بوتفليقة: لا ينكر إنجازاتي إلا جاحد

الجزائر تحدد 4 شروط لـ«تطبيع كامل» مع فرنسا

الرئيس بوتفليقة في مركز اقتراع خلال انتخابات نوفمبر 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس بوتفليقة في مركز اقتراع خلال انتخابات نوفمبر 2017 (أ.ف.ب)
TT

بوتفليقة: لا ينكر إنجازاتي إلا جاحد

الرئيس بوتفليقة في مركز اقتراع خلال انتخابات نوفمبر 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس بوتفليقة في مركز اقتراع خلال انتخابات نوفمبر 2017 (أ.ف.ب)

قال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، أمس، إن بلاده عاشت خلال 20 سنة تقريباً من حكمه «مسارا تنمويا شاملا عبر كامل التراب الوطني، مسارا لا يمكن لأي جاحد كان أن يحجبه بأي حجة كانت». وينسب لبوتفليقة رغبة في تمديد حكمه بمناسبة رئاسية 2019، يتوقع مراقبون أن يعلن عنها مطلع العام المقبل.
وذكر بوتفليقة في «رسالة إلى الجزائريين»، نشرتها وكالة الأنباء الحكومية أمس في ذكرى اندلاع ثورة التحرير 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 1954، أن الجزائر «كان يُنظر إليها (بعد الاستقلال) كدولة ناجحة في إقلاعها التنموي، دولة تميزت في تلك الـمرحلة كذلك، بدورها الريادي في مساندة حقوق الشعوب المستعمرة والمستضعفة، وكذا في ريادة نضال شعوب جنوب المعمورة من أجل إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد، ومن أجل تثمين الثروات الطبيعية للشعوب من محروقات وغيرها». وعبر عن «أسفه على تعثر المسيرة بفعل تقلبات سعر المحروقات التي شلت مسارنا الاقتصادي، ومن جراء تهاون سياسي دخلت الجزائر دوامة الخراب والإرهاب والدمار، الأمر الذي تولدت عنه عوامل المأساة الوطنية التي عانى منها شعبنا قرابة عقد من الزمن». في إشارة إلى فترة الاقتتال الدامي بين قوات الأمن والجماعات المتطرفة، الذي خلَف 150 ألف قتيل، بحسب بوتفليقة نفسه.
وعاد الرئيس إلى انتخابه لأول مرة عام 1999. قائلا: «شرفتموني بثقتكم الغالية قرابة 20 سنة قبل اليوم، في ظروف وطنية صعبة وفي محيط دولي تنكر لنا ووضعنا تحت حصار غير معلن. ولقد توكلنا على الله معا واستلهمنا معا من مراجعنا السمحة ومن قيم بيان ثورة نوفمبر المجيدة وتوصلنا، ولله الحمد، إلى تصويب الأمور، وإلى الدخول في مرحلة من إعادة بناء ما دمر، والعمل بغية تحقيق كثير من طموحاتكم الـمشروعة».
وبحسب بوتفليقة: «حققنا السلم والمصالحة الوطنية وعادت السكينة والأمن عبر كل ربوع الجزائر، من حيث هما الشرطان الأساسيان لأي تنمية أو بناء أو تقدم. وعادت هيئات ومؤسسات الدولة إلى النشاط القوي في الشرعية الـمكتملة بالاحتكام دوريا إلى صناديق الاقتراع على كل الـمستويات».
وتحدث الرئيس في «رسالته» عن «إصلاح العدالة والتشريع لدولة الحق والقانون، وتوجنا الـمسيرة هذه بتعديل عميق لدستور بلادنا (2016)، عزز حقوق المواطنين وحقوق المرأة، بصفة خاصة، ومكونات الهوية الوطنية، ولا سيما منها اللغة الأمازيغية الـمشتركة بين جميع الجزائريين والجزائريات». مشيدا بـ«تعزيز قدرات الجيش بإمكانات بشرية ومادية جعلت منه جيشا محترفا بأتم معاني الكلمة، ودرعا قوية تحمي أمن البلاد والعباد والسيادة الترابية للجزائر».
وفي سياق يتسم بأزمة مالية حادة، قال بوتفليقة إن البطالة تراجعت خلال سنوات حكمه بـ«ثلثين من نسبتها، وتضاعفت الثروة الوطنية قرابة ثلاث مرات في المرحلة نفسها. كما أنجزت الجزائر خلال هذين العقدين من الزمن ضعف ما كانت تملكه من حيث قدراتها التعليمية والتكوينية من خلال إنجاز أكثر من ألف ثانوية، وأكثر من ألفي إكمالية، وكذا أكثر من 30 جامعة، وهي كلها إنجازات تسمح اليوم لأكثر من ربع شعبنا بالذهاب يوميا إلى المدارس والجامعات ومراكز التكوين. وتعززت هذه الإنجازات في مجال التنمية البشرية بقرابة 150 مستشفى ومركزا صحيا متخصصا عبر كل الولايات».
وضعت الحكومة الجزائرية «شروطا» مقابل تطبيع كامل للعلاقات مع فرنسا، مرتبطة بـ«الذاكرة» والاستعمار، وقال الطيب زيتوني، وزير المجاهدين، إن هذه «الشروط» تتمثل في تعاطي باريس إيجابيا مع أربعة ملفات ذات صلة بماضي فرنسا الاستعماري بالجزائر.
وذكر زيتوني لصحافيين بالعاصمة أمس أن وزارته «تشتغل اليوم بقوة على الملفات الأربعة، باعتبارها تمثل شرطا لتطوير العلاقات الجزائرية - الفرنسية من كل الجوانب».
وأوضح زيتوني، الذي كان يتحدث بمناسبة مرور 64 سنة على تفجير ثورة التحرير (1954 - 1962)، أن «استعادة أرشيف الثورة من فرنسا يأتي على رأس هذه الملفات. وقد قامت لأجله لجان مشتركة بين الجزائر وفرنسا بغرض التوصل إلى حل»، في إشارة إلى تحفظ الفرنسيين على تسليم وثائق مرتبطة بالثورة، تعد من أسرار الدفاع لديهم. وسبق لهم أن قدموا جزءا من الأرشيف قبل عامين، لكن الجزائريين اعتبروه «أقل مما يأملون به».
وتناول زيتوني في حديثه أيضا «ملف استرجاع جماجم المقاومة الوطنية»، ويتعلق الأمر برفات العشرات من الثوار الجزائريين، الذين قاوموا الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر، التي توجد حاليا بـ«المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس»، حيث يتم الاحتفاظ ببقايا عظام قادة «المقاومة الشعبية» منذ 1880، وهو التاريخ الذي ضم فيه هذا الرفات إلى «المجموعة العرقية» للمتحف. وبحسب زيتوني فإن الجزائر تطالب حاليا باستعادة 31 جمجمة «تم التعرف وتحديد هوية أصحابها الشهداء». مبرزا أن خبراء جزائريين انتقلوا إلى المتحف «بغرض المعاينة والتدقيق».
أما «الملف الثالث» فيتعلق بصرف تعويضات لضحايا التجارب النووية، التي أجرتها فرنسا خلال فترة احتلال الجزائر، والتي استمرت خلال السنوات الأولى التي أعقبت الاستقلال. ويطالب الجزائريون بتعويضات، ليس فقط لصالح الأشخاص المتضررين وعائلات المتوفين جراء الإصابة بالإشعاعات، وإنما أيضا بأموال نظير الضرر الذي لحق بالبيئة والحيوانات في الجنوب.
وكان البرلمان الفرنسي قد أصدر في مايو (أيار) 2009 قانونا سمي باسم وزير الدفاع آنذاك هيرفيه موران، يتعلق بدفع تعويضات لضحايا التجارب النووية في الجزائر، وفي منطقة بولينيزيا بالمحيط الهادي، التي أجريت بين 1960 و1966، وصرح موران وقتها بأن الحكومة خصصت موازنة بقيمة 10 ملايين يورو خلال عام 2009 لتعويض الضحايا، وهو مبلغ اعتبرته الجمعيات، التي تدافع عن الضحايا، متواضعا بالنظر إلى عدد المتضررين.
وتضمن القانون منح تعويضات مالية لفائدة الضحايا من العسكريين والمدنيين، المصابين بأمراض، ممن كانوا يوجدون وقتها في المناطق حيث أجريت التجارب. وفيما تم صرف جزء من التعويض للضحايا في بولينيزيا، جرى إقصاء الضحايا الجزائريين من المنحة.
أما «الملف الرابع» فيخص دفع تعويضات تتعلق بـ«المختفين قسريا» خلال حرب التحرير، وعددهم 2200، حسب زيتوني. وكان هؤلاء داخل السجون والمعتقلات الفرنسية، ويرجح أنهم ماتوا تحت التعذيب، غير أن الجانب الفرنسي يرفض الاعتراف بذلك.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».