«جمعية الطهاة التونسيين» تشرع أبواب مطبخها أمام العالمية

بهدف العودة إلى الجذور والتشبث بها

نكهات أطباق تونسية  تراثية مشهورة كالـ«كوسكوس» و«بوتشيش» و«المثلوثة» تذوقها طهاة عالميون أشرفوا على «جائزة تونس للطهاة»
نكهات أطباق تونسية تراثية مشهورة كالـ«كوسكوس» و«بوتشيش» و«المثلوثة» تذوقها طهاة عالميون أشرفوا على «جائزة تونس للطهاة»
TT

«جمعية الطهاة التونسيين» تشرع أبواب مطبخها أمام العالمية

نكهات أطباق تونسية  تراثية مشهورة كالـ«كوسكوس» و«بوتشيش» و«المثلوثة» تذوقها طهاة عالميون أشرفوا على «جائزة تونس للطهاة»
نكهات أطباق تونسية تراثية مشهورة كالـ«كوسكوس» و«بوتشيش» و«المثلوثة» تذوقها طهاة عالميون أشرفوا على «جائزة تونس للطهاة»

مهرجان من نكهات ومذاقات تخص مطبخها، إضافةً إلى مجموعة ضيوف من مختلف العالم عبقت بها أجواء تونس تحت عنوان «جائزة تونس للطهاة».
فضمن مسابقة نظّمتها «جمعية الطهاة التونسيين» أُقيمت في المعهد العالي للدراسات السياحية في منطقة سيدي ظريف، شارك نحو 15 من هواة الطهي التابعين لمدارس أكاديمية وغيرهم. فاستعادت الأطباق التونسية بريقها معلنة دخولها مرحلة حديثة من تاريخها الطويل لتشق طريقها نحو العالمية.
«تأتي هذه الجائزة في نسختها الرابعة لترتدي حلة العالمية بعد أن اخترنا لجنة مؤلفة من طهاة عالميين تابعين للاتحاد العالمي للطهي (واكس) كي تشرف على مجرياتها ونتائجها». يقول الشيف نبيل ركباني رئيس جمعية الطهاة التونسيين في حديث إلى «الشرق الأوسط». فلقد درجت العادة في السنوات الثلاث الماضية على إقامة هذا الحدث بشكل محلي لتنقله وسائل إعلام تونس. أما هذه السنة ووفقاً لخطة جديدة تتبعها الجمعية بمبادرة من رئيسها ركباني انطبعت بالعالمية بعد أن دعت وسائل إعلام أجنبية لتغطية الموضوع، لا سيما أن أركانه الأساسيين يتألفون من اختصاصيين وخبراء أجانب لهم خبرتهم الطويلة في مجال الطهي وصناعة الحلويات والمعجنات على أنواعها.
وتألفت اللجنة المشرفة على هذا الصالون التونسي الخاص بفنون الطهي من نائب رئيس الاتحاد العالمي للطهي إيزتوك ليغال، ونائبة اتحاد الطهاة في كندا كاميليا فولينو، إضافة إلى آخرين بينهم الشيف السعودي ياسر جاد، والسوري ماجد الصباغ (رئيس جمعية الطهاة السوريين)، والروماني فاستيل لوسيان (اختصاصي تحضير بيتزا)، والبريطاني ديفيد ميشيل ميزون، وغيرهم الذين جاءوا من تركيا وكرواتيا وألمانيا.
أما ورش عمل المتسابقين فدارت حول إبراز المخزون الأصيل للمأكولات والموروث في كل من بلدتي «الكاف» و«جربة» التراثيتين. وترافقت هذه الورش مع نشاطات أخرى نظّمتها جمعية «نكهة بلادي» برعاية وزارة السياحة التونسية وبالتعاون مع نقابة أصحاب المطاعم والصناعات التقليدية في تونس.
وأقيمت جولات سياحية للطهاة والمدعوين الأجانب في المدينة طيلة فترة تنظيم المسابقة. كما استقبلتهم وزيرة السياحة سلمى اللومي الرقيق، التي رأت في هذا الحدث عنصراً أساسياً من عناصر الخدمات السياحية التي تحتاج إليها البلاد.
وفي ختام هذه التظاهرة الفنية الثقافية في عالم الطهي تم إعداد أطباق تونسية شعبية وتقليدية من طرف جمعيتي «غيزن جربة» و«صيانة وإنماء الكاف» في مدرسة الفنون والحرف. بعدها تم عرضها في باحة متحف قصر الوردة (المتحف العسكري الوطني في تونس) في منوبة، ليجري تذوقها من قبل المدعوين إلى هذا الاحتفال. وارتدت النسوة المشرفات على تحضير هذه الأطباق في المناسبة أزياء فولكلورية لإحياء الهوية التراثية التونسية والتعريف بها. ومن أبرز هذه الأطباق الـ«كوسكوس» و«بوتشيش» و«المثلوثة» وغيرها.
ويشير الشيف نبيل ركباني في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه حان الوقت لإخراج مكونات المطبخ التونسي العريق من الأدراج وإظهارها والتباهي بها في المطبخ العربي والأفريقي ككل. «يأتي هذا الحدث ليكون بمثابة العين الثالثة للمطبخ التونسي ليخرج مكوناته إلى النور بعد أن تناستها مواهب الطبخ الحديثة. ولذلك اخترنا هواة طهي في أعمار شابة كي يشكّلوا حجر الأساس للمطبخ التونسي العريق في عصرنا هذا فيعيدوا الاعتبار لمكونات الطعام التونسي الموروث».
وفي اليوم الأخير للمسابقة تم إعلان أسماء الفائزين بالميداليات الذهبية والفضية والبرونزية، لتحصد الميدالية الفضية رانيا تبابي التي علقت: «إن تتويجي بهذه الميدالية في مسابقة (TCA) وبإشراف لجنة حكم عالمية لهو إنجاز أفتخر به».
ورأى الشيف السعودي ياسر جاد (أحد أعضاء لجنة الحكم في المسابقة)، أن العنوان الرئيسي للمسابقة كان ثقافة المطبخ التونسي التقليدي التي طبعت الأطباق المحضرة من قبل المتسابقين. ويوضح الشيف السعودي في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «الأهم هو أن يتمسكوا بهوية مطبخهم ونشرها في بلادهم أولاً ومن ثمّ حملها إلى العالمية. يوجد مواطنون تونسيون كما لاحظنا لا يعرفون هذه الأطباق ولا فكرة لديهم عنها». ووصف مستوى المتسابقين بالجيد، إلا أنه كان يفتقر إلى مشاركة طهاة محترفين، لا سيما أن المسابقة كانت صعبة وارتبطت بمكونات تراثية من المطبخ التونسي التي تتطلب خلفية ثقافية غنية للمتسابقين.
أما الشيف السوري ماجد الصباغ، فاعتبر أن المطبخ التونسي كان يستحق هذه اللفتة لتمتعه بمكونات موروثة غنية تميزه عن غيره من المطابخ العربية. أما نائب رئيس الاتحاد العالمي للطهاة إيزتوك ليغال، فاعتبر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن المتسابقين يلزمهم الكثير من الخبرة والتجربة كي يكونوا على قدر المسؤولية الموكلة إليهم، وأن الشيف ركباني قام بإنجاز لافت في عالم المطبخ التونسي من خلال هذه المسابقة.


مقالات ذات صلة

«الوحوش»... مطعم بريطاني يسعّر البيتزا بالأناناس بـأكثر من 100 دولار

يوميات الشرق «اليونيسكو» أدرجت عام 2017 فن إعداد بيتزا نابولي في قائمة التراث غير المادي للبشرية (رويترز)

«الوحوش»... مطعم بريطاني يسعّر البيتزا بالأناناس بـأكثر من 100 دولار

شنّ مطعم بريطاني حملة جديدة ضد البيتزا بالأناناس، إذ رغم إدراجه إياها في قائمة طعامه، حدد سعراً باهظاً لها هو 100 جنيه إسترليني (أكثر من 123.5 دولار).

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك رجل يعاني من زيادة في الوزن (رويترز)

لقاح لمكافحة زيادة الوزن قد يصبح واقعاً... ما القصة؟

اكتشف الباحثون في جامعة كولورادو بولدر الأميركية الآليات اللازمة لإنتاج لقاح رائد يمكن أن يساعد الناس في الحفاظ على وزنهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك خبراء يحذرون بأن الناس غالباً ما يختارون جودة الطعام على الكمية وهو ما قد لا يكون كافياً من الناحية التغذوية (رويترز)

دراسة: «الهوس بالأطعمة الصحية» قد يسبب اضطرابات الأكل والأمراض العقلية

حذر خبراء بأن «الهوس بالأكل الصحي» قد يؤدي إلى الإدمان واضطرابات الأكل.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
يوميات الشرق ألمانيا تشهد بيع أكثر من مليار شطيرة «دونر كباب» كل عام مما يجعل الوجبات السريعة أكثر شعبية من تلك المحلية (رويترز)

«الدونر الكباب» يشعل حرباً بين تركيا وألمانيا... ما القصة؟

قد تؤدي محاولة تركيا تأمين الحماية القانونية للشاورما الأصلية إلى التأثير على مستقبل الوجبات السريعة المفضلة في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة- برلين)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».