غوتيريش يندد باستمرار تورط «حزب الله» في سوريا واليمن

طالب الحكومة اللبنانية باتخاذ «كل الإجراءات» لنزع سلاحه

TT

غوتيريش يندد باستمرار تورط «حزب الله» في سوريا واليمن

عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في أحدث تقرير له حول تنفيذ القرار «1559» عن «قلق بالغ» من احتفاظ ميليشيات «حزب الله» بقدرات عسكرية كبيرة خارج سيطرة الدولة، مطالباً الحكومة اللبنانية باتخاذ «كل التدابير الضرورية» لمنع هذا الحزب من الحصول على الأسلحة. وندد بتورطه في كلٍّ من سوريا واليمن، داعياً إيران -من دون أن يسميها- إلى «تشجيع» تحويل الجماعة المسلحة إلى «حزب سياسي مدني صرف». ولفت إلى أنه مع اقتراب إصدار أحكام في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، توجه المحكمة الخاصة بلبنان «رسالة واضحة» بأنه لن «يجري التسامح مع الإفلات من العقاب».
ومن المقرر أن يستمع مجلس الأمن إلى إحاطة مفصلة حول ما ورد في هذا التقرير الثلاثاء المقبل.
وأورد الأمين العام في التقرير الذي تعده له أوريلي بروست المسؤولة عن ملف لبنان في دائرة الشؤون السياسية في الأمم المتحدة، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أنه بعد مرور خمسة أشهر تقريباً على تسمية سعد الحريري رئيس وزراء معيناً، لاحظ استمرار الجهود لتشكيل حكومة جديدة، مضيفاً أنه «يجب على جميع المعنيين تكثيف جهودهم من أجل التوصل إلى اتفاق على وجه السرعة». وأوضح أن «هذا ضروري أيضاً من أجل اغتنام الفرص لتعزيز الأولويات التي حددها لبنان والمجتمع الدولي في المؤتمرات رفيعة المستوى في وقت سابق هذا العام في روما وباريس وبروكسل». وقال إنه بمجرد تشكيل حكومة جديدة، سيشجع القادة اللبنانيين على «النظر في المبادئ التي حددتها مجموعة الدعم الدولية للبنان والوثائق الختامية للمؤتمرات الدولية رفيعة المستوى وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، كأساس للشراكة الثابتة مع لبنان».
وأكد غوتيريش أن «انتشار الأسلحة على نطاق واسع خارج سيطرة الدولة، مع وجود الميليشيات المدججة بالسلاح، لا يزال يقوض الأمن والاستقرار في لبنان»، واصفاً «احتفاظ (حزب الله) بقدرات عسكرية كبيرة ومتطورة خارج سيطرة الحكومة اللبنانية لا يزال مبعث قلق بالغ». ولاحظ بقلق «ادعاء (الأمين العام لحزب الله) حسن نصر الله أن (حزب الله) يمتلك أسلحة دقيقة»، مكرراً دعواته الجميع إلى «المساهمة في الجهود الرامية إلى تعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية». كما طالب «(حزب الله) وكل الأطراف الأخرى بعدم الانخراط في أي نشاط عسكري داخل لبنان أو خارجه، بما يتسق مع متطلبات اتفاقات الطائف والقرار (1559)» لأنه «من الأهمية بمكان أن يحافظ الجميع على هذه الاتفاقات وأن ينفذوها لتجنب شبح تجدد المواجهة بين المواطنين اللبنانيين ولتعزيز مؤسسات الدولة» التي ينبغي أن «تضاعف جهودها وصولاً إلى احتكار حيازة الأسلحة واستخدام القوة على كل أراضيها». وحض الحكومة والقوات المسلحة اللبنانية على «اتخاذ كل التدابير الضرورية لمنع (حزب الله) والجماعات المسلحة الأخرى من الحصول على الأسلحة وبناء القدرات شبه العسكرية خارج سلطة الدولة».
وإذ رحب بالتزام الرئيس ميشال عون «تطوير استراتيجية الدفاع الوطني بمجرد تشكيل الحكومة»، دعاه إلى أن «يقود حواراً متجدداً حول استراتيجية الدفاع الوطني»، معتبراً أن «الوقت حان لاستئناف الحوار الوطني في عملية يملكها ويقودها اللبنانيون». ولفت إلى أن «الحوار يجب أن يعالج الحاجة إلى تحقيق احتكار الدولة حيازة الأسلحة واستخدام القوة»، معتبراً أن تجديد التزام الرئيس عون، ورئيس الوزراء سعد الحريري، ووزير الخارجية جبران باسيل، لسياسة النأي بالنفس «إشارة مهمة إلى أن هذه السياسة لا تزال جوهر مبدأ مقاربة لبنان للنزاعات في المنطقة»، لكنه استدرك أنه على لبنان أن «يضمن تحويل هذه الالتزامات إلى أفعال». وأكد أن «تورط (حزب الله) في الحرب السورية يمثل ليس فقط خرقاً لسياسة النأي بالنفس ومبادئ إعلان بعبدا لعام 2012، بل يحمل أيضاً خطر توريط لبنان في النزاعات الإقليمية»، فضلاً عن أنه «يشكل خطراً على استقرار لبنان والمنطقة»، مشدداً على أن «تورط (حزب الله) في سوريا لسنوات عدة يثبت فشله في نزع سلاحه ورفضه لأن يخضع للمحاسبة أمام مؤسسات الدولة». وقال أيضاً: «لا أزال أشعر بالقلق حيال ما يفاد عن تورط (حزب الله)، بالإضافة إلى عناصر لبنانية أخرى، في القتال في أماكن أخرى في المنطقة»، مشيراً بصورة خاصة إلى «شكاوى الحكومة اليمنية حول تورط (حزب الله) في النزاع هناك». وفي إشارة إلى إيران، طالب «دول المنطقة التي تحتفظ بعلاقات وثيقة مع (حزب الله) بأن تشجع تحول الجماعة المسلحة إلى حزب سياسي مدني صرف، ونزع سلاحه، وفقاً لمتطلبات اتفاقات الطائف، والقرار (1559)». وندد بـ«كل الانتهاكات لسيادة لبنان وسلامة أراضيه» لأنها «تقوض صدقية المؤسسات الأمنية اللبنانية وتولد القلق بين السكان المدنيين»، مطالباً إسرائيل بوقف طلعات طيرانها الحربي «فوراً» في المجال الجوي اللبناني وسحب قواتها من الشطر الشمالي لبلدة الغجر والأراضي المحاذية لها شمال الخط الأزرق. وحض السلطات السورية واللبنانية على «إحراز تقدم في ترسيم حدودهما المشتركة».
وفي ما بدا أنه إشارة مهمة إلى اقتراب إصدار أحكام من المحكمة الخاصة بلبنان في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، أكد غوتيريش أن هناك «مصلحة للبنان» في «محاسبة الذين يقفون وراء الأعمال الإرهابية، بما في ذلك الاغتيالات السياسية»، مشيراً إلى استمرار عمل المحكمة الخاصة بلبنان، التي «توجه رسالة واضحة مفادها أنه لن يجري التسامح مع الإفلات من العقاب».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).