أمطار الكويت تُغرق الشوارع وتحيل مسؤولين للتقاعد

الجيش والحرس الوطني يؤكدان استعدادهما للتعامل مع حالات الطوارئ

مشهدان من الآثار التي خلفتها الأمطار الغزيرة في الكويت (كونا) (أ.ف.ب)
مشهدان من الآثار التي خلفتها الأمطار الغزيرة في الكويت (كونا) (أ.ف.ب)
TT

أمطار الكويت تُغرق الشوارع وتحيل مسؤولين للتقاعد

مشهدان من الآثار التي خلفتها الأمطار الغزيرة في الكويت (كونا) (أ.ف.ب)
مشهدان من الآثار التي خلفتها الأمطار الغزيرة في الكويت (كونا) (أ.ف.ب)

شهدت الكويت مساء أول من أمس وفجر أمس، موجة أمطار غزيرة، أدت إلى إغلاق عدد من الطرقات، كما أسفرت عن تعطيل حركة المرور، وأعلنت الحكومة تعطيل الوزارات والدوائر الحكومية «نظراً لسوء الأحوال الجوية»، كما علقت وزارة التربية العمل في المدارس والجامعات.
وقررت الحكومة إقالة مسؤولين في وزارة الأشغال، بعد أن واجهت غضباً شعبياً وبرلمانياً جراء عجز البنية التحتية عن استيعاب كميات الأمطار.
وأعلن الطيران المدني استمرار الحركة الجوية في مطار الكويت، في حين أعلنت مؤسسة المواني استئناف حركة الملاحة البحرية في ميناء الشعيبة بعد توقفها مؤقتا لسوء الأحوال الجوية وذلك بعد تحسن حالة الطقس في البلاد. وأعلن كل من وزارة الداخلية والإدارة العامة للإطفاء أنه لم تُسجل حالات وفاة أو إصابات خطيرة جراء هطول الأمطار. وبعد تفقده سير العمل من غرفة عمليات وزارة الداخلية، تعهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك «بمحاسبة كل مخطئ أو مقصر في حال ثبوت وجود عيوب أو أخطاء قد تكون أدت إلى ما آلت إليه حال الطرق» عقب الأمطار الغزيرة التي شهدتها الكويت ليلاً.
وقال المبارك إن لدينا الإمكانات للتعامل مع مثل هذه الأوضاع، لكن الأمطار فاقت التوقعات ولا سيما أنها هطلت بغزارة خلال فترة قصيرة من الوقت.
وطمأن رئيس الوزراء إلى أن «الأمور كلها تحت السيطرة وهذا ما لمسته في غرفة عمليات وزارة الداخلية»، مبينا أن الطرق أصبحت سالكة ولا اختناقات مرورية وأنه أصبح بإمكان المواطنين الخروج من منازلهم.
إلى ذلك أحالت الحكومة موظفين رفيعين في وزارة الأشغال العامة للتقاعد حيث أصدر أنس الصالح نائب رئيس مجلس الوزراء الكويتي أمس، قرارا بإحالة المدير العام للهيئة العامة للطرق إلى التقاعد، بناءً على طلب وزير الأشغال العامة وزير الدولة لشؤون البلدية حسام الرومي. كما أُحيلت وكيلة وزارة الأشغال العامة إلى التقاعد.
كما تعهد المهندس حسام الرومي وزير الأشغال العامة ووزير الدولة لشؤون البلدية الكويتي، بمحاسبة المقصرين قائلاً: «إن ما حصل لشبكة الطرق والصرف الصحي جراء الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد فجر أمس، أمرٌ لا يمكن السكوت عنه، وسيتم التحقيق بهذا الشأن ومحاسبة المقصرين في حال وجود تقصير».
وقال الرومي إن ما حصل لشبكة الطرق والصرف الصحي أمر لا يمكن السكوت عنه وإن هناك مسؤولية تقع على عاتق القياديين في وزارة الأشغال وهيئة الطرق. مؤكدا أنه سيجري تحقيق في هذه المسألة من خلال لجنة تحقيق محايدة لبيان أي تقصير من قبل أي مسؤول أو موظف وسيُحاسب المقصرون إن تبين وجود تقصير.
في حين أكد الجيش الكويتي جاهزيته وتفعيل قوة الواجب المخصصة لإسناد ودعم الجهات الحكومية لمعالجة الآثار التي خلفتها الأحوال الجوية التي مرت بها البلاد.
وقالت مديرية التوجيه المعنوي في الجيش الكويتي في بيان صحافي إنه تم رفع حالة الاستعداد للوحدات المكلفة بالواجب في مثل هذه الظروف، على مدار الساعة، إضافة إلى فتح قنوات اتصال مباشرة مع جميع الجهات المعنية في البلاد.
وأضافت المديرية أن جميع وحدات القوة العسكرية في الجيش، المكلفة بالواجبات الدفاعية والحماية، مستمرة في أداء أعمالها من دون تغيير.
من جانب آخر، قال وكيل الحرس الوطني الفريق الركن مهندس هاشم الرفاعي في تصريح صحافي، إن الحرس الوطني شارك أجهزة الدولة المعنية بمعالجة آثار الأمطار وتجمعات المياه في شوارع ومناطق ومحافظات البلاد المختلفة. وأوضح الرفاعي أن الحرس بدأ منذ فترة بتجهيز وحدة الطوارئ الفنية تحسباً لحالات الطوارئ الناتجة عن الأمطار، مشيراً إلى التنسيق مع الإدارة العامة للإطفاء بتوجيه فرق من الحرس الوطني للتعامل مع تجمعات المياه على الطريق الدائري الخامس ومنطقة الرقعي إلى جانب إزالة كثير من الأشجار التي تعرقل الحركة على الطرقات.
وذكر أن الحرس نشر فرقاً عسكرية أمام المنشآت الحساسة في الدولة، للتأكد من سير العمل وتذليل أي عقبات، مؤكداً حرص جميع منتسبي الحرس الوطني على الالتزام بالحضور إلى العمل، على الرغم من «العطلة»؛ للتعامل مع حالات الطوارئ وتسهيل الحركة أمام المواطنين والمقيمين.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».