إذاعة سورية تطرح قضية إعادة دمج مقاتلي «داعش» المحليين

ردود متباينة من المستمعين... وغياب مراكز تخصصية يشكل أكبر العقبات

TT

إذاعة سورية تطرح قضية إعادة دمج مقاتلي «داعش» المحليين

مُنِي تنظيم «داعش» بأكبر هزائمه؛ بخسارة معقله الأبرز في سوريا مدينة الرقة، على يد قوات «سوريا الديمقراطية» الكردية العربية، بعد أن شنَّت هجوماً استمر نحو أربعة أشهر بين يونيو (حزيران) وأكتوبر (تشرين الأول) 2017، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وخلال المعركة، اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي التابعة لمجلس الرقة المدني، والأخير يُعد مجلس حكم محلياً يدير شؤون المدينة بالتنسيق مع التحالف الدولي، الآلاف من العناصر الذين انضموا للتنظيم، معظمهم كانوا مقاتلين محليين ينحدرون من سوريا.
لكن عشائر عربية وشخصيات مجتمعية من أبناء الرقة تدخلت للإفراج عن كل شخص لم يتورط في القتل، أو ارتكب جرائم ولم يتسبب في تهجير المدنيين، الأمر الذي دفع مسؤولي مجلس الرقة المدني للإفراج عن المئات من العناصر على دفعات، لكن لا توجد إحصاءات رسمية حول عدد المفرج عنهم، أو عدد الذين لا يزالون في السجون بتهمة الانتساب للتنظيم المتطرف.
قضية إعادة الدمج حساسة وجدلية... وتأكد ذلك من خلال برنامج إذاعي صادر من معقل التنظيم السابق، الرقة، هذا الأسبوع.

«صباحكم فرات وأمل وخير مستمعي راديو (أمل إف إم)، موضوع حلقتنا لليوم فكرة إعادة دمج مقاتلي (داعش) السوريين للمجتمع. احكوا لنا إذا تعرفوا تجارب من هذا النوع»، بهذه الكلمات بدأت المذيعة جلنار سعيد مخاطبة المستمعين، وبدء الفقرة الصباحية والتي امتدت بين الساعة 9 صباحاً، و12 ونصف ظهراً.
وأثار عنوان الحلقة جدلاً واسعاً بين مقدمي الحلقة والمستمعين، وفتحت نقاشاً ساخناً وسط ردود فعل متباينة، وتجاذبت آراء المستمعين حول موضوع الحلقة، وتتالت الاتصالات والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالإذاعة بين مؤيد للفكرة ومعارض لها، حيث طالب عدد من المستمعين منحهم فرصة جديدة، وتقديم يد العون للتغلب على أفكار التنظيم المتشددة، فيما وجد آخرين ضرورة إحالتهم إلى محاكم مختصة، ومحاسبتهم بسبب الجرائم والفظائع التي ارتكبوها بحق المدنيين.
ومن داخل استوديو إذاعي مجهّز بمعدات بسيطة، وغرف ملونة بمدينة الرقة الواقعة شمال سوريا، يحرص الكادر الإذاعي في غرفة الكونترول والإخراج، نقل ردود فعل المستمعين وتعليقاتهم، وتقول المذيعة جلنار سعيد (28 سنة)، إنّ «هذه المواضيع الحساسة تلقى تجاذباً وردود كثيرة عند متابعي الإذاعة، مهمتنا تسليط الضوء على كل الجوانب التي تمس الناس».
بعد دقائق يشير مهندس الكونترول إلى أن مستمعاً من أبناء مدينة الرقة يريد التحدث، تطلب المذيعة جلنار رأيه بالحلقة ليقول: «اسمي صبحي، وأنا أرفض فكرة دمج عناصر (داعش) إلى المجتمع، يوماً ما كانوا أدوات واستُخدِموا لتوسيع سلطته وبقاء حكمه ثلاث سنوات».
وهذا الرأي أيده مستمع آخر، ويُدعى محمود، الذي كتب تعليقاً على البوستر الصباحي لصفحة الإذاعة في موقع «فيسبوك»، وقال: «يجب نبذ كل شخص حمل السلاح وانتسب إلى التنظيم ومعاقبته».
أما ريهام، وهي مستمعة دائمة للإذاعة وتنحدر من مدينة الرقة، شاركت في الحلقة عبر اتصال هاتفي، لتروي كيف أن شقيقها قتل برصاصة قناص (داعشي)، وكان شاباً في مقتبل عمره، وعلى الرغم من أن الحادثة الأليمة تركت أثراً في أسرتها، توجهت بطلب السماح لكل شخص لم يشارك في جرائم التنظيم، «فالكثير اضطروا أو أُجبِروا الالتحاق بصفوف التنظيم»، تقول ريهام وتضيف: «بقيت بالرقة طوال حكم (داعش). وأثناء المعركة، شفت كيف انعدمت فرص العمل ولم يعد هناك موارد مالية ما دفع الكثير للعمل معهم».
بدورها شرحت المذيعة جلنار أن قضية الاندماج يجب أن تتطابق مع القوانين المحلية والتشريعات القضائية من جهة، والأعراف والتقاليد المجتمعية من جهة ثانية، وأضافت: «كل شخص لم يرتكب جريمة أو استخدام السلطة والنفوذ علينا إعطاؤه فرصة ثانية».
وتساءل مستمع آخر يُدعى مسعود عبر اتصال هاتفي عن كيفية إعادة دمج مقاتلي التنظيم، وقال: «مثلاً بضمهم إلى فصيل عسكري ثانٍ، وماذا عن المقاتلين الأجانب»، ليجيب المذيع علي عثمان على السؤال قائلاً: «عندما نذكر مقاتلي (داعش) نقصد بهم المتحدرين من سوريا فقط، ثانياً: المقصود كل مَن لم تتلطخ أيديهم بالدماء أو ارتكبوا جرائم تحاسب عليها القوانين المحلية والدولية».
ويعمل علي عثمان (28 سنة) معداً ومقدم برامج في راديو أمل منذ بداية العام الحالي، ينحدر من بلدة البوكمال التابعة لمدينة دير الزور شرق سوريا، وقد خضعت لقبضة تنظيم «داعش»، بين أعوام 2014، و2017.
يروي كيف تأثر جيل الشباب بإصدارات التنظيم المرئية، وعمده إلى عرضها في الساحات العامة، ويوزع مجاناً أقراص مدمجة لنشر أفكاره وانتصاراته الوهمية. يسرد حادثة تعرض لها صيف 2015 بسبب تخفيف حلاقة ذقنه، سجن على أثرها 3 أيام، ثم عرض على قاضٍ شرعي، وحكم عليه بالجلد 20 مرة في ساحة عامة، ثم أفرج عنه شريطة خضوعه لدورة شرعية، وقال: «الحادثة كانت كافية لاتخاذ قرار بالهروب من المنطقة».
ومنذ ذلك اليوم يسكن علي في مدينة الرقة، واعتبر فكرة إدماج مقاتلي التنظيم مهمة للغاية، وقال: «التنظيم كان يستثمر الإعلام في حربه، يجب علينا مواجهته بكل أدواته وكشف حقيقته وزيف ادعاءاته».
وأرسل المستمع هاشم على رقم الإذاعة ومفعل عليه خدمة «واتساب»، مقطعاً صوتياً، وعلَّق على الموضوع، واعتبرها جزءاً من بناء سوريا المستقبل، وقال: «نعلم أن الكثير انضموا بسبب الجهل الديني والتخلف العشائري وعملية الاندماج يجب أن تكون وفق شروط ومراقبة».
وانطلقت إذاعة «أمل إف إم» بداية أبريل (نيسان) 2017 تحت شعار «صوت كل السوريين»، تقدم برامج اجتماعية ونشرات إخبارية متخصصة وسلسلة من المواجيز الإخبارية على رأس الساعة.
وعن أهمية اختيار موضوع الحلقة الخاصة بدمج عناصر «داعش» إلى المجتمع من جديد، يقول الصحافي رامي السالم (30 سنة) رئيس قسم الأخبار: «إعادة تأهيل هؤلاء العناصر ودمجهم في الحياة المدنية مرة ثانية، تشكل أولى مراحل التخلص من موروث التنظيم وتاريخه الأسود».
وأفرجت السلطات المحلية في مجلس الرقة المدني، على عدة دفعات عن العناصر الذين انضموا إلى تنظيم داعش من السوريين، وأكد السالم: «لكن لا توجد حتى هذه اللحظة مراكز تخصصية أو برامج توعوية والعمل على تغير سلوكهم، أو تغير نظرة المجتمع الرافض لهم».
بدوره، يقول بسام الأحمد، المدير التنفيذي لـ«منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة» إحدى المنظمات السورية المحلّية العاملة في مجال توثق انتهاكات حقوق الإنسان في عموم سوريا، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأنّ موضوع إعادة دمج المقاتلين - على أهميته يُعتبر واحداً من المواضيع الحسّاسة، خصوصاً عندما يتم الحديث عنه في سياق نزاع غير منتهٍ، كما في حالة النزاع السوري، حيث يتمّ عادةً - وفي سياقات الانتقال من حالة النزاع إلى حالة السلام، خصوصاً عند الحديث عن العدالة الانتقالية - طرح مصطلح «إعادة الدمج» متزامناً مع عمليات نزع السلاح والتسريح، التي تكون جزئية مهمّة في سياق إصلاح المؤسسات وإعادة هيكلتها.
ويخشى الأحمد أنّ يتم التعاطي مع قضية إعادة الدمج في سياق غير طبيعي، ويتمّ التركيز عليه فقط دون العناصر الأخرى، ويقول: «لعلّ أول هذه العناصر هو الانتقال من حالة الحرب لحالة السلم، وتوفّر هذه الظروف من العناصر الأساسية لنجاح عملية الدمج، والحيلولة دون انضمام هؤلاء الأشخاص إلى التنظيمات المتطرفة أو غيرها».
وأضاف: «من الصعب ضمان نجاح أي عملية إعادة دمج دون العمل على إنهاء الظروف التي ظهرت فيها مثل هكذا تنظيمات، ولكن هذا لا يعني عدم حاجتنا إلى مراكز قد تبحث عن طرق خلّاقة لإعادة دمج فئة محددة من العناصر في المجتمع مرة أخرى، على سبيل المثال: فئة الأطفال الذين كان يتم تسخيرهم لأغراض غير قتالية».
ولفت الأحمد إلى أنه من المخاطرة تقييم برامج إعادة الدمج، خصوصاً العناصر التابعة للتنظيمات المتطرفة في حال عدم وجود بيئة لا تتوفر فيها ظروف عودة هؤلاء الأشخاص للتنظيمات العنيفة، وقال: «هذه البيئة تتطلب انتقالاً سياسياً يشارك فيه جميع السوريين بجميع مكوناتهم، والمرور بمرحلة عدالة انتقالية يُراعى فيها العمل على جميع عناصرها، مثل الملاحقات القضائية وتشكيل لجان الحقيقة، وإنشاء برامج جبر الضرر لتعويض المتضررين، وأشكال متنوّعة من إصلاح المؤسسات»، مضيفاً أنه من الضروري فهم السياق، والتعاطي مع الأبعاد القانونية والسياسية والاجتماعية والدينية «سوف يضمن إعادة تأهيل ودمج حقيقية وغير منقوصة»، على تعبيره.
وفي ختام حديثه، لم يستبعد الأحمد عودة تنظيمات متطرفة أخرى (أسوأ من «داعش») «في حال لم يتم الوقوف على هذه القضية وقضايا أخرى في سياق وطني سوري، والتعاطي مع الظروف التي أدت إلى ظهور مثل هذه التنظيمات المتطرفة».
وتقع مدينة الرقة على الضفة الشرقية لنهر الفرات، تبلغ مساحتها نحو 27 ألف كيلومتر مربع، خرجت عن سيطرة النظام الحاكم ربيع 2013، لكن عناصر تنظيم «داعش» أحكموا قبضتهم عليها، نهاية العام نفسه، قبل أن يطردوا على يد «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في أكتوبر 2017.
وكتب عنصر التحق بتنظيم «داعش»، تعليقاً على صفحة الإذاعة يقول فيها: «أثبتت التحقيقات أنني لم أرتكب جريمة، وكثير مثلي انتسبوا للتنظيم من الفقر والحاجة للمال، بقيت بعض الأشهر ويُفرج عني ومحيطي يعرفون من أكون، لكنهم متأكدون من أنني لم أوذِ أحداً».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)

أثار قرار شركة «ميتا» بحذف أكثر من مليونَي حساب على منصات «فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب»، خلال الأشهر الماضية، تساؤلات بشأن سياسات الشركة حول حماية بيانات المستخدمين، لا سيما أن القائمين على القرار برّروا الخطوة بأنها جاءت بهدف «مواجهة عمليات الاحتيال الرقمي». ووفق خبراء تحدَّثوا مع «الشرق الأوسط» فإن «الخطوة تعد تطوراً في سياسات (ميتا) لحماية البيانات».

«ميتا» ذكرت، في تقرير صدر نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن السبب وراء حذف الحسابات هو «رصد عمليات احتيال رقمي كانت قد قامت بها تلك الحسابات». ويُعدّ هذا التقرير الأول الذي تكشف من خلاله «ميتا» عن تفاصيل استراتيجيتها للتصدي للأنشطة الاحتيالية العابرة للحدود. وعدّ مراقبون هذه الخطوة تعزيزاً لاتباع سياسة واضحة تجاه أي اختراق لحماية المستخدمين. وكتبت الشركة عبر مدونتها «لا مكان على (فيسبوك) أو (إنستغرام) أو (واتساب) للمجموعات أو الأفراد الذين يروّجون للعنف، والإرهاب، أو الجريمة المنظمة، أو الكراهية».

هيفاء البنا، الصحافية اللبنانية والمدرّبة في الإعلام ومواقع التواصل، رأت في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «ميتا» تعمل على تحديث أدواتها لحماية المستخدمين. وأضافت: «تركز سياسات (ميتا) على الحدِّ من الجريمة المنظمة عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) المتطورة، وتعمل هذه التقنيات على تحليل النشاطات المُريبة على المنصات واكتشاف المحتويات المرتبطة بالجريمة المنظمة».

ووفق البنا فإن «(ميتا) تُراجع وتحدّث سياساتها بشكل دوري، كي تتفادى أي تهديدات تلاحق المستخدمين، وكانت الشركة قد أوضحت أن خوادمها الـ(Servers) المنتشرة في الدول يتم تحديثها بشكل دوري؛ لضمان مواكبة أي تغييرات، ولضمان بيئة أكثر أماناً لمستخدمي منصاتها حول العالم».

وأردفت: «التزاماً بلائحة حماية البيانات العامة، تتعامل (ميتا) مع الأشخاص الذين تُحلّل بياناتهم عبر رموز مشفّرة، وليس عبر أسمائهم الحقيقية، ما يضمن الحفاظ على خصوصياتهم»، مشيرة إلى أن حماية بيانات المستخدمين لا تتوقف على «ميتا» فقط.

إذ شدّدت الإعلامية والمدرّبة اللبنانية على تدابير يجب أن يتخذها المستخدم نفسه لحماية بياناته، إذ توصي مثلاً «بتفعيل خاصية (التحقق بخطوتين/ Two-Factor Authentication)؛ لضمان أمان الحسابات، ويمكن أيضاً استخدام تطبيقات مثل (Google Authentication)، التي تولّد رموزاً سرية تُستخدم للدخول والتحقق من هوية المستخدم، وكذا يمكن استخدام خاصية الإبلاغ التي توفّرها (ميتا) بسرية تامة، حيث يصار إلى التعامل مع هذه البلاغات من خلال فرق مختصة أو تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لضمان بيئة آمنة للجميع».

معتز نادي، المدرّب المتخصص في الإعلام الرقمي، عدّ خلال حوار مع «الشرق الأوسط» تحرّكات «ميتا» الأخيرة انعكاساً لـ«تفاقم مشكلة الاحتيال عبر الإنترنت وزيادة التهديدات السيبرانية التي تواجه المستخدمين». ورأى أن «تحديات (ميتا)» تصطدم بتطور الاحتيال، وازدياد عدد المستخدمين بما يتجاوز نحو مليارَي مستخدم، وتشديد الرقابة الرقمية التي تضعها في مرمى نيران الانتقادات، خصوصاً مع انتقاد خوارزمياتها الكثير من الأحداث السياسية التي شهدها العالم أخيراً.

وحول جدية «ميتا» في حماية بيانات المستخدمين، قال معتز نادي: «بنظرة إلى المستقبل، سيكون الأمان الرقمي بحاجة إلى مجاراة التطور من حيث تقنيات الذكاء الاصطناعي، والعمل على تثقيف المستخدمين عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لمنع أي اختراق لخصوصياتهم».