تركيا ترفض تسيير دوريات أميركية مع «الوحدات» قرب حدودها

TT

تركيا ترفض تسيير دوريات أميركية مع «الوحدات» قرب حدودها

أعلنت تركيا رفضها قيام الولايات المتحدة بتسيير دوريات عسكرية مشتركة مع تحالف «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» الذي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية قوامه الأساسي في شمال شرقي سوريا قرب الحدود التركية، وطالبت واشنطن بوقف دعمها الميليشيات الكردية.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان: «من المستحيل القبول بتلك الدوريات، فلذلك تداعيات سلبية خطيرة على حدودنا».
وأضاف إردوغان، في تصريحات للصحافيين عقب اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان التركي أمس (الثلاثاء)، أنه سيبحث هذا الأمر مع نظيره الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع دولي سيعقد بالعاصمة الفرنسية باريس في 10 و11 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، قائلا: «أعتقد أن السيد ترمب سيوقف هذه العملية عند حديثنا».
وحول إمكانية قيام تركيا بعملية عسكرية في شرق نهر الفرات بسوريا، قال إردوغان: «يمكننا القدوم في ليلة ما على حين غرة».
والأسبوع الماضي، أعلن إردوغان أن القوات التركية استكملت استعدادها لعملية عسكرية واسعة في شرق الفرات للقضاء على وجود «وحدات حماية الشعب» الكردية المدعومة من أميركا في إطار الحرب على «داعش»، هناك.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) روب مانينغ أول من أمس، إن بلاده قامت بتنظيم دوريات مشتركة مع «قسد» شمال شرقي سوريا، يوم الجمعة الماضي، عقب قيام القوات المسلحة التركية باستهداف مواقع للميليشيا الكردية بقصف مدفعي مرتين الأسبوع الماضي (يوما الأحد والأربعاء).
والأربعاء الماضي، أعلن الجيش التركي مقتل 4 من عناصر «الوحدات» الكردية وإصابة 6 آخرين بقصف مدفعي على منطقة عين العرب.
وقال مانينغ: «القوات الأميركية بدأت يوم الجمعة الماضي تسيير دوريات تأمينية بطول الحدود الشمالية الشرقية لسوريا، وذلك مع شركائنا في قوات سوريا الديمقراطية (قسد)». وأكد ضرورة أن تركز جميع الأطراف على هزيمة تنظيم داعش الإرهابي. وأضاف: «هذه الدوريات ليس لها أي جدول زمني أو تنظيم ما، وستحقق الأمن بالمنطقة لنا ولشركائنا في (قسد)، ولتركيا أيضاً».
ولفت إلى أن القوات التركية والأميركية بدأت دوريات مشتركة في منطقة «منبج»، وأن الهدف من تلك الدوريات هو التركيز على هزيمة «داعش».
بدوره، قال سيان روبرتسون، أحد متحدثي البنتاغون، إن بلاده لا تقوم بأي دوريات أخرى بالقرب من منبج غير تلك التي تجريها مع تركيا، وذلك رداً على ما تردد في صحف أميركية حول قيام واشنطن بإجراء دوريات مع «قسد» بالقرب من منبج؛ بالتوازي مع دورياتها مع تركيا.
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لـ«الوحدات» الكردية في سوريا «غير مقبول».
وأضاف جاويش أوغلو، خلال لقاء في «نادي الصحافة الوطني» في طوكيو أمس نقلته وسائل الإعلام التركية، أن أنقرة وواشنطن أسستا مجموعة عمل مشتركة لمكافحة نشاط حزب العمال الكردستاني المصنف على لائحة الإرهاب في أميركا والأمم المتحدة، وأن «الوحدات» الكردية تشكل امتدادا للحزب في سوريا، مشيرا إلى ما قامت به بلاده لتحويل عفرين إلى منطقة آمنة.
وكثفت واشنطن وأنقرة في الفترة الأخيرة التنسيق بشأن شمال سوريا، وسيرت القوات التركية والأميركية، الخميس الماضي، أول دورية مشتركة في منبج، بعد أن كانت دوريات الجيش التركي تسير بشكل منفصل، لكن بالتنسيق مع الجيش الأميركي وذلك في إطار اتفاق «خريطة الطريق» بشأن منبج، الذي توصل إليه الجانبان في 4 يونيو (حزيران) الماضي.
في السياق ذاته، أكد تقرير لوزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أن الدوريات المسيرة للجيشين التركي والأميركي، في إطار «خريطة الطريق» المتعلقة بمنطقة منبج، عملت على خفض التصعيد في المنطقة.
على صعيد آخر، قررت تركيا وقف تسجيل اللاجئين السوريين في مدينة إسطنبول. وأرجعت وزارة الداخلية التركية القرار إلى «الكثافة السكانية العالية» للمدينة التي يفوق تعداد سكانها 15 مليون نسمة.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.