فتح معبر نصيب «يطبع» علاقات سوريا الاقتصادية مع الجوار

معبر جابر على الجانب الأردني من معبر نصيب على الجانب السوري بعد افتتاحه (أ.ف.ب)
معبر جابر على الجانب الأردني من معبر نصيب على الجانب السوري بعد افتتاحه (أ.ف.ب)
TT

فتح معبر نصيب «يطبع» علاقات سوريا الاقتصادية مع الجوار

معبر جابر على الجانب الأردني من معبر نصيب على الجانب السوري بعد افتتاحه (أ.ف.ب)
معبر جابر على الجانب الأردني من معبر نصيب على الجانب السوري بعد افتتاحه (أ.ف.ب)

تُشكل إعادة فتح معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن خطوة مهمة على طريق إعادة «تطبيع» العلاقات الاقتصادية السورية مع محيطها، بعد سبع سنوات من حرب أنهكت الاقتصاد.
واستعاد النظام السوري في يوليو (تموز) 2018 السيطرة على معبر نصيب وكامل الحدود الأردنية بعد عملية عسكرية، ثم اتفاقيات تسوية مع الفصائل المعارضة في محافظة درعا الجنوبية. وفي 15 أكتوبر (تشرين الأول)، تمّ افتتاح المعبر من الجهتين السورية والأردنية في خطوة طال انتظارها، خصوصاً من تجّار أُجبروا خلال السنوات الثلاث الماضية على اللجوء إلى الطريق البحرية الأطول والأكثر كلفة.
ومن شأن إعادة فتح معبر نصيب جابر أن تنعكس مباشرة على الاقتصاد السوري وتفتح له الأبواب مجدداً على السوق العربية عموماً والخليجية خصوصاً. ويقول الباحث في مجموعة الأزمات الدولية، سام هيلر، لوكالة الصحافة الفرنسية، «تُشكل إعادة فتح معبر نصيب انتصاراً سياسياً للحكومة السورية، فضلاً عن كونه خطوة تجاه إعادة دمج سوريا مع محيطها على الصعيد الاقتصادي واستعادتها دورها التقليدي ممراً للتجارة الإقليمية».
وتأتي إعادة فتح المعبر بعد الانتصارات المتتالية التي حققتها قوات النظام على الأرض خلال العامين الماضيين ومكّنتها من استعادة أكثر من ثلثي مساحة البلاد. وباتت تسيطر على نصف المعابر الحدودية الـ19 مع دول الجوار، بينها معبر البوكمال الحدودي مع العراق الذي أصبحت إعادة فتحه أيضاً وشيكة، وفق ما أعلن البلدان. ويوضح هيلر «بالنسبة للحكومة السورية، تُعد إعادة فتح نصيب خطوة باتجاه تطبيع العلاقات مع الأردن والمنطقة الأوسع، فضلاً عن كونها ضربة لمحاولات الولايات المتحدة عزل دمشق» عبر عقوبات اقتصادية أنهكتها.
ويفيد موقع «سيريا ريبورت»، وهو نشرة إلكترونية متخصصة في متابعة الأخبار الاقتصادية في سوريا، عن فوائد كثيرة ستجنيها سوريا، بينها فتح طريق الصادرات السورية إلى الأردن، والعراق، ودول الخليج، الدول التي شكلت «سوقاً مهمة لها قبل عام 2011». وإن كان من غير المرجح أن تستعيد الصادرات عافيتها تماماً كما كانت عليه قبل عام 2011 بعدما «تدمرت القدرة الإنتاجية بشكل كبير»، وفق «سيريا ريبورت»، فإن فتح المعبر سينعكس «ارتفاعاً ملحوظاً في الواردات».
وتراجعت الصادرات السورية من 7.9 مليار دولار في عام 2011 إلى 631 مليون في عام 2015 أي بنسبة 92 في المائة في أربع سنوات فقط، وفق تقرير للبنك الدولي صدر في عام 2017.
وكثيراً ما شكلت إعادة فتح معبر نصيب مطلباً لرجال أعمال سوريين ولبنانيين وأردنيين على حد سواء. ويقول رجل الأعمال السوري المعروف، فاروق جود، وهو صاحب شركات ومعامل عدة في قطاعات الأغذية والفولاذ والأخشاب، للوكالة «منذ إغلاق المعبر، نستخدم الطريق البحرية، لكن كلفته تبلغ ضعفي النقل البري عبر نصيب».
قبل عام 2015، كانت البضائع تصل عبر نصيب في مدة أقصاها ثلاثة أيام مقابل شهر كامل اليوم عبر الطريق البحرية الممتدة من عمان إلى العقبة ثم قناة السويس ثم إلى الموانئ السورية في اللاذقية وطرطوس. ويستورد جود الكثير من المواد من الدول العربية، مستفيداً من اتفاق التجارة الحرة والتخفيضات الجمركية؛ إذ يشتري من الإمارات المواد البلاستيكية ومن الأردن الألمنيوم.
ومن شأن معبر نصيب أن يسهل عليه كذلك تصدير المواد الغذائية مثل المشروبات الغازية التي يصنعها إلى دول أخرى كالعراق. ويقول النائب في مجلس الشعب السوري هادي شرف في دمشق، إن «تصدير الخضراوات من سوريا إلى الخارج سيكون له أثر اقتصادي جيد، خصوصاً تصدير الحمضيات المرغوب فيها في العراق». وشكّل العراق قبل عام 2011 أكبر سوق للبضائع السورية باستثناء المواد النفطية.
ومع استمرار إغلاق المعابر الحدودية مع العراق، سيشكل معبر نصيب ممراً للصادرات والواردات السورية من وإلى العراق.
وإلى جانب البضائع السورية، كثيراً ما شكل معبر نصيب ممراً للبضائع من لبنان وتركيا إلى الدول العربية وبالعكس.
وكان المعبر يدخل إلى خزينة الدولة السورية «ملياري دولار سنوياً تقريباً من الرسوم الجمركية»، وفق شرف. ومن المرجح أن ترتفع عائدات عبور البضائع عبر نصيب. فقد قررت دمشق رفع الرسوم الجمركية من عشرة إلى 62 دولاراً على الشاحنة بحدود أربعة أطنان، بحسب ما نقلت صحيفة «الوطن» السورية عن رئيس الحكومة السوري عماد الخميس الشهر الماضي.
وانعكس إغلاق معبر نصيب سلباً على الاقتصاد اللبناني المتهالك أصلاً.
وتكبد المزارع اللبناني، وفق رئيس الاتحاد العمالي العام اللبناني بشارة الأسمر، خسائر كبيرة؛ إذ كان يصدر أكثر من 70 في المائة من منتجاته إلى البلدان العربية عن طريق نصيب. ومن شأن حركة الصادرات أو عائدات العبور، أن تدخِل عملة أجنبية إلى الاقتصاد السوري؛ ما سيعود بفائدة على الليرة السورية التي فقدت مع بداية النزاع نحو 90 في المائة من قيمتها أمام الدولار الذي كان يساوي 48 ليرة مقابل 435 ليرة اليوم. وقد ينعكس فتح المعبر على حركة السياحة على المدى الأطول.
وتتوقع نشرة «سيريا ريبورت» أن ترتفع حركة المسافرين، موضحة أن الأردنيين كانوا يحتلون المرتبة الثانية من حيث عدد السياح الوافدين إلى سوريا. وقد تراجع عددهم من 1.9 مليون في عام 2010 إلى 15 ألفاً في عام 2016.
وسارعت إحدى شركات السياحة والسفر الأردنية إلى نشر إعلان على صفحتها على «فيسبوك»، حول إعادة تسيير رحلات برية إلى دمشق بدءاً من 22 أكتوبر بمعدل رحلتين يومياً، ذهاباً وإياباً. وجاء في الإعلان «مين فينا ما اشتاق للأيام الحلوة بسوريا؟».



5 دول عربية وإيران وتركيا وروسيا تدعو إلى حل سياسي في سوريا

TT

5 دول عربية وإيران وتركيا وروسيا تدعو إلى حل سياسي في سوريا

سكان حماة يشعلون النار في لافتة كبيرة تحمل صورة الرئيس السوري بشار الأسد بعد سيطرة الفصائل المسلحة على المدينة (أ.ف.ب)
سكان حماة يشعلون النار في لافتة كبيرة تحمل صورة الرئيس السوري بشار الأسد بعد سيطرة الفصائل المسلحة على المدينة (أ.ف.ب)

قالت 5 دول عربية، بالإضافة إلى إيران وتركيا وروسيا، اليوم (السبت)، إن استمرار الأزمة السورية يشكل تطوراً خطيراً على سلامة البلاد والأمن الإقليمي والدولي، مما يستوجب سعي جميع الأطراف إلى إيجاد حل سياسي للأزمة هناك.

مسلحون من «قوات سوريا الديمقراطية» في دير الزور (رويترز)

جاء ذلك في بيان مشترك أصدره وزراء خارجية دول قطر والسعودية والأردن ومصر والعراق وإيران وتركيا وروسيا، عقب اجتماعهم في الدوحة، توافقوا خلاله على أهمية تعزيز الجهود الدولية المشتركة لزيادة المساعدات الإنسانية للشعب السوري، وضمان وصولها بشكل مستدام ودون عوائق إلى كل المناطق المتأثرة.

وأكد المجتمعون، في بيان مشترك، أن «استمرار الأزمة السورية يشكل تطوّراً خطيراً على سلامة البلاد والأمن الإقليمي والدولي، الأمر الذي يستوجب سعي الأطراف كافة إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية يؤدي إلى وقف العمليات العسكرية وحماية المدنيين من تداعيات هذه الأزمة». كما توافقوا على «أهمية تعزيز الجهود الدولية المشتركة لزيادة المساعدات الإنسانية للشعب السوري، وضمان وصولها بشكل مستدام ودون عوائق إلى كل المناطق المتأثرة».

وشددوا على «ضرورة وقف العمليات العسكرية تمهيداً لإطلاق عملية سياسية جامعة، استناداً إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254، تضع حداً للتصعيد العسكري الذي يقود إلى سفك دماء المزيد من الأبرياء العزّل وإطالة أمد الأزمة، وتحفظ وحدة وسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها، وتحميها من الانزلاق الى الفوضى والإرهاب وتضمن العودة الطوعية للاجئين والنازحين».

وأكد المجتمعون «استمرار التشاور والتنسيق الوثيق بينهم من أجل المساهمة الفاعلة في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، بما يحقق تطلعات الشعب السوري في الأمن والاستقرار والعدالة، فضلاً عن تعزيز الجهود الرامية إلى توطيد الأمن والاستقرار في المنطقة».

إنفوغراف «سوريا: مناطق النفوذ» ابتداء من 5 ديسمبر 2024 (الشرق الأوسط)

وتشن فصائل مسلحة سورية هجوماً خاطفاً منذ نحو أسبوع أدى إلى سيطرتها على مدينتَي حلب وحماة، وإعلان بدء «تطويق» دمشق، في حين نفى الجيش انسحابه من حمص ومناطق قريبة من العاصمة.