قاعدة بيانات للمصريين بالخارج... إجراء حكومي تُحيطه مخاوف الضرائب الجديدة

10 في المائة من المواطنين يعيشون في بلدان أخرى

مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري
مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري
TT

قاعدة بيانات للمصريين بالخارج... إجراء حكومي تُحيطه مخاوف الضرائب الجديدة

مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري
مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري

بإعلان رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي تشكيل لجنة وطنية لإعداد قاعدة بيانات متكاملة عن المصريين بالخارج، أول من أمس، ارتفعت معدلات التكهنات والتوقعات بشأن ما إذا كانت خطوة ممهدة لفرض رسوم أو ضرائب على المقيمين بالخارج، أم لا. ورغم نفي الحكومة اعتزامها فرض ضرائب بموجب جمع بيانات المصريين بالخارج، فإن المخاوف لا تزال تحيط ببعض المعنيين، خصوصاً أن إجراء جمع البيانات لم يبدأ بعد.
وقرر مدبولي تشكيل لجنة إعداد قاعدة بيانات المصريين بالخارج، برئاسة وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج السفيرة نبيلة مكرم، وعضوية ممثلين من وزارات «الخارجية، والقوى العاملة، والتخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، والداخلية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى ممثلي البنك المركزي المصري، وهيئة الرقابة الإدارية».
ويقدر تعداد المصريين بـ104 ملايين شخص، فيما يقيم نحو 10 في المائة منهم خارج البلاد، وذلك وفق إحصاء رسمي أعلنت نتائجه 2017.
وبحسب المستشار نادر سعد المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء، فإن اللجنة تختص بإعداد «قاعدة بيانات متكاملة عن المصريين بالخارج بالتنسيق مع كل الوزارات والجهات المعنية، تنفيذاً للتكليفات الرئاسية بهذا الشأن، ولما يمثله ذلك من توظيف لقدرات وخبرات المصريين بالخارج في دعم خطة التنمية المستدامة بالدولة (رؤية مصر 2030)، وكذا في إطار مشروع البنية المعلوماتية للدولة».
رامي وحيد (29 عاماً)، وهو مصري يعمل في دولة الإمارات، قال في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إنه لم يتلقَّ إفادة رسمية أو غير رسمية بشأن تسجيل بياناته لدى الجهات المصرية، غير أنه أبدى تأييداً لإجراء تأسيس قاعدة بيانات له وأقرانه، حتى «تُسهل عملية الوصول إلى المصريين في حالات الطوارئ خصوصاً في الدول غير المستقرة أمنياً».
وقال وحيد إن مسألة أن تكون «قاعدة البيانات مقدمة لفرض ضرائب، ستكون صعبة، خصوصاً أن المقيمين بالخارج يدفعون ضرائب بالفعل في مهنهم المختلفة».
وردت وزيرة الدولة لشؤون المصريين بالخارج، نبيلة مكرم، في تصريحات تلفزيونية، مساء السبت الماضي، بالقول إن الحكومة «لا تنوي فرض أي ضرائب على المصريين بالخارج بموجب قاعدة البيانات، التي تستهدف فقط التواصل معهم والاستفادة من خبراتهم، خصوصاً أن بعضهم يشغل مواقع بارزة في البلدان التي يقيمون بها».
وبحسب قرار تأسيس اللجنة، فإنه يحق لها «الحصول على كل البيانات المتاحة عن المصريين بالخارج من كل الوزارات والجهات دون حجب، وكذلك إعداد نموذج رقمي موحد لبيانات المصريين بالخارج، وتحليل البيانات ووضع المقترحات اللازمة لتمكين الدولة من توظيف قدرات وخبرات المصريين بالخارج».
عماد عبد الفتاح، وهو مصري يقيم في الأردن منذ أكثر من 20 عاماً، قال إن الإجراء المتعلق بحصر بيانات المصريين يتجاهله كثير ممن يتجنبون التعامل مع سفارات بلادهم، إلا إذا كان الأمر يتعلق بالحصول على تأشيرات لبعض المستندات أو إجراء المعاملات، وكذلك في الانتخابات.
وشرح عبد الفتاح لـ«الشرق الأوسط» أنه ورغم عدم اطلاعه بشكل كامل على آلية حصر البيانات وما إذا كان عليه إبلاغها أم لا، فإنها ستترتب عليها فائدة كبرى خصوصاً لمن يعملون في مهن غير منتظمة الدخل بحفظ الحقوق لدى صاحب العمل.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».