كشف المدير العام لمطار إسطنبول الجديد أن المطار لن يفتتح بالكامل قبل نهاية العام الجاري، أي متأخرا عن الموعد الرسمي المقرر وهو 29 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري بشهرين.
وكان مقررا افتتاح المطار في ذكرى قيام الجمهورية التركية، لكن المدير العام للمطار قدري سامسونلو قال إن «الافتتاح في ذلك اليوم سيكون جزئيا، وأجلنا الانتقال الكبير من مطار أتاتورك الدولي إلى المطار الجديد إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل».
وتعرض المطار الجديد، الذي يعد واحدا من أكبر مطارات العالم، لأزمة خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وأوقفت السلطات التركية عشرات من بين مئات كانوا يحتجون على ظروف العمل في المطار، حيث، اعتقلت الشرطة التركية 500 عامل في المطار بعد أن تظاهر المئات، قبل أن تفرقهم قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع... ثم استؤنف العمل بعد ذلك وسط انتشار كثيف للشرطة.
وقالت الشركة المنفذة للمشروع، إن إجراءات اتخذت لتحسين ظروف العمل، وكذلك تنظيف أماكن العيش، التي يقول عمال إنها تغص بحشرات الفراش.
واحتج المتظاهرون على ظروف الحياة في مكان العمل وأكدوا حدوث وفيات نتيجة حوادث أثناء العمل في المطار، وأن الظروف الحياتية في المساكن التي يقيمون فيها سيئة جدا.
ويعمل في المطار 35 ألف شخص، بينهم 3000 مهندس وإداري. وقال وزير النقل التركي السابق أحمد أرسلان في أبريل (نيسان) الماضي إن 27 عاملا لقوا حتفهم بينهم 13 في حوادث عمل. لكن بعض العمال أكدوا أن هذه الأرقام لا تعكس الحقيقة وأن الحوادث كثيرة.
واشتكى العمال من وقوفهم لساعات طويلة تحت المطر في انتظار الحافلات التي تقلهم إلى العمل، ومن أن مضاجعهم تعج بالبق والبراغيث، كما أفلس الكثير من المقاولين الثانويين العاملين في مشروع المطار بسبب التراجع الحاد في سعر صرف الليرة التركية التي فقدت أكثر من 40 في المائة من قيمتها هذا العام، واضطروا لمغادرة المشروع من دون أن يدفعوا أجور العمال.
ومع تفاقم أزمة الليرة التركية، اضطرت الكثير من الشركات إلى تسريح العاملين بها، في ظل الخسائر الضخمة بعد الانهيار الكبير في العملة وكان من أكثر القطاعات تأثرا بالأزمة قطاع البناء والمقاولات.
وتقدمت 3 آلاف شركة خلال الشهر الماضي بطلبات حماية من الإفلاس وفق قانون يتيح وقف إشهار الإفلاس لمدة 3 أشهر حال تقديم مثل هذا الطلب.
وبحسب تقرير صدر عن جمعية مصنعي مواد البناء التركي في شهر مارس (آذار) الماضي، فإن القدرة الشرائية للمواطنين تراجعت إلى ما قبل سنة 2017 على مستوى شراء السكن، حيث وصل الأمر إلى حد توقف عمليات البيع وذلك بسبب الزيادة في أسعار الحديد بنسبة 50 في المائة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية.
واضطرت الحكومة التركية إلى تعليق المشروعات الكبرى التي لم ينطلق العمل فيها بعد، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وقال الرئيس التركي خلال اجتماع للجمعية العمومية لاتحاد التجار والحرفيين الأتراك، مؤخرا: «إننا سننهي المشاريع المستمرة... لكننا لن نبدأ المشاريع التي لم تبدأ بعد، في الوقت الحالي نضعها جانبا. فالوضع الراهن يتطلب ذلك».
ومن بين المشروعات المجمدة حاليا قناة إسطنبول المائية، التي وصفها إردوغان من قبل بالمشروع الجنوني، ونفق أسفل البوسفور، والحدائق الوطنية.
والأسبوع الماضي، قال الرئيس التركي إن حكومته ستطبق البرنامج الاقتصادي الجديد متوسط المدى الذي أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي، خلال الفترة من 2019 إلى 2021. والذي يستهدف حماية استقرار الاقتصاد الكلي، وزيادة الإنتاج، ورفع مستوى رفاهية المجتمع.
وتضمن مرسوم رئاسي نشرته الجريدة الرسمية في تركيا، الخميس الماضي، بعد مصادقة إردوغان على البرنامج الاقتصادي الجديد للحكومة، عدم إدراج مشروعات جديدة في البرنامج الاستثماري لعام 2019 إلا «في حالات الضرورة»، وذلك في إطار تدابير لترشيد الإنفاق.
وقال إردوغان إنه «لن تكون هناك اقتراحات لمشروعات لا تلبي الاحتياجات العاجلة للمواطن، ولا تؤدي إلى زيادة مباشرة للقيمة المضافة في الاقتصاد»، وأوضح أن الهدف الأساسي خلال هذه المرحلة هو تحقيق التوازن الاقتصادي والنمو المستدام.
وأضاف أن الأولويات الأساسية تتمثل في ترشيد الإنفاق العام في البلاد، وحماية استقرار الأسعار، عبر خفض التضخم وخفض عجز الحساب الجاري، وتعزيز التوازنات والانضباط المالي، وبالتالي تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي.
وأكد الرئيس التركي عزم حكومته على مواصلة التركيز على استثمارات البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية، التي تشكل أهمية كبيرة بالنسبة إلى إمكانات التنمية في البلاد، وأن الأولوية ستكون للمشروعات المهمة المستمرة، التي يمكن استكمالها في أقصر فترة زمنية.
وتعاني تركيا أزمة اقتصادية بسبب تهاوي عملتها، بسبب مخاوف المستثمرين من إحكام إردوغان قبضته على القرار الاقتصادي، إلى جانب التوتر الشديد مع واشنطن خلال الشهور الماضية بسبب محاكمة القس الأميركي أندرو برانسون في تركيا بتهمة دعم الإرهاب، وهو الأمر الذي يبدو أنه شهد نهايته بعودة القس إلى أميركا بعد الإفراج عنه.
وأدى تراجع الليرة التركية إلى حدود 6 ليرات مقابل الدولار، حاليا، إلى تنامي العجز التجاري إضافة إلى عدم القدرة على كبح التضخم الذي قفز إلى 24.52 في المائة في سبتمبر الماضي، بينما يتحدث إردوغان عن هجوم اقتصادي على بلاده، ويدعو إلى التعامل بالعملات المحلية لكبح هيمنة الدولار.
ورغم إعلان الحكومة التركية الشهر الماضي برنامجها الاقتصادي متوسط الأجل، إلا أن ردود فعل السوق الأُولى جاءت محايدة. ويقول الخبراء إن هناك شكوكا بشأن التوقعات الخاصة بعوامل الاقتصاد الكلي في برنامج الاقتصاد الجديد، وأيضا الأركان الأساسية لهذا البرنامج، حيث تقر توقعات النمو في برنامج الاقتصاد الجديد للسنوات الثلاث المقبلة والتي لم تصل إلى حدود 4 في المائة بتراجع اقتصادي حاد، وهو ما يمثل ارتدادا عن خطاب إردوغان الذي يشير إلى أن تركيا ستواصل النمو بقوة.
تركيا تؤجل افتتاح مطار إسطنبول الجديد وسط مشاكل كثيرة للعمال
شركات المقاولات والمشروعات الكبيرة تعرضت لضربة بسبب انهيار الليرة
تركيا تؤجل افتتاح مطار إسطنبول الجديد وسط مشاكل كثيرة للعمال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة