العنف والمشكلات اللوجيستية تشوّش على الانتخابات الأفغانية

أربعة ملايين ناخب أدلوا بأصواتهم خلال يومين

مراقبون من لجنة الانتخابات المستقلة في أحد مكاتب الاقتراع بكابل أمس (أ.ب)
مراقبون من لجنة الانتخابات المستقلة في أحد مكاتب الاقتراع بكابل أمس (أ.ب)
TT

العنف والمشكلات اللوجيستية تشوّش على الانتخابات الأفغانية

مراقبون من لجنة الانتخابات المستقلة في أحد مكاتب الاقتراع بكابل أمس (أ.ب)
مراقبون من لجنة الانتخابات المستقلة في أحد مكاتب الاقتراع بكابل أمس (أ.ب)

شابت العملية الانتخابية في مئات مراكز الاقتراع في أفغانستان أمس بعد تمديدها ليوم ثانٍ، مشكلات تقنية ما أثار انتقادات لسوء التنظيم وقوّض الآمال بصدور نتائج ذات مصداقية لا سيما مع مقتل العشرات جراء اعتداءات.
وتحدَّى الناخبون تهديد «طالبان» باستهداف المراكز الانتخابية في أكثر من 20 ولاية لم تقترع، أول من أمس (السبت). وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن حصيلة الضحايا في صفوف المدنيين وقوات الأمن جراء أعمال العنف التي شابت الانتخابات السبت بلغت نحو 300 بين قتيل وجريح، أي نحو أربعة أضعاف الحصيلة التي أعلنتها وزارة الداخلية، وفق الوكالة.
وعانى بعض مراكز الاقتراع أمس من مشكلات في استخدام أجهزة التدقيق البيومترية، كما أن القوائم الانتخابية «كانت إما غير متوفرة أو غير مكتملة»، بحسب ما أعلن المتحدث باسم اللجنة علي رضا روحاني. وقال روحاني إن «غالبية المشكلات التي واجهناها بالأمس لا تزال قائمة»، مشيراً كذلك إلى تأخر فتح بعض مراكز الاقتراع ووجود نقص في البطاقات الانتخابية.
وبقي 148 مركز اقتراع مقفلاً لأسباب أمنية، بحسب ما أعلنت اللجنة. وقوّض سوء إدارة اللجنة الانتخابية المستقلة للانتخابات التشريعية الثالثة منذ إطاحة نظام «طالبان» في 2001، الآمال بقدرتها على تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل (نيسان) المقبل.
وقال توماس راتيغ، مدير مركز «شبكة محللي أفغانستان»، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «ذلك لا يبشر بالخير للعام المقبل»، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية المتوقّعة. وتابع راتيغ: «أظهرت اللجنة الانتخابية المستقلة بوضوح عدم قدرتها على إدارة انتخابات مقبولة وشفافة، ونشرت أرقاماً مضلِّلة».
من جهته، أعلن مسؤول غربي تولى مراقبة التحضيرات الانتخابية على مدى شهور للوكالة الفرنسية فقدان الثقة «تماماً» باللجنة الانتخابية المستقلة.
وأظهرت الأرقام الأولية التي نشرتها اللجنة أن نحو أربعة ملايين شخص اقترعوا خلال يومي السبت والأحد معرّضين حياتهم للخطر، وانتظر كثر منهم طويلاً فتح مراكز الاقتراع أبوابها، على الرغم من اعتداءات أوقعت عشرات القتلى. وستجري الانتخابات في ولاية قندهار الجنوبية في 27 أكتوبر (تشرين الأول) بعد تأخر الانتخابات بسبب اغتيال قائد شرطة.
وسجّل نحو تسعة ملايين ناخب للانتخابات التشريعية، لكن كثيرين يعتقدون أن قسماً كبيراً من عمليات التسجيل تم بأوراق ثبوتية مزوّرة بهدف التلاعب بالنتائج. ويقول مراقبون إن مجرّد المشاركة في الاقتراع يُعتَبَر إنجازاً بحد ذاته.
وعقب إغلاق مراكز الاقتراع أمس، تحدى الرئيس أشرف غني طالبان على أن يثبتوا إذا ما كان «طريقهم أم طريق الديمقراطية هي المفضلة لدى الشعب». وكان يتوقّع أن تتأثر نسبة المشاركة بعد أن أصدرت حركة طالبان عدة تحذيرات طالبت فيها بانسحاب أكثر من 2500 شخص ترشحوا للنيابة، ودعت الناخبين لملازمة منازلهم.
أعلنت حركة طالبان عن تمكُّن مقاتليها من شن 407 عمليات عسكرية خلال يومي السبت والأحد لتعطيل الانتخابات. وقال قاري يوسف أحمدي، الناطق باسم «طالبان» في جنوب أفغانستان، إن الهجمات التي شنتها قوات طالبان أسفرت عن خسائر كبيرة للقوات الحكومية في الأرواح والمعدات وتدمير عدد من المراكز والعربات العسكرية، وكذلك مصادرة كثير من المواد الانتخابية مثل أوراق الاقتراع وغيرها، وأسر مائة من العاملين في لجنة الانتخابات الأفغانية.
وأضاف البيان الصادر عن قاري يوسف أحمدي أن الهجمات أسفرت كذلك عن إغلاق المئات من مراكز الاقتراع في مختلف الولايات الأفغانية وأن جموع الشعب الأفغاني استجابت لنداءات طالبان بمقاطعة الانتخابات البرلمانية، كما أشار البيان إلى عرقلة مقاتلي طالبان لعملية الانتخابات في كل المديريات الأفغانية. وسخر البيان كذلك من ادعاء الحكومة الأفغانية بنجاح عملية الانتخابات بالقول إن من صوتوا في الانتخابات هم موظفو الحكومة الأفغانية في بعض المناطق، وليس في كل المدن الكبرى، وإن حديث الحكومة عن نجاح الانتخابات ما هو إلا محاولة للتضليل، وإن كل هذه الحملة ممولة من القوات الأميركية لإظهار الحكومة الأفغانية والقوات الأميركية بأنهم نجحوا في إقامة حكومة ديمقراطية في ظل الاحتلال الأميركي لأفغانستان.
وفي بيان آخر لحركة «طالبان»، قالت إن المواطنين في ولاية هلمند الجنوبية التي تسيطر على غالبيتها قاطعوا الانتخابات بالكامل، ولم يتم تسجيل أي تصويت في الولاية. كما أفاد بيان آخر للحركة بأن القوات الحكومية انسحبت من قاعدة عسكرية مهمة في منطقة تشار شينغي بمديرية دولت آباد، في ولاية فارياب الشمالية.
وأشار البيان إلى أن قوات الحركة تمكَّنَت من السيطرة على مركز أمني في منطقة عيدزي، بعد اشتباكات عنيفة مع القوات الحكومية، مما أدّى إلى مقتل عدد من القوات الحكومية.
من جانبها قالت الحكومة الأفغانية إن أحد عشر شخصاً من عائلة واحدة بينهم امرأة وأطفال قُتِلوا في ولاية ننجرهار بانفجار لغم في منطقة مامند دارا في مديرية أشين، قبل ظهر أمس (الأحد). ونقلت وكالة «خاما بريس» المقربة من الجيش الأفغاني عن مسؤولين أمنيين قولهم إن الانفجار قد يكون ناتجاً عن لغم زرعته «طالبان» أو تنظيم «داعش» دون أن يتبنى التنظيمان الانفجار.
وأظهر تقرير نشرته الحكومة الأفغانية نقلاً عن بعثة الأمم المتحدة أن ارتفاعاً حادّاً في عدد القتلى المدنيين لوحظ في الفترة ما بين بداية العام الجديد ونهاية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وأن غالبية القتلى سقطوا جراء ألغام مزروعة في المناطق الأفغانية المختلفة.
وتحدّث مسؤولون عن الفوضى التي شهدتها مراكز الاقتراع، أول من أمس (السبت)، لا سيما عدم إلمام العاملين في المراكز بآلية استخدام الأجهزة البيومترية التي وزّعتها اللجنة في الساعات الأخيرة على المراكز لمحاولة استرضاء الزعماء السياسيين، وشددت على ضرورتها من أجل احتساب الأصوات صحيحة وغير ملغاة.
ولم يجد كثير من الناخبين الذين سجلوا قبل أشهرٍ أسماءَهم على اللوائح، كما سيطرت طالبان على عدد من المراكز ومنعت الاقتراع. وتسود مخاوف من أن تمديد فترة الاقتراع ليوم واحد قد «يؤثر على شفافية العملية» ويفتح المجال أمام التزوير، بحسب منظمة مراقبة الانتخابات والشفافية في أفغانستان.
وتم توجيه التهم إلى 44 شخصاً بـ«التدخل في الانتخابات خلافاً للقانون والغش»، بحسب وزارة الداخلية. ومع مواصلة عمليات الفرز والبدء بنقل صناديق الاقتراع إلى كابل، أعرب الناخبون والمرشحون الأفغان عن شعورهم بالإحباط عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وعلّق أحدهم على الصفحة الرسمية للجنة على موقع «فيسبوك»: «عار على اللجنة الانتخابية المستقلة. ليس هناك من تنظيم على الإطلاق، لم أتمكن من العثور على اسمي في المركز الانتخابي حيث سجّلت».
في المقابل، دافع رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة عبد البديع سيد عن طريقة إدارة الهيئة للانتخابات، معتبراً أن المشكلات لم تكن بسبب «ضعف الإدارة».
وعلى الرغم من الفوضى التي سجّلت قالت بعثة المساعدة التابعة للأمم المتحدة في أفغانستان التي قادت جهود تقديم المشورة للجنة إن الانتخابات كانت «إنجازاً كبيراً في تحوّل أفغانستان إلى الاعتماد على القدرات الذاتية».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».