجح في إعادة البريق إليها كدار متخصصة في الترف والـ«هوت كوتير»، باستعماله أقمشة مثل الأورغنزا، صوف الخرفان والحرير في تشكيلته المبهرة، في عام 2000. كانت جريئة بالمقارنة مع الأسلوب القديم. فقد نجح في استقطاب شرائح جديدة وشابة لم تكن تعرف الدار من قبل. وتوالى على الدار مصممون آخرون،