القانون في عالم «هاري بوتر» يدخل مقررات جامعة هندية

لقطة من أحد أفلام سلسلة «هاري بوتر»
لقطة من أحد أفلام سلسلة «هاري بوتر»
TT

القانون في عالم «هاري بوتر» يدخل مقررات جامعة هندية

لقطة من أحد أفلام سلسلة «هاري بوتر»
لقطة من أحد أفلام سلسلة «هاري بوتر»

مر 20 عاماً على صدور أول رواية من سلسلة «هاري بوتر»، ولكنها لم تتقادم مع الزمن، بل زاد عدد قرائها وهواة العالم السحري للكاتبة جي كي راولينغ، ولا أدل على ذلك من استمرار الأفلام التي تدور في ذلك العالم السحري، رغم إنتاج 8 أفلام مستوحاة من السلسلة، فقريحة راولينغ ما زالت تنتج قصصاً مختلفة من خلال السلسلة الجديدة «فانتاستيك بيستس»، التي سيصدر أحدث أفلامها الشهر المقبل.
وفي الهند، يستعد الطلاب في كلية حقوق لدراسة القانون من منظور مختلف، ومن عالم آخر. فحسب ما ذكرت صحيفة «غارديان»، أدخلت الكلية مقرراً يعتمد على روايات «هاري بوتر»، تدرس من خلاله مواضيع مثل الاسترقاق والتمييز ضد المختلفين من البشر. وفي حالة الروايات التي تدور في عالم سحري، يظهر ذلك في عبودية شخصيات مثل الألف «دوبي» (وهي نوعيات من الكائنات الأسطورية التي يستعبدها السحرة الأشرار) في روايات بوتر.
وتبدأ جامعة الدراسات التشريعية بكالكتا تدريس أول فصل من العناصر القانونية في عالم هاري بوتر السحري، وهو ما قد يبدو في البداية نتيجة للافتتان العام بالرواية وأبطالها، وبالعالم الثري الغريب الذي نسجته راولينغ ببراعة، ولكن بنظرة أعمق يبدو أن المواد التي دخلت مقررات الجامعة ترتبط بموضوعات من واقع المجتمع الهندي.
وقد أطلق المدرس المساعد بالجامعة شوفيك كومار جوها، وهو صاحب فكرة المقرر الجديد، عليه عنوان «العلاقة بين الرواية الخيالية والقانون: نظرة خاصة على عالم بوتر لراولينغ». ومن المسلم به أن يكون الراغبون في الانخراط في الفصل الجديد قد قرأوا مجموعة الروايات كاملة مرتين أو أكثر، حسب ما يشير جوها.
ويتطلب المقرر الجديد من الطلبة أن يطبقوا مبادئ القانون الهندي وقانون عالم هاري بوتر، حسب الروايات، على قضايا مثل «اللعنات القاتلة»، وتعذيب أو قتل شخص آخر، وقواعد استخدام المكانس الطائرة في رياضة «كويدتيش»، كما توصف في الروايات.
ويهدف المقرر الجديد إلى تسهيل دراسة القانون المعقدة وتبسيطها، إلى جانب تشجيع الطلاب على التفكير الناقد في المشكلات الاجتماعية في مناطق من الهند، مثل الاسترقاق والعبودية والتعذيب، والتعامل داخل المجتمع الهندوسي مع الأقليات، وهو ما يمكن ربطه مع روايات بوتر، حيث تصور راولينغ قضية التعامل المتبادل بين السحرة وغيرهم، ممن لا يملكون أية مواهب أو قدرات سحرية ممن تطلق عليهم «ماغلز».
«الوضع السياسي في الهند حالياً منقسم»، يقول كومار لـ«غارديان»، ويضيف: «لديّ ميولي السياسية الخاصة، ولكن من غير المناسب أن أطبق ذلك في قاعة المحاضرات، ولهذا رأيت من الأنسب أن أستخدم نموذجاً لا يحمل الطلاب ضده أية مواقف مسبقة. فعلي سبيل المثال، التفرقة الاجتماعية والطبقية التي تبدو في روايات (هاري بوتر) هي مثال يتفق عليه الجميع، ولكن في الواقع سيكون هناك اختلاف بينهم حول ما قد يراه البعض (تفرقة عنصرية)، وما يراه آخرون أمراً طبيعياً». وعلى غرابة الفكرة، سيستخدم المقرر شخصيات عوملت بدونية في الروايات، مثل حيوان «سنتوز»، وهو نصف آدمي ونصف حصان، أو الإلف، الكائن الأسطوري المضطهد أو العمالقة؛ وكلها أصناف من المخلوقات التي تهمش في مجتمع بوتر. كما يلقي الفصل أيضاً الضوء على دور الإعلام في ذلك العالم السحري، من خلال صحيفة «ديلي بروفيت» التي تكرس للتفرقة العنصرية.
وتعتمد فكرة كومار على أن الطلبة سيقيمون مقارنات بين العالم السحري والعالم الواقعي، وأن ذلك «سيساعدهم في التفكير، ولو قليلاً». ويبدو أن وجهة نظره قد أثبتت شيئاً واحداً على الأقل، وهو أن هناك كثيرين من الذين ستجذبهم الفكرة من هواة الروايات، وهو ما يفسر أن الفصل قد استوفى العدد المطلوب من المتقدمين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».