النمل أنتج المضادات الحيوية قبل البشر بملايين السنين

يحمل على رؤوسه «مصانع دوائية» للقضاء على الطفيليات

النمل أنتج المضادات الحيوية قبل البشر بملايين السنين
TT

النمل أنتج المضادات الحيوية قبل البشر بملايين السنين

النمل أنتج المضادات الحيوية قبل البشر بملايين السنين

لم يبزغ فجر الزراعة مع أبناء العصر الحجري الحديث في بلاد الرافدين، أو في الصين، أو في المشرق. لا، بل إنه تفتّح في الغابات المطرية في أميركا الجنوبية قبل نحو 60 مليون عام... ولم يكن أولئك المزارعون الأوائل سوى بعض من النمل المتواضع.
قبل أن يعمل البشر الأوائل في زراعة القمح والشعير والعدس والكتّان، عمل النمل على زراعة الفطريات. وكما المزارعين البشر، كان على النمل أن يعمل على حماية محاصيله من الأمراض التي تصيبها، وتحديداً المرض الفطري الطفيلي.
واعتبر كاميرون كوري، عالم بيئي متخصص بالجراثيم في جامعة ويسكونسن - ماديسون، الذي يدرس النمل الذي يزرع الفطريات ومصالحها المشتركة مع الأحياء الأخرى، أنّ موت الفطريات يعني موت النمل. ولمحاربة هذا الوباء الطفيلي، تعاون النمل مع بكتيريا تنتج مادة كيميائية قادرة على إخضاع الطفيليات. ووجد كوري وزملاؤه اليوم دليلاً يرجّح أن الشراكة بين النمل والبكتيريا المقاومة للجراثيم قائمة منذ ملايين السنين. وقد تمّ اكتشاف الأدلّة الأساسية بعد اكتشاف حشرات نمل عمرها 20 مليون سنة متحجّرة في كهرمان في جمهورية الدومنيكان.
واحدة من ملايين النمل التي عثر عليها متحجّرة في الكهرمان كانت تحمل على رأسها جيوبا خاصة، تعرف بالسرداب، نراها أيضاً لدى النمل الذي يعيش معنا اليوم. تُعرف هذه السراديب باستخدامها لتخزين البكتيريا الحامية للفطريات والتي تعرف باسم «أكتينوبكتيريا» أو الشعاويات. كما ظهرت أجساد نمل من فصيلة أخرى مغطاة بفقاعات غازية، يعتقد غالباً أنّها ناتجة عن تنفس هذه الشعاويات.
وقال كوري، الذي شارك في هذه الدراسة، التي نشرت الأسبوع الفائت في دورية «بروسيدنجز أوف ذا ناشيونال أكاديمي أوف ساينس»: إن «الأمر أشبه بسير النمل وهو يحمل مصانع دوائية على رأسه، مما يشير إلى أن هذه الحشرات الصغيرة سبقت البشر بعشرات ملايين السنوات بالتعاون مع الميكروبات لإنتاج المضادات الحيوية، تماماً كما سبقتنا في إنتاج المحاصيل الزراعية».
وكان هونجي لي، عالم الأحياء التطورية من مختبر كوري والباحث الرئيسي في هذه الدراسة قد عمل الصيف الفائت على التحقيق في أنساب النمل الذي عثر عليه في الكهرمان، فاستخدم مجهراً إلكترونياً في معهد «سميثسونيان»، فتوصل وزملاؤه إلى مؤشرات على أنّ النمل الموجود في الكهرمان كان يحمل البكتيريا بشكل مماثل للطريقة التي يحملها بها النمل العصري. جمع الفريق البحثي النتائج التي توصل إليها ونشر بيانات حول 69 فصيلة أخرى من النمل لإعادة تشكيل شجرة التطوّر النملية. وأشارت النتائج إلى أن النمل أسس شراكته مع البكتيريا قبل عشرات ملايين السنوات، وبعد وقت قصير من تطوير قدراتها على زراعة الفطريات.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية
TT

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

في المستقبل، يمكن تغطية سيارتك الكهربائية بألواح شمسية -ليس فقط على السطح، ولكن في جميع أنحاء الجزء الخارجي من السيارة- بفضل طلاء خاص.

وسواء كنت تقود السيارة أو كانت متوقفة، يمكن لهذا الطلاء الشمسي حصاد الطاقة من الشمس، وتغذيتها مباشرة في بطارية السيارة الكهربائية. وربما يبدو الأمر وكأنه شيء من كتاب خيال علمي، إلا أن الباحثين في شركة «مرسيدس بنز» يعملون بالفعل على جعله حقيقة واقعة.

عجينة لطلاء شمسي

يقول يوشين شميد، المدير الأول لشركة «مستقبل القيادة الكهربائية» Future Electric Drive، للبحث والتطوير في «مرسيدس بنز» الذي يستكشف تقنيات السيارات الكهربائية في مرحلة مبكرة: «نحن ننتج مئات السيارات يومياً، وسطح السيارة مساحة كبيرة جداً. فلماذا لا نستخدمها لحصاد طاقة الشمس؟».

إن المادة الكهروضوئية التي تبحثها شركة مرسيدس تشبه العجينة التي يمكن وضعها على الجزء الخارجي للسيارة. يبلغ سمك الطلاء 5 ميكرومترات فقط (يبلغ متوسط ​​سمك شعرة الإنسان نحو 100 ميكرومتر)، ويزن 50 غراماً لكل متر مربع.

وقود شمسي لآلاف الكيلومترات

في سيارة رياضية متعددة الأغراض SUV متوسطة الحجم، ستشغل العجينة، التي تطلق عليها مرسيدس أيضاً طلاءً شمسياً، نحو 118 قدماً مربعة، ما ينتج طاقة كافية للسفر لمسافة تصل إلى 7456 ميلاً (12000 كم) في السنة. ويشير صانع السيارة إلى أن هذا يمكن أن يتحقق في «ظروف مثالية»؛ وتعتمد كمية الطاقة التي ستحصدها هذه العجينة بالفعل على قوة الشمس وكمية الظل الموجودة.

طلاء مرن لصبغ المنحنيات

ولأن الطلاء الشمسي مرن، فيمكنه أن يتناسب مع المنحنيات، ما يوفر فرصاً أكبر للطاقة الشمسية مقارنة بالألواح الشمسية الزجاجية التي لا يمكن ثنيها، وبالتالي لا يمكن تثبيتها إلا على سقف السيارة أو غطاء المحرك. يُعدّ الطلاء الشمسي جزءاً من طلاء متعدد الخطوات يتضمن المادة الموصلة والعزل والمادة النشطة للطاقة الشمسية ثم الطلاء العلوي لتوفير اللون (يشكل كل ذلك معاً عمق بـ5 ميكرونات).

لن تكون هذه الطبقة العلوية طلاءً قياسياً للسيارات لأنها لا تحتوي على صبغة. بدلاً من ذلك، ستبدو هذه الطبقة أشبه بجناح الفراشة، كما يقول شميد، وستكون مادة شديدة الشفافية مليئة بجسيمات نانوية تعكس الأطوال الموجية من ضوء الشمس. كما يمكن تصميمها لتعكس أطوال موجية محددة، ما يعني أن السيارات الكهربائية يمكن أن تأتي بألوان أخرى.

وسيتم توصيل الطلاء الشمسي أيضاً عن طريق الأسلاك بمحول طاقة يقع بجوار البطارية، الذي سيغذي مباشرة تلك البطارية ذات الجهد العالي.

تأمين أكثر من نصف الوقود

ووفقاً للشركة فإن متوسط سير ​​السائق هو 32 ميلاً (51.5 كم) في اليوم؛ هناك، يمكن تغطية نحو 62 في المائة من هذه الحاجة بالطاقة الشمسية من خلال هذه التكنولوجيا. بالنسبة للسائقين في أماكن مثل لوس أنجليس، يمكن أن يغطي الطلاء الشمسي 100 في المائة من احتياجات القيادة الخاصة بهم. يمكن بعد ذلك استخدام أي طاقة إضافية عبر الشحن ثنائي الاتجاه لتشغيل منزل شخص ما.

على عكس الألواح الشمسية النموذجية، لا يحتوي هذا الطلاء الشمسي على أي معادن أرضية نادرة أو سيليكون أو مواد سامة أخرى. وهذا يجعل إعادة التدوير أسهل. وتبحث «مرسيدس» بالفعل عن كيفية جعل إصلاحه سهلاً وبأسعار معقولة.

يقول شميد: «قد تكون هناك مخاوف من أن سيارتي بها خدش، فمن المحتمل أن لوحة الباب معطلة»، وتابع: «لذا اتخذنا احتياطاتنا، ويمكننا بسهولة القول إن لدينا تدابير مضادة لذلك».

ومع تغطية المركبات الكهربائية بالطلاء الشمسي، لن يكون هناك الكثير من القلق بشأن شبكات الشحن، أو الحاجة إلى قيام الناس بتثبيت أجهزة الشحن في منازلهم. ويقول شميد : «إذا كان من الممكن توليد 50 في المائة أو حتى أكثر من قيادتك السنوية من الشمس مجاناً، فهذه ميزة ضخمة ويمكن أن تساعد في اختراق السوق».

ومع ذلك، فإن حقيقة طلاء سيارتك الكهربائية بالطاقة الشمسية لا تزال على بعد سنوات، ولا تستطيع مرسيدس أن تقول متى قد يتم طرح هذا على طرازاتها، لكنها شركة واثقة من تحقيقها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً