جيمس غارنر رحل وفي جعبته تاريخ حافل على الشاشتين

مؤيد للحزب الديمقراطي.. رفض لعب دور سياسي جمهوري في مسلسل «فضاء»

من اليمين: جاك إيلام وجيمس غارنر وجوان هاكيت في فيلم «ساند الشرطة المحلية» أخرجه بيرت كندي سنة 1969
من اليمين: جاك إيلام وجيمس غارنر وجوان هاكيت في فيلم «ساند الشرطة المحلية» أخرجه بيرت كندي سنة 1969
TT

جيمس غارنر رحل وفي جعبته تاريخ حافل على الشاشتين

من اليمين: جاك إيلام وجيمس غارنر وجوان هاكيت في فيلم «ساند الشرطة المحلية» أخرجه بيرت كندي سنة 1969
من اليمين: جاك إيلام وجيمس غارنر وجوان هاكيت في فيلم «ساند الشرطة المحلية» أخرجه بيرت كندي سنة 1969

في نهاية فيلم الوسترن «ساند الشرطة المحلية» Support Your Local Sheriff الذي أخرجه بيرت كندي سنة 1969 وقام ببطولته جيمس غارنر، الذي توفي عن 86 سنة في التاسع عشر من هذا الشهر، لقطة لقطار يمشي على سكّة الحديد في البرية. عند باب أحد المقطورات يجلس جيك (جاك إيلام) ينظر إلى الكاميرا المحمولة في طائرة تتابع القطار ويقول: «الآن، فإن الطريقة التي تنتهي بها الحكاية هي أن عميلا يتزوّج من برودي ويصبح حاكم الولاية. لن يهاجر إلى أستراليا، لكنه سيواصل قراءة كتب كثيرة عنها. أنا أصبحت شريف البلدة ثم أكملت بالتحوّل إلى شخصية محبوبة في أفلام الغرب».
العميل الذي يتحدّث عنه هو جيمس غارنر نفسه. ذلك الممثل الذي لعب هنا دور رجل مجهول من قِبل أهل البلدة التي وصل إليها مكررا، لكل من يسأله، إنه في طريقه إلى أستراليا. وبرودي (جوان هاكيت) هي الفتاة المسترجلة التي وقعت في حبّه. أما جاك فهو الرجل الذي لا يجيد استخدام المسدس لكنه يصدّق أن عليه أن يلعب دور المبارز، والفيلم واحد من تلك الأعمال الكوميدية غير القليلة التي قام جيمس غارنر، بتمثيلها ولو أنه عُرف أكثر بأدوار القوّة والبطولة الدرامية على شاشتي السينما والتلفزيون.
وُلد غارنر في السابع من أبريل (نيسان) سنة 1928 في ولاية أوكلاهوما. ترك المدرسة في سن السادسة عشر وانضم إلى المارينز حيث حارب في كوريا وأصيب مرّتين. عندما عاد إلى الولايات المتحدة بنيشانين أقنعه صديق له بتجربة حظّه في التمثيل ووجد نفسه سنة 1954 يقف في عداد مسرحية مقتبسة عن «محاكمة تمرد كاين» The Caine Mutiny Court Martial التي كانت في البداية رواية وضعها هرمان ووك ثم قام بتأليفها مسرحية من فصلين وتحولت إلى فيلم في العام ذاته أخرجه إدوارد ديمتريك وقام بدور البطولة همفري بوغارت وجوزيه فيرير وفان جونسون وفرد ماكموري.
من هذه المسرحية وجد غارنر نفسه أمام تجربة تلفزيونية قصيرة سبقت ظهوره في فيلمين سينمائيين إذ اختاره المخرج ديفيد بتلر لدور في فيلمه الكوميدي «الفتاة التي تركها وراءه» (بطولة تاب هنتر ونتالي وود) وأسند إليه مرفين ليروي دورا ثانويا أيضا في فيلمه الدرامي «صوب المجهول» (بطولة وليام هولدن وفيفيان لي) في العام ذاته.
كلا الفيلمين كانا من إنتاج شركة وورنر التي انتخبته لبطولة الحلقات التلفزيونية «مافيريك»: مقامر ومقاتل من زمن الغرب الأميركي يدخل في كل حلقة مغامرة جديدة في سلسلة استمرت من العام 1957 وانتهت سنة 1962 ثم بدأت بحلقات جديدة سنة 1978 وتم تقديم سلسلة أخرى منها في العام التالي.
طبيعة إنسانية
شغل غارنر في السينما لم يتوقّف لكنه بقي محدود المساحة في معظم ما لعبه من أفلام حتى مطلع الستينات. في عام 1963 كان أحد الوجوه البارزة في فيلم المعسكرات الحربية «الهروب الكبير» لجون ستريجز من بطولة ستيف ماكوين أساسا، لكنه في العام التالي تولى بطولة «أمركة إميلي» The Americanization of Emily أمام جولي أندروز. من هنا هي أدوار بطولة على طول الخط ومن بينها في تلك الفترة «36 ساعة» لجورج سيتون مع إيفا ماري سانت ورود تايلور (1965).
في العام 1966 وضعه المخرج رالف نلسون في بطولة فيلم وسترن عنوانه «مبارزة عند ديابلو» مع سيدني بواتييه و(السويدية) بيبي أندرسون. كان فيلما عنيفا وعدميا على جودته، وهو لم يترك تأثيرا لا على غارنر كممثل درامي ولا عليه ككوميدي فمثّل النوعين وصولا إلى «ساند شريفك المحلي» الذي أتبعه سنة 1971 بفيلم على المنوال ذاته هو «ساند مقاتلك المحلي» الذي نال أيضا نجاحا كبيرا.
غارنر لعب في ذلك الحين بطولة مسلسل وسترن تلفزيوني اسمه نيكولز حول رجل أمن يرفض حل القضايا بقوّة السلاح، لكن المسلسل لم يعش طويلا فتبعه سنة 1974 بمسلسل آخر حقق نجاحا واسعا ولا يزال من بين أكثر مسلسلات التلفزيون المعاد عرضها وهو «ملفات روكفورد»، حيث لعب شخصية التحري الفقير الذي يعيش في سيارة - بيت (هوم موبيل) مركونة عند أحد شواطئ لوس أنجليس. مرّة أخرى ليس رجل عنف على الإطلاق ولو أنه قد يعمد إليه إذا ما اضطر إليه. ما كان سببا أساسيا وراء نجاح الفيلم حقيقة أن غارنر منحه تلك الطبيعة الإنسانية لشخص لا يحاول ابتزاز موكليه بل لديه من المبادئ والقناعات ما يشكل «تيمة» الحلقات ومنوال علاقة الرجل بالمجتمع ككل.
حين سألته على أعتاب فيلم مثّله لجانب كلينت إيستوود بعنوان «كاوبوي الفضاء» Space Cowboys سنة 2000 عما خطط لتلك الشخصية بنفسه أو أنها كُتبت على هذا النحو أساسا قال: «كُتبت كشخصية تحر خاص يواجه المشكلات المعهودة في مثل هذه الحلقات باستثناء أنه ليس البطل التقليدي، بل هو إنسان عادي. لكنني اقترحت تطويع هذه الشخصية على نحو أكثر تواضعا حتى في نوعية المغامرات التي تحتويها. إلى جانب السيارة القديمة وبضع مغامرات إلا أن روكفورد ليس مطلقا البطل الذي في البال حين تتحدّث عن جون واين مثلا أو كلينت..».
خلال المسلسل تعرّض روكفورد إلى الكثير من مشاهد الضرب. على الرغم من أنه كان بالطبع تمثيلا في تمثيل، فإنه عانى من رضوض، وبما أنه كان يصر على القيام بحركات المطاردة أو القفز بنفسه فإن ركبته تعرضت للكسر ذات مرّة:
«بقيت أعالجها لخمس سنوات لما بعد انتهاء المسلسل». في عام 2004 عندما قابلته للمرّة الأخيرة خلال حملة ترويج فيلم عاطفي بعنوان «دفتر الملاحظات» بدا أنه ينأى تحت آلام ما. لم يكن يستطيع أن يقف طويلا بل وجب عليه الجلوس كلما كان ذلك متاحا.
ديمقراطي
جيمس غارنر كان ممثلا رصينا حتى حين يلعب الكوميديا، وهذه الرصانة ساعدته في الوقوف أمام جاك ليمون، وهو كان بدوره ممثلا كوميديا محترفا، وذلك حين التقيا في «يا مواطني الأميركي» My Fellow American سنة 1996 لكن غارنر كان شاسع الموهبة وأحد أفضل أفلامه الكوميدية «فكتور فكتوريا» لبلايك إداوزدز (1982) الذي كان مختلفا عن باقي أعماله. بعد ثلاثة أعوام ظهر في دور رومانسي في فيلم بعنوان «قصة حب ميرفي» لمارتن ريت (1985) الذي جرى تصويره في بلدة صغيرة أسمها فلورنس في ولاية أريزونا. فيه لم يدّع إنه شاب دون الثلاثين بل لعب دوره كابن خمسين سنة يقع في الحب من جديد.
ففي الثمانينات استمع جيمس غارنر إلى رغبة سياسيين ديمقراطيين في ترشيحه لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا، ولو أن ذلك لم يتحقق. وسبب الترشيح عاد إلى شهرة غارنر كمؤيد للحزب الديمقراطي إلى درجة أنه رفض ذات مرّة لعب دور سياسي جمهوري في مسلسل تلفزيوني بعنوان «فضاء» (1985) ما استدعى تغيير الدور إلى سياسي ديمقراطي.
إلى ذلك، عُرف عنه دفاعه عن القضايا الاجتماعية وكان في المسيرة الحاشدة التي انطلقت خلال خطاب مارتن لوثر كينغ الشهير في واشنطن سنة 1963 المعروف بخطاب «لدي حلم».
لجانب ما ذكرته من أفلام وسترن، قام غارنر بتمثيل عدد آخر منها وبنتائج فعّالة. إنه الشريف القاسي المندفع بأجندته الخاصّة في فيلم «ساعة المسدس» والمنتقم الشرس في «رجل يدعى سلدج» كما وجدنا في دور المغامر الذي يدافع عن معاونه الأفرو - أميركي لويس غوزيت في «لعبة البشرة».
توقف عن التمثيل سنة 2006 باستثناء الأداء الصوتي في عدد من أفلام الأنيميشن لكنه كان حقق في سنواته الماضية من المكانة ما يجعله أحد ألمع الوجوه السينمائية من جيل الستينات وما بعد.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».