ارتفاع أسعار البطاطس في مصر يُثير سخرية وانتقادات افتراضية

TT

ارتفاع أسعار البطاطس في مصر يُثير سخرية وانتقادات افتراضية

أثار ارتفاع أسعار البطاطس موجة سخرية وانتقادات من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بعدما وصل سعرها في بعض المناطق إلى 14 جنيها في الآونة الأخيرة، (الدولار الأميركي يعادل 17.8 جنيها مصريا)، وهو أمر لم يألفه المصريون من قبل في المناطق الشعبية، إذ كانت أسعارها تتراوح قبل عدة أشهر حول 5 جنيهات للكيلو الواحد؛ لتحصل البطاطس أخيرا على لقب «مجنونة يا بطاطس» بدلا من اللقب الأثير الذي يختص به المصريون الطماطم، التي يستقر سعرها حاليا حول 10 جنيهات في الأسواق.
وقال أحمد عبد الفتاح، موظف بالقطاع الخاص على صفحته على «فيسبوك»: «كيلو البطاطس أغلى من الجوافة والعنب والموز والتفاح البلدي... ولو اشتريت 2 كيلو بطاطس بـ24 جنيها، مع كيلو طماطم بـ10 جنيهات، مع كيلو بصل بـ6 جنيهات، فسيكون مجموعها 40 جنيها من دون أي لحوم»، وأضاف: «لن نشترى بطاطس بعد الآن سنكتفي بالتقاط صور معها». بينما قال محمد عصر، شاب (24 سنة) من حلوان على «فيسبوك»: «شخص مثلي يفكر في الزواج ويسمع أن كيلو البطاطس وصل إلى 12 جنيها، هل يمكن أن يتزوج في المستقبل القريب، لا». وقالت منى أحمد على «تويتر»: «البطاطس تقترب من سعر الدولار بـ14 جنيها كان يا ما كان البطاطس أكل للغلبان».
وذهب آخرون إلى أنّه «في ظل ارتفاع سعر البطاطس بصفة خاصة والخضراوات بصفة عامة، فإنّه من يتقدم لخطبة إحدى الفتيات فعليه التقدم بكميات من البطاطس بدلا من الشبكة ولوازم الزفاف»، وفق ما كتبوه على صفحاتهم على «فيسبوك».
ويحمّل مواطنون مصريون مسؤولية ارتفاع أسعار الخضراوات في الآونة الأخيرة لتجّار الجملة، إذ يتهمون بعضهم بالاحتكار والتسبب في تقليل المعروض من البطاطس في الأسواق. وقال مصطفى موسى على صفحته على «فيسبوك» «البطاطس للأسف مكدّسة في ثلاجات المستثمرين، والشّعب لا يجدها». وأضاف: «على وزارة التموين شنّ حملات مستمرة على تلك الثلاجات ومحطات الفرز والتعبئة والحفظ، ومصادرة الموجود منها وتحديد سعر بعد خصم تكلفة نقلها لأقرب سوق جملة».
وتعاني أسواق الخضراوات من ركود كبير في حركة بيع البطاطس تحديدا بعد ارتفاع أسعارها، وفق ما أكّده بائع الخضراوات عبد الله (45 سنة). وقال لـ«الشرق الأوسط»: «سعر الكيلو الجملة بـ11 جنيه ونصف الجنيه»، وأضاف: «كان متوسط سعرها قبل 3 أشهر 4 جنيهات فقط، وكنّا نبيع 3 كيلو في بعض الأحيان بسعر 10 جنيهات».
لكنّ الدكتور حامد عبد الدايم، المتحدث الرّسمي باسم وزارة الزراعة المصرية، أرجع سبب ارتفاع أسعار البطاطس في الأسواق إلى فترة انتهاء العروة الصيفية الزراعية لمحصول البطاطس، ما جعل المعروض أقلّ من المطلوب، وتشهد معها الأسعار ارتفاعات، مؤكدا أنّ أسعار البطاطس ستشهد انخفاضات كبيرة في بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) بمجرد بداية العروة الشتوية. وأوضح عبد الدايم، في تصريحات تلفزيونية أول من أمس أنّ «ما يتردد عن تخزين بعض التجار للبطاطس في الثّلاجات بهدف تحقيق مكاسب من فرق الأسعار، غير صحيح، لأنّه من الصعب تخزين التجار للبطاطس لتعطيش السوق»، مشيرا إلى أنّ هناك حملة ستمرّ على الثلاجات من أجل التأكد من خلوها من البطاطس المخزنة ومن أي مخالفات، بالتزامن مع قرار عدم تخزين البطاطس بداية من يوم 20 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
وعانى مزارعو البطاطس العام الماضي من خسائر فادحة، بعد وصول سعر طن البطاطس إلى 900 جنيه فقط، ما دفع بعضهم إلى العزوف عن زراعتها هذا العام.
وتنتج مصر 4 ملايين و200 ألف طن من البطاطس سنويا، حسب المهندس محمود عطا، رئيس الإدارة المركزية للمحاصيل البستانية والحاصلات الزراعية، الذي قال في تصريحات صحافية في فبراير (شباط) الماضي إنّ وزارة الزراعة لديها خطة لزيادة إنتاج البطاطس لـ5 ملايين طن سنوياً، بعد الاستعانة بجهاز تقنية «النبضات» للقضاء على العفن البنّي الذي يضرب مساحات كبيرة من الأفدنة المزروعة بالبطاطس في مصر.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».