مكتبة غزالي المصرية شاهد على تاريخ المقاومة الشعبية بالغناء

جانب من مقتنيات مكتبة شاعر المقاومة المصري الراحل الكابتن غزالي في مدينة السويس («الشرق الأوسط»)  -  الحاج أحمد غزالي الابن الأكبر لشاعر المقاومة المصري الراحل الكابتن غزالي في مدينة السويس («الشرق الأوسط»)
جانب من مقتنيات مكتبة شاعر المقاومة المصري الراحل الكابتن غزالي في مدينة السويس («الشرق الأوسط») - الحاج أحمد غزالي الابن الأكبر لشاعر المقاومة المصري الراحل الكابتن غزالي في مدينة السويس («الشرق الأوسط»)
TT

مكتبة غزالي المصرية شاهد على تاريخ المقاومة الشعبية بالغناء

جانب من مقتنيات مكتبة شاعر المقاومة المصري الراحل الكابتن غزالي في مدينة السويس («الشرق الأوسط»)  -  الحاج أحمد غزالي الابن الأكبر لشاعر المقاومة المصري الراحل الكابتن غزالي في مدينة السويس («الشرق الأوسط»)
جانب من مقتنيات مكتبة شاعر المقاومة المصري الراحل الكابتن غزالي في مدينة السويس («الشرق الأوسط») - الحاج أحمد غزالي الابن الأكبر لشاعر المقاومة المصري الراحل الكابتن غزالي في مدينة السويس («الشرق الأوسط»)

السويس محافظة مصرية صغيرة تحمل تاريخاً كبيراً، وتشتهر بين المصرين بكونها المدينة التي لا تهزم، لتصدى أهلها لجميع المعارك والحروب التي مرت في التاريخ الحديث، خصوصاً حربي 1967 و1973، وأفرزت طوال ذلك مئات الشخصيات المميزة المقاومة، كالكابتن غزالي، شاعر المقاومة الراحل، الذي تحول مكتبه الخاص إلى مكتبة للاطلاع، ومكان لتجمع أصدقائه وتلاميذه ومحبيه. ويرتبط اسم غزالي بعشرات الأغاني المصرية الخاصة بزمن الحرب والمقاومة، ومن أشهرها «غنى يا سمسمية»، حيث أسس غزالي فرقة «أولاد الأرض» لفنون السمسمية عقب حرب 1967، وكان لها دور كبير في رفع الروح المعنوية للمصريين بكلمات حماسية تلقائية.
وعقب نصر أكتوبر (تشرين الأول) 1973، انتهى دور الفرقة كواحدة من أدوات المقاومة الشعبية، وإن ظل غزالي يلعب دوراً مهماً في مدينة السويس، فتحلق حوله الأهالي يستشيرونه في كثير من أمورهم، سواء على مقهى سوريا الشهير أو في مكتبه، حتى وفاته العام الماضي عن عمر يناهز الثامنة والثمانين.
يقول الحاج أحمد غزالي، أكبر أبناء الشاعر الراحل، إن العائلة «فضلت عدم غلق مكتبه عقب رحليه، وقررت إتاحة مقتنياته من الكتب لأهالي السويس، خصوصاً أن غزالي كان موسوعي الثقافة، ويملك شغفاً كبيراً بالقراءة في كل فروعها، وهو ما انعكس على الكتب التي تركها، والتي بدت مغايرة لبداياته كمصارع يسعى للاحتراف، ويدير صالة لألعاب القوى».
وتمتلئ المكتبة بعناوين في مجالات الأدب والسياسة والاجتماع والاقتصاد، إلى جانب أعداد قديمة من مجلات ثقافية. وتتيح أسرة غزالي استعارة الكتب أيضاً بالشرط نفسه الذي كان يضعه والدهم الراحل، وهو إعادتها مرة أخرى.
بخط الرقعة الأحمر المميز الكبير كُتبت عبارة «كابتن غزالي»، للإشارة إلى مكتب شاعر المقاومة الراحل الذي يشبه الدكان الصغير، وينقسم إلى دورين؛ أحدهما كان مخصصاً كمكتب للشاعر الراحل، والآخر لجلسات السمر التي لم تنقطع منذ الستينات من القرن الماضي، وشهدت حضور عشرات من الشعراء والساسة.
الشاعر الفلسطيني محمود درويش كان أحد زوار مكتب غزالي خلال الستينات من القرن الماضي، مخترقاً بذلك حصار المدينة الباسلة، وأجواء الحرب وقتها، وكرمت فرقة «أولاد الأرض» درويش بأغنية خاصة له، كان مطلعها «أهلاً يا درويش يا بلبل سهرتنا.. كيف سميح وإيش (كيف) حاله.. وإيش حال عروبتنا». ويقول الحاج أحمد غزالي: «كان الشعراء جميعهم يلتفون حول فرقة (أولاد الأرض)، في حين يرافقهم بشكل دائم الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي، الذي كان يقضى أشهراً كاملة بمدينة السويس، حتى يشغله حماس المقاومة عن مرارة الهزيمة». وكان الأبنودي دائماً ما يمازح الكابتن غزالي، قائلاً: «صوتك وحِش، عامل زى الحصيرة المقطعة، بس بيخليني عايز (محتاج) أقوم وأحارب»، ملخصاً الحالة الخاصة لكلمات وموسيقى غزالي. وبجانب الكتب، عرض عدد من الأشعار بخط يد الشاعر الراحل، بعضها يحمل تاريخ حديث، وتشي بنضج تجربته الشعرية وتطورها على نحو يعادل قوة شعره المقاوم.
وفضلاً عن الكتب والأشعار، توجد عشرات الصور التذكارية والأوسمة وشهادة التقدير التي منحت تكريماً لغزالي لدوره في المقاومة الشعبية، وأيضاً آلة سمسمية من صنع يده تركت لعزف الهواة من أبنائه، حيث لم ينجح أي منهم في احتراف فن أبيه، واستكمال مسيرته في إحياء التراث الغنائي لمدن القناة، وفن السمسمية. وبالقرب من المكتبة، تجد واحداً من أشهر خنادق الاحتماء من الغارات في أثناء الحرب، ولا تكتمل الزيارة إلى المكتبة دون المرور عليه، فهو الخندق الذي كانت تجتمع به فرقة «أولاد الأرض»، فيما أطلق عليه كابتن غزالي اسم «شاليه أولاد الأرض» على سبيل المزاح، وما زالت تلك العبارة باقية رغم مرور السنوات، بينما تم إغلاق مدخله، مع تأكيد سكان البناية أن الخندق ربما امتلأ بالمياه الجوفية.


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».