مهرجان «مسكون»... ديكورات وعروض سينمائية تحاكي الفانتازيا والإثارة

TT

مهرجان «مسكون»... ديكورات وعروض سينمائية تحاكي الفانتازيا والإثارة

في أجواء تخرج عن المألوف بمجال الديكور والعروض السينمائية والموسيقية ينطلق مهرجان «مسكون» السينمائي المتخصص في أفلام الرعب والإثارة. وفي دورته الثالثة التي تستضيفها بيروت من 31 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، لغاية 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، سيلتقط اللبنانيون أنفاسهم خلال متابعتهم نحو 20 فيلماً قصيراً ومتوسطاً وكلاسيكياً ترتكز على الفانتازيا الرائجة في عالم السينما حاليا.
وسترتدي صالات سينما متروبوليس في بيروت التي ستقدم فيها هذه العروض حلة ديكور خيالية، ترسم العاصمة اللبنانية وكأنها مهجورة تخرج منها مشاهد من الطبيعة والأشجار في دلالة على مقاومتها التلوث على أنواعه.
«هي ديكورات ترتبط ارتباطاً مباشراً بعنوان المهرجان الخاص بأفلام الرعب ويعد الأول من نوعه في المنطقة العربية». يوضح أنطوان واكد المدير الفني للمهرجان في حديثه لـ«الشرق الأوسط». ويتابع: «فرواد الأفلام وإضافة إلى استمتاعهم بالعروض المقدمة سيعيشون تجربة سينمائية جديدة منذ اللحظة الأولى لدخولهم باحة صالات متروبوليس، ولغاية موعد انتهاء كل عرض. فسيكون بإمكانهم وضع أقنعة وحضور أفلام قصيرة على طريقة التقنية ثلاثية الأبعاد، وكذلك متابعة فنانين يرسمون مباشرة أمامهم لوحات مستوحاة من أفلام رعب مشهورة. كما سيتسنى لهم شراء أغراض وأسطوانات مدمجة لأفلام سينمائية مختلفة».
أما العرض الموسيقي الذي يختتم به المهرجان فعالياته الأحد 4 نوفمبر المقبل، فسيتضمن عروض أفلام صامتة يرافقها عزف مباشر على البيانو لسيرج برومبرغ أحد أشهر مرممي أفلام بدايات الفن السابع ليذكرنا بتلك المرحلة على طريقته.
ثمانية أفلام جديدة وواحد كلاسيكي و10 قصيرة و2 متوسطة تشكل برنامج العروض السينمائية لمهرجان «مسكون». ومن بين تلك المجموعة ثلاثة أفلام تشارك في جائزة الأوسكار لهذا العام وهي: «ذا غيلتي» للدنماركي غوستاف مولر و«برنينغ» للكوري لي تشانع دونغ و«بوردر» للسويدي علي عباسي (إيراني الأصل).
«هي مجموعة أفلام تتنوع بين الكوميديا والإثارة والثريلر والكوميديا السوداء والعالم الخرافي، التي ترضي أذواق اللبنانيين على اختلاف مشاربهم». يوضح واكد أن فيلمين فقط من الأفلام المعروضة يندرجان على لائحة الرعب.
وحسب واكد فإن العالم اليوم يتوجه إلى هذا النوع من أفلام الثريلر التي تحمل رسائل عميقة وغيرها من المشبعة بالتشويق والإثارة والرعب. وهي تشق طريقها بقوة إلى المهرجانات السينمائية العالمية، ولا سيما «برلين السينمائي» الذي يخصص لها حيزا لا يستهان به في برنامجها.
ويفتتح «مسكون» بـ«غيلتي» الحاصل على جائزة الجمهور في مهرجانَي صندانس وروتردام السينمائيين.
وتنقلنا أفلام أخرى تعرض لأول مرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى المكسيك (فيلفن) للمخرجة إيسا لوبيز، وإلى السويد وكوريا مع فيلمي «بوردر وبيرنينغ». وبالتعاون مع السفارة السويسرية في لبنان سيكون المخرج ألكسندر فيليب حاضراً خلال عرض فيلمه الوثائقي 78 / 52 في «مسكون»، علماً أن هذا الشريط الذي عُرض في مهرجان «صندانس» يتناول الأثر الكبير في عالم السينما لمشهد الاستحمام الشهير في فيلم «بسايكو» لألفريد هيتشكوك. وسيقدم فيليب كذلك دروساً عن أعمال المخرج الراحل مع تحليل لها.
ومن المنطقة العربية يُعرض فيلم «دشرة» لعبد الحميد بوشناق بحضوره. وكان سبق أن عرض هذا الفيلم خلال «أسبوع النقاد» في مهرجان البندقية. وفي برنامج المهرجان أيضاً اثنان من أهم الأفلام العربية القصيرة في العامين الأخيرين ضمن نوع الأفلام التي يتخصص بها «مسكون»، وهما «قنديل البحر» للمخرج الجزائري داميان أونوري (مهرجان كان 2016)، وفيلم «آخر أيام رجل الغد» Last Days of the Man of Tomorrow للبناني فادي باقي، الفائز بجائزة أفضل فيلم روائي في مهرجان الفيلم اللبناني. وسيكون المخرجان حاضرين خلال عرض فيلميهما.
أما فيما يتعلق بالأفلام الكلاسيكية، فيتعاون «مسكون» مع السفارة الإسبانية في لبنان ومع مهرجان «سيتجز» لأفلام الفانتازيا في إقليم كاتالونيا الإسباني لإلقاء الضوء على السينما الإسبانية، من خلال عرض فيلم الرعب «The Nameless» لمخرج أفلام الرعب الإسباني المعروف خاومي بالاغويرو. ويتابع المهرجان تعاونه مع الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة جامعة البلمند (ألبا)، ليستضيف في الأول من نوفمبر وبالشراكة مع «مؤسسة سينما لبنان»، سلسلة حلقات نقاشية وصفوف تعليمية يحييها خبراء أجانب وعرب ولبنانيون، بينهم أعضاء لجنة التحكيم، والمخرجون الذين يحضرون للمشاركة في عروض أفلامهم.
وعلى هامش المهرجان تقام مسابقة «مسكون» للأفلام اللبنانية القصيرة تهدف إلى تشجيع السينمائيين اللبنانيين على أن تكون لهم أفلامهم الخاصة في مجال الفانتازيا و«الثريلر» والرعب. ويشارك الفيلم الفائز بجائزة «سيتجز» للأفلام القصيرة ضمن المهرجان الدولي لسينما الفانتازيا والرعب في إقليم كاتالونيا الإسباني وسيتلقى مخرج الفيلم الفائز دعوة لحضور المهرجان. أما جائزة «أبوط برودكشن» (منظمة مهرجان مسكون) فستكون عبارة عن جائزة نقدية قدرها 1500 دولار أميركي بالإضافة إلى استشارة سيناريو من قبل فريق عملها على المشروع المقبل للمخرج الفائز.
وستتولى لجنة تحكيم دولية مؤلفة من مدير مهرجان «سيتجز» لأفلام الفانتازيا في كاتالونيا مايك هوستينش، ومديرة البرمجة في مهرجان «بوسطن أندرغراوند» في الولايات المتحدة نيكول ماكونتروفرسي، والمسؤول عن قسم الأفلام الكلاسيكية القديمة في مهرجان كان جيرالد دوشوسوا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».