«هيئة الشارقة للكتاب» تعزز دور الناشر العربي لمواكبة سوق الكتاب العالمية

انطلاق فعاليات البرنامج التدريبي بالتعاون مع جامعة نيويورك وحضور أكثر من 100 ناشر

«هيئة الشارقة للكتاب» تعزز دور الناشر العربي لمواكبة سوق الكتاب العالمية
TT

«هيئة الشارقة للكتاب» تعزز دور الناشر العربي لمواكبة سوق الكتاب العالمية

«هيئة الشارقة للكتاب» تعزز دور الناشر العربي لمواكبة سوق الكتاب العالمية

نظّمت «هيئة الشّارقة للكتاب» صباح أمس (الأحد)، في غرفة تجارة وصناعة الشّارقة دورة تدريبية للنّاشرين العرب، بالتعاون مع جامعة نيويورك، وبمشاركة أكثر من 100 ناشر عربي. وتأتي إقامة الدورة التدريبية للناشرين العرب على هامش استعداد «هيئة الشارقة للكتاب» لإقامة فعاليات «معرض الشارقة الدولي للكتاب» الذي يقام بمشاركة محلية وإقليمية ودولية واسعة.
استهل البرنامج بكلمة ترحيبية ألقاها فيصل النابودة، منسق عام مؤتمر الناشرين، متحدّثاً عن تجسيد هذا البرنامج لرؤية إمارة الشارقة وتوجيهات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حيث اختارت الإمارة أن تكون النهضة الثقافية أساساً لنهضتها الحضارية وعنواناً لحضورها بين ثقافات العالم. وأضاف: «كما يصبّ البرنامج في تطلعات هيئة الشارقة للكتاب، لبناء قاعدة متينة لحركة النشر العربي، وتطوير مهارات العاملين فيها، إذ نسعى من خلاله إلى مواكبة متغيرات سوق الكتاب العالمية، وتطوير توجهات السوق العربية بما يتلاءم مع مستجدات النشر والطباعة».
من جهتها، قالت آندريا تشامبرز، مديرة مركز النشر في كلية الدراسات المهنية بجامعة نيويورك: «نحرص في هذا المحفل المهم على تقديم كل ما هو جديد في ممارسات صناعة الكتاب حول العالم، ويتلخص دورنا في دعم تطور صناعة الكتاب العربي ونقله إلى العالمية من خلال فتح نافذة ملائمة للوصول إلى ناشرين وقراء جدد، وتقديم كثير من الاستراتيجيات الخاصة بالتسويق من خلال خبراء ومحررين وشخصيات ذات خبرة لافتة في هذا المجال».
وفي حوار أجرته آندريا تشامبرز مع جنيفر براون صاحبة دار النشر التي حصل كتابها «المرأة في النافذة» على لقب «الكتاب الأكثر مبيعاً في العالم»، تحدثت خلاله عن تجربة ذلك النجاح الذي لخصته بتهيئة خطط نشر ناجحة، وأهمية متابعة الجديد في مجال حماية حقوق المؤلف والناشر، وصياغة عقود لافتة مع مؤلفي الكتب والروايات، إضافة إلى ما لمسته الدار من مواكبة الراوية لاهتمامات القراء حول العالم، حيث استطاعت أن تتحول إلى فيلم سينمائي خلال فترة وجيزة من ظهورها.
تلا ذلك استعراض لقائمة «أكثر 10 كتب مبيعاً في العالم» خلال الوقت الحاضر، رافقه استعراض لسيرة مؤلفيها، وإظهار ما تميزوا به من قدرات كبيرة في مخاطبة الوجدان وتحريك الكلمات بشكل جذاب، كما تضمن العرض استعراضاً للجوانب الفنية التي لخصها المصممون، ومستويات الطباعة التي أسهمت هي الأخرى في منح الكتب مزيداً من نقاط التفوق؛ لتضعها في صدارة الكتب الأكثر مبيعاً في العالم بحسب شهادات النقاد والقراء.
وفي ورشة تفاعلية شارك فيها الخبراء والمتخصصون والناشرون، استعرضوا خلالها كثيرا من النقاط الخاصة بالكتاب المتميز الذي يستطيع الوصول إلى الصدارة، من بينها أنه ليس من الضرورة أن يكون الكتاب كبيرا كي يكون مهماً، وإنّما أن يكون معبراً، وأن يتم دعمه بكل ما يمكن من الاقتراحات التي تعزز جودته بدءا من الغلاف وشكل الخط وانتهاء بعملية التسويق والتوزيع بعد دراسة وافية للسوق التي سيصل إليها، وأن يكون هناك حماس من الناشرين في معرفة ما تميل إليه اتجاهات القراء، مع أهمية الحصول على موافقات دولية عدة، ولا سيما إن كان الكتاب بلغة متداولة عالميا تضمن توسيع قاعدة القراء.
وضمن الاتجاهات الحديثة لتسويق الروايات والكتب حول العالم، تم استعراض مجموعة من الأفلام القصيرة التي تقوم بتطويع وسائل التواصل الاجتماعي لخدمة الكتاب، وعرضت الأفلام استخدام تقنيات مختلفة لعرض الكتب، من بينها استخدام اقتباسات من محتوياتها، وتقديم صور غير نمطية للغلاف والموسيقى المصاحبة التي تضمن تكوين فكرة مناسبة للقارئ، واللجوء إلى استخدام المؤلفين للترويج عن كتبهم بشكل يجعل منهم علامة تسويقية قبل نزول الكتاب إلى الأسواق، لضمان النجاح اللازم.
وجرى خلال البرنامج كثير من النقاشات حول الوضع الخاص بالنشر في المنطقة العربية، والخطط التي يبذلها الناشرون لخلق الاهتمام المناسب للكتب قبل عملية النشر، ومن هم أبرز المؤثرين في القطاع، وما هي الأوقات المناسبة أو الفعاليات السنوية في المنطقة العربية التي يمكن معها القيام بتسويق ناجح، وأبرز الحملات التي تقام على وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق طموح الناشر، وماهية الوسائل المناسبة الأخرى التي يمكن أن يقوم بها المؤلف أو الناشر ضمن حملة التسويق من خلال الخبرات والتجارب السابقة للناشر العربي.
في الإطار ذاته، شارك الناشرون بجلسات طاولة مستديرة، جمعت ناشرين من أنحاء متفرقة من العالم العربي، تشاركوا فيها كثيراً من الاهتمامات المتعلقة بالنشر، وتأثير الثقافات بين الشعوب في مجال عرض الكتب والروايات، واختلاف الاهتمامات، سواء من حيث تفاصيل الكتاب الواحد، أو المجالات التي يتخصص بها، حتى الأسواق التي تتوجه إليها، والأسلوب الناجح في تحويلها إلى أفلام سينمائية، والأمثلة الناجحة البارزة التي ضربتها دولة الإمارات والشارقة في رفع مكانة الكتاب بشكل منسجم مع البعد الكبير للثقافة العربية.
وفي محاضرة له عن «السوق العالمية وفرص واستراتيجيات النشر»، بيّن سيث روسو أن سوق النشر حاولت خلال السنوات الخمس الماضية النهوض من مستويات الركود التي وصلتها، فتوجّه نحو 15 في المائة من الناشرين نحو طباعة الكتب الإلكترونية التي فاقت شهرتها الكتب الورقية والصوتية إلى حد كبير، إضافة إلى ظهور مفهوم القارئ العابر للحدود الذي توسع نتيجة السياحة والهجرة والإقامة، وهناك حرص الناشرون على تطوير أعمالهم خارج الرقعة الجغرافية لبلدانهم، ومعرفة الأمور التي يتوجب عليهم القيام بها دولياً، واتفاقهم على أهمية معرفة الكمية اللازمة للمطبوعات تجنباً لمشكلات الركود والخزن؛ للحصول على هامش ربحي جيد.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».