تناقض في البيانات الأميركية حول سيطرة «طالبان»

الحكومة الأفغانية تتحدث عن مقتل عشرات المسلحين في غارات جوية

جنود من الجيش الأفغاني في حفل تخرج من الأكاديمية العسكرية في العاصمة كابل أمس (أ.ب)
جنود من الجيش الأفغاني في حفل تخرج من الأكاديمية العسكرية في العاصمة كابل أمس (أ.ب)
TT

تناقض في البيانات الأميركية حول سيطرة «طالبان»

جنود من الجيش الأفغاني في حفل تخرج من الأكاديمية العسكرية في العاصمة كابل أمس (أ.ب)
جنود من الجيش الأفغاني في حفل تخرج من الأكاديمية العسكرية في العاصمة كابل أمس (أ.ب)

في بيانات أميركية رسمية حول الوضع العسكري في أفغانستان قبل بدء العمل على مفاوضات مباشرة مع طالبان أعطت الجهات الرسمية الأميركية صورة وردية عن تحسن الوضع الأمني وتراجع قوات طالبان عن السيطرة على الكثير من المناطق الأفغانية، لكن مؤسسة أميركية ممولة من وزارة الدفاع ترصد الأحداث في أفغانستان أعطت صورة مخالفة لما قاله مسؤولون أميركيون حول انحسار سيطرة طالبان في أفغانستان».
فقد ذكر تقرير أعده المفتش العام الأميركي الخاص بإعادة إعمار أفغانستان نشر أمس الخميس أن مقاتلي طالبان يخسرون السيطرة على مناطق في أفغانستان، وجاء في التقرير أن طالبان تسيطر على 49 مديرية من بين أكثر من 400 مديرية في أفغانستان وذلك حتى نهاية يوليو (تموز) الماضي، مقارنة بـ59 مديرية كانت تسيطر عليها في منتصف مايو (أيار) الماضي، وأن الحكومة الأفغانية سيطرت على 55.5 في المائة من جميع المديريات، وهو ما يمثل تقدما وتغيرا بنسبة 0.8 في المائة منذ الربع الأخير لهذا العام.
ووضع تقرير المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان صورة وردية للوضع الأمني في أفغانستان بالقول إن عدد المناطق المتنازع عليها زاد عشر مرات منذ الربع الأخير إلى 132 مديرية مما يعني أن 32.4 في المائة من المديريات يتم التنازع عليها في جميع أنحاء أفغانستان. لكن تقرير المفتش العام اعترف بأن سيطرة الحكومة ونفوذها في أفغانستان انخفض بنسبة 16 في المائة، في حين زادت المناطق المتنازع عليها بين القوات الحكومية بنسبة 11 في المائة من مجموع مديريات أفغانستان.
مؤسسة الدفاع والديمقراطية وصاحبة موقع «الحرب الطويلة» الممولة من البنتاغون في الولايات المتحدة أعطت صورة مفصلة أكثر عن مناطق سيطرة طالبان والحكومة الأفغانية في كل المديريات الأفغانية، وجاء في تقرير نشرته المؤسسة على موقعها على الإنترنيت أن عدد المديريات التي تسيطر عليها طالبان بالكامل يبلغ 52 مديرية وأنها تنازع الحكومة السيطرة على 198 مديرية حيث تسيطر طالبان على أنحاء المديرية وتتمركز القوات الحكومية في مركز المديرية فقط، مع خطوط إمداد تتحكم بها قوات طالبان خارج مركز المديرية. كما قالت المؤسسة في تقرير مفصل لها إن الحكومة الأفغانية تسيطر على مراكز 145 مديرية فقط مع سيطرة شبه كاملة على بقية المديرية من قبل قوات طالبان، وأن حركة طالبان هي التي تدير الشؤون اليومية والإدارية لكافة المديريات التي تقع تحت سيطرتها، كما تدير الشؤون اليومية للسكان المحليين في المناطق الريفية في المديريات التي تسيطر الحكومة على مراكز المديرية فيها.
وعزت مؤسسة الدفاع والديمقراطية مصادرها إلى الجداول والمعلومات التي حصلت عليها من قبل المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان التي تعتمد كليا على التقييم الذي تقدمه قوات الناتو وقيادتها في أفغانستان.
ويظهر جليا من البيانات التي يفصح عنها مكتب المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان محاولته التقليل من سيطرة طالبان على المناطق الأفغانية وعدم الاعتراف بسيطرتهم إلا إن كانت تحوي السيطرة الكاملة على مركز المديرية، بينما ينسب السيطرة الكاملة للقوات الحكومية على المديرية في حال كانت تسيطر فقط على مركز المديرية مع بقاء كامل أراضي المديرية وقراها تحت سيطرة طالبان، التي تتحكم بخطوط الإمداد والتموين المفضية إلى مركز المديرية. كما أظهرت الإحصائيات التي اعتمد عليها مكتب المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان أن قرابة نصف السكان في أفغانستان يقطنون المناطق التي تسيطر عليها طالبان بالكامل، وأن الحركة هي التي تدير شؤون المنطقة اليومية والحياتية وتفصل في المنازعات بين السكان المحليين عبر المحاكم الشرعية والقضاة الذين تعينهم الحركة لإدارة المناطق المختلفة.
كما أظهرت البيانات الرسمية للمفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان سيطرة القوات الحكومية ونفوذها فقط على 55.5 في المائة من إجمالي عدد المديريات التي تبلغ 407 مديريات في أنحاء أفغانستان، وعقبت بالقول «إنه أقل مستوى منذ بدأ مكتب المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان رصد السيطرة على المناطق الأفغانية في عام 2015 في وقت تكثف فيه طالبان ضغطها على القوات الحكومية، حيث نقل المكتب عن قوات حلف الأطلسي في أفغانستان أن متوسط أعداد القتلى والجرحى من القوات الحكومية بلغ خلال الفترة من الأول من مايو (أيار) الماضي إلى الأول من أكتوبر (تشرين الأول) «أعلى مستوى على الإطلاق خلال سنوات رصد الأحداث في أفغانستان».
وأشار مكتب المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان جون سوبكو إلى أنه وقت أوشك التقرير على الصدور نجا قائد القوات الأميركية الجديد وقوات حلف الأطلسي في أفغانستان الجنرال سكوت ميلر من هجوم عليه في قندهار، لكن الهجوم أسفر عن مقتل قائد شرطة قندهار الجنرال عبد الرزاق الذي كان يعد من أبرز رموز النظام في مواجهة طالبان في ولاية قندهار، وكذلك مقتل مسؤول الاستخبارات الإقليمي وقائد قوات الجيش في قندهار.
وكتب المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان عن حادثة قندهار بأنها «ذكرته بالعنف الذي لا يزال متفشيا في أفغانستان والصعوبات في وجه إحلال الأمن في أي مكان من هذ البلد الذي يشهد حربا مستمرة منذ وقت طويل».
إلى ذلك قالت الحكومة الأفغانية إن 68 من مسلحي طالبان قتلوا أو أصيبوا في غارات جوية شنتها مقاتلات أميركية وأفغانية وأن بين القتلى والمصابين مقاتلين أجانب كانوا مع قوات حركة طالبان في ولاية غزني جنوب شرقي أفغانستان وكذلك في ولاية بكتيا المجاورة لها. ونقلت وكالة خاما بريس الأفغانية عن الجيش الأفغاني أن ستة عشر من المسلحين بينهم باكستانيان قتلوا في عمليات الجيش في منطقة واغيز في ولاية غزني. وأن القوات الجوية الأفغانية شنت غارات على مناطق ميدانك، بيروجي، شاب، درغي، قلعة كوهنا، نصرت أباد، ملا حسين، ولائق الواقعة على الطريق الدولي 1 في ولاية غزني مما أسفر عن مقتل 39 مسلحا وجرح ثمانية آخرين. وأشار بيان الجيش الأفغاني إلى قيام الطيران الأميركي في أفغانستان بعدة غارات على منطقة تشوني في ضواحي مركز ولاية بكتيا مما أسفر عن مقتل ثلاثة مسلحين، وأن القوات الأفغانية أبطلت مفعول أربعة ألغام أرضية زرعت في بكتيا وغزني.
وشدد قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال سكوت ميلر على أن الصراع في أفغانستان لا يمكن حسمه بالقوة وإنما بالحوار والحل السياسي وأن طالبان لا يمكنها السيطرة بالقوة على أفغانستان.
الجنرال الأميركي الذي أصيب في هجوم في مدينة قندهار نفذته طالبان مؤخرا، اعترف في مقابلة أجراها مع محطة تلفزيونية أميركية إلى أنه يدرك جيدا أن الحل في أفغانستان يجب أن يكون سياسيا ويستحيل أن يكون بالقوة المسلحة. وشدد الجنرال سكوت ميلر على أن الوقت قد حان من أجل حل سياسي للصراع في أفغانستان، لكن قال إن القوات الأميركية ما زالت في حالة الهجوم ولا تنتظر حتى تهاجمها قوات طالبان.


مقالات ذات صلة

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التركية أثناء عملية استهدفت «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب بتركيا القبض على 47 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، في حملة شملت 5 ولايات؛ بينها أنقرة وإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مسيّرات تركية قصفت مستودع أسلحة يعود لقوات النظام السابق بمحيط مطار القامشلي (المرصد السوري)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا ستطالب أميركا بموقف حاسم من «الوحدات» الكردية

أكدت تركيا استمرار الفصائل الموالية لها في التقدم بمناطق «قسد»، وقالت مصادر إنها ستطلب من وزير الخارجية أنتوني بلينكن موقفاً أميركياً ضد «الوحدات» الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».