بنسودا «تراقب من كثب» أعمال العنف

قوات أمن إسرائيلية تقوم بتفريق نشطاء في قرية الخان الأحمر بالضفة الغربية (رويترز)
قوات أمن إسرائيلية تقوم بتفريق نشطاء في قرية الخان الأحمر بالضفة الغربية (رويترز)
TT

بنسودا «تراقب من كثب» أعمال العنف

قوات أمن إسرائيلية تقوم بتفريق نشطاء في قرية الخان الأحمر بالضفة الغربية (رويترز)
قوات أمن إسرائيلية تقوم بتفريق نشطاء في قرية الخان الأحمر بالضفة الغربية (رويترز)

قالت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، أمس (الأربعاء)، إنها «تراقب من كثب» الوضع في قطاع غزة، ولن تتردَّد في التحرك عند الضرورة، كما عبرت عن قلقها من إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي، على إجلاء سكان الخان الأحمر البدو، بالقوة، وما يترتب عليه من تصعيد.
وذكرت بنسودا أنّ «إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات، من دون ضرورة عسكرية، وعمليات نقل السكان في أرضٍ محتلة، تمثل جرائم حرب وفقاً لنظام روما الأساسي». وقالت: «يثير جزعي، أيضاً، استمرار جهات فاعلة من الجانبين كليهما، في ارتكاب العنف على حدود غزة مع إسرائيل».
ويأتي تحذير بنسودا في أعقاب سلسلة غارات شنتها الطائرات الإسرائيلية على أهداف فلسطينية، ردّاً على هجوم صاروخي في ساعة مبكرة، أمس، في حادثة هي الأولى من نوعها في أسابيع.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية، قد أطلقت تحقيقاً أولياً في 2015، في اتهامات بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية في أعقاب حرب غزة. وقالت بنسودا في بيان من المحكمة في لاهاي، نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، إنها «قلقة إزاء استمرار العنف الذي يقوم به أطراف في الجانبين، على الحدود بين غزة وإسرائيل». وأضافت: «بصفتي مدعية موكلة الوضع في فلسطين، أشعر بواجب تذكير جميع الأفرقاء بأن الوضع لا يزال قيد الدراسة الأولية لدى مكتبي». وأضافت بنسودا: «أستمر في مراقبة التطورات على الأرض من كثب، ولن أتردد في القيام بأي تحرك مناسب».
وعلى الرغم من زيارة جرت إلى المنطقة، لم تنتقل المحكمة الجنائية الدولية بعد، إلى المرحلة التالية بفتح تحقيق شامل يمكن أن يفضي إلى توجيه اتهامات.
والمسألة حساسة جداً، فقد هدد مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، سبتمبر (أيلول)، باعتقال قضاة المحكمة في حال تحركوا ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة.
وإسرائيل والولايات المتحدة ليستا من الدول الموقعة على ميثاق المحكمة التي أُنشئت عام 2002 للتحقيق في جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
من جانبها، نددت حركة حماس، أمس، بإطلاق الصواريخ، وقالت إنها ترفض «كل المحاولات غير المسؤولة»، لتقويض جهود مصر في التوصل إلى هدنة جديدة طويلة الأمد. لكن إسرائيل التي تحمل حماس مسؤولية الصواريخ التي تنطلق من القطاع، بغض النظر عن الجهة التي تطلقها، وقد ضربت 20 هدفاً في غزة، ما أدى إلى مقتل فلسطيني بحسب وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس.
وأغلقت إسرائيل أيضاً معبريها الحدوديين مع غزة، في أعقاب إطلاق الصاروخ، لتزيد من عزلة القطاع.



كيف يؤثر تصنيف «الحوثي» منظمة «إرهابية» على توترات البحر الأحمر؟

مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
TT

كيف يؤثر تصنيف «الحوثي» منظمة «إرهابية» على توترات البحر الأحمر؟

مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)
مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)

عودة التصنيف الأميركي لجماعة «الحوثي» منظمة «إرهابية»، لأسباب بينها تهديدها الملاحة بالبحر الأحمر، فتحت تساؤلات بشأن تأثير القرار على وقف الهجمات التي كانت سبباً في تضخم عالمي، وشكاوى دول عديدة بخاصة مصر، مع تراجع إيرادات قناة السويس لنحو 7 مليارات دولار.

ووسط آمال باستعادة الملاحة بالبحر الأحمر نشاطها مع دخول هدنة قطاع غزة حيز التنفيذ قبل أيام، يتوقع خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن يؤثر قرار واشنطن «إيجابياً» على الحد من عمليات الحوثي بالبحر الأحمر، مرجحين أن يكون عام 2025 بداية نهاية تلك العمليات، وأن تبتعد قناة السويس عن خسائرها استفادة من القرار الأميركي.

وأصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، أمراً بإدراج جماعة الحوثي، بقائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لأسباب بينها «تهديد استقرار التجارة البحرية العالمية»، مؤكداً أن سياسة بلاده «إنهاء هجماتها» على الشحن البحري، خاصة أنها «هاجمت السفن التجارية المارة عبر باب المندب أكثر من 100 مرة، وأجبرتها على التوجه بعيداً عن البحر الأحمر لممرات أخرى، ما أسهم في ارتفاع التضخم العالمي».

سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)

وبهذا يعود ترمب لقرار مماثل اتخذه بولايته الأولى (2017: 2020)، قبل أن يلغيه جو بايدن عقب توليه منصبه عام 2021، «استجابة لمطالب إنسانية»، ثم شهد الوضع تحولاً عقب اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مع شن الحوثيين هجمات على السفن التجارية بدعوى دعم غزة، ليقوم بإدراجهم ضمن قائمة «الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص»، وهو تصنيف أقل صرامة يسمح باستمرار المساعدات الإنسانية إلى اليمن.

ولم يعلق الحوثيون على قرار ترمب، غير أنه جاء مع خطوات تهدئة، وإعلان الجماعة الموالية لإيران، الأربعاء، الإفراج عن طاقم السفينة «غالاكسي ليدر» بوساطة عمانية بعد مرور 14 شهراً من احتجازه، فيما عد رئيس مجلس الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، القرار الأميركي، في منشور، الخميس، عبر منصة «إكس»، «مدخلاً للاستقرار في اليمن والمنطقة».

ولم تعلق مصر المتضررة من هجمات الحوثي على قرار ترمب بعد، غير أن تداعيات تلك الهجمات كانت مدار محادثات عديدة، أحدثها، الخميس، بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء بالقاهرة، مع نظيره البريطاني ديفيد لامي.

كما بحث سكرتير عام المنظمة البحرية الدولية أرسينيو دومينجيز، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونائب وزير الخارجية المصري، السفير أبو بكر حفني، تهدئة الأوضاع بالبحر الأحمر، وأهمية قناة السويس، وفق بيانين منفصلين للخارجية والرئاسة بمصر، يومي الثلاثاء والأربعاء.

وأعاد الرئيس المصري التنبيه لخسائر قناة السويس جراء الأوضاع في البحر الأحمر في كلمة، الأربعاء، باحتفالية عيد الشرطة (25 يناير «كانون الثاني» من كل عام)، قائلاً: «إن انخفاض مواردنا من القناة كان له تأثيره علينا كدولة». فيما كشف رئيس القناة الفريق أسامة ربيع عن أن إيراداتها بلغت 4 مليارات بانخفاض قرابة 7 مليارات دولار خلال عام واحد.

موقف القاهرة

ويعتقد رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد العرابي، أن قرار ترمب «يأتي في إطار إضعاف الحوثيين، إحدى أذرع إيران بالإقليم، بعد تهديدهم لإسرائيل، وحرية الملاحة بالبحر الأحمر»، متوقعاً رداً حوثياً ضد إسرائيل.

وبشأن الموقف المصري، يعتقد العرابي «أن الجماعة الحوثية لا تشكل مشكلة أمنية للقاهرة بل اقتصادية، وكان لهجماتها أثر مباشر على الاقتصاد، لكن لم نتدخل في مواجهة مباشرة سابقاً ولا حالياً بعد قرار ترمب، باعتبار أننا لسنا طرفاً في معركة الحوثيين مع إسرائيل، وكان موقف القاهرة واضحاً بأن وقف حرب غزة سيعيد الأمور لطبيعتها، دون أن يستدعي ذلك أي تدخلات، وهذه سياسة حكيمة مصرية تتوافق مع رؤيتها لأزمات المنطقة وسبل حلها».

ويعتقد الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، «أن الموقف المصري عادة يميل إلى ألا يكون طرفاً، خاصة وهو يدرك أن حل المشكلة بوقف حرب غزة، وهذا من أطر السياسة الخارجية الحكيمة».

سلاح ذو حدين

ويرى المحلل السياسي اليمني، معين الصيادي، أن قرار ترمب «سيستغله الحوثي لتسويق نفسه أمام الرأي العام المحلي في مناطق سيطرته، بهدف كسب تعاطف الشارع والتهرب من أي تسويات سياسية بشأن الملف اليمني».

ومن المتوقع أن تستغرق عملية إعادة التصنيف عدة أسابيع قبل أن تدخل حيز التنفيذ، ما يمنح الأطراف المعنية وقتاً للتكيف مع الإجراءات الجديدة، وفق ما أوردته «فرانس 24»، الخميس.

ونقلت «رويترز»، الخميس، عن شركة «دي بي وورلد» تقديراً بأن السفن غير المرتبطة بإسرائيل، قد تبدأ في العودة للبحر الأحمر قريباً، ربما خلال أسبوعين فقط، مع تراجع في أسعار الشحن «بما لا يقل عن 20 و25 في المائة» على مدى شهرين إلى ثلاثة أشهر.

ويتوقع العرابي أن يكون للقرار أثر في إضعاف نشاط الحوثيين بالبحر الأحمر، ورجح اللواء فرج أيضاً خفض تصعيدهم، مع عقوبات اقتصادية أميركية أكبر ضدهم.

ويتوقع الصيادي «أن يكون عام 2025 هو بداية نهاية تمدد الجماعة الموالية لإيران حال تم تعزيز القرار بعمليات عسكرية برية وبحرية وجوية، ما يدفعها للقبول بأي حلول سياسية بأقل المكاسب الممكنة».