الإفراج عن أبرز القيادات العسكرية في ليبيا يجدد المطالب بإطلاق رموز النظام السابق

محامي سيف الإسلام ينفي رفض دعواه أمام الجنايات الدولية

اللواء المهدي العربي
اللواء المهدي العربي
TT

الإفراج عن أبرز القيادات العسكرية في ليبيا يجدد المطالب بإطلاق رموز النظام السابق

اللواء المهدي العربي
اللواء المهدي العربي

أطلقت السلطات الأمنية في حكومة الوفاق الوطني بالعاصمة الليبية طرابلس سراح اللواء المهدي العربي عبد الحفيظ، أحد أبرز القيادات العسكرية في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، وأحد أشهر مساعديه، وذلك بعد سبعة أعوام من حبسه في سجن جودائم بمدينة الزاوية (48 كيلومتراً غرب العاصمة)، وفي غضون ذلك دعا فضيل الأمين، عضو لجنة الحوار السياسي، إلى ضرورة الإفراج عن أبو زيد دوردة، آخر مسؤول بجهاز المخابرات في النظام السابق.
وأعلنت أسرة المهدي، الذي شغل منصب رئيس هيئة التدريب في وزارة الدفاع التي كانت تُعرف بـ«اللجنة المؤقتة العامة للدفاع»، أنه وصل منزله مساء أول من أمس، بعدما أمر المستشار محمد عبد الواحد، وزير العدل بحكومة فائز السراج، بالإفراج عنه لدواع صحية.
وأظهر مقطع فيديو، بثته فضائية «ليبيا الأحرار»، اللواء المهدي بلحية بيضاء طويلة، لين القول، وهو الذي عرف بصرامته وملامحه المتجهمة في عهد القذافي.
وفي أول تعليق له، دعا المهدي أبناء مدينته الزاوية إلى طي صفحة الماضي، والاتجاه إلى المصالحة الوطنية الشاملة بين مكونات وأطياف المجتمع الليبي، وقال «أتمنى على ناسي وأهلي، أن يهتموا بالمصالحة، سواء بين العائلات، أو القبائل فيما بينها... يجب أن نصالح بعضنا البعض».
وأُودع المهدي السجن في الثامن من سبتمبر (أيلول) عام 2011 بتهمة مناهضة «انتفاضة فبراير»، وهو يوصف بكونه من أبرز أركان القوات المسلّحة الليبية قبل 2011. ونائبا لرئيس أركان الجيش الليبي، فضلاً عن مشاركته في «ثورة الفاتح» من سبتمبر (أيلول) عام 1969. مما قربه أكثر من معمر القذافي. وعلى إثر إطلاق سراح المهدي، قال عبد المنعم الحر، الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا‏، لـ«الشرق الأوسط» إنه «يجب النظر في ملف كل من يعاني من رموز نظام القذافي أمراضا مزمنة وحالتهم حرجة».
وفتح إطلاق سراح المهدي الباب واسعاً أمام المطالبة بالإفراج عن آخرين من رموز نظام القذافي، إذ قال فضيل الأمين، عضو لجنة الحوار السياسي الليبي، إنه «آن الأوان لإطلاق سراح أبو زيد دوردة (رئيس المخابرات في عهد القذافي) دون تأخير أو مماطلة». معتبرا أن أبو زيد «سيكون إحدى دعامات المصالحة الوطنية والسلم الأهلي في ليبيا»، وأن البلاد «بحاجة لمستقبل يبنيه الجميع دون إقصاء أو استئصال أو استثناء». لكن نائبا بمجلس النواب عن مدينة طرابلس، رفض الفكرة وقال إنه «يجب على رموز النظام السابق الابتعاد عن الساحة السياسية إذا ما خرجوا من السجون، ويكفيهم ما ألحقوه بالبلاد من كوارث على مدار 43 عاماً مضت».
وأضاف النائب الذي رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» أن «أنصار نظام القذافي ليس لهم باع في عملية المصالحة كما يسوّق البعض... ونحن لا نقف ضد خروجهم من المعتقلات». في المقابل، قال الدكتور مصطفى الزائدي، أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية، عقب الإفراج عن المهدي العربي «لقد كان سجنه وتعذيبه أمراً محزناً ومؤسفاً، وخارج كل المعطيات القانونية والأخلاقية».
وأضاف الزائدي قائلا «الرسالة واضحة إلى كل المسؤولين في الميليشيات، وهي أن يجنبوا ليبيا النزاعات عبر الإفراج عن كل المعتقلين. فهم قاعدة للمصالحة الوطنية المجتمعية، وأداة لبناء ليبيا دولة مدنية مستقرة».
وفي سياق متصل قال خالد الزائدي، عضو فريق المحامين عن سيف الإسلام القذافي، إن محكمة الجنايات الدولية لا تزال تنظر الدعوى المقامة أمام دائرتها التمهيدية بشأن نجل الرئيس السابق، موضحا أنه «لم يتم رفضها كما يشاع كذباً». وأضاف الزائدي أن «التضليل لا يزال مستمراً»، نافياً ما تداولته بعض القنوات بشأن رفض دعوى سيف الإسلام، وقال بهذا الخصوص «الدعوى لا تزال قيد النظر، ولم يتم الفصل فيها حتى الآن». وسبق أن طالبت محكمة الجنايات الدولية السلطات الليبية، مرات عدة، بتسليم سيف الإسلام القذافي بتهمة «ارتكابه جرائم حرب»، ما دفع محاميه إلى تحريك دعوى بـ«عدم اختصاص المحكمة، والطعن في مقبولية الاتهام ضد موكله».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم