بين إسقاطات ضوئية وتركيبات صوتية وتصميمات في الفراغ والأعمال المركّبة تمثل رؤى الفن التشكيلي المعاصر في مصر، وبين محتويات قصر الأمير محمد علي في القاهرة المصمم على الطّراز العربي بعناصره المعمارية من الفنون الإسلامية والقباب والأعمدة والمقرنصات والزّخارف الإسلامية والخطوط العربية وقطع الأثاث الملكية النّادرة؛ يمكن لزائر القصر هذه الأيام أن يتجوّل بين أعمال معرض «لا شيء يتلاشى... كل شيء يتحوّل»، في حالة فنية تمزج بين الماضي والحاضر.
في المعرض الذي يُقام تحت رعاية وزارتي الآثار والثّقافة وبتنظيم من شركة «آرت ديجيبت»، يقدّم 28 فناناً مصرياً من ثلاثة أجيال مختلفة رؤاهم الفنية المعاصرة، مع تسليط الضوء على التراث الثّقافي والأهمية التاريخية للقصر الملكي، الكائن في منطقة المنيل منذ عام 1901، حيث تنظم الشّركة معارضها في الأماكن التاريخية المختلفة في مصر.
تقول منظِّمة المعرض، نادين عبد الغفار: «يعد المعرض بمثابة ملتقى للحضارات بين القديم والجديد، حيث سبق وأقمنا معرضاً العام الماضي في المتحف المصري، من ثمّ كان اختيار قصر الأمير محمد علي بالمنيل هذا العام كمكان مختلف لصنع حالة فنية مختلفة، حيث تظهر مقتنيات القصر في خلفية الأعمال الفنية المعاصرة، لنؤكد امتزاج القديم بالحديث، وأنّ الفنان المصري مستمر في إبداعاته على مرّ العصور، وأنّه لا شيء ينتهي مهما تغيّرت الأزمنة وظروف الحياة من حوله، ومن هنا جاء اختيار اسم المعرض».
من بين الفنانين المشاركين يقول الدكتور سعيد بدر لـ«الشرق الأوسط»: «أشارك بثلاثة أعمال في هذا المعرض تمثل تشكيلاً هندسياً، لها علاقة بالموقع والطبيعة النباتية داخل القصر، والفكرة بشكل عام أهدف من خلالها إلى إحياء التراث. فمن بين هذه الأعمال يوجد عملان كبيران بعنوان رسائل من التاريخ، وهما عبارة عن تشكيل ديناميكي حرّ، أعبر فيهما بمجموعة رسائل متطايرة مكتوب عليها بعض المفاهيم المعمارية داخل وخارج القصر ويظهر فيها الطّراز الإسلامي الذي يميز القصر، مع إعادة صياغة هذه الزخارف وانسجامها مع العمل النّحتي، حيث أستوحي الفكرة من الشّجرة القديمة التي فيها نوع من الحركة البنائية، مع الحفاظ على الإيقاع والحركة». ويتابع: «العمل الثّالث هو رؤية تشكيلية لمبنى القصر، من خلال إعادة اكتشافه تراثياً وإظهاره للبشرية، وتجمع هذه الرؤية بين الكتل المنتظمة وغير المنتظمة على شكل رؤوس مثلث، بأحجام وأطوال مختلفة بما يؤدي إلى التنوع».
أمّا الفنان شادي النشوقاتي، فيشارك بعمل فني بعنوان «المستعمرة - أصوات قطرات الدموع السبعة»، يقول عنه: «هو مشروع فني بحثي يقدَّم في عدد من الأجزاء المتسلسلة، بدأ عام 2013، ويعدّ هذا العمل استكمالاً له، حيث أفترض فيه وأبتكر تسعاً وأربعين فكرة رئيسية تنتج من تزاوج العجائب السبع في الكون (الكواكب السبعة، وألوان الطّيف السبعة، والبحار السبعة، والمناطق السبع الشاكرة في جسم الإنسان، والأيام السبعة، والتونات الموسيقية السبع، والمراحل السبع في التفكير النّاقد)، فهو عمل مختزل، حيث أقوم باختزال كل هذه الأفكار والمعلومات والعلوم في أشكال مجردة، لأقول إنّ العالم لا ينتهي في تنوعه وفي تشابكه واستمراره في النمو التصاعدي».
من بين الأعمال الأخرى التي تبرز في المعرض، عمل للفنان أحمد قرعلي وهو تركيب ضوئي مع خامة الحرير، وعمل نحتي للفنانة غادة عامر مصنوع من كلمات من البرونز مغطّى بطبقة صدأ أسود، كما يقدّم الفنان محمد عبلة سلسلة أعمال تشكيلية بعنوان «حنين إلى الماضي»، وعمل للفنانة ملك ياقوت بعنوان «سيميائيات زمنية»، وهو ترجمة تشكيل الزّمن في القرآن إلى أشكال زمنية، بالإضافة إلى عمل آخر للفنان أحمد عسقلاني.
يُذكر أنّ حفل افتتاح المعرض حضره عدد من الوزراء والفنانين المصريين، منهم وزير الآثار الدكتور خالد العناني، ووزيرة التضامن الدكتورة غادة والي، ووزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد، ووزير الخارجية سامح شكري، ورجلا الأعمال سميح ونجيب ساويرس، وعدد من سُفراء بعض الدّول الأوروبية، إلى جانب عدد من الفنّانين منهم الفنانة نيللي كريم ويسرا.
رؤى الفن التشكيلي المعاصر في مصر تستوحي روح «قصر محمد علي» وفنونه
معرض يمزج الماضي والحاضر بمشاركة 28 فناناً
رؤى الفن التشكيلي المعاصر في مصر تستوحي روح «قصر محمد علي» وفنونه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة