ملادينوف يحذر من انفجار غزة من الداخل

دعوة المدير العام لـ «بتسليم» إلى مجلس الأمن تثير غضب إسرائيل

TT

ملادينوف يحذر من انفجار غزة من الداخل

دق المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، أمس (الخميس)، ناقوس الخطر، محذراً من أن الوضع في غزة «ينفجر من الداخل»، على الرغم من استمرار المساعي مع السلطات المصرية والإسرائيلية لتلافي حرب جديدة.
وكان ملادينوف يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من القدس، في جلسة مفتوحة لمجلس الأمن عن «الحالة في الشرق الأوسط، بما فيها المسألة الفلسطينية»، حيث أكد أن «الوضع في غزة ينفجر في الداخل من دون مبالغة (...) نقترب من نزاع جديد في غزة، وأدق ناقوس الخطر لإنقاذ القطاع»، منبهاً إلى أن الهدوء هذا «هش، ويجب اتخاذ تدابير حازمة»، وأضاف: «نبذل جهداً لتجنب الحرب، والعودة إلى تنفيذ اتفاق عام 2014. وإذا فشلنا، ستكون العواقب وخيمة للغاية في غزة».
وطالب إسرائيل بأن «تحسن وصول الإمدادات الإنسانية لقطاع غزة»، داعياً إلى ضبط النفس في التعامل مع المتظاهرين على حدود القطاع، مشدداً على ضرورة «وقف الأعمال الاستفزازية، ووقف أعمال العنف عند السياج من قبل حماس، كما يجب على السلطات الفلسطينية ألا تتخلى عن غزة التي هي ليست مشكلة إنسانية»، وقال: «نتواصل مع السلطات المصرية والإسرائيلية لتجنب الحرب على غزة».
وعبر عن قلقه من العنف الذي يمارسه المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين، مشيراً إلى أن السلطات الإسرائيلية تواصل هدم مباني وممتلكات الفلسطينيين في الضفة الغربية، وطالب بوقف هدم الخان الأحمر في القدس، معتبراً أن تخصيص الاحتلال أموالاً لبناء مستوطنات في الخليل «نشاط غير مشروع». وشدد على أن الفلسطينيين، سواء في الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) أو غزة أو اللاجئين في المنطقة، يستحقون «فرصة لاستعادة كرامتهم، وبناء مستقبل أفضل لهم ولأسرهم. يستحقون أن يمسكوا بزمام مصيرهم، وأن يحكموا من مؤسسات منتخبة ديمقراطياً، وأن تكون لهم دولة تعيش في سلم وأمن مع إسرائيل».
وتبعه المدير التنفيذي لمنظمة «بتسيلم» الحقوقية الإسرائيلية، حغاي إلعاد، فأكد أن إسرائيل تعتمد «سياسة ممنهجة» في هدم خان الأحمر، وفي مواجهة احتجاجات غزة، موضحاً أنها «وضعت خطة لاقتلاع هذا التجمع، بدعوى أن جميع مبانيه مخالفة للقانون، حيث أقيمت من دون ترخيص»، وأضاف أن «هذه الادعاءات لا تعدو كونها مغالطات هزلية صيغت بدقة على يد محامي النيابة (في) تشويه واضح لروح القانون». وقال إن المباني أقيمت دون ترخيص لأن الفلسطينيين «لا خيار آخر أمامهم».
وأضاف: «تجاهلت الحكومة في إعلانها هذا أن الموقعين البديلين (...) بعيدان جداً»، موضحاً أن «أحدهما يتاخم مكب نفايات، والآخر يتاخم منشأة لتطهير مياه المجاري». واعتبر أن حكم القضاء يجعل «القضاة شركاء في جريمة حرب، أي النقل القسري لسكان محميين في أراضٍ محتلة». أما عن قطاع غزة، فـ«أصبح في الأساس سجناً مفتوحاً»، وقال: «خرج نزلاء السجن في الأشهر الستة الماضية محتجين على أوضاعهم، بعد أن عانوا طيلة أكثر من 10 سنوات تحت وطأة حصار تفرضه إسرائيل، حصار أدى إلى انهيار اقتصاد القطاع، وارتفاع حاد في معدلات البطالة، وتلوث مياه الشرب، وتناقص إمدادات الطاقة الكهربائية. وفي نهاية المطاف، أدى إلى حالة يأس عميق».
وختم: «أنا لست خائناً، ولست بطلاً أيضاً. الأبطال هم الفلسطينيون الذين يتحملون هذا الاحتلال بشجاعة ومثابرة، وهم يستيقظون في دجى الليل ليجدوا الجنود قد داهموا منازلهم».
وقال المراقب الدائم لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، رياض منصور، إن «ميثاق الأمم المتحدة يكفل حق كل الشعوب في تحديد المصير، والفلسطينيون محرومون من ذلك». وإذ عدد السياسات الإسرائيلية التي تعتمد على القمع واللاإنسانية والعنف تجاه الشعب الفلسطيني، أكد أن «حقنا في تحديد المصير شرعي، ولن نأخذ إذناً من أحد لممارسته». واعتبر أن أي منهجية جديدة لصانعي السلام يرحب بها على أساس مبادئ واضحة، حيث إنه من دون معالجة القضايا الجذرية، بما فيها الوضع التاريخي لتشريد الشعب الفلسطيني والمستوطنات والقدس، وحق اللاجئين الفلسطينيين، سيكون مستقبلها الفشل.
وانتقد المندوب الإسرائيلي، داني دانون، دعوة بوليفيا إلى عقد هذا الاجتماع، مستفيدة من توليها الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، وقال: «سمعتم من (بتسيلم)، المنظمة الإسرائيلية المشهورة بتشويه صورة إسرائيل». وحمل على سجل بوليفيا في مجال حقوق الإنسان لأنه «مروع»، واعتبر أن الجلسة «تثبت قوة ديمقراطية إسرائيل النابضة، فلا يمكن أن تجرؤ منظمة في بوليفيا، أو تحت رئاسة الفلسطينيين، على تشويه صورة حكومتها في مجلس الأمن».
أما المندوب الروسي، فاسيلي نيبينزيا، فذكر بأن «القضية الفلسطينية هي البند الأهم المدرج على أعمالنا بشأن الشرق الأوسط»، وجدد دعوة موسكو إلى عقد مؤتمر سلام في روسيا، مطالباً بتنشيط عمل الرباعية مجدداً.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».