الحكومة اللبنانية تتجه للتشكيل و«القوات» تشارك رغم «الغبن»

«حزب الله» يرفض تسليم أسمائه بانتظار حل عقدة «سنة 8 آذار»

استقبل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مساء أمس وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم رياشي في حضور الوزير غطاس خوري (الوكالة الوطنية)
استقبل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مساء أمس وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم رياشي في حضور الوزير غطاس خوري (الوكالة الوطنية)
TT

الحكومة اللبنانية تتجه للتشكيل و«القوات» تشارك رغم «الغبن»

استقبل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مساء أمس وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم رياشي في حضور الوزير غطاس خوري (الوكالة الوطنية)
استقبل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مساء أمس وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم رياشي في حضور الوزير غطاس خوري (الوكالة الوطنية)

خرج تشكيل الحكومة اللبنانية من نفق الاستعصاء باتجاه قرب التأليف بعد اتخاذ حزب «القوات اللبنانية» قرار المشاركة بها وبالتالي القبول بالعرض الأخير المقدم له، فيما تتجه الأنظار إلى المخرج الذي سيعتمد في حلّ مسألة تمثيل «سنة 8 آذار» الذي يتمسّك حزب الله بتوزير نائب منهم.
وأجمعت مصادر كل من رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، أن العقد الحكومية ذلّلت، وبات العمل على وضع اللمسات الأخيرة قبل اللقاء المتوقع اليوم في قصر بعبدا ليسلّم الحريري تشكيلته النهائية إلى عون بعد أن يكون قد أنهى إسقاط الأسماء التي تسلّمها من الأفرقاء على الحقائب الوزارية.
من جهته، أشار رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى انفراجة وشيكة في المفاوضات الجارية لتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة. وقال ردا على سؤال عن الحكومة: «مبدئيا من المفروض يحصل شيء ما اليوم»، (أمس).
وكما كان متوقعا، التقى بعد الظهر، وزير الإعلام ملحم رياشي الرئيس المكلف، مسلّما إياه لائحة بأسماء وزراء «القوات» ومعلنا أن الحريري شكر جعجع في اتصال هاتفي على جهوده لتسهيل الحكومة.
وفيما بدا لافتا ما نقلته قناة «lbc» عن «حزب الله» لجهة تمسكه بتمثيل «سنة 8 آذار» وقوله بأن «الحزب لن يسلّم أسماء وزرائه ما لم يُمثّل حلفاؤه السنة، ومن انتظر القوات خمسة أشهر يستطيع الانتظار أياما»، تؤكد مصادر مطّلعة على المشاورات أن «العقدة السنية» ستحل في لقاء رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ملمحة إلى إمكانية تجاوزها بما يمنع كسر الحريري ويرضي حزب الله. وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أنه إذا لم يتم التوصّل إلى حلّ قد تصبح عقدة، مشددة على أنه «سيكون بالتأكيد مخرج للموضوع يتفاهم عليه الحريري وعون خلال لقائهما المرتقب».
في المقابل، ترفض مصادر قيادية في «تيار المستقبل» وصف تمثيل سنة 8 آذار بـ«العقدة». وتكرّر ما سبق أن قاله للحريري، معتبرا أنه لا وجود للعقدة من الأساس. وتقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الموضوع لم يطرح إلا في الإعلام، وبالتالي القول إن البعض يتمسّك به أو يرفض التنازل عن تمثيل «سنة 8 آذار» ليس إلا من باب المزايدات»، وأضافت المصادر: «ومن يريد أن يرضيهم فليعطهم من حصته وليس من حصّة الرئيس المكلّف».
وكان جعجع قد أعلن أن تكتل «الجمهورية القوية قرر الدخول في الحكومة العتيدة تبعا للعرض الأخير الذي تلقاه من أجل أن نكمل من الداخل تحقيق أهدافنا التي من أجلها ترشحنا إلى الانتخابات النيابية».
وأوضح في مؤتمر صحافي: «منذ ثلاثة أيام تسلمنا العرض الأخير فيما يتعلق بمشاركتنا في الحكومة، وهو كناية عن 4 وزراء بينهم نائب رئيس حكومة، وزير عمل، وزير شؤون اجتماعية، ووزير ثقافة، فانكببنا على دراسة هذا العرض».
وأضاف معدّدا حصص الكتل الأخرى مقارنة مع حصة «القوات»: «أسهل الحلول كان بالنسبة لنا هو البقاء خارج الحكومة إذا ما أردنا التصرف انطلاقا من التظلم الكبير الحاصل بحق القوات مقارنة مع باقي الكتل، ولكن الحقائب والحصص لم تكن هدفنا في أي يوم من الأيام».
وفيما بدا واضحا انتقادا لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، قال جعجع: «هناك من يحاول تصوير مسألة إعطاء القوات هذه الحقائب فقط على أنه انتصار كبير، إلا أنها هزيمة كبيرة له باعتبار أن الانتصارات تتحقق في الانتخابات إما النيابية أو الطالبية، فالمحكمة هي الشعب وليس أن يتحكم البعض بقلم الإمضاء على تأليف الحكومة أو بتعطيل تشكيلها من أجل أن يخرج علينا في النهاية ليقول إنه بطل وتمكن من تحصيل كل الحقائب التي حصلها فيما القوات ضعفاء ولم يتمكنوا من تحصيل أي شيء».
وختم كلامه مستعينا بمثلين الأول فرنسي والثاني إنجليزي لما قال إنه لضرورات البحث لا غير، الأول يقول «ليس هناك من أعمال حقيرة وإنما هناك أناس حقيرون. لذا أريد أن أستعمل هذا المثل بتصرف لأقول ليس هناك من حقائب وزارية حقيرة وإنما هناك أناس حقيرون». أما المثال الثاني: «في يوم من الأيام سألوا وينستون تشرشل: لماذا تجلس إلى آخر الطاولة وليس إلى رأسها، فردّ: في المكان الذي أجلس إليه أنا يكون رأس الطاولة».
وردّ التيار الوطني الحر في بيان صادر عن اللجنة المركزية للإعلام على جعجع، مرحّبا بقرار «القوات» المشاركة في الحكومة، ومتمنيا أن يكون هذا القرار «في سياق تمتين الوحدة على مستوياتها كافة وفي سياق النية الجدية للمساهمة في إنتاجية الحكومة والعمل الإيجابي».
واعتبر «التيار» أن مقارنة جعجع لأعداد الكتل النيابية وحقائبها تؤكد صوابيته باعتماد معيار أحجام الكتل النيابية لتمثيل الأطراف السياسية في الحكومة.
ولفت إلى أنه «ساهم منذ البدء بتلبية أحد طلبات القوات المتخطية لهذا المعيار بحجم كتلتها الوزارية التي وصلت لأربعة، وهو يعتبر مساهمته هذه تأتي في سياق دور التيار التقليدي المتكرّر في مجال مساعدة «إخوته» دون المسّ بحقّه، مهما بلغ الخلاف السياسي. أما أي جردة حساب أخرى في عملية تأليف الحكومة فيأتي دورها بعد انتهاء التشكيل إذا لزم الأمر».
هذا وقالت معلومات غير رسمية إن وزراء «القوات اللبنانيّة» الذين سمّاهم رئيس الحزب سمير جعجع هم: نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني، وريشار قيومجيان (أرمن كاثوليك) الذي سيتولّى حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعيّة، ومي شدياق (مارونيّة) التي ستتولّى وزارة الثقافة، وكميل أبو سليمان (ماروني) الذي سيتولّى وزارة العمل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.