افتتحت السفارة البلجيكية ومعهد جوته وإدارة التراث الملكي في الديوان الملكي الأردني، معرض صور تاريخيّة نادرة عن الخط الحديدي الحجازي تحت مسمّى «المفهوم، البناء، والنزاع»، ويعود تاريخ الصّور إلى الأعوام من 1890 لغاية 1960.
ينفّذ هذا المشروع بتمويل من سفارة بعثة الاتحاد الأوروبي وشبكة المعاهد الثّقافية في الأردن (EUNIC)، بالشّراكة مع سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ودائرة الآثار العامة والمعهد الفرنسي للكتاب المقدس والآثار في القدس.
افتُتح المعرض، الذي سيستمر لمدة ثلاثة أسابيع في قلعة العقبة، أمس، بحضور عدد من المسؤولين وشخصيّات رسميّة وشعبية. ويأتي هذا المشروع المموّل من الاتحاد الأوروبي بالتزامن مع سنة التراث الثّقافي الأوروبي 2018 الذي حدّده الاتحاد الأوروبي هذا العام.
من جانبه، قال عماد حجازين نائب رئيس مجلس المفوضين في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، «يشرفنا أن نستضيف مثل هذا المعرض الفريد من نوعه في مدينة العقبة، وذلك لأهميته التاريخيّة بالنسبة للأردن والدول المجاورة، حيث كان هذا الخط يصل بين دمشق ومكة المكرمة، ويقلّل طريق الحجاج من أشهر إلى بضعة أيام، كما لعب دوراً مهماً بالنسبة إلى الأردن في زمن الثورة العربية الكبرى».
وقال سفير بعثة الاتحاد الأوروبي في الأردن أندريا فونتانا، إنّ سنة التراث الثّقافي والأنشطة التي ينظّمها عدد من دول الاتحاد الأوروبي في الأردن مع شركائهم المحليين، تحت شعار «نحتفل بالماضي لنبني المستقبل»؛ هذا هو شعارنا لهذه الفعاليات الثقافية التي تؤكد على مدى ارتباط التراث الأوروبي بالتراث الأردني الذي نحيي أيّامه خلال هذه الفترة بالتزامن مع احتفال الاتحاد الأوروبي بعام الموروث الثقافي. كما تحدّث السفير البلجيكي هندريك فان دو فِلد عن الدور الذي لعبته بلجيكيا في إنجاز هذا المشروع، إذ كانت السّكك والعديد من الماكينات والمعدات المستخدمة من قبل خط الحديد الحجازي مستوردة من بلجيكا. كما أوضح أنّ المهندس الرئيس الذي صمم هذا الخط هو ألماني الجنسية ويدعى Heinrich August Meissner، ولهذا السبب جرى التعاون مع معهد جوته لافتتاح هذا المعرض التاريخي في العقبة.
وقال فان دو فِلد: «نحن نفخر بأن تلعب بلجيكا دوراً أساسياً في إنشاء هذا المشروع العريق ذي الأهميّة التاريخيّة في المنطقة، فهذا يدل على أنّ أصول التعاون والتبادل التجاري بين بلجيكا والمنطقة قد بدأت منذ العصور القديمة».
من جهتها قالت بيرجيتا سيفكر - إيبيرل السفيرة الألمانية، التي حضرت المعرض، «هناك الكثير من أوجه التعاون بين المؤسسات العربيّة والألمانيّة التي تعنى بتوثيق الموروث الجمالي والتاريخي في حضارات الأمم، إذ يعد معرض الخط الحديدي الحجازي من أهم المشاريع التاريخية التي من واجبنا نحن كسفارة ألمانيّة أن نتعاون من خلال جهاتنا المعنيّة في نقل حضارة هذا الماضي العريق إلى يومنا هذا». كمّا ثمّنت جهود جميع القائمين على هذا المعرض، ودعَت إلى أهميّة التعاون المستمر لإحياء المزيد من تاريخ الحضارات المختلفة.
وقال رجا غرغور مدير إدارة التراث الملكي، «تكمُن أهمية هذا المعرض في كونه يعكس واحداً من المشاريع التراثيّة العريقة التي يفتخر بها شعب الأردن والمنطقة لما لعبه من دور تاريخي وعسكري واستراتيجي، لا سيما في الثورة العربية الكبرى التي شكلت تاريخ المنطقة ككل»، مبيّناً أنّ الخط لا يزال يستخدم حتى اليوم لأغراض سياحية كونه معلماً حضارياً مهماً في تاريخ الأردن الحديث والتعاون بين الحضارات.
وجرى دعم المعرض من قبل بعثة الاتحاد الأوروبي في الأردن وشبكة «EUNIC Cluster»، وهي مجموعة من المراكز الثقافية وسفارات بعض دول الاتحاد الأوروبي المنفّذة لبرامج ثقافية في الأردن.
الجدير بالذكر أنّ معرض صور الخط الحديدي الحجازي في قلعة العقبة سيستمر لغاية الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وبعدها ستُنقل بعض الصور إلى متحف آخر عن السكّة الحديد سيُنشأ قريباً في مدينة معان من قبل إدارة التراث الملكي. يشار إلى أنّ الخط الحجازي هو سكة حديد (بعرض 1050 ملم)، تصل بين دمشق والمدينة المنورة، ويعتبر هذا الخط الذي بلغ طوله نحو 1320 كيلومتراً، من الإنجازات الرّائعة والنادرة للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني بمساعدة المهندس الألماني مايسنر باشا، كبير مهندسي الأعمال الفنية في سكة حديد الحجاز التي ربطت ما بين محطة «حيدر باشا» في إسطنبول والمدينة المنورة في عهد الدولة العثمانية. فقد قدم هذا المشروع المتميز خدمات جليلة خصوصاً لحجاج بيت الله الحرام الذين تخلصوا من رحلة الشقاء الطويلة التي كانت تمتد لأكثر من شهر وسط المخاطر الكثيرة، إذ تقلصت بعد إنشاء الخط إلى خمسة أيام فقط بما في ذلك فترات الاستراحة، وعلى الرّغم من أهمية المشروع، إلّا أنّ بعض المصادر تقدم تفسيرات للدوافع التي وقفت وراء حماسة السلطان عبد الحميد الثاني للمشروع، إذ تشير إلى أنّ الهدف منه هو ربط أقاليم الدولة العثمانية وإحكام السيطرة عليها، لخدمة الأهداف العسكرية وقمع الثورات في الحجاز من خلال نقل البضائع والجنود.
بدأ العمل في الخط عام 1900 وافتُتح في العام 1908، واستمر تشغيله إلى أن دُمِر خط سنة 1916 خلال الحرب العالمية الأولى.
وقدرت كلفة الخط بنحو 3.5 ملايين ليرة ذهبية عثمانية، معظمها مساعدات شعبية من داخل السلطنة العثمانية وبلدان إسلامية أخرى. وقدم السلطان مبلغ 320 ألف ليرة من ماله الخاص. فيما تبرع خديوي مصر عباس حلمي بكميات كبيرة من مواد البناء، إضافة إلى تبرعات كثيرة من المسلمين عبر العالم.
كان مسار خط الحج ينطلق من مدينة دمشق عابراً سهل حوران ليمر بالمزاريب وعدد من المناطق في جنوب سوريا وصولاً إلى مدينة درعا ثم إلى الأردن، حيث يمر بمدن المفرق والزرقاء وعمّان ومعان على التوالي، ويكمل سيره جنوباً إلى أن يدخل أراضي الحجاز، حيث ينتهي بالمدينة المنورة.
وعمل في إنشاء هذا الخط ما يقارب الـ7000 عامل، وقد ساهم في ازدهار وتطوّر العديد من المدن التي مرّ بها، من ضمنها مدينة معان في الأردن التي زادت التجارة فيها وكثُر المقيمون عليها.
افتتاح معرض صور نادرة للخط الحديدي الحجازي في قلعة العقبة الأردنية
افتتاح معرض صور نادرة للخط الحديدي الحجازي في قلعة العقبة الأردنية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة