ماجدة الرومي أبرز مفاجآت مهرجان الموسيقى العربية في مصر

تعود بعد 18 عاماً من الغياب عن حفلاته

جانب من المؤتمر الصحافي الخاص بالدورة الـ27 من مهرجان الموسيقى العربية (الأوبرا المصرية)
جانب من المؤتمر الصحافي الخاص بالدورة الـ27 من مهرجان الموسيقى العربية (الأوبرا المصرية)
TT

ماجدة الرومي أبرز مفاجآت مهرجان الموسيقى العربية في مصر

جانب من المؤتمر الصحافي الخاص بالدورة الـ27 من مهرجان الموسيقى العربية (الأوبرا المصرية)
جانب من المؤتمر الصحافي الخاص بالدورة الـ27 من مهرجان الموسيقى العربية (الأوبرا المصرية)

كشفت دار الأوبرا المصرية عن تفاصيل الدورة الـ27 من مهرجان الموسيقى العربية، المقرر إقامته خلال الفترة من 1 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وحتى 12 من الشهر نفسه. وأعلنت جيهان مرسي، مديرة مهرجان الموسيقى العربية، عن مشاركة المطربة اللبنانية ماجدة الرومي في حفل الختام؛ وهو ما اعتبره بعض النقاد والمتابعين الموسيقيين في مصر «مفاجأة سارة» للجمهور المصري. مؤكدة، أن «ماجدة لم تضع أي شروط، بل ساهمت في تذليل الكثير من الصعوبات لضمان الحضور في المهرجان بعد غياب دام 18 عاماً، ووضعت شرطاً واحداً، وهو أن يقام الحفل على خشبة المسرح الكبير لدار الأوبرا المصرية».
وأوضحت مديرة المهرجان خلال المؤتمر الصحافي الذي عُقد مساء أول من أمس، في دار الأوبرا المصرية، أن «عودة ماجدة الرومي لمهرجان الموسيقى العربية تأخرت ثلاث سنوات كاملة، فقد جرى التفاوض معها عام 2016 ووافقت على الفور، وعندما جرى إخطارها بانسحاب الرعاة تنازلت عن جزء كبير من أجرها، لكن لم تتمكّن دار الأوبرا وقتها من تحمّل نفقات الفرقة الموسيقية». ولفتت مرسي: «تجدّدت المفاوضات العام الماضي، لكنها تعثّرت مع رحيل والدة ماجدة، وهذا العام وافقت على الفور ولم تضع أي شروط، بل ساهمت في تذليل عقبات كثيرة، منها الأجور، وكان شرطها الوحيد أن تقام حفلتها على المسرح الكبير لدار الأوبرا المصرية».
في السياق نفسه، يكرم المهرجان اسم النجمة الراحلة شادية، والموسيقار ميشيل المصري، وعازف الكمان الراحل سعد محمد حسن، والموسيقار حلمي أمين، والموسيقار صلاح عرام، والفنان سمير الإسكندراني، والفنانة لطيفة، وعازف الإيقاع سعيد الأرتيست، وغيرهم.
ويشارك عدد كبير من المطربين العرب والمصريين في إحياء ليالي الدورة المقبلة، مثل محمد الحلو، ومحمد ثروت، وهاني شاكر، وسوما، ونادية مصطفى، ونسمة محجوب، ونهال نبيل، وريهام عبد الحكيم، وإيمان البحر درويش، وآية عبد الله، ونوال الكويتية، وصابر الرباعي، ووائل جسار، وماجدة الرومي، ورامي عياش، ولطيفة، وعاصي الحلاني.
ويشارك في فعاليات الدورة أيضاً 42 باحثاً موسيقياً من 16 دولة عربية وأجنبية من مصر، ولبنان، والإمارات، وتونس، وسلطنة عمان، والدنمارك، والأردن، الجزائر، والسعودية، والكويت، والمغرب، وليبيا، والعراق، وفلسطين، والسودان، وسوريا. وتتضمن الدورة المقبلة 43 حفلاً غنائياً وموسيقياً يشارك فيها 73 مطرباً وعازف سوليست من نجوم ثماني دول عربية.
وعن أسباب غياب المطرب اللبناني مروان خوري، عن الدورة المقبلة، قالت مرسي «إن سبب عدم تواجد مروان خوري هو وجود أكثر من مطرب لبناني مشارك في المهرجان وهم، وائل جسار، ورامي عياش، وماجدة الرومي».
من جهته، قال الموسيقار حلمي بكر، أحد أعضاء اللجنة التحضيرية للمهرجان، إن «مهرجان الموسيقى العربية مثله مثل جامعة الدول العربية في الأهمية، ونحن بلد الريادة، ولا بد أن ندعم ذلك المهرجان؛ لأنه واجهة مصر في الغناء». وأضاف قائلاً خلال كلمته في المؤتمر «ريادتنا الغنائية حالياً قائمة على الماضي وعلى مطربينا الكبار الراحلين مثل عبد الحليم حافظ وأم كلثوم، ولا بد أن يخرج جيل جديد في الغناء يحرك الماء الراكد، فالمطربون الحاليون غير قادرين على الريادة».
وأوضح بكر، أن «المهرجان يجمع كل المطربين الكبار ويقدمهم بمنظوره، ودار الأوبرا هي المكان الوحيد الآن الذي يقوم بنوبة صحيان للغناء على مستوى الساحة العربية بالاستعانة بالنجوم المصريين والعرب». حسب تعبير بكر الذي لفت إلى أن «مطربين عرباً يتمتعون بقدر كبير من الشهرة مثل صابر الرباعي ووائل جسار يأتون للمهرجان بأقل الأجور ويتنازلون عن جزء كبير من أجرهم؛ لأنهم يعرفون قيمة هذا المهرجان».
ويقام المهرجان على 7 مسارح مصرية هي «المسرح الكبير بدار الأوبرا بالقاهرة»، و«المسرح الصغير بدار الأوبرا»، و«معهد الموسيقى العربية»، و«مسرح الجمهورية»، و«دمنهور»، و«الإسكندرية»، و«طنطا».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».