ترمب يصف السعودية بالحليف التاريخي... وعواصم أوروبية تدعم مزيداً من التحقيقات
دونالد ترمب (أ.ف.ب)
رحّب الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالإجراءات السعودية في قضية وفاة المواطن جمال خاشقجي، وعدها خطوة كبيرة في إظهار الحقائق، مؤكداً أن السعودية دولة قوية وحليفة للولايات المتحدة الأميركية منذ زمن طويل. وجاء الترحيب الأميركي فيما طالب عددٌ من العواصم الأوروبية بمواصلة التحقيقات لتوضيح التفاصيل ومحاسبة المسؤولين. وتناقلت وسائل الإعلام الأميركية البيان السعودي الرسمي بشأن قضية جمال خاشقجي وتصدرت الصفحات الأولى في كل الصحف الأميركية، وشاشات القنوات الأميركية. والتزم قادة في الكونغرس الصمت على البيان الرسمي، وكانت أصوات ديمقراطية وجمهورية في مجلسي النواب والشيوخ ظلت طيلة الفترة الماضية تنادي بفرض عقوبات على السعودية، وتحاول النيل من العلاقة الأميركية - السعودية، إلا أن الموقف الحكومي الأميركي كان الرادع لتلك الأصوات، والمؤكد على ضرورة مواصلة التحالف السعودي - الأميركي. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب عندما كان في زيارة إلى قاعدة سلاح الجو للطيران لوقا في ولاية أريزونا، إن الإعلان الرسمي السعودي للنتائج الأولية في قضية جمال خاشقجي، جدير بالثقة. وأضاف: «نتوقع تسلم تقرير كامل من الحكومة السعودية الأيام المقبلة، وسنتحدث معهم ونرى ما سيحدث، قد تكون لدينا بعض الأسئلة بالتعاون مع الكونغرس أيضاً، إلا أن العلاقة بين البلدين ستكون في الحسبان». وقالت المتحدّثة باسم الرئاسة الأميركية، سارة ساندرز، في أول ردّ فعل أميركي على الإعلان السعودي «نشعر بالحزن لتبلغنا أنّ وفاة خاشقجي قد تأكّدت، ونتقدّم بأحرّ التعازي لأسرته وخطيبته وأصدقائه». وأضافت أنّ «الولايات المتحدة تأخذ علماً بإعلان المملكة العربية السعودية بأنّ التحقيق بشأن مصير جمال خاشقجي يتقدّم وبأنها اتّخذت إجراءات ضدّ المشتبه بهم الذين تم تحديدهم حتى الآن». وتابعت ساندرز «سنواصل متابعة التحقيقات الدولية عن كثب في هذا الحادث والمطالبة بأن يتم إحقاق العدالة من دون تأخير وبشفافية وبما يتّفق مع كلّ الإجراءات القانونية الواجبة». وكانت الرياض قد أعلنت، فجر أمس، في أعقاب التحقيقات في وفاة خاشقجي، عن إعفاء نائب رئيس الاستخبارات العامة اللواء أحمد عسيري، ومسؤولين آخرين في جهاز الاستخبارات، من مناصبهم، كما أوقفت 18 سعودياً على ذمة القضية، ووجهت بتشكيل لجنة وزارية، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة في المملكة في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية «إننا ندرس التقرير السعودي وخطواتنا القادمة»، على حد قول وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هنت. وأضاف بيان الخارجية «نقدم تعازينا لعائلة جمال خاشقجي بعد تأكيد وفاته». وفي ألمانيا، طالبت المستشارة أنجيلا ميركل أمس بكشف المزيد من ملابسات الواقعة، وقالت خلال المؤتمر العام الإقليمي لحزبها المسيحي الديمقراطي في مدينة لاينفيلده - فوربيس بولاية تورينجن الألمانية «بالطبع نطالب بتوضيح الأحداث وبتفسير». وفي هولندا قال رئيس الوزراء، مارك روته، إن الأمر يتطلب مزيداً من التحقيقات في قضية خاشقجي. وقال «أتوقع وأرجو أن تتضح كل الحقائق المتعلقة بالأمر بأسرع وقت ممكن». وفي مدريد أيد بيان للحكومة الإسبانية دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لإجراء تحقيق شامل وشفاف من أجل محاسبة المسؤولين عن تلك الواقعة التي أثارت اهتماماً عالمياً. وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد أبدى «انزعاجه الشديد» إثر تبلغه بوفاة الصحافي السعودي جمال خاشقجي. وقال غوتيريش في بيان قدّم فيه تعازيه إلى أسرة خاشقجي وأصدقائه إنّه يشدّد «على ضرورة إجراء تحقيق سريع ومعمّق وشفّاف في ظروف وفاة خاشقجي، وعلى المحاسبة التامّة للمسؤولين عنها». كما قالت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) الفرنسية أودري أزولاي إن «المحاسبة عن هذه الجرائم أمر غير قابل للتفاوض. أحض السلطات المعنية على إجراء تحقيق معمق في هذه الجريمة وإحالة المنفذين إلى القضاء».
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الرياض:«الشرق الأوسط»
TT
الرياض:«الشرق الأوسط»
TT
السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.
وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.
وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.
وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.
وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).
وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.
وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».
وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.
كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.
وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.
كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».
وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.
ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.
واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.
وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.
وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.
واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.
وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.
واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.
وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.
وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.
وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.
وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.
وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.
وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.
وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.
ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.