دارة الملك عبد العزيز تحكي قصة بناء قصر كاف الأثري

في إطار حفاظها على الإرث التاريخي للبلاد

يسمى القصر كذلك بقصر ابن شعلان
يسمى القصر كذلك بقصر ابن شعلان
TT

دارة الملك عبد العزيز تحكي قصة بناء قصر كاف الأثري

يسمى القصر كذلك بقصر ابن شعلان
يسمى القصر كذلك بقصر ابن شعلان

يتربّع قصر أثري في محافظة القريات (شمال السعودية) بطابعه التراثي والتاريخي الفريد، وقربه من بعض المواقع الأثرية الأخرى، مزدانا بعدد من الأبراج، وعرف على أنّه حصن حربي استخدم في عصر الدّولة العثمانية، لحماية القوافل التجارية وقوافل الحجاج.
قصر «كاف» الأثري الذي بُني في عام 1920 على مساحة تبلغ 2700 متر مربع، ويعتبر أحد الحصون القديمة، ونقلت دارة الملك عبد العزيز للمهتمين بالدراسات البحثية والتاريخية قصة بناء قصر كاف الأثري، الذي تحتضنه القريات، والذي تعود تسميته لقرية كاف.
وكشفت الدّارة عن أنّ بناء القصر الأثري استغرق عامين، وكان ذلك في عهد الشيخ نواف بن النّوري بن هزاع الشعلان شيخ قبيلة الرولة، الذي كان يحكم المنطقة ويتّخذ من هذا القصر مقراً لحكمه في ذلك الوقت، ويقع على تل متوسط الارتفاع في الجهة الشّمالية الشرقية من قرية كاف، وله بوابتان رئيسيتان، ويحاط بسور يضمّ أربعة أبراج للمراقبة في أركانه، مشيرة إلى أنّ القصر يشتمل على مجموعة من الغرف والقاعات، كان لها كثير من الاستخدامات كالسّكن والإدارة والأعمال الرّسمية والمستودعات، ويشمل أيضا عناصر معمارية مميزة مثل العقود والأعمدة والأفاريز الرائعة.
وسُلّم القصر إلى الملك عبد العزيز بعد بنائه بخمسة أعوام، كما أنّه توجد على بوابة القصر الرئيسية وثيقة تاريخية لبنائه، وأصبح القصر مقراً للحكم السعودي في المنطقة، حيث تعاقب على العمل فيه عدد من الأمراء: علي بن بطاح، وكان أول أمير في القريات، وعبد الله بن حمدان، وعبد الله الحواس، وصالح بن عبد الواحد، وعبد العزيز بن زيد، وعبد العزيز السديري، الذي نُقل مقرّ الإمارة في عهده من قرية كاف إلى مقر القريات الحالي، ومن ثمّ ظلّ القصر مقراً لمركز إمارة كاف، ثم تُرك وسلّم لإدارة التعليم بالقريات لوحدة الآثار والمتاحف، حيث وُثّق وسُجّل ورُمم بعد ذلك.
يرتاد القرية في الوقت الحاضر كثير من الزُّوار لعلاج الأمراض الجلدية بالمياه الكبريتية، وقد جرى اختيار الموقع سياحيا لأهميته التراثية والعلاجية ولتكامله السّياحي مع مواقع سياحية مجاورة مثل قصر كاف وقلعة الصعيدي، وهذا ما يدلل على أنّ المملكة العربية السعودية تمتلئ بالمواقع الأثرية المهمة التي تعدّ شاهداً على الإرث التراثي للأجداد، ودليلا حاضرا على البراعة والإتقان المعماري الذي تمّ به البناء والتشييد بمعدات قليلة وإمكانيات ضعيفة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».