«عمارة الإيموبيليا» التاريخية تتحول إلى قصر ثقافي وفني بقلب القاهرة

سكنها مشاهير مثل عبد الوهاب وعبد الحليم والريحاني

عمارة الايموبيليا  -   لوحة بأسماء مشاهير سكنوا عمارة الايموبيليا بالقاهرة
عمارة الايموبيليا - لوحة بأسماء مشاهير سكنوا عمارة الايموبيليا بالقاهرة
TT

«عمارة الإيموبيليا» التاريخية تتحول إلى قصر ثقافي وفني بقلب القاهرة

عمارة الايموبيليا  -   لوحة بأسماء مشاهير سكنوا عمارة الايموبيليا بالقاهرة
عمارة الايموبيليا - لوحة بأسماء مشاهير سكنوا عمارة الايموبيليا بالقاهرة

تستعد «عمارة الإيموبيليا» التاريخية الشهيرة بوسط القاهرة لصناعة تاريخ جديد، يضاف إلى تاريخها الذي ارتبط بكبار الفنانين والمشاهير منذ إنشائها في ثلاثينات القرن الماضي، من خلال خطة تطوير أعدها الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، لتتحول ممراتها وساحتها إلى مركز ثقافي فني ومعارض مفتوحة للجماهير.
وتحتل «عمارة الإيموبيليا» ناصية شارعين من أكبر شوارع وسط العاصمة المصرية، هما «قصر النيل» و«شريف»، وتتكون من بنايتين متجاورتين بهما 370 شقة، وتتوسطهما ساحة واسعة ويبلغ ارتفاعها نحو 70 متراً، وهو ارتفاع شاهق في وقت بنائها، ويوجد بها جراج يتسع لنحو مائة مركبة، ويعود تاريخ إنشائها إلى العام 1938. وبنيت على أطلال قصر كان مقراً للسفارة الفرنسية لنحو 50 عاماً من 1886 إلى 1937، التي كان يطلق عليها وقتها «المفوضية الفرنسية».
ويقول المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطة تطوير (الإيموبيليا) تتضمن صيانة البنايتين وتجديدهما لإعادتهما إلى حالتهما المعمارية التراثية المتميزة، وإعادة تخطيط الطابق الأرضي والساحة الرئيسية التي تربط بين البنايتين وتحويلها إلى ساحة فنية تتضمن أنشطة وعروضاً ثقافية وفنية مختلفة، منها المعارض الفنية وورش الرسم والنحت والفن التشكيلي، وستكون مفتوحة أمام الجمهور، إضافة إلى تحويل المتاجر التي تقع أسفل العمارة، ويطل بعضها على الساحة، إلى أنشطة ذات طابع ثقافي وفني كالمكتبات والمعارض الفنية والبازارات».
ويطلق المصريون على «الإيموبيليا»، «عمارة الزمن الجميل»، نظراً لارتباطها بعدد غير مسبوق من الفنانين والمشاهير الذين عاشوا فيها، منهم الموسيقار محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ ومحمد فوزي وليلى مراد وأسمهان وأنور وجدي ونجيب الريحاني ومحمود المليجي ومديحة يسري وكمال الطويل وتوفيق الحكيم.
من جهتها، تقول إيمان عبد المحسن، رئيس المكتب الفني بصندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تطوير (عمارة الإيموبيليا) وتحويل ساحتها وممراتها إلى معارض فنية مفتوحة يأتي ضمن خطة تطوير القاهرة الخديوية لتصبح منطقة جذب سياحي. وتتولى وزارة الثقافة الإشراف على كافة الأنشطة التي يتم تنظيمها في ساحات وسط القاهرة».
وتضيف عبد المحسن أن «تحديد الأنشطة يتم طبقاً لطبيعة المكان، ففي الممرات الضيقة يفضل تنظيم أنشطة فنية لا تتسبب في ضوضاء للسكان، بينما يمكن أن تكون الساحات الواسعة مكاناً ملائماً للحفلات الفنية الدورية».
ويدرس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري مشروعاً لاستغلال البنايات التاريخية التي تستخدم مقاراً لوزارات ومصالح حكومية عقب انتقال الحكومة إلى مقراتها الجديدة بالعاصمة الإدارية، ويحوي شارع قصر العيني الكثير من البنايات التراثية التي تستخدم مقاراً لجهات وهيئات حكومية، منها مبنى مجلس الوزراء، ومقر البرلمان.
ويشرح أبو سعدة: «ندرس مقترحات كثيرة لاستغلال المقار الحكومية عقب إخلائها، حيث سيتحول بعضها إلى متاحف، وبعضها سيكون معارض فنية، ومراكز ثقافية، ليتم ربطها بخطة تطوير القاهرة الخديوية التي تهدف لتحويل وسط القاهرة إلى ملتقى ثقافي فني ومسار سياحي يعكس تاريخ مصر وعراقة حضارتها».
ويتابع: «ممرات وسط القاهرة تشكل كنزاً تراثياً، وهي بمثابة شريان يربط أطرافها المختلفة، ونسعى إلى تحويل الممرات إلى مسارات فنية وثقافية كأنها متحف مفتوح لتاريخ مصر، فالمنطقة بعمارتها المتميزة وموقعها الفريد لا يجب أن تكون مجرد منطقة تجارية، ونحاول استغلال تاريخ بعض البنايات لتكون جاذبة للجماهير في الأنشطة الفنية المختلفة، كما تتضمن رؤية تطوير القاهرة الخديوية استعادة بعض الشوارع لمكانتها التاريخية، كشارع عماد الدين الذي ارتبط تاريخه بدور السينما والمسرح التي شكلت طوال سنوات أحد معالمه الرئيسية».



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.