الائتلاف السوري يعيد تنظيم صفوفه

مستشار طعمة: مساع علمانية لاستبعاد الإسلاميين

الائتلاف السوري يعيد تنظيم صفوفه
TT

الائتلاف السوري يعيد تنظيم صفوفه

الائتلاف السوري يعيد تنظيم صفوفه

تسعى قوى المعارضة السورية المنضوية في الائتلاف السوري المعارض إلى إعادة تنظيم صفوفه بعد تفاقم الخلافات بين أعضائه، وخصوصا بعيد الإطاحة برئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة قبل يومين. وتنشط الاتصالات والمشاورات على أكثر من خط لاحتواء الأزمة المستجدة مع ظهور نقمة واضحة لدى الإسلاميين الذين يعدون أن قرار إقالة الحكومة طالهم شخصيا بهدف «تقليص نفوذهم».
وقال المعارض السوري محمد سرميني، وهو مستشار رئيس الحكومة المؤقتة المقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إسقاط الحكومة جرى من خلال شراء الأصوات بشكل مباشر»، متحدثا عن «مسعى علماني للهيمنة على المعارضة واستبعاد الإسلاميين».
ووصف سرميني الإقالة بأنها «كيدية»، منبها من «فراغ حكومي». وعد أن «سعي البعض إلى تدمير كل جسم في المعارضة مؤسف وهو يأخذ طابعا تنفيذيا للاستحواذ على القرار الوطني السوري».
واستغرب سرميني اتهام جماعة الإخوان المسلمين بالسعي لـ«الهيمنة على المعارضة السورية فيما الواقع مناف لذلك بشكل تام»، مشددا على أن «العلمانيين هم المسيطرون إن كان على الحكومة أو الائتلاف أو حتى المجلس الوطني الذي يرأسه مسيحي»، في إشارة إلى رئيس المجلس جورج صبرا. وأكد أن «المطبخ الأساسي لصناعة القرار في المعارضة هو بأيدي العلمانيين الذين يسعون لاستبعاد الإسلاميين، وهذا أمر خطير باعتبار أننا قمنا بالثورة سعيا للقيم التشاركية».
وأقالت الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري، يوم الاثنين الماضي الحكومة المؤقتة برئاسة طعمة المؤلفة من 12 وزيرا، بأغلبية 66 صوتا، في مقابل 35 صوتا مؤيدا لبقائها، وذلك في نهاية اجتماعاتها التي استمرت ثلاثة أيام بإسطنبول.
وردت الهيئة الإقالة لجهود تبذلها «للرقي بعمل الحكومة لخدمة شعبنا، والعمل على تحقيق أهداف الثورة»، مشددة على ضرورة «إيجاد أرضية جديدة للعمل على أساسها، وأهمها، انتقال الحكومة إلى الداخل في أقرب وقت ممكن وتوظيف الكفاءات السورية الثورية».
ونفى سرميني في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إمكانية «حصول انسحاب جماعي للإسلاميين من الائتلاف، فنحن شركاء وسنحاول تصويب القرار الوطني من خلال تضافر الجهود والسعي لإتمام دراسة لكل القوى السياسية والعسكرية والثورية للإبقاء فقط على تلك التي تحقق صحة التمثيل»، عادا أن «الائتلاف المعارض لم يعد صاحب الشرعية والتمثيل الحقيقي لمكونات الشعب السوري بعد استبعاده قوى محددة لمصلحة شخصيات أخرى لا أبعاد تمثيلية لها».
ولا تزال القوى الإسلامية داخل الائتلاف تدرس إمكانية ترشيح شخصية محسوبة عليها لرئاسة الحكومة، وقالت مصادر فيها لـ«الشرق الأوسط» إنه «سيجري اتخاذ الإجراء المناسب في الساعات القليلة المقبلة».
ورفض ممثل الائتلاف السوري المعارض في الولايات المتحدة الأميركية نجيب الغضبان ربط موضوع إقالة الحكومة بالسعي لاستبعاد الإسلاميين عن مركز القرار، موضحا أن «المشكلة بدأت بخلاف بين الحكومة والائتلاف حول صلاحيات كل منهما وقد جرى وضع النقاط على الحروف بإطار قانوني، وبعدها كان هناك رؤية بوجوب تقييم أداء هذه الحكومة، والتي تعد إحدى صلاحيات الائتلاف، مما أدى إلى طرح الثقة بها».
وشدد الغضبان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «ما حصل بالموضوع الحكومي يندرج بسياق العمل المؤسساتي، ويرتبط بالسعي لتحسين الأداء»، لافتا إلى أن «الأولوية المقبلة للائتلاف هي توثيق العلاقة مع قيادة الأركان ومواجهة تحدي عدم قدرة التحرك في المناطق المحررة بسبب طائرات النظام وبراميله المتفجرة». وأضاف: «سنواصل التعاون مع الدول الصديقة لإيجاد حل لموضوع البراميل إن كان من خلال السعي لإقامة منطقة آمنة أو من خلال تمكين الجيش الحر من الدفاع عن نفسه».
وعد الغضبان أن «عملية تكليف رئيس جديد لتشكيل الحكومة لن تكون سهلة». وقال: «أصلا عندما قبل طعمة المهمة والتي كانت أشبه بالمستحيلة كان يخوض تحد لم تكن ظروف نجاحه متوافرة».
ودعا الغضبان الرئيس والحكومة المقبلة للاستفادة من تجربة من سبقهم، مقترحا «تقييم أداء كل وزارة على حدة، ومن ثبت حسن أدائه فالأفضل أن يظل يمارس مهامه».
ويفترض أن تتولى الحكومة المؤقتة إدارة «المناطق المحررة» في سوريا، أي تلك التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، على أن يكون مقر وزرائها الحدود السورية - التركية، ويزاولون نشاطهم «داخل سوريا».
وكانت رئاسة الائتلاف فتحت باب الترشح لرئاسة الحكومة فور إعلان الإطاحة بالحكومة السابقة على أن تستمر المهلة أسبوعين، فتقوم الهيئة العامة بعدها بتشكيل الحكومة الجديدة خلال 30 يوما. وحسب القانون الداخلي للائتلاف، ستستمر حكومة طعمة في تصريف الأعمال إلى أن ينتخب الائتلاف رئيس الوزراء المكلف الجديد ويشكل حكومته وتطرح على التصويت وتمنح الثقة.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.