ارتفاع غير مسبوق في حدة المواجهات بين الأحزاب الإسبانية

تطورات تضع انفصال كاتالونيا في المقدمة... وظهور اليمين المتطرف للمرة الأولى منذ وفاة فرنكو

رئيس الحكومة بيدرو سانتشيز خلال جلسة الأربعاء في البرلمان بمدريد (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة بيدرو سانتشيز خلال جلسة الأربعاء في البرلمان بمدريد (إ.ب.أ)
TT

ارتفاع غير مسبوق في حدة المواجهات بين الأحزاب الإسبانية

رئيس الحكومة بيدرو سانتشيز خلال جلسة الأربعاء في البرلمان بمدريد (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة بيدرو سانتشيز خلال جلسة الأربعاء في البرلمان بمدريد (إ.ب.أ)

تشهد الساحة السياسية الإسبانية منذ مطلع هذا الأسبوع تطورات متسارعة وغير مألوفة، مصحوبة بارتفاع في حدة المواجهة بين الأحزاب الرئيسية، مما ينذر بتصعيد مفتوح على كل الاحتمالات في الأزمة الانفصالية الكاتالونية التي تراوح في أجواء شديدة التوتّر على أبواب الانتخابات المحلية والإقليمية.
التطوّر الأخير الذي رفع المواجهة إلى مستوى الصدام المباشر كانت القطيعة التي أعلنها رئيس الحكومة بيدرو سانتشيز، من منبر البرلمان، مع زعيم الحزب الشعبي بابلو كاسادو الذي أبى أن يعتذر عن الاتهامات القاسية التي وجهها إلى سانتشيز عندما قال إنه «شريك في الانقلاب الانفصالي الذي حصل في كاتالونيا». وكان كاسادو قد استغلّ جلسة مناقشة برلمانية حول «بريكست» وفتح النيران على سانتشيز ومعالجته الأزمة الانفصالية في كاتالونيا. وردّ سانتشيز مهدداً بقطع علاقاته نهائياً مع كاسادو إذا لم يعتذر هذا الأخير عن تصريحاته.
هذه القطيعة التي أكدتها الناطقة بلسان الحكومة أمس، والتي لم تشهد إسبانيا مثلها منذ عودة الديمقراطية أواخر سبعينات القرن الماضي، من شأنها أن تفتح شهيّة الأحزاب الانفصالية في كاتالونيا على جولة جديدة من التصعيد إزاء هذا الشرخ في العلاقات بين الحزبين الرئيسيين اللذين، رغم الخلافات التي تفرّق بينهما، وقفا جبهة واحدة خريف العام الماضي عندما وضع التحدي الانفصالي إسبانيا أمام أخطر أزمة في تاريخها الحديث.
ومما يزيد من خطورة هذا التطوّر أنه يأتي في سياق انحراف الحزب الشعبي نحو أقصى اليمين، بعد أن تولّى كاسادو قيادته إثر سقوط حكومة ماريانو راخوي واستقالته من زعامة الحزب، ويندرج ضمن التعبئة العامة التي عاد ليشرف عليها رئيس الوزراء الأسبق خوسيه ماريّا أزنار، لوقف تدهور الحزب الشعبي أمام صعود حركة «مواطنون» التي قضمت مساحات واسعة من المشهد المحافظ في الانتخابات الأخيرة، وظهور اليمين المتطرف لأول مرة منذ وفاة الجنرال فرنكو.
وقد لوحظ خلال الجلسة البرلمانية أن خطاب كاسادو التصعيدي ساهم في استعادة اللُّحمة بين فصائل الحزب الشعبي التي تتناحر منذ المؤتمر الأخير، مفروزة بين معتدلين موالين لماريانو راخوي ومتشددين يؤيدون خوسيه ماريّا أزنار ويطعنون في شرعيّة الحكومة الحالية التي يعتبرونها «لا تجسّد الإرادة الشعبية الممثّلة في البرلمان».
ويرى مراقبون من الحزب الاشتراكي الحاكم، بنسبة لا تتجاوز 25% من المقاعد في البرلمان، أن هذا التطرّف في منحى الحزب الشعبي ليس سوى محاولة يائسة لكبح التراجع المطرد في شعبيته لصالح حركة «مواطنون» واليمين المتطرف.
الردّ من الحزب الشعبي على القطيعة التي أعلنها سانتشيز بعد أن رفض كاسادو الاعتذار، رفع المواجهة إلى درجة أعلى عندما أكّد هذا الأخير أن «رئيس الحكومة عليه أن يقطع علاقاته مع الانفصاليين الذين يتآمرون على وحدة إسبانيا»، مضيفاً أن إعلانه القطيعة مع الحزب الشعبي قد يكون من بين الشروط التي فرضها عليه الانفصاليون لتأييد وصوله إلى رئاسة الحكومة.
وتجدر الإشارة إلى أن أحزاب المعارضة تخشى من وجود صفقة بين سانتشيز والقوى الانفصالية في كاتالونيا للإفراج عن القياديين الانفصاليين المعتقلين بتهمة التمرّد بعد الاستفتاء غير الشرعي العام الماضي، والذين من المفترض أن يبتّ القضاء في وضعهم الأسابيع المقبلة. وكان سانتشيز، في ردّه على أحد النواب خلال الجلسة البرلمانية الأخيرة، قد ذكّر بما ورد منذ سنوات على لسان أحد الرؤساء السابقين للبرلمان، الذي كان ينتمي إلى الحزب الشعبي، عندما قال إن «التمرّد ملازم لحركة انقلابية يقوم بها أفراد من القوات المسلّحة أو مدنيّون مسلّحون بإمرة عسكريين».
لكن رغم تأكيد سانتشيز أنه يتعهد بالتزام الحياد التام وعدم التدخّل في شؤون القضاء لإسقاط تهمة التمرّد عن المعتقلين، فإن ما ورد على لسانه في البرلمان لم يترك مجالاً للشك في أنه قد يكون يمهّد لخطوة سياسية ينتظرها منه الانفصاليون عشيّة محاكمة القادة الانفصاليين التي يحبس الإسبان أنفاسهم بانتظار خواتيمها.
ويخشى مراقبون أن يذهب الحزب الشعبي في سعيه لاستعادة شعبيته المفقودة إلى منحى شعوبي على غرار حركة النجوم الخمس ورابطة الشمال في إيطاليا، فيستغلّ الأزمة الانفصالية، إلى جانب أزمة المهاجرين التي انتقل مركز ثقلها من إيطاليا إلى إسبانيا، ويستردّ المساحة السياسية التي خسرها عندما كان في الحكومة.



ترودو سيناقش مع الملك تشارلز تهديد ترمب بضم كندا

رئيس وزراء كندا جاستن ترودو خلال مؤتمر صحافي في لندن (أ.ب)
رئيس وزراء كندا جاستن ترودو خلال مؤتمر صحافي في لندن (أ.ب)
TT

ترودو سيناقش مع الملك تشارلز تهديد ترمب بضم كندا

رئيس وزراء كندا جاستن ترودو خلال مؤتمر صحافي في لندن (أ.ب)
رئيس وزراء كندا جاستن ترودو خلال مؤتمر صحافي في لندن (أ.ب)

من المقرر أن يجتمع رئيس وزراء كندا جاستن ترودو مع الملك تشارلز الثالث، بصفته ملك كندا، اليوم الاثنين حيث سيناقش تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضم كندا لتكون الولاية 51.

وتعرض الملك تشارلز لانتقادات في كندا بسبب صمته حيال تهديدات ترمب بضم كندا. وقال ترودو في لندن يوم الأحد إنه سيناقش مع تشارلز القضايا المهمة بالنسبة للكنديين وأضاف «لا شيء يبدو أكثر أهمية بالنسبة للكنديين في الوقت الحالي من الدفاع عن سيادتنا واستقلالنا كدولة». ويعتبر تشارلز هو رأس دولة كندا، التي هي عضو في الكومنولث البريطاني.

وبصفة عامة، فإن حركة مناهضة الملكية في كندا صغيرة، لكن صمت الملك حيال تهديدات ترمب أثار الحديث بهذا الشأن في الأيام الأخيرة. وكان الملك، الذي التقى يوم الأحد مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، دعا ترمب للقدوم إلى اسكتلندا للقيام بزيارة دولة. وقال المحامي الدستوري لايل سكينر في منشور على «إكس»، «خبر رائع أن رئيس الوزراء سيجتمع مع ملك كندا غدا. نأمل أن يسفر هذا عن بيان من الملك بشأن مملكة كندا».

وعلى الرغم من أن الكنديين عموما غير مبالين بالملكية، فإن العديد منهم كان لديهم محبة كبيرة للملكة إليزابيث الراحلة، التي تزين صورتها عملاتهم المعدنية وزارت كندا 22 مرة أثناء فترة حكمها. يشار إلى أن إلغاء الملكية في كندا يعني تغيير الدستور. وهذا مسعى محفوف بالمخاطر بطبيعته، بالنظر إلى كيف تم تصميمه بعناية ليوحد أمة من 41 مليون شخص تضم الناطقين بالإنجليزية، والناطقين بالفرنسية، والقبائل الأصلية، والمهاجرين الجدد الذين يتدفقون باستمرار.