رئيس الحكومة الإسرائيلية يتراجع عن فكرة تبكير موعد الانتخابات

اليهود الروس لا يريدون حكم جنرالات ويفضلون نتنياهو على ليبرمان

TT

رئيس الحكومة الإسرائيلية يتراجع عن فكرة تبكير موعد الانتخابات

هزّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المجتمع الإسرائيلي وحلبته السياسية، أمس، من جديد، في موضوع حل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وسرب المقربون منه إلى وسائل الإعلام أنه عدل عن فكرته تبكير الانتخابات العامة. وقد فعل ذلك من خلال التحريض على رئيس الدولة، رؤوبين ريفلين، قائلا: «هنالك خطر بأن يقرر ريفلين عدم إلقاء مهمة تشكيل الحكومة المقبلة عليّ حتى ولو حققت الانتصار في الانتخابات».
وقد جرى أخذ التسريب بكل جدية في الساحة الحزبية، حيث إن رئاسة الدولة في إسرائيل منصب فخري، ما عدا في موضوع واحد هو تكليف تشكيل الحكومة. فالقانون يتيح له أن يختار أي نائب يشاء لتشكيل الحكومة، من بين 120 نائبا في الكنيست. ومع أن القانون يوجهه لاختيار رئيس أكبر كتلة، إلا إنه لا يلزمه بذلك. وحسب تسريبات نتنياهو، فإن ريفلين يمكنه أن يقرر إلقاء المهمة على نائب آخر بدافع أخلاقي، كأن يقول إنه لا يريد أن يشكل نتنياهو الحكومة المقبلة لأنه متورط في ملفات تحقيق جنائية عدة منسوب له فيها فساد خطير.
وقد أكدت صحيفة «يسرائيل هيوم»، المقربة من نتنياهو، أمس، أن القلق من سيناريو كهذا قلق حقيقي لدى نتنياهو، لذلك قرر في آخر لحظة ألا يبكر موعد الانتخابات. وقد رد «مقر رؤساء إسرائيل» على هذا التسريب بغضب شديد قائلا: «ما نشر ليس إلا من قبيل الأوهام اللاعقلانية»، واصفا ذلك بـ«جنون الارتياب».
من جانبه، قال رئيس حزب المستوطنين «البيت اليهودي»، الوزير نفتالي بينيت، إن هذا التسريب يثير السخرية، وأعرب عن اعتقاده بأن نتنياهو ينوي حل الكنيست بعد انتخابات السلطات المحلية والبلدية، التي ستجرى يوم الثلاثاء المقبل، وخوض انتخابات عامة خلال شهر فبراير (شباط) أو مارس (آذار) من العام المقبل.
يذكر أن نتنياهو لا يزال يتمتع بأكبر شعبية بين كل المرشحين لرئاسة الحكومة في إسرائيل. وقد أظهر استطلاع واسع بين المهاجرين الروس في إسرائيل، حدوث انقلاب في صفوفهم، حيث باتت شعبية نتنياهو، وحزبه الليكود، أكبر من شعبية وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان وحزبه «إسرائيل بيتنا»، الذي كان يعد حزب المهاجرين الروس. وتبين من الاستطلاع أن هذا الجمهور، الذي هاجر إلى إسرائيل من دول الاتحاد السوفياتي السابق، سيدعم نتنياهو على الرغم من تقدم التحقيقات الجنائية ضده.
وبحسب نتائج الاستطلاع، الذي أجراه موقع «نيوزرو» الإلكتروني الناطق بالروسية، فقد قال 36 في المائة من الجمهور إن نتنياهو هو المرشح الذي يفضلونه لتولي رئاسة الحكومة، بينما قال 28.5 في المائة إنهم سيصوتون لحزب الليكود. وتبين أن ليبرمان يحتل المرتبة الثانية، ولكن بفارق كبير؛ إذ قال 13 في المائة فقط إنهم يفضلونه بمنصب رئيس الحكومة. وقال 27 في المائة إنهم سيصوتون لحزب «يسرائيل بيتينو». واحتل رئيس حزب «ييش عتيد»، يائير لبيد، المرتبة الثالثة، وبلغت شعبيته 16.4 في المائة.
والمعروف أن 70 في المائة من المهاجرين الروس يعرّفون أنفسهم بأنهم مصوتون لأحزاب اليمين، ويحظى نتنياهو بشعبية واسعة بينهم؛ إذ منحه 56 في المائة منهم علامتي «ممتاز» و«جيد» على أدائه. ويعتزم المهاجرون الروس دعم نتنياهو حتى لو تقدمت التحقيقات الجنائية ضده. وقال 37.6 في المائة إنه لا يتعين على نتنياهو الاستقالة على خلفية الشبهات ضده، بينما قال 31 في المائة إن عليه الاستقالة في حال أدين بمخالفات جنائية فقط.
ولكن في حال استقالة نتنياهو فإن ليبرمان سيحتل المرتبة الأولى بوصفه شخصية مفضلة لتولي رئاسة الحكومة، يليه وزير المواصلات يسرائيل كاتس من الليكود.
في المقابل، ورغم وجود تأييد عال بين الجمهور الإسرائيلي عموما لدخول رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي السابقين إلى المعترك السياسي، فإن 47.4 في المائة من الروس اختاروا الرد على سؤال حول ترتيب رؤساء الأركان السابقين، بيني غانتس وغابي أشكنازي وموشيه يعلون، بالإجابة التالية: «لا أحد، ويوجد أصلا عدد أكبر مما ينبغي من العسكريين السابقين في السياسة الإسرائيلية».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».