لم تحجب مؤشرات النمو الجيدة للمصارف اللبنانية في بندي الأصول والرساميل المجمعة، حقيقة الانكماش في مجال التمويل الموجه للقطاع الخاص، وضعف معدل النمو في بند الودائع، والذي يتم تصنيفه كعامل رئيسي في تمكين القطاع من تغطية الحاجات المالية للقطاعين العام والخاص... مما يعكس تفاقم حدة الصعوبات الداخلية التي تجابه الأنشطة المصرفية وانسياب الاستثمارات، بعد صمود إيجابي تحققت فيه نسب نمو معتدلة خلال السنوات السبع الماضية.
فقد تخطّت حسابات الرساميل المجمّعة للمصارف اللبنانية عتبة 20 مليار دولار في نهاية الفصل الثالث للعام الجاري، بزيادة سنوية نسبتها نحو 8 في المائة عن مستواها المسجل في الفترة ذاتها من العام الماضي. وبلغ إجمالي أصول المصارف 241 مليار دولار، بزيادة نسبتها نحو 13 في المائة على أساس سنوي. بينما تدنت نسبة النمو في إجمالي الودائع عن 3 في المائة على أساس سنوي. وبالكاد وصلت النسبة إلى نحو 1.7 في المائة في بند القروض الإجمالية، مع تسجيل جمود يميل إلى التراجع خلال الأشهر الخمسة الماضية، علما بأن هذه النسب تقل عن معدلات الفوائد المدفوعة والمقبوضة (الدائنة والمدينة) في البندين الرئيسيين للبيانات المالية لدى المصارف.
واستفادت المصارف من عوائد استثنائية حققتها عمليات الهندسة المالية التي أجراها مصرف لبنان المركزي منتصف العام 2016. بهدف الحفاظ على احتياطات مرتفعة بالعملات الصعبة تناهز 43 مليار دولار. فخصصت الجزء الأكبر من الحوافز الخاصة بجذب رساميل خارجية تعود إليها ولعملائها، لدعم الاحتياطات الكفيلة بالتوافق مع المعيار المحاسبي الأحدث عالميا IFRS9. ودعم المخصصات المقابلة للديون الصعبة والمتعثرة مع ترقب انضمام شرائح منتجة إلى هذه الخانة بفعل تفاقم الصعوبات الاقتصادية، وخصوصا في القطاع العقاري عقب إيقاف التمويل المدعوم. إضافة إلى تعزيز رساميلها الخاصة لتبقى ملتزمة بمعايير لجنة بازل ومصرف لبنان المتعلّقة بنسب كفاية رأس المال. علما بأن جزءا من هذه العوائد يدخل في حسابات الأرباح السنوية للعام الحالي.
وتُظهِر الإحصاءات المجمعة لدى البنك المركزي زيادة بنسبة 9.67 في المائة في الميزانيّة المجمَّعة للمصارف خلال الأشهُر التسعة الأولى من العام الحالي، إلى نحو 241.12 مليار دولار. لتبلغ الزيادة على صعيدٍ سنوي مقارنة بنهاية الفصل الثالث من العام الماضي، نسبة 12.98 في المائة. أمّا لجهة الموارد الماليّة، فقد زادت ودائع الزبائن (قطاع خاصّ وقطاع عامّ) في القطاع المصرفي اللبناني بنسبة 3.03 في المائة، والأصل فيها زيادة بنسبة 2.97 في المائة لودائع القطاع الخاص، ليصل الإجمالي إلى 178 مليار دولار مع نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
وجاءت الزيادة نتيجة ارتفاع ودائع القطاع الخاصّ المقيم بنسبة 2.55 في المائة إلى 136.91 مليار دولار، ونموّ ودائع القطاع الخاصّ غير المقيم بنسبة 5.33 في المائة، لتصل إلى 37 مليار دولار. مع التنويه بارتفاع نسبة «الدولرة» (الميل إلى الدولار) في ودائع القطاع الخاصّ إلى 69.14 في المائة في الفترة ذاتها، مقابل 66.9 في المائة للعام الماضي.
من جهة أخرى، تراجعت تسليفات المصارف اللبنانيّة إلى القطاع الخاصّ (المقيم وغير المقيم) بنسبة 0.44 في المائة منذ نهاية العام 2017. ليصل الإجمالي إلى 59.42 مليار دولار مع نهاية الشهر التاسع من العام 2018. في المقابل، نَمَت التسليفات بنسبة 1.66 في المائة على صعيدٍ سنويٍّ، لكن معدّل التسليفات من ودائع الزبائن انخفض إلى 33.35 في المائة، مقارنة بنسبة 34.51 في المائة في نهاية العام 2017، و33.77 في المائة في سبتمبر من عام 2017.
في سياق متصل، ورغم تسجيل تراجع في بند «صافي أرباح محفظة الأدوات الماليّة والإيرادات التشغيليّة الأُخرى» بنسبة 43.32 في المائة، سَجَّلَت الأرباح المجمَّعة للمصارف اللبنانيّة الستّة المدرجة أسهمها على بورصة بيروت، ومنها أربعة بنوك كبيرة تحوز صدارة ترتيب المصارف من حيث الحجم والرساميل، وهي: «بنك عودة» و«بنك لبنان والمهجر» و«بنك بيبلوس» و«بنك بيروت»، إضافة إلى «بنك بيمو» و«البنك اللبناني للتجارة»، ارتفاعاً سنويّاً بنسبة 8.56 في المائة لتصل إلى نحو 1.1 مليار دولار مع نهاية الأشهُر التسعة الأولى من العام 2018.
المصارف اللبنانية تشهد نمواً قوياً للأصول لا يمنع انكماش التمويل
بفعل التعقيدات الداخلية وركود الاقتصاد وتفاقم صعوبات جذب الرساميل
المصارف اللبنانية تشهد نمواً قوياً للأصول لا يمنع انكماش التمويل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة