تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)

أثار قرار شركة «ميتا» بحذف أكثر من مليونَي حساب على منصات «فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب»، خلال الأشهر الماضية، تساؤلات بشأن سياسات الشركة حول حماية بيانات المستخدمين، لا سيما أن القائمين على القرار برّروا الخطوة بأنها جاءت بهدف «مواجهة عمليات الاحتيال الرقمي». ووفق خبراء تحدَّثوا مع «الشرق الأوسط» فإن «الخطوة تعد تطوراً في سياسات (ميتا) لحماية البيانات».

«ميتا» ذكرت، في تقرير صدر نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن السبب وراء حذف الحسابات هو «رصد عمليات احتيال رقمي كانت قد قامت بها تلك الحسابات». ويُعدّ هذا التقرير الأول الذي تكشف من خلاله «ميتا» عن تفاصيل استراتيجيتها للتصدي للأنشطة الاحتيالية العابرة للحدود. وعدّ مراقبون هذه الخطوة تعزيزاً لاتباع سياسة واضحة تجاه أي اختراق لحماية المستخدمين. وكتبت الشركة عبر مدونتها «لا مكان على (فيسبوك) أو (إنستغرام) أو (واتساب) للمجموعات أو الأفراد الذين يروّجون للعنف، والإرهاب، أو الجريمة المنظمة، أو الكراهية».

هيفاء البنا، الصحافية اللبنانية والمدرّبة في الإعلام ومواقع التواصل، رأت في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «ميتا» تعمل على تحديث أدواتها لحماية المستخدمين. وأضافت: «تركز سياسات (ميتا) على الحدِّ من الجريمة المنظمة عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) المتطورة، وتعمل هذه التقنيات على تحليل النشاطات المُريبة على المنصات واكتشاف المحتويات المرتبطة بالجريمة المنظمة».

ووفق البنا فإن «(ميتا) تُراجع وتحدّث سياساتها بشكل دوري، كي تتفادى أي تهديدات تلاحق المستخدمين، وكانت الشركة قد أوضحت أن خوادمها الـ(Servers) المنتشرة في الدول يتم تحديثها بشكل دوري؛ لضمان مواكبة أي تغييرات، ولضمان بيئة أكثر أماناً لمستخدمي منصاتها حول العالم».

وأردفت: «التزاماً بلائحة حماية البيانات العامة، تتعامل (ميتا) مع الأشخاص الذين تُحلّل بياناتهم عبر رموز مشفّرة، وليس عبر أسمائهم الحقيقية، ما يضمن الحفاظ على خصوصياتهم»، مشيرة إلى أن حماية بيانات المستخدمين لا تتوقف على «ميتا» فقط.

إذ شدّدت الإعلامية والمدرّبة اللبنانية على تدابير يجب أن يتخذها المستخدم نفسه لحماية بياناته، إذ توصي مثلاً «بتفعيل خاصية (التحقق بخطوتين/ Two-Factor Authentication)؛ لضمان أمان الحسابات، ويمكن أيضاً استخدام تطبيقات مثل (Google Authentication)، التي تولّد رموزاً سرية تُستخدم للدخول والتحقق من هوية المستخدم، وكذا يمكن استخدام خاصية الإبلاغ التي توفّرها (ميتا) بسرية تامة، حيث يصار إلى التعامل مع هذه البلاغات من خلال فرق مختصة أو تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لضمان بيئة آمنة للجميع».

معتز نادي، المدرّب المتخصص في الإعلام الرقمي، عدّ خلال حوار مع «الشرق الأوسط» تحرّكات «ميتا» الأخيرة انعكاساً لـ«تفاقم مشكلة الاحتيال عبر الإنترنت وزيادة التهديدات السيبرانية التي تواجه المستخدمين». ورأى أن «تحديات (ميتا)» تصطدم بتطور الاحتيال، وازدياد عدد المستخدمين بما يتجاوز نحو مليارَي مستخدم، وتشديد الرقابة الرقمية التي تضعها في مرمى نيران الانتقادات، خصوصاً مع انتقاد خوارزمياتها الكثير من الأحداث السياسية التي شهدها العالم أخيراً.

وحول جدية «ميتا» في حماية بيانات المستخدمين، قال معتز نادي: «بنظرة إلى المستقبل، سيكون الأمان الرقمي بحاجة إلى مجاراة التطور من حيث تقنيات الذكاء الاصطناعي، والعمل على تثقيف المستخدمين عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لمنع أي اختراق لخصوصياتهم».



صحافة ألمانيا تنتقد تدخل ماسك في سياستها الداخلية

إيلون ماسك ... أثار ضجة في الإعلام الألماني (أ ب)
إيلون ماسك ... أثار ضجة في الإعلام الألماني (أ ب)
TT

صحافة ألمانيا تنتقد تدخل ماسك في سياستها الداخلية

إيلون ماسك ... أثار ضجة في الإعلام الألماني (أ ب)
إيلون ماسك ... أثار ضجة في الإعلام الألماني (أ ب)

لم تتردّد الصحافة الألمانية في انتقاد تدخل الملياردير إيلون ماسك، صاحب منصة «إكس»، في السياسة الداخلية لألمانيا. ووصف معظم الصحف الرئيسية في البلاد دعمه حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، بأنه يشكل خطراً على الأسس الديمقراطية فيها.

حتى صحيفة «دي فيلت إم زونتاغ»، التي تصدر أيام الأحد والتي نشرت مقالاً لماسك يبرّر فيه دعمه للحزب المتطرف، بدت وسط صراع داخلي في قرارها نشر المقال. وإلى جانب مقال ماسك، أوردت مقالاً لرئيس تحريرها يان فيليب بورغارد، تحت عنوان: «لماذا يراهن ماسك على حزب البديل من أجل ألمانيا؟ ولماذا هو مخطئ؟».

وفي المقال، كتب رئيس تحرير الصحيفة اليمينية المحافظة، التي هي جزء من دار «أكسل شبرينغر» التي استحوذت على مجلة «بوليتيكو» الأميركية العام الماضي، أن ماسك «يعتقد أن حزب البديل يستطيع أن يُصلح البلد بشكل جذري، لكنه مخطئ تمام. إذ إن الحزب في جزء منه يعاني من كراهية الأجانب ومعادٍ للسامية، ولهذا فهو خطر على ألمانيا».

أليس فايدل (آ ب)

وأعطى بورغارد أمثلة على تورّط مسؤولين بارزين في الحزب في قضايا قانونية لتكرارهم عبارات نازية، مضيفاً أن على ماسك تذكَّر أن ذلك الحزب «ليس فقط (زعيمته) أليس فايدل». وتابع كاتب المقال أن حزب «البديل» معادٍ أيضاً لعلاقات وثيقة مع واشنطن، وفي المقابل يدعو إلى التقارب مع روسيا.

جدير بالذكر أن ماسك في سياق تبريره دعم الحزب المتطرف، كتب في مقاله الذي نشرته «دي فيلت إم زونتاغ» أن «زعيمة الحزب أليس فايدل متزوجة من امرأة من سريلانكا. هل يبدو هذا كهتلر بالنسبة إليكم؟!». وعدا عن تغريداته المستمرة دعماً للحزب، أجرى مالك منصة «إكس» مقابلة مع فايدل على منصته استمرت ساعة ونصف الساعة، ثم انضم إلى حفل انتخابي للحزب عبر دائرة الفيديو ملقياً كلمة أمام المشاركين وداعياً «إلى الخروج من عقدة الذنب التي تلاحق ألمانيا»، مما أثار انتقادات كبيرة له واتهامات بقلة فهمه للتاريخ.

من جهة ثانية، على الرغم من نشر «دي فيلت إم زونتاغ» مقالاً مضاداً لماسك، فإن قرار النشر أثار ما تشبه الثورة الداخلية في الصحيفة، وأدى إلى استقالة رئيس قسم المقالات فيها اعتراضاً. ويبدو أن علاقة الصداقة التي تربط بين ماسك ومدير عام دار نشر «أكسل شبرينغر» ماتياس دوبفنر كانت وراء قرار نشر المقال.

مجلة "دير شبيغل" (رويترز)

مع ذلك، لا يمكن اعتبار أن نشر الصحيفة للمقال خرج عن إطار انتقاد الصحافة الألمانية لتدخل ماسك. وحتى الصحيفة نفسها تعرّضت لانتقادات من صحف ومجلات أخرى لقرارها. فقد نشرت مجلة «دير شبيغل» مثلاً تحقيقاً موسّعاً تناول علاقة دوبفنر بماسك، وكيف جاء قرار نشر المقال، وما تبع النشر من «ثورة داخلية» في المؤسسة.

هذا، ودأبت «دير شبيغل»، إلى جانب صحف ومجلات أخرى عريقة في ألمانيا، مثل «دي تزايت» و«سود دويتشه تسايتونغ» و«فرانكفورتر تسايتونغ» و«تاغس شبيغل»، على انتقاد تصريحات ماسك واعتبار أنها «تقوّض الديمقراطية». وغالباً ما تركّز مواضيع هذه الصحف على آيديولوجيات حزب «البديل من أجل ألمانيا» المتطرفة التي تُعرّض التماسك الاجتماعي للخطر. وكذلك نشرت صحف ألمانية مقالات تركز على «تطبيع» تأييد ماسك للأحزاب المتطرفة من خلال دعمه لها.

مما يُذكر أن ماسك واجه سيل انتقادات من الإعلام الألماني بعد انتقاده فشل السلطات في منع اعتداء ماغديبورغ الذي وقع إبان عطلة الميلاد، حين دهس لاجئ سعودي، مطلوب من السعودية ولكن ألمانيا رفضت تسليمه، عدداً من مرتادي السوق وقتل خمسة أشخاص.

ماسك واجه سيل انتقادات من الإعلام الألماني بعد انتقاده فشل السلطات في منع اعتداء ماغديبورغ الذي وقع إبان عطلة الميلاد

وفي المقال، انتقد الكاتب تدخل «مليونير» في السياسة الألمانية، مشيراً إلى أن «السلطة حين تكون متجمعة في يد شخص واحد تشكل تهديداً لنظامنا الليبرالي».

وفي إطار الموضوع ذاته الذي يناقش تركز السلطات في يد ماسك واستغلاله موقعه، بثَّت «إذاعة برلين وبراندنبرغ» برنامجاً يتساءل عن «ما مدى خطورة قوة (سلطة) ماسك؟». ونقلت الإذاعة عن محللين وصحافيين في «دير شبيغل» و«آر تي إل»، قولهم أن تدخل ماسك «يطبّع اليمين المتطرف». ولقد انتقد كل المشاركين قرار «فيلت إم زونتاغ» نشر مقال ماسك؛ وقال نيكولاوس بلوم، رئيس قسم السياسة في «آر تي إل» -وكان نائب رئيس تحرير مجلة «دير شبيغل» وصحيفة «بيلد» سابقاً- إن المقال عُدَّ «سبقاً صحافياً» لكنه لو كان ليتخذ القرار لما كان نشره. وأضاف مبرّراً ذلك أن المقال «كان ضعيفاً، ولم أقرأ في حياتي دعوة سطحية للاقتراع مثله، بل يمكن نشر ذلك كإعلان مدفوع». وتابع منتقداً علاقة ماسك بدوبفنر الذي قرر نشر المقال من دون اعتباره إعلاناً. وللتذكير كانت دار «أكسل شبرينغر» قد استحوذت على مجلة «بوليتيكو» الأميركية، الأمر الذي ربما يبرّر حسابات مدير المجموعة.

من جهة أخرى، من الصحف والمجلات الألمانية مَن ذهب أبعد من ذلك، وصولاً إلى اعتبار ماسك «تهديداً للديمقراطية في أوروبا»، مثل مجلة «فوكس» المحافظة، التي نشرت مقالاً ينتقد «مساعي ماسك إلى قلب أوروبا رأساً على عقب». وفي المقال المنشور لكيشور سريدار، وهو كاتب متخصص يعمل في المجلة، ورد أن «ماسك يسعى بشكل ممنهج إلى خلق آراء سياسية في أوروبا... وهو بالطبع لا يقوم بذلك من مبدأ المثالية، فهو كان وما زال وسيبقى رجل أعمال يحاول دائماً أن يؤمّن مزايا لشركاته، وهو يفعل ذلك من خلال الفوضى الخلّاقة».