إيران تتجه إلى «إعادة تأهيل» المجلس الأعلى الإسلامي بعد خسارتها الحكيم

احتفل بذكرى تأسيسه الـ37 في ظل انحسار شعبيته

المجلس الأعلى الإسلامي
المجلس الأعلى الإسلامي
TT

إيران تتجه إلى «إعادة تأهيل» المجلس الأعلى الإسلامي بعد خسارتها الحكيم

المجلس الأعلى الإسلامي
المجلس الأعلى الإسلامي

أحيا «المجلس الأعلى الإسلامي» أمس، الذكرى الـ37 لتأسيسه في ظل تراجع وانحسار كبيرين لدوره وشعبيته على المستويين الرسمي والشعبي، خصوصاً بعد خروج سليل «زعاماته السابقة» عمار الحكيم وتأسيسه تيار «الحكمة الوطني» في يوليو (تموز) 2017. فالأخير ابن أخي زعيم ومؤسس «المجلس الأعلى الإسلامي» محمد باقر الحكيم، ونجل الزعيم اللاحق للمجلس، عبد العزيز الحكيم. كما لم يتمكن زعيم «المجلس» الحالي الشيخ همام حمودي من الفوز بمقعد نيابي في الانتخابات الأخيرة التي جرت في مايو (أيار) الماضي رغم خوضه السباق الانتخابي مع تحالف «الفتح» الذي حل ثانياً في تسلسل الائتلافات الفائزة في الانتخابات برصيد 47 مقعداً، ما اعتبره كثيرون «ثاني صفعة» يتلقاها «المجلس» بعد صفعة خروج عمار الحكيم.
وأكد مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن إحياء ذكرى التأسيس يأتي في ظل أحاديث تتناقلها كواليس القوى الشيعية حول سعي إيران إلى «إعادة تأهيل المجلس الأعلى الإسلامي بعد خسارته عمار الحكيم والتيار الذي يقوده، إلى جانب تنامي قوة حلفائها مثل منظمتي (بدر) و(عصائب أهل الحق)، وخشيتها من عدم إمكانية السيطرة عليهم». وأضاف المصدر أن «إيران بحاجة إلى وجود تيار له وزنه في الساحة ويكون موالياً لها بدرجة كبيرة، وهذا ما تسعى إلى عمله مع المجلس الأعلى الإسلامي».
ولعل الكلمة الحماسية التي ألقاها رئيس «المجلس الأعلى الإسلامي» همام حمودي، في الاحتفال، وإشادته بصلة «المجلس» بإيران وبمرشد ثورتها الراحل الخميني، تلقي بعض الضوء على مرحلة «التأهيل» المحتملة التي تتردد في الأوساط السياسية. وقال حمودي إن «المجلس الذي رعاه الخميني يحمل هم المواطن، واستثمر كل الطاقات على الرغم من قسوة النظام الديكتاتوري»، في إشارة إلى نظام الرئيس السابق صدام حسين، وتأسيس المجلس الأعلى الإسلامي في إيران عام 1982، بوصفه جماعة معارضة لنظام صدام خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988).
وحضر احتفالية «المجلس الأعلى الإسلامي» التي أقيمت في بغداد، أمس، كبار المسؤولين وقادة الكتل السياسية، وكان من بين الحضور رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، إضافة إلى رئيس تحالف «الفتح» هادي العامري.
وبينما اعتبر برهم صالح أن «البصرة ومعاناتها عنوان صارخ لما يواجهنا من تحديات»، ودعا إلى التعاون مع رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي لتشكيل الحكومة الجديدة، اعتبر رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في كلمة مماثلة أن البرلمان «يتطلع إلى حكومة قادرة على احتواء الأزمات وبرنامج ضمن سقف زمني لمعالجة الأزمات». ولفت انتباه المراقبين، المقترح الذي وجهه رئيس تحالف «الفتح» هادي العامري إلى «المجلس الأعلى الإسلامي» وطالبه فيه بأن يكون «للمرأة دور كبير، وأن تكون نصف قيادة المجلس الأعلى من النساء».
ويرى المتخصص في الشؤون السياسية الناصر دريد، أن مقترح العامري «ربما يأتي في سياق المحادثات غير المعلنة لإعادة ضمه هو وجماعته إلى المجلس من جديد»، في إشارة إلى انشقاق هادي العامري الذي كان يتزعم الجناح العسكري للمجلس الأعلى الإسلامي ممثلاً في منظمة «بدر»، في مارس (آذار) 2012. واعتبر دريد في حديث لـ«الشرق الوسط» أن كلمة العامري «نوع من الغزل غير المباشر لتشجيع عمار الحكيم وتياره على العودة إلى المجلس أيضاً»، ضمن «جهود إيران لتكوين كتلة سياسية كبيرة تخلف حزب (الدعوة) في مؤسسات الحكم لدعم ولجم رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي في نفس الوقت».
لكنّ خبيراً في شؤون الحركات الإسلامية الشيعية نفى إمكانية التحاق هادي العامري أو عمار الحكيم بـ«المجلس الأعلى الإسلامي» من جديد، لكنه لا يستبعد تحرك إيران بهدف إقناع تلك الأطراف بتشكيل تحالف سياسي داخل البرلمان على غرار «التحالف الوطني» السابق الذي كان يضم أغلب القوى الشيعية.
واستبعد المصدر، الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، «أن يلتحق هادي العامري بالمجلس من جديد لأنه اليوم كرّس نفسه كزعامة سياسية والجميع يطلب وده، ومنهم زعيم دولة القانون نوري المالكي، وكذلك بالنسبة إلى عمار الحكيم، لكنّ إحياء صيغة التحالف الوطني القديم فكرة واردة».
وأضاف أن «إيران لم تتخلَّ تاريخياً عن حلفائها وأتباعها والجماعات المرتبطة بها، لذا فإن إعادة تأهيلها للمجلس الأعلى ورادة لأنها بحاجة إليه باعتباره أحد أجنحتها السياسية التي تتحرك بها في الساحة العراقية». ولفت إلى أن «الاحتفال الأخير ربما يهدف إلى تدارك ما يمكن تداركه، لأن المجلس معرّض للانهيار ويعاني من خلافات عميقة داخل هيئته القيادية. فثمة أشخاص داخل الهيئة لا يؤمنون بقيادة همام حمودي، وكان يفترض أن يقدّم استقالته بعد إخفاقه في الفوز بمقعد نيابي في الانتخابات الماضية».



بغداد تعتزم عقد اجتماعات لبحث الوضع في سوريا

السوداني يترأس اجتماعاً للحكومة العراقية اليوم (رئاسة الوزراء)
السوداني يترأس اجتماعاً للحكومة العراقية اليوم (رئاسة الوزراء)
TT

بغداد تعتزم عقد اجتماعات لبحث الوضع في سوريا

السوداني يترأس اجتماعاً للحكومة العراقية اليوم (رئاسة الوزراء)
السوداني يترأس اجتماعاً للحكومة العراقية اليوم (رئاسة الوزراء)

فيما استأنفت السفارة العراقية عملها في دمشق، أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن بلاده تخطط لعقد اجتماعات مهمة بشأن الوضع في سوريا، وذلك في وقت دعا فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يوم الخميس، الدول العربية لدعم الشعب السوري بعد أقل من أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد.

وقال السوداني، في افتتاح اجتماع مجلس وزراء الصحة العرب في بغداد: «العراق كان ولا يزال في طليعة المبادرين لإغاثة الشعبين الفلسطيني واللبناني، ويجب تعبئة الجهود لتغيير الواقع الصحي المؤلم الذي يمس كرامة الإنسان، ومدّ يد العون للشعبين اللذين يعانيان من فقدان العلاج جراء الحصار والعدوان».

وأضاف أنه «يتعين علينا دعم الشعب السوري في محنته الحالية، مع التأكيد على سلامة أرض سوريا وسيادتها، وحماية مؤسسات الدولة والممتلكات، والحفاظ على السلم الأهلي واحترام إرادة الشعب السوري».

رغم أن الحكومة العراقية عدّت ما حدث في سوريا شأناً سورياً، فإن بغداد تلتزم الصمت حيال الرسائل من الحكومة السورية الجديدة، سواء من زعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمد الجولاني، أو من رئيس الحكومة محمد البشير الذي أعلن عن التواصل مع بغداد.

لكن العراق للمرة الثانية في غضون يومين بدا مستعداً لتقديم المساعدات للسوريين. فبالإضافة إلى ما صرّح به السوداني خلال كلمته أمام وزراء الصحة العرب، اليوم (الخميس)، فإنه عبّر عن الموقف نفسه، مساء أمس (الأربعاء)، لدى استقباله وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس. وطبقاً لبيان المكتب الإعلامي للسوداني، فإنه جرى خلال اللقاء بحث الأوضاع في سوريا، ومستجدات الأحداث فيها، والدور الأوروبي والدولي في مساعدة السوريين لتحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة سوريا وأمنها، وكذلك التأكيد على ضرورة عدم التدخل في الشأن السوري، وأنّ الشعب هو من يقرر مصير بلده. وأكد السوداني استعداد العراق لتقديم المساعدة للسوريين في هذه المرحلة المفصلية، مشدداً على أهمية ضمان تمثيل كل مكونات الشعب السوري في النظام الجديد، بما يحقق تطلعات هذا الشعب الذي يستحق العيش بأمن وسلام.

هذه هي المرة الثانية في يومين التي يعبر فيها العراق عن استعداده لتقديم المساعدات للسوريين. وقد أكد السوداني الموقف نفسه، أمس، خلال استقباله وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، حيث تم بحث الأوضاع في سوريا والدور الدولي في تحقيق الاستقرار وحفظ وحدة سوريا. وأوضح السوداني استعداد العراق للمساعدة، مشدداً على أهمية تمثيل جميع مكونات الشعب السوري في النظام الجديد لضمان أمنه وسلامه.

فؤاد حسين يزور البصرة مساء الأربعاء (الخارجية العراقية)

مبادرات دبلوماسية

في الأثناء، أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الخميس، عن عقد اجتماعات في بغداد لبحث الوضع في سوريا، مشيراً إلى مبادرات دبلوماسية لتعزيز الاستقرار في المنطقة.

وقال حسين، خلال مؤتمر صحافي في البصرة، اليوم، إن «الوضع في المنطقة، وخاصة في سوريا، معقد للغاية. ولذلك، قامت الحكومة العراقية بعدة مبادرات، وكان العراق مركزاً للفعاليات الدبلوماسية، حيث تم طرح أفكار جديدة لتحقيق الأمن والاستقرار وإدارة الأزمات».

وأشار حسين إلى أنه «ستُعقد اجتماعات في بغداد أو مناطق أخرى بشأن الوضع السوري، وستتضمن خطة شاملة لمناقشة هذا الموضوع». وأضاف أن «من واجب العراق طرح بعض المسائل المتعلقة بالأزمة السورية والشعب السوري بهدف تحقيق الاستقرار السياسي الذي يشمل جميع مكونات الشعب السوري».

ممثل الأمم المتحدة في العراق محمد الحسان خلال مؤتمر صحافي في النجف (واع)

محاذير

في وقت بدأت فيه بغداد بحث علاقتها مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة «تنظيم داعش»، دخلت مرجعيات شيعية بارزة على خط التحذير من تداعيات الوضع في سوريا بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد. ففي الأيام الأخيرة، زار عدة وفود أميركية عسكرية وسياسية بغداد لبحث تأثير الوضع السوري على المنطقة، وبالأخص على العراق. وحذّر المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني من أن يتحول العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات.

واستقبل السيستاني، اليوم (الخميس)، ممثل الأمم المتحدة في العراق محمد الحسان. وأكد الأخير خلال مؤتمر صحافي مشترك مع محافظ النجف، أن السيستاني «حريص على الحفاظ على العراق من أي صراعات خارجية قد تؤثر عليه. وأوضح أنه أطلع المرجعية على نتائج اللقاءات التي جرت في الولايات المتحدة بشأن العراق، حيث تم بحث سبل تجنب أي تجاذبات قد تضرّ بالبلاد.

كما أكد الحسان أن هناك تنسيقاً مستمراً مع بعثة الأمم المتحدة في العراق (اليونامي) والحكومة العراقية لضمان استقرار الوضع، مشدداً على ضرورة أن يبقى العراق بعيداً عن أن يصبح «ساحة لتصفية الحسابات»، داعياً إلى اتخاذ قرارات جديدة تخدم الوضع الراهن وتجنب الأزمات المستقبلية.

وامتنع السيستاني عن لقاء أي مسؤول عراقي منذ عام 2016، إلا أنه التقى مرتين خلال شهرين بممثل الأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، الذي خلف الممثلة السابقة جينين بلاسخارت، لمناقشة القضايا المهمة للعراق والمنطقة.

في هذا السياق، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الحكومة العراقية إلى تعزيز التدابير الأمنية على الحدود مع الدول المجاورة، وحثّ الشعب على عدم الانجرار وراء الطائفية في ظل التصعيد الإقليمي.

جاء ذلك في منشور له على منصة «إكس» بعنوان «صمت دولي مطبق إزاء التوغل الصهيوني في الأراضي السورية».

كتب الصدر في منشوره: «نحن نستنكر بشدة التوسع الاستعماري الإرهابي للصهاينة بدعم أميركي، ونحذر من محاولة جرّ المنطقة إلى فتنة لا يستفيد منها سوى الثالوث المشؤوم البغيض». وأضاف: «من هنا، يجب على الحكومة العراقية اتخاذ جميع التدابير الأمنية اللازمة على الحدود العراقية من الغرب والشرق والشمال والجنوب، في ظل هذا التصعيد الإقليمي».

وحثّ الصدر الشعب العراقي على «الابتعاد عن الانجرار وراء الفتنة الطائفية التي يستفيد منها العدو»، محذراً من «الأهواء السياسية الفاسدة».