الإمارات تحتفي بالنخل رمزاً لهويتها الثقافية والحضارية

انطلاق مهرجان التمور ومزاداتها في ليوا وأبوظبي ودبي

جانب من أحد الاحتفالات التراثية في دولة الإمارات ({الشرق الأوسط})
جانب من أحد الاحتفالات التراثية في دولة الإمارات ({الشرق الأوسط})
TT

الإمارات تحتفي بالنخل رمزاً لهويتها الثقافية والحضارية

جانب من أحد الاحتفالات التراثية في دولة الإمارات ({الشرق الأوسط})
جانب من أحد الاحتفالات التراثية في دولة الإمارات ({الشرق الأوسط})

انطلقت مساء اليوم (الأحد) 14 أكتوبر (تشرين الأول)، فعاليات اليوم الثالث من مزاد ليوا للتمور، وذلك في مجلس البطين في العاصمة أبوظبي، فيما سيتم عقد المزاد في مجلس المشرف يوم الثلاثاء 16 أكتوبر، وفي مجلس الوثبة يوم الخميس 18 أكتوبر الجاري، ويوم السبت 20 أكتوبر في دبي. وكانت اللجنة المنظمة قد أعلنت عن شروط المشاركة في المزاد أمام المزارعين، والمتمثلة في إحضار صورة بطاقة المزرعة وصورة هوية المالك، وتسليم التمور في موعد أقصاه قبل المشاركة في الموقع المقرر بيوم، على أن يكون المنتج من إنتاج هذا العام ومحلياً، حيث لا يُسمح بالمشاركة من خارج الدولة وذلك بهدف تشجيع ودعم المنتجات المحلية، بينما يُفتح باب الشراء أمام الجميع من داخل وخارج الدولة. ويفتح المزاد أبوابه أمام الزوار الراغبين في اقتناء التمور من سكان دولة الإمارات وزوار الدولة، حيث إن عملية المشاركة في عمليات المزاد مفتوحة أمام الجميع، حيث يتم تسجيل الراغبين في المزايدة في موقع المزاد وحصولهم على رقم المشاركة بشكل فوري. ووفّرت اللجنة المنظِّمة على هامش المزاد، منصات خاصة لبيع منتجات التمور، وبعبوات فاخرة وأخرى عادية ذات وزن كيلوغرام وأخرى بوزن كيلوغرامين وبعضها عبوات كبيرة بوزن 5 كيلوغرامات، فيما تتباين الأسعار المعروضة حسب جودة المنتج ونوع التمور والوزن وبما يلبي الاحتياجات الاعتيادية لجمهور المستهلكين دون الحاجة إلى دخول المزاد.
ويحظى المزاد بإقبال كبير من المجتمع المحلي والتجار وسط مشاركة شبابية واسعة. بينما تنظم فعاليات مزاد ليوا للتمور في مجلس مدينة غياثي في منطقة الظفرة لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي. فيما سجل المزاد على مدار يومين متتاليين أكثر من 100 عملية مزايدة على أجود منتجات التمور للموسم الحالي 2018، والواردة من مزارع دولة الإمارات العربية المتحدة. وعمد المواطنون المشاركون في المزاد إلى اصطحاب أبنائهم الشباب لحضور هذا الحدث التراثي بغرض المحافظة على هذا التراث الثقافي العريق الذي يمتاز به مزارعو الدولة، والذي يهدف إلى تعزيز الاهتمام بالقطاع الزراعي بشكل عام وصناعة التمور بشكل خاص، لا سيما أنها من الصناعات الرئيسة التي تحافظ على الأمن الغذائي وتلقى اهتماماً بليغاً من الدولة.
وقال عيسى سيف المزروعي، نائب رئيس اللجنة: «إن مزاد ليوا للتمور يلقى اهتماماً واسعاً من قبل المواطنين والمقيمين في الدولة»، مشيراً إلى أن الأسر الإماراتية تحرص على اصطحاب أبنائها لتعزيز صلتهم بالتراث الإماراتي العريق، خصوصاً المزادات، وغيرها من الفعاليات التي كانت تقام في المجالس المجتمعية.
ومن المعروف أن تنظيم المزاد خلال هذه الدورة في المجالس المجتمعية لمنطقة الظفرة وإمارة أبوظبي جاء بهدف التركيز على الدور المهم للمجالس المجتمعية في تعزيز الهوية الوطنية، ونشر التوعية المجتمعية، وفتح المجال أمام مختلف الأجيال للتعرّف على تراث وإنجازات الآباء والأجداد، ضمن جهود ترسيخ ثقافة المسؤولية المجتمعية والهوية الوطنية. وقد أشاد عدد من المشاركين وزوار المزاد بالجهود التي بذلتها اللجنة المنظِّمة من أجل إقامة هذا الحدث السنوي. وتحرص اللجنة المنظِّمة على ترسيخ هذه الفعاليات في نفوس النشء من الأجيال الشابة، لا سيما أن الشجرة المباركة (النخلة) تعد جزءاً من الهوية الثقافية والحضارية للإمارات.
وتشهد المزادات قنوات تسويقية جديدة للمزارعين وتسهم في توفير منتجات ذات جودة عالية للراغبين في اقتناء التمور. وهي احتفالية أو مهرجان تراثي في منطقة الظفرة يسهم في تعزيز الهوية الثقافية والحضارية لدى الأجيال الجديدة.
وتعد المجالس المجتمعية في إمارة أبوظبي، أحد أهم الملتقيات المجتمعية والفكرية والثقافية، وتسهم بشكل كبير في إحياء الموروث الثقافي ونقله للأجيال المتعاقبة، حيث تضم في تكوينها ثلاثة أجيال متباعدة عمرياً، فيجتمع الأجداد مع جيل الشباب مروراً بالآباء في صورة من صور التلاحم والترابط المجتمعي القائم على حب الوطن والولاء لقيادته الرشيدة. وتوارث الأبناء ارتياد المجالس المجتمعية عن أجدادهم، وقد كانت هذه المجالس وما زالت مركز انطلاق المبادرات الخيرية والإنسانية كافة التي تنفع المجتمع والوطن. كما يتعلم جيل الشباب في هذه المجالس العادات والتقاليد والخبرة في شؤون الحياة المختلفة. وتجسد المجالس المجتمعية القيم الإنسانية التي تشكل النواة التي تأسس عليها المجتمع الإماراتي، والتي أرسى قواعدها مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فشكّل بذلك أرضية صلبة من القيم والأخلاق والرؤية الإنسانية التي انطلقت منها الشجرة المثمرة «النخلة».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».