برنامج أوروبي للاستفادة من رؤوس الأسماك وعمودها الفقري

شركة أميركية تنتج الخضراوات بالروبوتات بدل المزارعين

برنامج أوروبي للاستفادة من رؤوس الأسماك وعمودها الفقري
TT

برنامج أوروبي للاستفادة من رؤوس الأسماك وعمودها الفقري

برنامج أوروبي للاستفادة من رؤوس الأسماك وعمودها الفقري

كلنا يعلم أن أكل السمك الطازج مفيد للصحة، لكن عند الأكل فإننا نتناول لحم السمك فقط ونرمي الأجزاء الأخرى كالرأس والجلد والعمود الفقري، وبذا سوف نخسر الكثير من المواد المغذية القيمة المفيدة للصحة، بينما غالبا ما نأكل الأسماك الصغيرة مثل السردين والأنشوجة بكاملها لكن من الصعب أن نأكل الأجزاء الأخرى للأسماك الكبيرة مثل سمك القد Cod أو السلمون.

عظام الأسماك
يقوم الاتحاد الأوروبي بدعم برنامج يسمى «أكوا بيوبرو - فت» Aquabiopro - fit الهدف منه الحصول على البروتينات والمواد المغذية الأخرى من مخلفات مصايد الأسماك إلى سلسلة الغذاء من خلال تكنولوجيا التصنيع المستدامة. يؤمن البرنامج تركيز المحتويات المغذية والحفاظ على نوعية الناتج وفي الوقت ذاته التقليل من المخلفات. وستؤدي هذه الطريقة إلى استخدام أكثر فعالية لمصادر الكتلة الحيوية وتحضير منتجات لها فوائد صحية كبيرة للمستهلك.
وتشير كاترينا كوزولاكي منسقة البرنامج الأوروبي، وفقا لمجلة «بايو أنيرجي أند بايو أكومومي» المعنية بدراسات طاقة واقتصادات الغذاء، إلى ضياع نصف كتلة الأسماك في الوقت الحاضر رغم أنها غنية بالبروتينات والمركبات الحيوية الأخرى، فمن الخمسة ملايين طن من مخلفات صناعة الأسماك يستخدم القليل منها في التغذية وغذاء الحيوانات والمكملات الغذائية. أما البقية فترمى، وبناء على ذلك فإن هذا المصدر المحتمل من المواد المغذية قليل الاستخدام بشكل لافت.
البرنامج الأوروبي يهدف إلى أخذ النواتج المتبقية وتحويلها إلى مكونات وظيفية عالية الجودة باستخدام طرق تصنيع فعالة مستدامة. والهدف من هذه التقنية هو تطوير طرق حديثة لعزل وضمان استقرار هذه المكونات بحيث يمكن إضافتها إلى الغذاء والمشروبات والمنتجات الغذائية.
وتعتبر رؤوس الأسماك وعمودها الفقري والأمعاء مصادر بروتينات وببتيدات ذات قيمة كبيرة مثل الكولاجين والجيلاتين والدهون والمعادن. كما تكون الزقيات Tunicates والمعروفة أيضا بالنافورات البحرية Sea - squirts غنية بالسليلوز والبروتينات. وبالإضافة إلى نوعيتها الغذائية فإن هذه المكونات لها وظائف علاجية يمكن استخدامها في علاج الكآبة والشيخوخة والالتهابات.
ولاختبار الجدوى الاقتصادية، فإنه سيتم التحقق من عينات تعزل من البروتينات والأحماض الدهنية غير المشبعة والفيتامينات والمعادن والمركبات النشطة بيولوجيا. ولأنها تكون في شكلها الطبيعي فإن لها وجودا حيويا كبيرا، ولذلك فإنها ستتفوق على المكملات المشتقة صناعيا.
وسوف يستخدم البرنامج الأوروبي لتحفيز قطاعات مختلفة في صناعة الغذاء من تربية الأحياء المائية إلى معالجات الغذاء وفي النهاية مصنعي المنتجات النهائية وإنشاء طرق حديثة ومنتجات أساسها نواتج عرضية بحرية وخلق إنجازات مستدامة.

مزارع خضراوات روبوتية
على صعيد آخر افتتحت شركة «آيرون أو إكس» Iron Ox أولى منشأتها الإنتاجية في سان كارلوس في مدينة سان فرانسيسكو، لاستغلال نحو ثمانية آلاف قدم مربع من منشآت الزراعة المائية الداخلية في إنتاج ما معدله ستة وعشرون ألف رأس خس في السنة. وهذا المستوى الإنتاجي هو نفس مستوى إنتاج حقل نموذجي خارجي مساحته نحو خمسة أضعاف مساحة هذا الحقل الداخلي الذي تستخدم فيه الشركة الروبوتات بدلاً من المزارعين.
وحتى الآن لم تنتج الشركة الغذاء لأنها تجري محادثات مع كثير من المطاعم والأسواق حول إمكانية تصريف آلاف الأطنان من رؤوس الخس. ويتكون الكادر العامل في الحقل من مجموعة من الروبوتات والأذرع المتحركة التي تقوم بقطف الخضراوات من صواني الزراعة المائية ونقلها إلى صوان جديدة عندما تكبر ويزداد حجمها مما يساعد في زيادة نموها وإنتاجيتها.
وقامت الشركة بتطوير برمجيات أسمتها «العقل» «The Brain» لكي تكون قادرة - كما هو الحال في رؤية العين - على مراقبة الحقل حول مستوى تركيز النتروجين ودرجة الحرارة وموقع الروبوتات، وبذلك تنسق بين الروبوت والإنسان عند الحاجة.
وقد يطرح السؤال هنا: لماذا نلجأ إلى مكننة الحقول؟ والإجابة هي حل لمشكلتين في وقت واحد: الأولى هي تقليص عدد العاملين في الحقل والثانية هي تقليص المسافات التي يتم شحن الناتج إليها. وتعتقد الشركة إمكانية إنشاء حقول للزراعة المائية قرب المناطق الحضرية مما يسهل على المشترين اختيار الخضراوات الطازجة، مقارنة بتلك التي يتم نقلها آلاف الأميال لتسويقها. كل ذلك يعتمد على أن تكون أسعار هذه المنتجات منافسة للزراعة التقليدية.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
TT

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)

شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في الاهتمام بمبادرات «إعادة التحريج» بصفتها استراتيجية فعّالة لمواجهة آثار تغيّر المناخ وتحسين سبل معيشة السكان المحليين.

«إعادة التحريج»

تعني «إعادة التحريج»، وفق الأمم المتحدة، استعادة الأراضي التي كانت مغطاة بالغابات من خلال زراعة أشجار جديدة لتعويض الغطاء الحرجي المفقود، بخلاف التشجير الذي يركّز على زراعة أشجار في مناطق لم تكن غابات أصلاً.

وتهدف هذه العملية إلى معالجة تحديات بيئية كبيرة، مثل: التغير المناخي وتآكل التربة، كما تعزّز التنوع البيولوجي، فضلاً عن فوائدها البيئية، مثل تحسين جودة الهواء. وتُسهم «إعادة التحريج» في خلق فرص عمل وتحسين الأمن الغذائي.

ومن أبرز هذه المبادرات «تحدي بون» (Bonn Challenge)، الذي أُطلق عام 2011 بوصفه حملة عالمية، تهدف إلى إعادة تأهيل 350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة والغابات بحلول عام 2030.

وتشمل هذه المبادرة أساليب متعددة؛ مثل: الزراعة المكثفة لتكوين غابات جديدة لأغراض بيئية أو إنتاجية، والزراعة المختلطة التي تدمج الأشجار مع المحاصيل، أو تربية الحيوانات لزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى التجدد الطبيعي حيث تترك الطبيعة لاستعادة الغابات ذاتياً دون تدخل بشري.

وفي دراسة أُجريت من قِبل فريق بحث دولي من الدنمارك وكندا والولايات المتحدة، تم تحليل تأثير «إعادة التحريج» في تحسين مستويات المعيشة لدى 18 دولة أفريقية، ونُشرت النتائج في عدد 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من دورية «Communications Earth & Environment».

واعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من 200 ألف أسرة بين عامي 2000 و2015. واستخدم الباحثون أساليب إحصائية دقيقة لتحديد العلاقة الإيجابية بين إعادة التحريج وتحسّن مستويات المعيشة.

واستندوا إلى مؤشرات متنوعة لقياس الفقر تشمل التعليم والصحة ومستويات المعيشة؛ حيث أظهرت النتائج أن زراعة الأشجار أسهمت بشكل مباشر في تحسين الدخل وتوفير فرص عمل، بالإضافة إلى آثار اقتصادية غير مباشرة. كما أظهرت أن مناطق زراعة الأشجار كان لها تأثير أكبر من مناطق استعادة الغابات الطبيعية في تخفيف حدة الفقر.

يقول الباحث الرئيس للدراسة في قسم علوم الأرض وإدارة الموارد الطبيعية بجامعة كوبنهاغن، الدكتور باوي دن برابر، إن الدراسة تطرح ثلاث آليات رئيسة قد تُسهم في تقليص الفقر، نتيجة لتوسع مزارع الأشجار أو استعادة الغابات.

وأضاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الآليات تتمثّل في توفير الدخل من خلال بيع منتجات الغابات، مثل: المطاط أو زيت النخيل، ما يسمح للأسرة بزيادة مواردها المادية. كما أن زراعة الأشجار قد تؤدي إلى خلق فرص عمل للسكان المحليين، في حين يمكن أن تُسهم مناطق التجديد البيئي في تحسين الظروف البيئية، ما يفيد الأسر المحلية من خلال النباتات والحيوانات التي يمكن بيعها وتوفير دخل إضافي للسكان.

ووفقاً لنتائج الدراسة، هناك مؤشرات من بعض البلدان؛ مثل: أوغندا، وبنين، أظهرت زيادة في النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار مقارنة بتلك التي لا تحتوي عليها.

تأثيرات الاستدامة

كما أشارت الدراسة إلى أن برامج التشجير في أفريقيا التي تهدف إلى استعادة أكثر من 120 مليون هكتار من الأراضي عبر مبادرات، مثل: «السور الأخضر العظيم»، و«الأجندة الأفريقية لاستعادة النظم البيئية»، تمثّل جهداً كبيراً لمكافحة الفقر وتدهور البيئة.

وتُسهم نتائج الدراسة، وفق برابر، في النقاش المستمر حول استدامة تأثيرات زراعة الأشجار في التنوع البيولوجي والمجتمعات المحلية، من خلال تسليط الضوء على الفوائد المحتملة لهذه المبادرات عندما يتمّ تنفيذها بشكل مدروس ومتوازن. كما أظهرت أن مبادرات زراعة الأشجار، مثل «تحدي بون»، يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية للمجتمعات المحلية، سواء من حيث تحسين مستوى المعيشة أو تعزيز التنوع البيولوجي.

وتوصي الدراسة بأهمية مشاركة المجتمعات المحلية في هذه المبادرات بصفتها شرطاً أساسياً لضمان استدامتها ونجاحها، فالتفاعل المباشر للمجتمعات مع المشروعات البيئية يزيد من تقبلها وفاعليتها، مما يعزّز فرص نجاحها على المدى الطويل.