تفاهم مصري ـ ألماني على توسيع التعاون الأمني والتعامل مع أزمة اللاجئين

ميركل: مصر شريك مهم جداً في تسوية قضايا المنطقة

TT

تفاهم مصري ـ ألماني على توسيع التعاون الأمني والتعامل مع أزمة اللاجئين

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إنه اتفق والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، على تطوير التعاون الأمني والعسكري المشترك، مؤكدا أنه استعرض خلال القمة، التي عقدت في برلين أمس، العبء الكبير الذي تتحمله مصر من خلال استضافتها ملايين اللاجئين.
وحازت قضية اللاجئين، على نطاق واسع في مباحثات السيسي وميركل، أمس، وقالت المستشارة الألمانية، في مؤتمر صحافي عقب اللقاء: «هناك أعداد كبيرة من اللاجئين في مصر وإن ألمانيا تدعم مصر في هذه القضية»، لافتة إلى أن «أوروبا تعاني أيضا من مشكلة اللاجئين».
واستقبلت ميركل الرئيس المصري في مقر المستشارية ببرلين، على هامش حضوره قمة مجموعة العشرين حول الشراكة مع أفريقيا، التي تهدف للترويج لاستثمار القطاع الخاص في أفريقيا.
وتشهد العلاقات بين مصر وألمانيا تناميا واضحا في السنوات الأخيرة، في مختلف المجالات خاصة على الصعيدين الاقتصادي والعسكري. وتعد القمة السادسة من نوعها بين الزعيمين، منذ وصول السيسي للحكم عام 2014.
وفي كلمته خلال المؤتمر الصحافي المشترك، أكد السيسي أنه اتفق والمستشارة الألمانية على تطوير التعاون الأمني والعسكري المشترك بما يمكن من التعامل مع مختلف التهديدات، وأهمية تضافر الجهود الدولية لوضع حد لخطر الإرهاب.
وقال السيسي، إن القمة تناولت كذلك النجاحات الفائقة التي حققتها مصر في وقف تدفقات الهجرة غير الشرعية لأوروبا منذ سبتمبر (أيلول) عام 2016 وحتى الآن، وكذلك تطرقت لسبل تعزيز العلاقات الثنائية. قائلا: «أكدنا عزمنا تعميق وتطوير آفاق الشراكة بين البلدين في ضوء المكانة المهمة التي تحتلها ألمانيا دوليا وداخل الاتحاد الأوروبي والدور المحوري الذي تقوم به مصر لتحقيق الاستقرار الإقليمي، ومواجهة التحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط».
ونوه إلى أن العلاقات بين البلدين تمثل شراكة متنوعة في مختلف المجالات ويدل على ذلك اللقاءات المتعددة التي جمعته والمستشارة ميركل خلال الأعوام الثلاثة الماضية، والزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، معربا عن تقديره مواقف ألمانيا المساندة لمصر في حربها على الإرهاب.
وأبدى السيسي عن سعادته لاستعادة السياحة الألمانية لمصر لمستواها المعهود، معربا عن أمله في استمرار توجه السياح الألمان إلى المقاصد المصرية التي يكون فيها كل المودة والترحاب والأمان.
فيما نوه إلى أنه «تم التشاور حول سبل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط بما يحقق تسوية دائمة وعادلة مستندا إلى القرارات والمرجعيات الدولية ذات الصلة». وأكد أن مصر تعمل بالتعاون مع جميع الشركاء الدوليين، بما فيها ألمانيا، ومبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة في ليبيا.
بدورها، أكدت المستشارة الألمانية أن مصر شريك مهم جدا في حل كثير من القضايا السياسية بمنطقة الشرق الأوسط، مشيرة في هذا الصدد إلى أن مصر وألمانيا تدعمان المواقف التي تساعد على تهدئة الأوضاع في سوريا.
وقالت ميركل إن هناك أعدادا كبيرة من اللاجئين في مصر، وإن ألمانيا تدعم مصر في هذه القضية بشكل أو بآخر، لافتة إلى أن أوروبا تعاني من مشكلة اللاجئين وهذا على العكس من موقف مصر التي تستقبلهم. وأضافت: «بحثت مع السيسي الأوضاع في ليبيا والشأن القانوني للدولة الليبية كما ناقشنا آلية رفع مستوى التعاون بين مصر وألمانيا في المجالات الأمنية والسياسية». وأشادت المستشارة الألمانية بالدور المهم والمحوري الذي تقوم به مصر في تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، وما قامت به من جهود فيما يتعلق بملف الهجرة غير الشرعية، مشيرة إلى أن مصر تستضيف ملايين اللاجئين على أراضيها وتعاملهم كمواطنيها، كما أنها نجحت في منع الهجرة غير الشرعية المتوجهة إلى أوروبا عبر أراضيها وسواحلها.
وقالت ميركل إنها أجرت مشاورات بناءة ومثمرة مع الرئيس، وإنهما تطرقا لمختلف ملفات التعاون الثنائي والشراكة الاقتصادية القائمة بين البلدين، حيث اتفقا على تعزيزها وتطويرها في مجالات مختلفة، فضلا عن الملفات الإقليمية، لا سيما في ليبيا وسوريا. وقالت إنها تدعم مصر أيضا في حربها على الإرهاب خاصة في سيناء، وإنها متفهمة خطورة الوضع في ليبيا التي لها حدود واسعة مع مصر، مشيرة إلى أنها تحدثت مع الرئيس في كيفية التوصل إلى حل سلمي للأزمة الليبية، كما استعرضت الأزمة السورية وسبل تحقيق حل سلمي لها.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.