يجري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم جولة محادثات في منتجع سوتشي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ينتظر أن تسفر عن توقيع اتفاق «شراكة استراتيجية»، وذلك في خطوة وصفتها بعض الأوساط الدبلوماسية الروسية بأنها تفتح على مرحلة جديدة في علاقات البلدين.
وكان السيسي قد استهل لقاءاته أمس في إطار زيارة الدولة التي يقوم بها إلى روسيا، بزيارة مجلس الفيدرالية (الشيوخ) الروسي، حيث ألقى خطابا أمام الهيئة الاشتراعية الروسية، ليصبح بذلك أول رئيس أجنبي يخاطب الشعب الروسي تحت قبة البرلمان.
وأشاد الرئيس المصري بمستوى العلاقات الروسية - المصرية، مذكرا بأن البلدين يحتفلان في هذه الفترة بمرور 75 سنة على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما. داعيا البرلمانيين الروس إلى توجيه «تحية بهذه المناسبة»، وهي الدعوة التي قوبلت بتصفيق أعضاء البرلمان.
كما شدد السيسي على أن «روسيا كانت دائماً، شعباً وحكومة، أول من قدم يد العون لمصر لاستعادة الأرض المحتلة. ومصر لن تنسى مساهمة روسيا في معركتها للبناء والتعمير، حينما ساعدتها على بناء السد العالي، وغيره من المشروعات الكبرى خلال حقبة مهمة من تاريخها الحديث». مؤكدا أن هذه المواقف التاريخية الداعمة، ستظل دائماً عالقة في أذهان المصريين، وأن «هذا الإرث القيم من التعاون المشترك، سيظل محل تقدير بالغ من الشعب المصري».
في غضون ذلك، دعا الرئيس المصري إلى البناء على ما تم إنجازه خلال تاريخ مشترك من العلاقات، مذكرا بأهمية تعزيز التعاون في مجالات عدة، بينها ضرورة استعادة نشاط السياحة الروسية إلى مصر، التي توقفت بعد كارثة إسقاط الطائرة الروسية في الأجواء المصرية عام 2015. وفي هذا السياق، أكد السيسي أنه يتطلع «لعودة السياحة المصرية، ليس فقط إلى القاهرة، أو لبعض المنتجعات، بل إلى كل المدن المصرية».
كما أشار السيسي إلى الأهمية، التي توليها بلاده لعزيز التعاون مع روسيا في كل المجالات الأخرى، وعلى رأسها مشروعا «الضبعة» النووي، ومشروع إنشاء المنطقة الصناعية الروسية على البحر الأحمر.
من جانبها، لفتت فالنتينا ماتفيينكو، رئيسة مجلس الفيدرالية الروسي، إلى أن العلاقات الروسية - المصرية «شهدت زخما خلال العامين الماضين»، مشيدة بدور الرئيس المصري في إعطاء دفعة لهذه العلاقات، وباهتمامه بـ«تطوير علاقات بناءة مع روسيا». ووصفت زيارة السيسي إلى روسيا بأنها «حدث مهم، خصوصا حضوره في مجلس الشيوخ الروسي... وروسيا ومصر تطوران بشكل فعال التعاون بين برلماني البلدين»، مشددة على أن كلمة الرئيس المصري في المجلس «تعد حدثا مميزا وتاريخيا».
وبعد خطابه أمام الهيئة الاشتراعية الروسية، أجرى الرئيس المصري جولة محادثات مطولة مع رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، تركز البحث خلالها على ملفات التعاون الاقتصادي التجاري بين البلدين. وأعلن ميدفيديف خلال اللقاء أن البلدين «سوف يوقعان غدا (اليوم) اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين مصر وروسيا». موضحا أن «هذه الوثيقة سوف تطلق مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات الروسية - المصرية، التي هي بالأصل ودية».
كما أوضح ميدفيديف أن لدى روسيا ومصر علاقات مميزة خاصة، واصفاً مصر بأنها «الشريك الرئيسي» لموسكو في الشرق الأوسط وأفريقيا.
من جهة ثانية، أجرى السيسي أمس محادثات مع رئيس المفوضية الاقتصادية للاتحاد الاقتصادي الأوراسي تيغران سركيسيان. وهو اللقاء الذي عكس رغبة مشتركة لدى الطرفين في تطوير التعاون المصري مع مجموعة أورآسيا، التي تضم بالإضافة إلى روسيا، أربع جمهوريات سوفياتية سابقة هي بيلاروسيا وقيرغيزستان وكازاخستان وأرمينيا. وقد تطرق البحث إلى انضمام مصر إلى اتفاقية التجارة الحرة الموقعة في إطار المجموعة. وينتظر أن تشكل المحادثات المرتقبة اليوم مع بوتين في سوتشيب تتويجا للخطوات، التي تضمنتها الزيارة في يومها الأول، إذ تعول موسكو والقاهرة على أن توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية سيشكل نقلة نوعية في التعاون بين البلدين.
وكان الكرملين قد مهد لهذا التطور بوضع أرضية قانونية لتوقيع الوثيقة، وذلك من خلال مرسوم رئاسي نشر نصه أمس على البوابة الإلكترونية الرسمية، التي تنشر عادة الوثائق والاتفاقات والمعاهدات الدولية. ونص المرسوم الذي ذيل بتوقيع بوتين على أن «رئيس الدولة قرر استجابة لاقتراح وزارة الخارجية الروسية، المتوافق عليه مع أجهزة السلطة التنفيذية الفيدرالية المعنية، إصدار هذا المرسوم لتوقيع اتفاقية بين روسيا الاتحادية وجمهورية مصر العربية حول الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي».
وكانت أوساط روسية قد رجحت أن تكون خمسة ملفات على رأس لائحة الاهتمام خلال لقاء الرئيسين اليوم، هي ملف استئناف الرحلات السياحية بين روسيا والمنتجعات السياحية في مصر، والتعاون العسكري وسبل تعزيز العمل في هذا المجال، خصوصا أن البلدين يشاركان حاليا في مناورات مشتركة لقوات المظليين في البلدين، بالإضافة إلى ملف اتفاقية إنشاء وتشغيل المنطقة الصناعية الروسية داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لتصنيع منتجات تنافسية ذات تكنولوجيا عالية، وزيادة كفاءة البنية التحتية الحالية، وإيجاد فرص عمل جديدة وتنفيذ برامج تدريب في مختلف القطاعات الصناعية.
وهناك أيضا مشروع الضبعة النووي، الذي تستعد مصر لوضع اللمسات النهائية لتنفيذه وتضم المحطة أربع وحدات. علاوة على توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين مصر ومجموعة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، التي كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أعلن أن المفاوضات بشأنها دخلت مراحلها الأخيرة.
وعلاوة على ملفات العلاقة الثنائية، أشارت مصادر الكرملين إلى أن الملفات الإقليمية الساخنة، وخصوصا الوضع في سوريا وليبيا، وتطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط عموما، وملف التسوية الفلسطينية - الإسرائيلية ستكون من بين القضايا الأقاليمية والدولية المطروحة على طاولة البحث خلال لقاء الرئيسين اليوم.
السيسي يوقّع مع بوتين اليوم اتفاق «شراكة استراتيجية»
أكد أمام البرلمان الروسي تطور «العلاقات التاريخية»... ودعا إلى إعادة السياحة
السيسي يوقّع مع بوتين اليوم اتفاق «شراكة استراتيجية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة