حفتر يؤكد جاهزية قواته لتأمين الانتخابات... ويتأهب لـ«تحرير طرابلس»

أبو الغيط ناقش مع سلامة استكمال المسار السياسي في ليبيا

أبو الغيط مستقبلا غسان سلامة في القاهرة أمس
أبو الغيط مستقبلا غسان سلامة في القاهرة أمس
TT

حفتر يؤكد جاهزية قواته لتأمين الانتخابات... ويتأهب لـ«تحرير طرابلس»

أبو الغيط مستقبلا غسان سلامة في القاهرة أمس
أبو الغيط مستقبلا غسان سلامة في القاهرة أمس

بينما أكد الجيش الوطني الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، أمس، على ما وصفه بـ«جاهزية قوات الجيش العالية»، لتأمين أي عملية انتخابية في البلاد في المناطق الخاضعة لسيطرته، علمت «الشرق الأوسط» أن ترتيبات لوجيستية لبدء عملية تحرير العاصمة طرابلس، قاربت على الاكتمال، بعدما دشن المشير حفتر عشر كتائب أمنية وعسكرية جديدة للمنطقة الغربية.
وجاءت هذه التطورات، التي تؤكد أن حفتر يستعد سرا للقيام بعمل عسكري في وقت لم يحدده بعد باتجاه طرابلس، رغم مساعٍ تقودها بعثة الأمم المتحدة وعدة دول غربية لإيجاد تسوية سياسية للأزمة الليبية.
وقالت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية في بيان أمس إن تأمين انتخابات يندرج ضمن مسؤوليتها الوطنية والدستورية والقوانين واللوائح المنظمة لعمل المؤسسة العسكرية، لافتة إلى أنها معنية بحماية المسار الديمقراطي والتداول السلمي على السلطة.
وتراجعت بعثة الأمم المتحدة وفرنسا عن خططهما الرامية إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بحلول العاشر من شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وسط معارضة من إيطاليا وتعقيد في المشهدين السياسي والعسكري في البلاد.
وقالت مصادر مقربة من حفتر لـ«الشرق الأوسط» إنه شكل مؤخرا 10 كتائب أمنية وعسكرية جديدة من بينها 6 كتائب للمنطقة الغربية يتم تجهيزها حاليا في بنغازي بشرق البلاد، مشيرة إلى أن هذه الكتائب على مستوى تدريبي متميز على حد تعبيرها. وكشفت المصادر عن اجتماع رفيع المستوى عقد قبل أيام قليلة فقط ضم ضباطا من قيادة الجيش في قاعدة الوطية الجوية التي تقع على بعد 140 كيلومترا جنوب غربي طرابلس.
وأوضح ضابط ليبي على صلة بهذا الاجتماع أنه كان بخصوص تنسيق العمل بالمنطقة الغربية وترأسه آمر منطقة الزاوية العسكرية، لافتا إلى أنه تمت دراسة الوضع في طرابلس وبالمنطقة الغربية بصفة عامة. وكشف النقاب عن أن «وحدات تابعة للقيادة العامة للجيش الوطني باتت موجودة وجاهزة لتنفيذ أي أمر»، مضيفا «ولكن لا توجد تعليمات بالظهور أو العمل وتحتاج إلى إمكانيات لأن كل التركيز كان على المنطقة الشرقية في السابق».
وأوضح أن حفتر أصدر في السابق قرارا بإنشاء مقدمة لقيادة الجيش بالمنطقة الغربية بالإضافة إلى فروع لهيئات التنظيم والإدارة والإمداد والاستخبارات وإدارة التدريب ومكتب القائد العام في إطار هذه التحضيرات، مشيرا إلى أن لجنة حضرت منذ أسبوعين لتنسيق الوضع بين كل أجهزة الجيش.
وتابع الضابط، الذي طلب عدم تعريفه لأنه غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام، «هذا يعني أن الأمور اللوجيستية تقريبا أشرفت على الانتهاء خاصة مع انتقال مقدمة قيادة الجيش إلى المنطقة الغربية في انتظار مباشرتها للعمل».
وكان حفتر أعلن في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي عقب اندلاع اشتباكات عنيفة بين الميلشيات المسلحة التي تهيمن على طرابلس، ومعظمها تابع اسميا لحكومة الوفاق التي يترأسها فائز السراج، أن «تحرير العاصمة وفق خطة مرسومة يعد خيارا لا مناص منه»، معتبرا أنه «لا يمكن السكوت على الوضع الراهن هناك».
من جهة أخرى، ناقش الفريق عبد الرازق الناظوري رئيس الأركان العامة لقوات الجيش خلال اجتماع موسع عقده مع رئيس وأعضاء المحكمة العسكرية الدائمة، القضايا الأمنية المرتبطة بالجماعات الإرهابية وآلية تنفيذ الأحكام. وبحسب بيان أصدره مكتبه، فقد أكد ضرورة «المحافظة على سير العملية القانونية والقضائية بشكلها الصحيح والعمل على إصدار الأحكام بحق العناصر الإرهابية والموالين لهم».
إلى ذلك، استقبل أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أمس، غسان سلامة الممثل الخاص لسكرتير عام الأمم المتحدة ورئيس بعثة الدعم الأممية في ليبيا، والذي يقوم حالياً بزيارة للقاهرة. وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن مصر تستقبل خلال الأيام المقبلة بعض الشخصيات الليبية في إطار جهود تقريب وجهات النظر فيما يتعلق باستكمال التسوية السياسية.
وقال السفير محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، إن أبو الغيط ناقش مع سلامة آخر تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا والجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة لحلحلة الأزمة واستكمال المسار السياسي الذي يرعاه المبعوث الأممي، خاصة من أجل تجاوز الصعاب التي تقف أمام إتمام الاستحقاقات الدستورية والانتخابية التي يتطلع إليها الشعب الليبي.
وأوضح أن أبو الغيط جدد الإشادة بهذه المناسبة بالجهود التي يضطلع بها سلامة للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين الميليشيات المتناحرة في العاصمة طرابلس ووضع وإنفاذ الترتيبات الأمنية التي تهدف إلى تثبيت الأمن والاستقرار في المدينة.
؛ كما أعاد أبو الغيط التأكيد على أهمية التوصل إلى حل جذري وشامل ودائم للتهديد الذي تمثله الميليشيات والتشكيلات المسلحة كشرط أساسي لإنجاح المسار السياسي وتهيئة الأجواء السياسية والأمنية المطلوبة لإنهاء المرحلة الانتقالية.
وأضاف المتحدث الرسمي أن أبو الغيط شدد على التزام الجامعة بمواصلة جهودها من أجل مرافقة الأشقاء الليبيين للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة على أساس خطة العمل التي يرعاها المبعوث الأممي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.